ليبيا: عميد بلدية طرابلس يُحمل الدبيبة والمنفي «مسؤولية» اشتباكات العاصمة

الخليفي أكد لـ«الشرق الأوسط» أن الوضع الحالي للمدينة «سيئ جداً»

عميد بلدية طرابلس إبراهيم الخليفي (البلدية)
عميد بلدية طرابلس إبراهيم الخليفي (البلدية)
TT

ليبيا: عميد بلدية طرابلس يُحمل الدبيبة والمنفي «مسؤولية» اشتباكات العاصمة

عميد بلدية طرابلس إبراهيم الخليفي (البلدية)
عميد بلدية طرابلس إبراهيم الخليفي (البلدية)

حمّل عميد بلدية طرابلس إبراهيم الخليفي، المجلس الرئاسي الليبي الذي يرأسه محمد المنفي، وحكومة الوحدة «المؤقتة» برئاسة عبد الحميد الدبيبة، المسؤولية عن الاشتباكات في العاصمة.

ووصف الخليفي الوضع الحالي في طرابلس بـ«السيئ جداً»، لافتاً إلى «انتشار كثيف للسلاح وللسيارات العسكرية المدرعة»، وانتقد حكومة «الوحدة» بسبب إصدارها قرارات من «دون ترتيب جيد، جعلت الوضع يحتقن والمدن الأخرى تنخرط في الحرب».

وقال الخليفي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف، الأربعاء، إن سكان العاصمة البالغ عددهم نحو مليون نسمة، «يعيشون الآن وضعاً لا يحسدون عليه، فالوضع العام فيه ترقّب حذر شديد، ولا نعرف كيف نحل هذه الأزمة».

وبخصوص الأطراف التي تتحمل مسؤولية اندلاع الاشتباكات الحالية، قال عميد بلدية طرابلس: «نحن نحملها للمجلس الرئاسي، باعتبار أن (جهاز الردع) الذي يقوده عبد الرؤوف كارة يتبع له، وأيضاً إلى هيئة الأركان و(اللواء 444 قتال) التابعين لحكومة الوحدة».

وأضاف الخليفي أن حكومة «الوحدة» تتحمّل هي الأخرى مسؤولية ما حدث «باعتبارها تدير الإدارة التنفيذية، وهي التي أصدرت القرارات الأخيرة المثيرة للجدل، والتي فاقمت الأوضاع في العاصمة».

ووفق الخليفي، فإن «القتال العنيف في طرابلس خلّف 5 قتلى، من بينهم 4 عسكريين وشخص أجنبي، ما زالت جنسيته غير معروفة، بالإضافة إلى أكثر من 60 جريحاً»، لافتاً إلى أن «هذا العدد من الجرحى يتلقى العلاج داخل مستشفى واحد فقط، هو مستشفى طرابلس المركزي».

وحول الوضع الحالي في المدينة، قال الخليفي إن «مليون نسمة أصبحت رهينة لتجمعات من كل أنواع الأسلحة، وجميع المناطق فيها حروب»، مؤكداً أنه «لا يوجد اتصال مباشر مع الدبيبة، لكن مكتبه يتحدث عن مفاوضات جارية»، واعتبر أن حكومة الوحدة «تريد الخروج بنصر سياسي»، بينما الجهة الأخرى (في إشارة إلى جهاز الردع) ترفض التفاوض مع «الوحدة»، إلا بعد تراجعها عن قراراتها الأخيرة.

في سياق ذلك، ذكر الخليفي أن مجموعة من أعيان طرابلس وسوق الجمعة عقدوا أخيراً مفاوضات مع المنفي، الذي ترك مقره في قصر «ولي العهد» بسبب تدهور الأوضاع. وقال إن بيان أهالي وأعيان وسكان بلدية طرابلس عبّر عما وصفه بـ«قلق بالغ وأسف عميق من الاقتتال المسلح الدائر في وسط المدينة، الذي تسبب في رعب وترويع للآمنين». وسجل البيان رفض «تحويل طرابلس إلى ساحة حرب، واتخاذ منازلها دروعاً بشرية»، محمّلاً المسؤولية الأخلاقية لـ«صُناع القرار بجعل القتال أول الخيارات لتنفيذ قراراتهم».

