أدانت نقابة الصحافيين السودانيين، يوم السبت، قرار وزارة الثقافة والإعلام والسياحة القاضي بإيقاف الصحافية لينا يعقوب، مديرة مكتب قناتي «العربية» و«الحدث» في السودان، وسحب ترخيصها الصحافي، واعتبرت الخطوة انتكاسة خطيرة لحرية الصحافة وتقييداً لحق المجتمع في الوصول إلى المعلومات.
وقالت النقابة، في بيان، إن القرار يكرّس بيئة عدائية متنامية تجاه الإعلاميين ظلت مستمرة منذ اندلاع الحرب، ويشكل خطراً على سلامتهم ويحدّ من قدرتهم على القيام بدورهم الحيوي في نقل وتوثيق الأحداث.
وطالبت النقابة السلطات بالتراجع الفوري عن القرار، ووقف أي استهداف للصحافيين، وضمان سلامتهم المهنية والشخصية، داعية المنظمات الإقليمية والدولية المعنية بحرية الصحافة إلى التضامن مع لينا يعقوب والضغط لإلغاء القرار.
وجاء قرار إيقاف الصحافية وسحب ترخيصها عقب نشر قناتي «العربية» و«الحدث» تقريراً حصرياً، كشفت فيه لينا يعقوب عن ظروف إقامة الرئيس السوداني المعزول عمر البشير، وعدد من قادة نظامه، داخل مجمع سكني بقاعدة مروي الطبية في شمال البلاد تحت رقابة أمنية؛ حيث يقيم هناك منذ خروجه من المستشفى العسكري بعد استعادة الجيش العاصمة الخرطوم، خلافاً للاعتقاد السائد بأنه محتجز في سجن «كوبر».
وعرض التقرير تفاصيل حياة البشير ومعاونيه اليومية، من ممارسة الرياضة والقراءة، إلى استخدام الإنترنت عبر خدمة «ستارلينك»، إضافة إلى تلقي رعاية طبية منتظمة، لثلاثة أيام أسبوعياً.
يُذكر أن نظام البشير، المعروف بـ«الإنقاذ»، أطيح به في ثورة شعبية في أبريل (نيسان) 2019، وصدر لاحقاً قانون «تفكيك نظام الإنقاذ» الذي قضى بحل حزب «المؤتمر الوطني» الذي يترأسه البشير، ومصادرة ممتلكاته.

وخضع البشير لمحاكمة أولى قضت بسجنه سنتين على جرائم فساد مالي واتجار بالعملات، كما يخضع هو ورفاقه من مدبري الانقلاب العسكري الذي أتى بهم إلى السلطة في عام 1989 للمحاكمة بجريمة الانقلاب على سلطة منتخبة، وتصل عقوبتها إلى الإعدام.
وبعد اندلاع الحرب بين الجيش و«قوات الدعم السريع» في منتصف أبريل (نيسان) 2023، خرج معظم رفاق البشير من السجن، بينما ظل مصيره هو مجهولاً، وتحركاته مثار جدل قبل تقرير قناتي «العربية» و«الحدث».
ودعت نقابة الصحافيين السودانيين، عبر بيانها، المنظمات الحقوقية والصحافية الإقليمية والدولية للانضمام في حملة الضغط من أجل التراجع عن القرار.
وفي المقابل، برّرت وزارة الثقافة والإعلام والسياحة قرارها بدواعٍ تتعلق بـ«الأمن الوطني» و«المصلحة العامة»، لكنها لم تقدم، وفق نقابة الصحافيين، أدلة ملموسة أو مخالفات مهنية واضحة، ما أثار تساؤلات حول دوافع القرار واستقلاليته، خاصة بسبب تزامنه مع حملة استهدفت الصحافية على منصات التواصل الاجتماعي.
ولا يعد إيقاف الصحافيين والمراسلين في السودان حدثاً جديداً، إذ سبق أن تم إيقاف العديد من منهم عن العمل، وآخرهم مراسلة قناة «الشرق» مها التلب، واستدعاء أعداد من الصحافيين للتحقيق معهم، بمَن فيهم الصحافية لينا يعقوب.
وبجانب نقابة الصحافيين، أثار القرار ضد لينا يعقوب موجة تضامن واسعة معها؛ خصوصاً على منصات التواصل الاجتماعي، وتصدر وسم «كامل التضامن مع مديرة مكتب قناتي العربية والحدث لينا يعقوب»، وأعلن عدد كبير من الصحافيين والنشطاء تضامنهم معها، مؤكدين رفضهم للقرار.


