أول تغيير في «الخارجية» خلال عهد السيسي... هل تتبدل السياسات؟

مراقبون اعتبروا عبد العاطي «مهندس العلاقات المصرية - الأوروبية»

بدر عبد العاطي (صفحته على «فيسبوك»)
بدر عبد العاطي (صفحته على «فيسبوك»)
TT

أول تغيير في «الخارجية» خلال عهد السيسي... هل تتبدل السياسات؟

بدر عبد العاطي (صفحته على «فيسبوك»)
بدر عبد العاطي (صفحته على «فيسبوك»)

شهدت حقيبة وزارة الخارجية المصرية أول تغيير في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، مع تولي السفير بدر عبد العاطي قيادتها، خلفاً لسامح شكري، الذي أمضى 10 أعوام على رأس الوزارة.

وهذا ما أثار تساؤلات بشأن أسباب التغيير، وتأثير ذلك في مسار الدبلوماسية المصرية والسياسات الخارجية. وبينما عد سياسيون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» التغيير «أمراً طبيعياً»، أكدوا أنه «لن يؤثر في مسار الدبلوماسية المصرية».

وقال مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق علي الحفني، لـ«الشرق الأوسط»، إن عبد العاطي «ابن وزارة الخارجية ويعرف ملفاتها جيداً وسياسة الدبلوماسية المصرية العريقة»، واصفاً إياه بأنه «أحد مهندسي الشراكة المصرية - الأوروبية». وقال إن «اختياره يعزز صعود تلك الشراكة مستقبلاً». وأضاف الحفني أن استمرار شكري في «الخارجية» عشر سنوات «أمر طبيعي مرتبط بحقيبة الخارجية، التي تشهد تغييرات على فترات طويلة. فالدولة قد تحتاج أحياناً للاستفادة من مزايا وشبكات العلاقات التي كونها الوزير مع نظرائه في دول أخرى، وبالتالي يستمر فترة أطول».

وقال عضو مجلس النواب المصري (البرلمان) النائب مجدي عاشور، لـ«الشرق الأوسط»، إن «وزارة الخارجية من الوزارات التي تشهد تغييرات محدودة في أسماء من يتولى حقيبتها، وربما التغيير يحمل دعماً لمسار العلاقات المصرية - الأوروبية التي يتميز عبد العاطي بنجاحاته في إدارتها».

ملف عبد العاطي

ويبدو أن هذا الملف يحظى فعلاً باهتمام عبد العاطي، حيث أكد وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج الجديد، الأربعاء، «الأهمية الخاصة لشراكة مصر والاتحاد الأوروبي»، لافتاً إلى أنها تأتي «نتيجة استقرار مصر وتماسكها ودورها الريادي الإقليمي والدولي».

ودلل الوزير المصري على ذلك بانعقاد مؤتمر الاستثمار الأول من نوعه بين مصر والاتحاد الأوروبي، قبل أيام، وما سبقه من توقيع على الإعلان المشترك لتدشين شراكة استراتيجية وشاملة بينهما، قبل أشهر.

صورة التُقطت لبعض إنشاءات «سد النهضة» في سبتمبر الماضي (أ.ف.ب)

وعمل عبد العاطي سفيراً لمصر في ألمانيا من 2015 حتى 2019. ووقع أول اتفاقية مصرية - ألمانية بشأن مكافحة «الهجرة غير المشروعة»، ونال تكريماً ألمانياً رفيعاً في2020 عبر «وسام صليب الاستحقاق». كما شغل عبد العاطي، منصب سفير مصر لدى مملكة بلجيكا ودوقية لوكسمبورغ والاتحاد الأوروبي من مارس (آذار) 2022، ومنصب مندوب مصر الدائم لدى حلف الناتو، ونائب مساعد وزير الخارجية للاتحاد الأوروبي وغرب أوروبا، فيما وصفته صحيفة «الأهرام» المصرية الرسمية، الأربعاء، بأنه «مهندس العلاقات المصرية - الأوروبية».

وكان عبد العاطي، مسؤولاً داخل وزارة الخارجية عن ملف الشؤون الأفريقية، ومديراً لشؤون فلسطين، ومتحدثاً باسم الوزارة بين 2013 و2015، وترأس الوفد المصري في اجتماع دول جوار ليبيا في 2014.

وقال عبد العاطي في تصريحات صحافية أدلى بها عقب إدلائه بالقسم، إن منطقة الشرق الأوسط «تموج بالصراعات والأزمات من جميع الاتجاهات، وإن الاتحاد الأوروبي والشركاء الغربيين لم يجدوا دولة يعتمدون عليها في حفظ الأمن والاستقرار مثل مصر».

