استنكر صحافي ودفاع ناشط سياسي معارض في الجزائر تعرضهما لملاحقات أمنية و«اضطهاد قضائي» منذ سنوات طويلة. ويوجد في سجون البلاد أكثر من 200 معتقل من الحراك الشعبي، وفق تقديرات حقوقيين ومحامين، تقول عنهم السلطات إنهم متابَعون بتهم تتعلق بالقانون العام، وتنفي عنهم صفة «سياسيين معارضين».

وأكد فريق دفاع المعارض البارز، كريم طابو، رئيس حزب «الاتحاد الديمقراطي والاجتماعي» قيد التأسيس، في بيان نشره الثلاثاء، أن موكلهم «يواجه منذ 2019 ملاحقات قضائية»، وطالب بوقفها، مشيراً إلى أن آخر فصل من فصولها كان في 25 مايو (أيار) الماضي، حينما قرر قاضي التحقيق بمحكمة بالعاصمة وضعه تحت الرقابة القضائية، مرفقة بإجراءات وصفها الدفاع بـ«الصارمة وغير المسبوقة».
وتشمل هذه الإجراءات، حسب البيان ذاته، منعه من مغادرة التراب، والمشاركة في التجمعات السياسية، والتصريح لوسائل الإعلام، ومصادرة جواز سفره، زيادة على إلزامه بالحضور كل يوم اثنين بأحد مقرات الأمن الداخلي للتوقيع على محضر، بناء على أمر من قاضي التحقيق. وأوضح البيان أن هذه التدابير «تهدف بشكل واضح إلى حرمانه من حقه في ممارسة أي نشاط سياسي، ومن حريته في التعبير والتنقل».
وتم الطعن في قرار قاضي التحقيق الذي تضمن هذه الإجراءات، غير أن «غرفة الاتهام» بمحكمة الاستئناف ثبتته، حسب فريق الدفاع الذي يتكون من عدة محامين، والذي أوضح أن «المضايقات التي يتعرض لها الناشط طابو تتناقض مع أحكام الدستور الذي يكرس مبدأ قرينة البراءة، كما تتناقض مع القوانين الوطنية التي تنظم الرقابة القضائية، فضلاً عن الاتفاقيات الدولية ذات الصلة التي صادقت عليها الدولة الجزائرية». مبرزاً أن المدة القانونية للرقابة القضائية التي يخضع لها الناشط الخمسيني «تم تجاوزها بفارق كبير».

وأضاف البيان أن القيود المفروضة على موكلهم «لا تستند إلى أي نص قانوني، وتحديداً قانون الإجراءات الجزائية»، الذي يحدد طبيعة الإجراءات القانونية وآجالها، وأن المدة القانونية للرقابة القضائية بخصوص طابو «تم تجاوزها بفارق كبير». وتابع البيان موضحاً أن طابو «يواجه مضايقات غير مؤسسة اقترنت برقابة قضائية استثنائية، من حيث الشدة والمدة، وهذا بهدف الضغط عليه، ودفعه للتخلي عن نضاله السياسي».
ويعد كريم طابو أحد أبرز وجوه الحراك الشعبي الذي قام عام 2019 لمنع الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة من تولي ولاية خامسة، وأرغمه على الاستقالة. ويعرف بمواقفه السياسية الجريئة، وانتقاداته الحادة للسلطة.
وبدأت مشكلاته مع السلطات في مايو 2023 عندما شارك في برنامج تلفزيوني على قناة «المغاربية»، التي تبث من خارج البلاد، وكان أحد ضيوفه الرئيس التونسي الأسبق منصف المرزوقي، حيث ناقش موضوع «التحول الديمقراطي في المنطقة المغاربية». وتم استجواب طابو بسبب تصريحاته في البرنامج، والتي عدت «مساً بأمن البلاد»، و«مسيئة لرموز الدولة»، وعلى هذا الأساس بنت النيابة لاحقاً تهمها ضده.
من جهته، كتب الصحافي ورئيس تحرير جريدة «لوبرفانسيال»، التي تصدر بشرق البلاد، مصطفى بن جامع، على حسابه بـ«فيسبوك» أن فترة إخضاعه للرقابة القضائية انتهت منذ أسبوعين، حيث حظر القضاء عليه النشر على شبكة التواصل الاجتماعي منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي، مشيراً إلى أنه كان أيضاً ممنوعاً من مغادرة إقليم ولاية عنابة (600 كلم شرق العاصمة)، حيث يقيم وتصدر جريدته، ولا يزال ممنوعاً من مغادرة التراب الوطني، وهو إجراء وصفه بـ«التعسفي، لكنه يبدو شبه تافه مقارنة بما سبق أن تعرضت له».
وقال الصحافي في منشوره: «أرغب اليوم في توضيح سبب محاولة الزج بي في السجن مرة أخرى. يبدو أن قيادة الدرك الوطني، وخاصة فرقة التحريات التابعة للدرك في عنابة، مصمّمة على إرسالي خلف القضبان، لأنني رفعت شكوى أمام النيابة ندّدت فيها بسوء المعاملة التي تعرضت لها خلال فترة توقيفي بين 8 و18 فبراير (شباط) عام 2023، داخل مقر نفس فرقة الدرك».

وواجه الصحافي ملاحقات قضائية متعددة منذ بداية مسيرته المهنية. وقد تم توقيفه عدة مرات، أبرزها في فبراير 2023، حيث وُجهت له تهمة مساعدة الناشطة المعارضة، أميرة بوراوي، على مغادرة البلاد إلى تونس ثم فرنسا، رغم أنها كانت ممنوعة من السفر. وحظيت هذه القضية باهتمام إعلامي واسع، وسلطت الضوء على أوضاع حرية الصحافة في الجزائر.
وفي أغسطس (آب) 2023، صدر حكم بسجنه لمدة عامين، بتهمة «نشر معلومات سرية».


