مصر: سوريون يبدأون إجراءات العودة إلى بلادهم

احتشد بعضهم أمام سفارة دمشق لاستخراج جوازات جديدة

تجمع للجالية السورية بمصر (مؤسسة سوريا الغد الأهلية)
تجمع للجالية السورية بمصر (مؤسسة سوريا الغد الأهلية)
TT

مصر: سوريون يبدأون إجراءات العودة إلى بلادهم

تجمع للجالية السورية بمصر (مؤسسة سوريا الغد الأهلية)
تجمع للجالية السورية بمصر (مؤسسة سوريا الغد الأهلية)

يدفع التغيير الذي تشهده سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، سوريين في مصر لاتخاذ قرار العودة إلى بلادهم، واحتشد بعضهم أمام مقر السفارة السورية في وسط القاهرة لاستخراج جوازات جديدة.

وبينما تتريث فئات من السوريين المقيمين بمصر قبل اتخاذ قرار العودة، يشرع آخرون لإنهاء إجراءات السفر إلى سوريا. وقال نشطاء وأعضاء بالجالية السورية في مصر، إن «أكثر الفئات الراغبة في العودة هي العمال والشباب»، وأشاروا إلى أن «المستثمرين والأسر التي لديها طلاب في المدارس والجامعات يفضلون تأجيل قرار العودة».

ووفق «المفوضية العليا لشؤون اللاجئين»، فإن عدد السوريين المسجلين بـ«المفوضية» في مصر «ارتفع بشكل كبير من 12800 في نهاية 2012 إلى أكثر من 153000 شخص نهاية 2023». وتقدِّر «المنظمة الدولية للهجرة» عدد السوريين في مصر بنحو «مليون ونصف المليون سوري».

ورصد نشطاء سوريون بمصر، خلال الساعات الماضية، حشداً من بعض أعضاء الجالية أمام مقر السفارة السورية بوسط القاهرة، لإنهاء إجراءات استخراج جوازات سفر جديدة، تمهيداً لعودتهم لبلادهم.

وأكدت السفارة السورية في القاهرة من جانبها «استمرار تقديم خدمة تمديد جوازات السفر المنتهية الصلاحية لمدة ستة أشهر، وتسيير أمور المقيمين في مصر»، وقالت في إفادة لها منتصف الشهر الجاري إنها «مستمرة في إجراء جميع المعاملات القنصلية باستثناء إصدار جوازات سفر جديدة، لحين تفعيل منظومة الجوازات المركزية من دمشق».

وتعهد وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، بأن «حكومته ستؤمّن عودة كل مهاجر من أرضه وبيته»، وقال في تصريحات، الثلاثاء، إن «بلاده تريد طي صفحة النظام السابق».

لاجئون سوريون ومن جنسيات أخرى في مصر (مفوضية اللاجئين)

«مع التغيير الذي تشهده سوريا، تزايدت رغبات أعضاء من الجالية السورية المقيمة بمصر في العودة إلى بلادها»، وفق الناشط السياسي السوري المقيم بمصر، ليث الزعبي، الذي أشار إلى أن «أكثرية الراغبين في العودة من فئة العمال في المطاعم والمصانع، والشباب»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «العشرات يتوافدون يومياً على مقر السفارة لاستخراج أوراق السفر اللازمة».

ويرى الزعبي أن «جزءاً كبيراً من الجالية السورية لا يزال متوجساً من مسألة العودة، خصوصاً المستثمرين، والأسر التي لديها طلاب في مراحل تعليمية بالمدارس والجامعات»، مشيراً إلى أن «بعض الراغبين في العودة تواجههم عقبات تتعلق بتسوية أوضاعهم القانونية أولاً، وإنهاء تصاريح السفر».

ولفتت «مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين» إلى أن «عدد السوريين العائدين لبلادهم، خلال الأسبوعين الماضيين، تجاوز عددهم في عام 2023»، وقالت في تقرير لها، قبل أيام، إن «نحو 51 ألف سوري عادوا لسوريا من الدول المجاورة». ونوّه التقرير بأن «كثيراً من اللاجئين مهتمون بالعودة، لكن معظمهم يفضلون الانتظار والترقب لحين وضوح الرؤية داخل سوريا».

