هزّت انفجارات ضخمة متتالية مدينة زليتن الساحلية، الواقعة غرب ليبيا، إثر انفجار مخزن للذخيرة، تملكه ميليشيا «كتيبة العيان» بمنطقة كادوش، وسط تضارب الروايات حول أسباب الحادث، الذي خلّف حالة من الخوف بين المواطنين، وخسائر محدودة.
ووقعت الانفجارات التي سمع السكان دويها فجر اليوم (الجمعة) بجميع أنحاء المدينة (150 كيلومتراً شرق العاصمة طرابلس)، أعقبها تصاعد أعمدة اللهب والدخان.
وقال شهود عيان إنهم استيقظوا فجراً على أصوات سلسلة انفجارات متتالية ومرعبة، تبين لهم أنها ناتجة عن انفجار مخزن أسلحة وذخائر بأحد المقار العسكرية لـ«كتيبة العيان»، التي يطلق عليها «فرسان زليتن» القريبة من ديارهم.
وطوّقت السيارات التابعة لأجهزة الشرطة وعربات الإسعاف والإطفاء مكان الانفجار، وسط مطالبات للمواطنين بالتزام منازلهم تجنباً لتعرضهم لأي أضرار. فيما لم تؤكد أي جهة رسمية أحاديث تشير إلى استهداف معقل الكتيبة بطائرة «مسيرة».
وفيما التزمت السلطات الأمنية، التابعة لحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، الصمت، قال عضو مجلس بلدية زليتن، مصطفى البحباح، إن الانفجار وقع فجراً في مقر «كتيبة العيان» الواقعة بين الأحياء السكنية، واستمرت أصوات الانفجارات دقائق عدة، دون معرفة السبب.
ونقلت وسائل إعلام محلية عن مدير فرع جهاز الإسعاف والطوارئ في زليتن، الطاهر الشطشاطي، تعرض بعض المنازل الواقعة في محيط مقر الكتيبة لأضرار، لكنه نفى وقوع إصابات بين المواطنين.
وأعلن في ليبيا عن إطلاق مبادرات عدة لجمع السلاح بداية من عام 2012، انطلقت أولاها بمدينتي طرابلس وبنغازي، تحت شعار «أمن بلادك بتسليم سلاحك». وفي فبراير (شباط) 2013، وضعت الولايات المتحدة مع ليبيا خطة سرية، تقضي بتوفير برنامج مخصص لشراء الأسلحة، وتحديداً الصواريخ المحمولة المضادة للطائرات، والمقدّر عددها بـ20 ألف صاروخ، لكن هذا الأمر لم يحدث.
وبعد مرور أكثر من سنة. وبالضبط في يوليو (تموز) 2014، قدّم البرنامج الليبي للإدماج والتنمية (LPRD)، الذي عرف بعد تأسيسه بـ«هيئة شؤون المحاربين»، استراتيجية مفصلة لجمع السلاح، بالتعاون مع المنظمة الدولية للعدالة الانتقالية.
وأعاد حادث الانفجار للواجهة مطالب المواطنين للسلطات التنفيذية بضرورة إخلاء مناطقهم السكنية من المقار العسكرية للتشكيلات المسلحة. وسبق أن تعهد عماد الطرابلسي، وزير الداخلية بحكومة «الوحدة»، في نهاية شهر مارس (آذار) الماضي بإخلاء العاصمة طرابلس بالكامل من التشكيلات المسلحة من قبل الأجهزة الأمنية والعسكرية، خلال ما وصفه بفترة قريبة مقبلة، لكن ذلك لم يحدث حتى الآن.
ولم يحدد الطرابلسي حينها موعداً زمنياً لتنفيذ هذا التعهد، لكنه قال إنه سيتم إرجاع كل هذه الأجهزة إلى ثكناتها، باستثناء الجهات العسكرية التابعة لوزارة الدفاع، على أن يقتصر العمل الأمني على الداخلية.
وتحوّل العتاد المخزن لدى المجموعات المسلحة وبعض المواطنين خارج إطار الدولة إلى مصدر أرق وقلق للسلطات الليبية منذ إسقاط نظام معمر القذافي عام 2011. وهو ما دفع «الأمم المتحدة» لدعوة الأطراف كافة إلى ضرورة إبعاده عن مناطق المدنيين، ودمج هذه التشكيلات في أجهزة الدولة الرسمية.
ويرى متابعون لتركيبة الميليشيات في ليبيا أنها تعوق تجاوزه بما يعرف بالفترة الانتقالية، وذلك بإصرارها على إبقاء الوضع على ما هو عليه، ويؤكدون أنه «كلما هدأت الاشتباكات أوقدت الميليشيات نارها، بغية الاستبقاء على ليبيا سوقاً رائجة للسلاح، تدرّ ملايين الدولارات على أمراء الحرب».
وتكرر وقوع انفجارات عدة بمخازن أسلحة وذخائر للميليشيات خلال السنوات الماضية. وسبق أن شهدت مدينة زليتن انفجاراً مماثلاً في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2023، تسبب حينها في تضرر بعض المنازل المجاورة للمقر، واشتعال النيران بها، وإصابة مواطن باختناق نتيجة احتراق منزله.
في شأن مختلف، كشفت النيابة العامة الليبية ملابسات واقعة ملاحقة تونسيين كان بحوزتهما أسلحة وقنابل في منطقة الحدود الليبية الغربية.
وقال مكتب النائب العام، المستشار الصديق الصور، مساء الخميس، إن فرع «جهاز دعم الاستقرار» في نالوت، توصل إلى معلومات بنشاط المتهمين، بعد أن سلم أحدهما نفسه لمأموري الضبط وأطلعهم على نشاط رفيقه، وأسباب حيازته لأسلحة ومواد متفجرة في محل بعيد عن التجمعات السكنية، ثم اهتدى مأمورو الضبط، بدعم «جهاز الردع لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة» إلى مكان وجود المشتبه الثاني الذي كان متسربلاً بالسلاح.
وأوضحت النيابة العامة أنه لدى مداهمة الأمن لمقر المتهم الثاني، قاومهم بإلقاء قنبلة يدوية، لكنها أودت بحياته. وانتقل المحقق لفحص محل الواقعة، ثم عاين جثمان المتوفى، وشرع في تحقيق الواقع المنسوب إلى المقبوض عليه الآخر.