مصر: الدولار متراجع… لكن الأسعار لا تكترث

مدبولي اشتكى من عدم الإشارة إلى «الاستقرار النقدي»

احتفظت السلع المصرية بأسعارها المرتفعة في غالبية المناطق (وزارة التموين)
احتفظت السلع المصرية بأسعارها المرتفعة في غالبية المناطق (وزارة التموين)
TT

مصر: الدولار متراجع… لكن الأسعار لا تكترث

احتفظت السلع المصرية بأسعارها المرتفعة في غالبية المناطق (وزارة التموين)
احتفظت السلع المصرية بأسعارها المرتفعة في غالبية المناطق (وزارة التموين)

رغم تراجع سعر صرف الدولار أمام الجنيه المصري مقارنة بالأرقام المسجلة قبل نحو شهرين، فإن هذا التراجع لا يبدو واضحاً في أسعار السلع بالسوق المصرية، التي لم تشهد أي انخفاض ملحوظ، بعد فترة زيادات قياسية، طرأت عليها نتيجة ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الجنيه خلال الشهور الماضية.

واشتكى رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، خلال اجتماع الحكومة الأخير، من عدم الإشارة إلى «الاستقرار النقدي»، وعدم الحديث عن التراجع الموجود في سعر الدولار أمام الجنيه، مشيراً إلى وجود وفرة دولارية تغطي كل الاحتياجات.

وقال مدبولي، في تصريحات قبل يومين، إن الدولة استطاعت للشهر الثالث على التوالي تغطية جميع احتياجاتها الدولارية، وهو «مؤشر إيجابي»، مشيراً إلى أن سعر الدولار مسؤولية محافظ البنك المركزي الذي يدير الملف باحترافية شديدة.

يُتوقع أن يظهر تأثر السلع بانخفاض أسعار الدولار خلال أشهر (وزارة التموين)

وواصل الدولار تراجعه أمام الجنيه في البنوك المصرية خلال الأيام الماضية، مع تسجيل تراجعات متتالية من نحو 52.2 جنيه منتصف أبريل (نيسان) الماضي، إلى متوسط 49.6 جنيه حالياً.

ثمة خطوات اتخذت خلال الفترة الماضية ساهمت في ما تحقق، بحسب عضو لجنة «الخطة والموازنة» بمجلس النواب (البرلمان) إبراهيم نظير الذي يقول، لـ«الشرق الأوسط»، إن الاستغناء عن السلع غير الضرورية من الاستيراد وزيادة التصدير والعمل بقوة على جذب استثمارات جديدة بقطاع الصناعة أمور ساهمت في تحقيق التحسن الاقتصادي، لكن انعكاسها على الأسعار يحتاج لبعض الوقت.

ويضيف نظير أن زيادة تحويلات المصريين العاملين بالخارج لعبت دوراً كبيراً في هذا الأمر باعتبار أنها أحد مصادر العملة الصعبة بالبلاد، مشيراً إلى أن المؤشرات الحالية تشير لاستمرارها بالوتيرة نفسها في الفترة المقبلة، بالإضافة إلى العمل على تنويع المصادر الدولارية وبما يسمح بتوفير احتياجات البلاد من العملة الصعبة.

وسجلت تحويلات المصريين العاملين بالخارج «زيادة كبيرة» خلال الفترة من يوليو (تموز) 2024 إلى مارس (آذار) 2025، حيث ارتفعت بنسبة 82.7 في المائة مقارنة بالعام السابق لتبلغ نحو 26.4 مليار دولار، بينما شهد الربع الأول من عام 2025 ارتفاعاً سنوياً بنسبة 86.6 في المائة، لتصل إلى 9.4 مليار دولار، ما عكس نمواً غير مسبوق في تدفق العملات الأجنبية من الخارج بحسب بيانات البنك المركزي المصري، الأسبوع الماضي.