ووفق الزعبي، فإنه على السوريين الراغبين في العودة «إنهاء مجموعة من الإجراءات قبل السفر، بداية من تحديث جوازات السفر المنتهية لبعض المقيمين، إلى جانب (غلق ملف اللجوء) للمسجلين في مفوضية شؤون اللاجئين، و(تسوية الأوضاع القانونية)، خصوصاً للوافدين المخالفين لاشتراطات الإقامة، أو الذين انتهت فترة إقامتهم دون تجديد».

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

«هناك أعضاء بالجالية السورية بدأت ترتيبات العودة لديارهم مرة أخرى»، بحسب الكاتب والمحلل السوري، المقيم في مصر، عبد الرحمن ربوع، مشيراً إلى أن «آلافاً من الشباب كانوا مقيمين في مصر هرباً من التجنيد الإجباري، وبعد سقوط نظام الأسد بدأوا في العودة لسوريا مرة أخرى عن طريق لبنان والأردن».

ربوع يرى أن «رغبة العودة حاضرة لدى كثير من السوريين بمصر، لكن عقبات السفر تؤجل تنفيذ هذا القرار حالياً»، مشيراً إلى أن «عدم وجود رحلات طيران مباشرة، وارتفاع تكلفة رحلات العودة لتصل إلى نحو 500 دولار، وارتباط كثير من الأسر بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات، تدفعهم للتريث حالياً».

ويرجح «ارتفاع أعداد الأسر السورية العائدة للبلاد بحلول الصيف المقبل مع انتهاء العام الدراسي، وتدبير تلك الأسر تكلفة رحلة العودة»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك مبادرات من بعض أعضاء الجالية بالتعاون مع رجال أعمال سوريين، لتمويل عودة الأسر غير القادرة»، وطالب في الوقت نفسه بـ«توفير الحكومة الجديدة في سوريا تسهيلات للمهاجرين الراغبين في العودة لبلادهم».

وتتوقع «المفوضية العليا لشؤون اللاجئين» عودة مليون لاجئ سوري إلى بلادهم خلال الأشهر الستة المقبلة.


مقالات ذات صلة

مصر وحكومة سوريا الانتقالية... «تقارب حذر»

شمال افريقيا وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)

مصر وحكومة سوريا الانتقالية... «تقارب حذر»

اتصال هو الأول من نوعه بين القاهرة والإدارة السورية الجديدة تناول تأكيدات مصرية أبرزها أن «تكون دمشق مصدر استقرار بالمنطقة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
خاص أعلام سوريا و«حزب الله» في القصير خلال يونيو 2013 (أ.ف.ب)

خاص «الشرق الأوسط» في القصير... رحل «الكابوس»

زارت «الشرق الأوسط» مدينة القصير، المعقل السابق لـ«حزب الله» اللبناني في سوريا، حيث اشتكى سكان أنهم عوملوا من عناصره وكأنهم «ضيوف ثقلاء».

سعاد جروس (القصير (حمص))
شؤون إقليمية خامنئي يلقي خطاباً في مراسم الذكرى الخامسة للجنرال قاسم سليماني (موقع المرشد)

خامنئي: استمرار القواعد الأميركية في سوريا مستحيل

قال المرشد الإيراني، علي خامنئي، إن استمرار حضور القوات الأميركية في سوريا «أمر مستحيل»، وحذرها من «الدهس تحت أقدام الشباب السوري».

عادل السالمي (لندن)
خاص من معرض سويسري لصور الضحايا في «ملفات قيصر» (أ.ف.ب) play-circle 01:43

خاص «سامي»: في البداية كنت أبكي أمام صور الضحايا ثم تبلّدت مشاعري

في الحلقة الأخيرة من مقابلته الموسّعة مع «الشرق الأوسط»، يروي «مهرّب» ملفات «قيصر» أسامة عثمان، كيف عاش لسنوات مع صور ضحايا التعذيب «كأنهم أصدقائي».