وطالب البيان بـ«وقف فوري وغير مشروط للقتال، والعودة إلى الحوار»، ودعا القيادات الاجتماعية والسياسية للتكاتف لـ«إخماد الفتنة»، كما ناشد كل المجالس والأعيان في ليبيا الوقوف تضامناً مع طرابلس، والعمل معاً لاستعادة الاستقرار.


مقالات ذات صلة

ما إمكانية معاقبة «معرقلي» العملية السياسية في ليبيا؟

شمال افريقيا اجتماع «لجنة المتابعة الدولية» بشأن ليبيا في برلين (البعثة الأممية)

ما إمكانية معاقبة «معرقلي» العملية السياسية في ليبيا؟

أثيرت تساؤلات في ليبيا حول إمكانية فرض «عقوبات» دولية على شخصيات سياسية وميليشياوية في البلاد.

علاء حموده (القاهرة )
شمال افريقيا تعزيزات أمنية في طرابلس قبل انطلاق مظاهرات الجمعة (داخلية الوحدة)

«الوحدة» الليبية تلاحق «متورطين» في هجوم مسلح على عناصرها بطرابلس

تلاحق حكومة «الوحدة» المؤقتة في ليبيا «متورطين» في هجوم مسلح على عناصرها بطرابلس.

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا حماد يترأس اجتماع حكومة «الاستقرار» (الحكومة)

«الاستقرار» الليبية تدعو اليونان للحوار عقب «حديث التنقيب» جنوب كريت

أبدى رئيس حكومة الاستقرار الليبية، أسامة حماد، تعجبه من حديث اليونان بشأن تراخيص التنقيب واستغلال مادة الهيدروكربونات في مناطق بحرية جنوب جزيرة كريت

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا المنفي خلال لقائه الحداد (المجلس الرئاسي الليبي)

المنفي يشدد على «تطهير» العاصمة الليبية من المظاهر المسلحة

تلقى رئيس المجلس الرئاسي الليبي «إحاطةً كاملة» عن الوضع الأمني والعسكري بالعاصمة، و«مدى استجابة الأطراف وعودة جميع القوات لمعسكراتها».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حقل «الشرارة» النفطي في جنوب ليبيا (الاتحاد العام لعمال النفط والغاز)

طرابلس تتمسك برفض تنقيب أثينا عن النفط بالمناطق «المتنازع عليها»

عبرت حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة عن «قلقها البالغ» من إطلاق اليونان «دعوة دولية لتقديم عطاءات للتنقيب عن الهيدروكربون بمناطق بحرية متنازع عليها».

جمال جوهر (القاهرة)

معارك بابنوسة بغرب كردفان مستمرة

تسببت الحرب السودانية في مقتل عشرات الآلاف ونزوح نحو 13 مليون شخص (د.ب.أ)
تسببت الحرب السودانية في مقتل عشرات الآلاف ونزوح نحو 13 مليون شخص (د.ب.أ)
TT

معارك بابنوسة بغرب كردفان مستمرة

تسببت الحرب السودانية في مقتل عشرات الآلاف ونزوح نحو 13 مليون شخص (د.ب.أ)
تسببت الحرب السودانية في مقتل عشرات الآلاف ونزوح نحو 13 مليون شخص (د.ب.أ)

لا أحد يستطيع «الجزم» بما يحدث في مدينة بابنوسة بولاية غرب كردفان السودانية، التي تشهد معارك كسر عظم واستنزاف منذ عدة أيام، بين الجيش و«قوات الدعم السريع». وفي حين يؤكد الجيش أنه سحق القوات المهاجمة عن المدينة التي تعد آخر معاقله بولاية غرب كردفان، تناقلت مواقع مؤيدة لـ«قوات الدعم السريع»، مقاطع فيديو تفيد بسيطرة «الدعم» على أجزاء كبيرة من المدينة واقترابهم من استعادة السيطرة عليها، بما في ذلك مقرات تابعة للفرقة 22، إحدى أكبر تجمعات قوات الجيش السوداني في غرب البلاد.