لم تشهد الأسعار انخفاضات مؤثرة رغم تراجع الدولار (وزارة التموين)

ويشير الخبير الاقتصادي كريم العمدة، لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن انخفاض الأسعار يتطلب انتظار دورة إنتاج وتوزيع كاملة، وهي فترة تستغرق ما بين 3 و6 أشهر عادة، الأمر الذي يتطلب بعض الوقت ليكون محسوساً في الأسواق، لافتاً إلى أن الأمر يختلف عند الزيادة؛ لأنها تكون بأثر فوري ومتضمنة نسبة تحوط تخوفاً من حدوث المزيد من الارتفاعات.

ويضيف العمدة: «بالرغم من تباين الآراء الاقتصادية بشأن سعر الصرف ما بين من يرى الوضع الحالي مؤقتاً ومن يؤمن بأنه دائم، يبقى الترقب موجوداً، لكن طول فترة الاستقرار على سعر صرف متراجع سيجعل هناك عروضاً وخصومات لدى التجار تحمل خفضاً ضمنياً للأسعار».

ورغم تراجع الدولار أمام الجنيه بشكل تدريجي خلال الأسابيع الماضية، فإن معدلات التضخم السنوي ارتفعت خلال مايو (أيار) الماضي إلى 16.8 في المائة، بحسب بيان صادر عن «المركزي للتعبئة والإحصاء».

ويرى عضو البرلمان أن زيادات الأسعار تراجعت إلى حد ما في الفترة الماضية، وستتجه نحو مزيد من التراجع حال استمرار العمل بالسياسات الاقتصادية الحالية، مع مراعاة أن جزءاً من الأحداث المؤثرة في الوضع الاقتصادي ليس مرتبطاً بمصر، ولكن بالوضع في المنطقة والاضطرابات حول العالم التي تركت أثراً كبيراً على أسواق عدة ناشئة.

ويشير الخبير الاقتصادي إلى توقعه استمرار الدولار في التراجع خلال الفترة المقبلة بنفس المعدلات، انطلاقاً من حدوث توافر للعملة الأجنبية، عبر المسارات المختلفة التي تنتهجها الحكومة في الوقت الحالي.


مقالات ذات صلة

«المركزي المصري» يمد ساعات العمل للبنوك المحلية... ويضاعف حدود السحب اليومي

الاقتصاد مقر البنك المركزي المصري بوسط القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

«المركزي المصري» يمد ساعات العمل للبنوك المحلية... ويضاعف حدود السحب اليومي

أعلن البنك المركزي المصري، مد ساعات العمل ببعض فروع البنوك العاملة في مصر، لتوفير الخدمات البنكية، التي تشهد تباطأ ملحوظاً جراء انقطاع خدمات الإنترنت.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد السيسي يستقبل المدير العام لهيئة الدولة للطاقة النووية «روساتوم» الروسية بحضور نظيره المصري ووزير الكهرباء المصري (الرئاسة المصرية)

«روساتوم» الروسية للتوقيع على الاتفاق التكميلي مع مصر بشأن محطة الضبعة النووية

يزور مدير هيئة الطاقة النووية «روساتوم» الروسية مصر حالياً للتوقيع على الاتفاق التكميلي الحكومي بين مصر وروسيا بشأن بناء المحطة النووية بالضبعة.

الاقتصاد مقر البنك المركزي المصري بوسط القاهرة (تصوير: عبدالفتاح فرج)

ارتفاع صافي الأصول الأجنبية لمصر إلى 14.7 مليار دولار في مايو

أظهرت بيانات البنك المركزي المصري، الاثنين، ارتفاع صافي الأصول الأجنبية 1.2 مليار دولار إلى 14.7 مليار دولار في مايو (أيار) الماضي، ليقترب من المستويات السابقة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد الأعمال الأولية في مشروع «بنان» بالسعودية (مجموعة طلعت مصطفى)

نمو مبيعات «طلعت مصطفى» 59 % في 6 أشهر

أعلنت مجموعة طلعت مصطفى المصرية، زيادة مبيعاتها بأكثر من 59 في المائة في النصف الأول من 2025، وأرجعت هذا النمو إلى ازدياد الطلب على مشروعاتها في مصر والسعودية.