غسان شربل (باريس)
المشرق العربي وزير الإعلام السوري محمد العمر يتحدث إلى وسائل الإعلام خلال اجتماع في دمشق (أ.ف.ب)

وزير الإعلام السوري يتعهّد بالعمل على تعزيز حرية الصحافة والتعبير

قال وزير الإعلام السوري الجديد محمد العمر إنه يعمل من أجل «بناء إعلام حر»، متعهداً بضمان «حرية التعبير» ببلد عانت فيه وسائل الإعلام لعقود من التقييد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

هل حقاً حاول «النواب» ومجلس الدولة «عرقلة» جهود خوري لحلحلة الأزمة الليبية؟

صالح وخوري في لقاء سابق (مكتب صالح)
صالح وخوري في لقاء سابق (مكتب صالح)
TT

هل حقاً حاول «النواب» ومجلس الدولة «عرقلة» جهود خوري لحلحلة الأزمة الليبية؟

صالح وخوري في لقاء سابق (مكتب صالح)
صالح وخوري في لقاء سابق (مكتب صالح)

أثار تحرك أعضاء بمجلسي النواب و«الأعلى للدولة» في ليبيا لتشكيل «حكومة جديدة موحدة» تساؤلات كثيرة حول ما إذا كانت هذه التحركات المتسارعة محاولة «للتشويش وعرقلة» المبادرة، التي أطلقتها المبعوثة الأممية لدى ليبيا بالإنابة، ستيفاني خوري، أم مجرد محاولات لإبراز دورهم بوصفهم فاعلين بارزين في العملية السياسية.

وكانت خوري قد أعلنت قبل أسبوعين عن تشكيل لجنة فنية تتكون من خبراء ليبيين لوضع خيارات، تفضي إلى معالجة القضايا الخلافية في القوانين الانتخابية، وطرح خيارات لكيفية الوصول إلى الانتخابات في أقصر وقت ممكن، لكن سرعان ما تحرك نواب من المجلسين وعقدا لقاء في المغرب للرد على هذه المبادرة.

من جلسة سابقة لأعضاء المجلس الأعلى للدولة (المجلس)

بداية، يرى عضو المجلس الأعلى للدولة، محمد معزب، أن ما يصدر من قبل البرلمان من تصريحات وخطوات بشأن تشكيل «حكومة جديدة» هي محاولة «لاستباق عمل البعثة الأممية في استئناف العملية السياسية بالبلاد لإنهاء حالة الجمود».

وقال معزب لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك محاولات لقطع الطريق على سعي البعثة إلى تشكيل لجنة لحسم القضايا الخلافية بالقوانين الانتخابية»، مضيفاً أن هذه الخطوة الأممية «لم تُرض البرلمان، وأغلب المتقاربين في الرؤي معه من أعضاء المجلس الأعلى للدولة يرون أن القوانين، التي أقرت قبل أكثر من عام، جيدة ولا تحتاج لتعديل».

ويعتقد معزب أن «بعض هؤلاء مدفوع لتشكيل حكومة جديدة بهدف تقاسم مقاعدها، أو أملاً في نجاحها في إزاحة حكومة الدبيبة»، موضحاً أن البرلمان «لم يتعلم من تجارب سابقة في إنتاج حكومات لا تحظى بتوافق محلي، أو بدعم واعتراف أممي دولي، فينتهي بها المطاف إلى حكومة موازية، دون أي قدرة على ممارسة مهامها من العاصمة».

عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة (الوحدة)

وكان رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، قد صرح بأن «الأمور تسير بخطى ثابتة نحو حكومة جديدة بالتنسيق مع المجلس الأعلى للدولة»، وتعهد بأن تجري عملية «اختيار رئيس الحكومة الجديدة خلال جلسة برلمانية معلنة».

لكن معزب يتوقع أن «توظّف البعثة اعتراضات بقية القوى السياسية على القوانين الانتخابية، وانقسام المجلس الأعلى للدولة لتؤكد أن تحركات البرلمان هي خطوات فردية لا يجب الالتفات إليها»، معتقداً أن هذا «الخطاب سيلقى دعماً من الدول الغربية المؤثرة بالساحة الليبية، وسيتكفل حينذاك بانتهاء مشروع الحكومة قبل أن يولد».