فلسطينيون ينظرون إلى الدمار بعد غارة إسرائيلية على رفح بقطاع غزة (أ.ب)

ويعتقد الوزير المصري أن ذلك «هو الوضع أيضاً بالنسبة لباقي دول العالم التي تحرص على أن يكون دور القاهرة مهماً ونشيطاً حتى لا يحدث في المنطقة أزمات أكثر مما هو قائم بالفعل»، مشدداً على أن مصر كانت وستكون «ركيزة الاستقرار في هذه المنطقة».

لا تغيير

إلا أن حنفي يرى أن «مسار الدبلوماسية المصرية لن يشهد تغييراً مع عبد العاطي»، موضحاً أن «مصر لديها سياسة خارجية عريقة وثوابت لا تتغير بتغيير الأشخاص». وتعهد عبد العاطي في بيان للخارجية المصرية «باستكمال مسيرة من سبقوه في تولي هذه المسؤولية في الدفاع عن المصالح المصرية وأمن مصر القومي، والاهتداء بالخطى والتوجيهات التي رسمها الرئيس المصري للحكومة الجديدة».

ويعتقد الحفني أن أبرز الملفات التي ستكون على طاولة الوزير الجديد «هي الملفات السابقة نفسها للوزير شكري، وفي مقدمتها ملف غزة والمفاوضات لوقف الحرب المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي». لكن الحفني يشير أيضاً إلى أنه «سيكون هناك اهتمام أكبر بملف العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، فضلاً عن الملفات المستمرة كـ(سد النهضة) والصراعات في السودان وليبيا واليمن وسوريا».


مقالات ذات صلة

جدل في مصر حول شهادة دكتوراه وزير التعليم الجديد

شمال افريقيا وزير التعليم خلال جولته في ديوان الوزارة (حساب الوزارة على فيسبوك)

جدل في مصر حول شهادة دكتوراه وزير التعليم الجديد

تحولت الدرجة العلمية (الدكتوراه) التي حصل عليها وزير التربية والتعليم والتعليم الفني في الحكومة المصرية الجديدة، محمد عبد اللطيف، إلى مادة للجدل.

أحمد عدلي (القاهرة)
شمال افريقيا مشاركون في مؤتمر لقوى سياسية سودانية بالقاهرة مايو الماضي (الشرق الأوسط)

«قوى سودانية» تجتمع في القاهرة بحثاً عن «توافق» لوقف الحرب

دعت مصر إلى مؤتمر يجمع القوى السياسية السودانية بهدف «الوصول لتوافق حول سبل بناء السلام الشامل والدائم في السودان».

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا شيخ الأزهر خلال كلمته في الاحتفالية التي نظمتها «جامعة العلوم الإسلامية الماليزية» (مشيخة الأزهر)

شيخ الأزهر: مأساة فلسطين «جريمة إبادة جماعية» تجاوزت بشاعتها كل الحدود

لفت شيخ الأزهر إلى أن «ظاهرة جرأة البعض على التكفير والتفسيق وما تسوغه من استباحة للنفوس والأعراض والأموال، هي ظاهرة كفيلة بهدم المجتمع الإسلامي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا سفن شحن تعبر قناة السويس المصرية (صفحة هيئة قناة السويس على فيسبوك)

مصر: خطط تسويقية «مرنة» بقناة السويس لمواجهة «توترات» البحر الأحمر

وضعت هيئة قناة السويس المصرية خطة تسويقية ضمن ما وصفته بـ«استراتيجية مرنة» تستهدف «تقليل تأثير تداعيات الأزمة على سلاسل الإمداد العالمية».

فتحية الدخاخني (القاهرة)
شمال افريقيا الوزير بدر عبد العاطي (وزارة الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج)

مصر تدعو مجدداً لوقف فوري لإطلاق النار في غزة

شددت مصر مجدداً على «أهمية الوقف الفوري لإطلاق النار في قطاع غزة والالتزام بقرارات الشرعية الدولية واحترام القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

جدل في مصر حول شهادة دكتوراه وزير التعليم الجديد

وزير التعليم خلال جولته في ديوان الوزارة (حساب الوزارة على فيسبوك)
وزير التعليم خلال جولته في ديوان الوزارة (حساب الوزارة على فيسبوك)
TT

جدل في مصر حول شهادة دكتوراه وزير التعليم الجديد

وزير التعليم خلال جولته في ديوان الوزارة (حساب الوزارة على فيسبوك)
وزير التعليم خلال جولته في ديوان الوزارة (حساب الوزارة على فيسبوك)

تحولت الدرجة العلمية (الدكتوراه) التي حصل عليها وزير التربية والتعليم والتعليم الفني في الحكومة المصرية الجديدة، محمد عبد اللطيف، إلى مادة للجدل على مواقع التواصل الاجتماعي، عقب تأدية الوزير اليمين الدستورية، الأربعاء.