الاقتصاد وزير البترول المصري كريم بدوي يتحدث إلى المهندسين بحقل «بيجونا-2» شمال القاهرة (وزارة البترول المصرية)

مصر تتوقع إضافة 160 مليار قدم غاز مكعبة من 11 بئراً جديداً

أعلنت وزارة البترول المصرية أن تقديرات أولية تشير إلى وجود خزان بحجم يصل إلى 9 مليارات قدم مكعبة من الغاز في البئر «بيجونا-2» بمحافظة الدقهلية شمال القاهرة.


تونس تصدر أحكاماً مشددة بالسجن على سياسيين كبار بينهم الغنوشي

راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة» (د.ب.أ)
راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة» (د.ب.أ)
TT

تونس تصدر أحكاماً مشددة بالسجن على سياسيين كبار بينهم الغنوشي

راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة» (د.ب.أ)
راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة» (د.ب.أ)

قالت إذاعة «موزاييك إف إم» التونسية إن محكمة أصدرت، اليوم الثلاثاء، أحكاماً بالسجن تتراوح من 12 إلى 35 عاماً على سياسيين كبار من بينهم رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي ومسؤولين أمنيين سابقين بتهمة التآمر، في خطوة يقول منتقدون إنها تظهر «استخدام الرئيس قيس سعيد للقضاء لترسيخ حكم استبدادي».

ومن بين المحكوم عليهم بتهمة التآمر على الدولة في هذه المحاكمة نادية عكاشة، مديرة ديوان الرئيس قيس سعيد السابقة.

وحُكم على عكاشة التي فرت من البلاد بالسجن 35 عاماً.

وقالت «موزاييك» إن رئيس الوزراء السابق يوسف الشاهد المتهم في هذه القضية طعن على قرار دائرة الاتهام بإحالته إلى الدائرة الجنائية، وهو ما يعني أنه ليس مشمولاً في الأحكام حتى الآن في انتظار نتيجة الطعن.

وحُكم على الغنوشي (84 عاماً)، الرئيس المخضرم لحزب «النهضة الإسلامي»، بالسجن 14 عاماً.

والغنوشي، الذي كان رئيساً للبرلمان الذي حله سعيد، مسجون منذ عام 2023، وصدرت بحقه ثلاثة أحكام بالسجن لمدة تبلغ 27 عاماً في قضايا منفصلة في الأشهر القليلة الماضية.

ووُجهت اتهامات إلى 21 شخصاً في القضية، منهم عشرة في السجن بالفعل و11 فروا من البلاد.

وحكمت المحكمة على رئيس جهاز المخابرات السابق كمال القيزاني بالسجن 35 عاماً، ووزير الخارجية السابق رفيق عبد السلام بالسجن 35 عاماً، ومعاذ الغنوشي، ابن راشد الغنوشي، بالسجن 35 عاماً. وفر الثلاثة من البلاد.

وحل سعيد البرلمان عام 2021 وبدأ الحكم بالمراسيم، ثم حل المجلس الأعلى للقضاء المستقل وأقال عشرات القضاة، وهي خطوة تصفها المعارضة بأنها انقلاب قوض الديمقراطية الناشئة التي فجرت شرارة انتفاضات «الربيع العربي» عام 2011.

ويرفض سعيد هذه الاتهامات، ويقول إن خطواته قانونية وتهدف إلى إنهاء سنوات من الفوضى والفساد المستشري في أوساط النخبة السياسية.

ويقبع معظم قادة المعارضة وبعض الصحافيين ومنتقدي سعيد في السجن منذ أن سيطر سعيد على معظم السلطات في عام 2021.

وهذا العام، أصدرت محكمة أخرى أحكاماً بالسجن تتراوح من خمسة أعوام إلى 66 عاماً على قادة للمعارضة ورجال أعمال ومحامين بتهمة التآمر أيضاً، وهي قضية تقول المعارضة إنها ملفقة في محاولة لقمع معارضي الرئيس.

وتقول جماعات حقوقية ونشطاء إن سعيد حول تونس إلى سجن مفتوح ويستخدم القضاء والشرطة لاستهداف خصومه السياسيين.

ويرفض سعيد هذه الاتهامات، ويقول إنه لن يصبح ديكتاتوراً وإنه لا أحد فوق القانون مهما كان اسمه أو منصبه.