ودعا معزب رئاسة البرلمان «للتريث» في هذا التحرك، «حتى لا يتسبب ذلك في تعطيل العملية السياسية برمتها، ويتسبب أيضاً في تصاعد الاتهامات بحق أعضاء المجلسين بافتعال الأزمات للبقاء بالسلطة».

من اجتماع سابق لمجلس النواب الليبي (المجلس)

ويأتي إعلان صالح عن قرب عقد اجتماع لمناقشة ملف تشكيل «الحكومة الجديدة»، بعد قرابة أسبوعين من اجتماع استشاري عقد بين بعض البرلمانيين وأعضاء بالأعلى للدولة في مدينة بوزنيقة المغربية، الذي انتهت مخرجاته إلى تشكيل لجان مشتركة لمعالجة مسارات مختلفة، وفي مقدمتها «إعادة تشكيل السلطة التنفيذية، والنظر في الإصلاحين المؤسسي والمالي».

وبشأن تحركات البرلمان، قال عضو مجلس النواب، عصام الجيهاني لـ«الشرق الأوسط»، إن رئاسة المجلس ستعقد اجتماعاً بمدينة القبة شرق ليبيا قريباً، بحضور مجموعة من أعضاء «الأعلى للدولة» لمناقشة الخطوات النهائية المتعلقة بتشكيل الحكومة الجديدة.

وأبدى الجيهاني تفهماً لما يطرح حول ضرورة المطالبة بـ«التريث» في ملف تشكيل (الحكومة الموحدة)، لضمان حصولها على دعم أممي، مشدداً على «أهمية التأكيد على أن عملية انتقال السلطة ستتم بشكل سلمي، ودون أي تحركات عسكرية».

أسامة حماد رئيس حكومة الاستقرار الموازية (الاستقرار)

وأشار الجيهاني إلى تصريحات الدبيبة المتكررة برفض مغادرة موقعه، وعدم تسليم السلطة إلا لحكومة منتخبة، «وهو ما يعني أنه لن يرضى بأي حل أو مسار سياسي، وأنه يتمسك بإجراء الانتخابات أولاً».

ويرى بعض المراقبين أن تشكيل خوري لجنة لحسم القضايا الخلافية بالقوانين، وعدم إشارتها إلى أي دور لمجلسي النواب والأعلى للدولة في مبادرتها، صعّد من مخاوف إمكانية إقصائهما من المشهد السياسي، خاصة مع انقسام «الأعلى للدولة» قبل أربعة أشهر.

في هذا السياق، يشير السياسي والأكاديمي الليبي، أحمد العبود، إلى «الاختصاص الأصيل» لمجلسي النواب والأعلى للدولة في تشكيل الحكومة الجديدة، وفقاً لبنود الاتفاق السياسي بالصخيرات، مستبعداً أن يكون حراك البرلمان الراهن بمثابة «مناكفة للبعثة الأممية».

وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط» ذكر العبود بأن البيان الختامي لاجتماع بوزنيقة رحب بالتعاون مع البعثة الأممية، كما أشار إلى «التحديات التي تواجه عمل البعثة فيما يتعلق بقرار تمديد مهمتها في ليبيا، الذي سيتحدد خلال الشهر الحالي، فضلاً عن مطالبة كل من الصين وروسيا، بصفتهما من الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن الدولي، بضرورة تعيين مبعوث جديد للبعثة حال التمديد لها».

ويرى العبود أن سعي البرلمان والمتقاربين معه من أعضاء (الأعلى للدولة) إلى المضي قدماً بشأن تشكيل الحكومة «رسالة» لإثبات تأكيد الاختصاص في هذا الملف، وإشارة إلى أي مبعوث جديد قد يعين، بأن هناك جاهزية لتنفيذ الاستحقاق الانتخابي، ولا توجد نية لعرقلة أي توافق سياسي.