واتخذ الجدل «السوشيالي» طابعاً جاداً ورسمياً بعدما تقدم المحامي عمرو عبد السلام ببلاغ إلى النائب العام المصري للمطالبة بـ«التحقيق مع الوزير»، فيما يجري تداوله عن حصوله على درجة الدكتوراه من جامعة «كارديف سيتي» الأميركية، وهي «إحدى الجامعات التي تمنح الدكتوراه مقابل رسوم مالية تبلغ 10 آلاف دولار»، وفق ما ذُكر على موقع الجامعة الإلكتروني. (الدولار الأميركي يساوي 48 جنيهاً في البنوك المصرية).

وأكد عبد السلام في بلاغه الذي حمل رقم 830719 لسنة 2024 أن «الوزير مطالب بالرد وتوضيح الحقائق في ضوء عَدِّ شهادة الدكتوراه أحد معايير المفاضلة بينه وبين بقية المرشحين للمنصب أمام الجهات المعنية". ورأى أنه في حال ثبوت صحة المعلومات المتداولة، فإن ما حدث سيكون بمثابة «جريمة تزوير للدرجة العلمية»، وفق قوله.

ونشرت صفحة «هيئة الرقابة الإدارية» على «فيسبوك»، الجمعة، السير الذاتية لوزراء الحكومة الجديدة، وتضمنت حصول وزير التربية والتعليم على بكالوريوس السياحة والفنادق، والماجستير في «تطوير التعليم» من جامعة لورنس بالولايات المتحدة، والدكتوراه بنظام التعليم عن بُعد في «إدارة وتطوير التعليم» من جامعة كاردف سيتي.

https://www.facebook.com/photo/?fbid=780056480966233&set=pcb.780056857632862&locale=ar_AR

السيرة الذاتية لوزير التعليم حسبما أوردتها الرقابة الإدارية بمصر (صفحة الرقابة الإدارية على فيسبوك)

ووفق المحامي عبد السلام، فإن «البلاغ قيد الفحص بالمكتب الفني للنائب العام». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «مراجعة الدرجات العلمية التي حصل عليها الوزير وتتبُّعها أظهرا أن الجامعة التي ذكر أنه حصل على درجة الماجستير منها لا يوجد فيها قسم للدراسات العليا، وفق ما ذكرت تقارير صحافية سوف أضمنها في بلاغ جديد أتقدم به، السبت، إلى النيابة المصرية».

وأوضح أنه سيطالب النائب العام في بلاغه الجديد بـ«التحقق من جميع الشهادات الدراسية الخاصة بالوزير ومطابقتها بالسجلات الموجودة في المدارس والجامعات المنسوبة إليها لمعرفة المؤهلات الحقيقية التي حصل عليها خلال مراحل التعليم المختلفة سواء داخل مصر أو خارجها».

في السياق نفسه، نشرت مواقع محلية مصرية، الجمعة، تقارير تشير إلى «صحة شهادة الدكتوراه التي حصل عليها وزير التعليم من الولايات المتحدة، وأنه جرى توثيقها في القنصلية المصرية بواشنطن بتاريخ 25 فبراير (شباط) 2014». وأبرزت التقارير «مشاركة الوزير في كثير من الدورات التدريبية بمجالات الإدارة والقيادة والحوكمة، وخبرته الممتدة لأكثر من 25 عاماً في مجال إدارة المؤسسات التعليمية».

وكان رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، قد دعا خلال مؤتمر صحافي، الخميس، إلى «منح الوزراء والمحافظين الجُدد فرصة للعمل من أجل تقييمهم». حديث مدبولي عدَّه مراقبون «رداً على انتقاد عدد من الوزراء والمحافظين الذين أثارت سيرهم الذاتية لغطاً عبر مواقع التواصل خلال الساعات الماضية».

مقر وزارة التربية والتعليم بالعاصمة الإدارية بمصر (حساب الوزارة على فيسبوك)

وعدَّت عضوة لجنة التعليم بمجلس النواب المصري (البرلمان)، النائبة منى عبد العاطي، الأمر «غير جدير بالمناقشة». وبررت ذلك في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، «لكون أسماء المرشحين للوزارات تمر أولاً عبر جهات رقابية تتحقق من السير الذاتية للمرشحين»، إلا أن نائباً برلمانياً آخر فضَّل عدم ذكر اسمه، أكد اعتزامه «تقديم طلب إحاطة بشأن شهادات الوزير المعلنة ومدى سلامة موقفها القانوني». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «الأمر جدير بالمناقشة، ولا يصح تجاهله داخل البرلمان، وهو بحاجة لتوضيح، لكون المعلومات منشورة بوصفها جزءاً من سيرته الذاتية».

في غضون ذلك، «لم يصدر أي تعقيب رسمي من وزارة التربية والتعليم بشأن ما أثير حول شهادات الوزير الجديد، الذي باشر عمله، الخميس، من مقر الوزارة بشكل طبيعي».