أهمية بابنوسة

بابنوسة، ويدللها أهلها باسم «القميرة» (تصغير قمر)، إحدى مدن ولاية غرب كردفان المهمة، وتبعد عن العاصمة الخرطوم بنحو 700 كيلومتر، وتنبع أهميتها من كونها «تقاطع طرق» تربط غرب السودان بوسطه وشماله، بل وجنوبه قبل انفصاله، وعندها يتفرع خط السكة حديد إلى مدينة نيالا بولاية جنوب دارفور، وإلى مدينة واو بجنوب السودان، وتعد واحدة من أكبر من مراكز سكك حديد السودان.

ويعتمد اقتصاد المدينة على التجارة والزراعة والرعي، ويوجد بها أول مصنع لتجفيف الألبان في الإقليم، أنشئ بمنحة من دولة يوغسلافيا السابقة على عهد الرئيس الأسبق إبراهيم عبود في خمسينيات القرن الماضي، وافتتحه الرئيس اليوغسلافي المارشال جوزيف بروز تيتو. وتضم الفرقة 22 التابعة للجيش، إلى جانب عناصرها، قوات قادمة من ولايات ومناطق دارفور وكردفان سيطرت عليها «قوات الدعم السريع».

أطفال سودانيون في معسكر للنازحين بولاية جنوب كردفان (أرشيفية - رويترز)

وظلت المدينة تشهد معارك منذ الأيام الأولى للحرب، ما أدى إلى هجرة أهلها، إلى مدينة المجلد القريبة، والقرى والبلدات المجاورة، وتحولت إلى مدينة «أشباح» يسكنها جنود من الطرفين المتقاتلين. ثم توقف القتال فيها في 29 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، باتفاق ثلاثي بين الجيش و«الدعم السريع» والإدارة الأهلية بالمدينة، قضى بوقف التصعيد وتحليق الطيران الحربي والقصف في المدينة، لكن الأوضاع ظلت متوترة في المدينة، واعتصمت بها قوات الجيش بمقراتها غرب المدينة، بينما ظلت «قوات الدعم السريع» تسيطر على الأحياء «المهجورة».

لكن المدينة شهدت معارك ضارية منذ السبت، وقال عنها الجيش، في بيان رسمي، إن قواته في الفرقة 22، سحقت هجوماً كبيراً لـ«قوات الدعم السريع» التي حشدت لها من كل صوب، وتوعد بتحويل المدينة إلى مقبرة لـ«قوات الدعم السريع»، «وما يجمعون».

حرب استنزاف

ولم تصدر تعليقات رسمية من «قوات الدعم السريع» حول حقيقة الوضع في المدينة، لكن منصتها على «تلغرام» ذكرت أنها سيطرت على اللواء 189 التابع للفرقة، فيما ذكرت منصات تابعة للجيش أن «قوات الدعم السريع» بسطت سيطرتها مؤقتاً على مقر اللواء، واضطرت للانسحاب بعد تدخل قوات الجيش، بيد أن مصدراً عسكرياً طلب عدم كشف اسمه، قال لـ«الشرق الأوسط» إن مدينة بابنوسة أسوة بمدينة الفاشر، تعد «مناطق استنزاف» لـ«قوات الدعم السريع»، حيث خسرت أعداداً كبيرة من الرجال والعتاد أثناء محاولتها مهاجمة مقرات الجيش، وأضاف: «في معركة بابنوسة أمس، نصب الجيش فخاً لـ(الدعم السريع)، فاندفع بمقاتليه تجاه مقر الفرقة، قبل أن يطبق عليهم، ويصدهم، ملحقاً بهم خسائر فادحة في الأرواح والعتاد».

الحرب شرَّدت ملايين السودانيين بين نزوح في الداخل ولجوء إلى الخارج (أ.ف.ب)

وتعد معارك بابنوسة محورية لكل من الجيش و«الدعم السريع»، ففي حال سيطرت «قوات الدعم السريع» على المدينة ستبسط سيطرتها على كامل ولاية غرب كردفان المحادة لدولة جنوب السودان من جهة الجنوب، وولايتي شمال وجنوب كردفان من جهة الشرق، وولايات جنوب وشمال دارفور، من جهة الغرب، وذلك بعد أن أكمل سيطرته على مدينتي «النهود والخوى»، وحال احتفاظ الجيش بقاعدته في بابنوسة، يكون قد احتفظ بموطئ القدم في الولاية، يمهد لخطواته باتجاه دارفور.