دفعت مناشدة السفير الفلسطيني بالقاهرة، دياب اللوح، للسلطات المصرية، «ضرورة استصدار تصاريح إقامة مؤقتة للفلسطينيين الذين وصلوا إلى القاهرة خلال الحرب على غزة، وذلك لأغراض قانونية وإنسانية»، إلى الحديث عن «حاجة عشرات آلاف الغزيين إلى توفيق أوضاع إقامتهم في مصر». وبينما حذر بعض الخبراء الأمنيين من «تداعيات منح تصاريح إقامة للغزيين»، دعا آخرون إلى «ضرورة تحديد ضوابط لإقامتهم في مصر».
وكان السفير الفلسطيني بالقاهرة قد أكد في تصريحات لوكالة «رويترز» للأنباء، «وجود ما يقرب من 100 ألف من سكان غزة في مصر عبروا قطاع غزة منذ بدء الحرب، ويفتقرون إلى الوثائق اللازمة لتسجيل أطفالهم في المدارس أو فتح شركات أو حسابات مصرفية أو السفر أو الحصول على خدمات صحية». وعدّ السفير الفلسطيني أن «التصاريح للغزيين في مصر ستكون بشكل مؤقت، حيث تستهدف فئة من الفلسطينيين في ظرف استثنائي»، كما طالب بـ«منحهم إقامات مؤقتة قابلة للتجديد لحين انتهاء الأزمة في غزة».
ووفق عضوة اتحاد المرأة الفلسطينية بالقاهرة، إيمان بعلوشة، «يواجه عشرات الفلسطينيين المقيمين في مصر تحديات تتعلق بخدمات التعليم والصحة والإقامة». وأوضحت لـ«الشرق الأوسط»، أن «هناك جامعات كثيرة قدمت تسهيلات للطلاب الفلسطينيين بالإعفاء من المصروفات أو تخفيضها، والبعض الآخر يشترط ضرورة تحصيل المصروفات قبل امتحانات نهاية العام، فضلاً عن الصعوبات القانونية الخاصة بتحركات الفلسطينيين داخل مصر أو استئجار وحدات سكنية للإقامة بها بسبب عدم وجود تصاريح الإقامة».
ومنذ بداية الحرب على قطاع غزة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تستقبل مصر حالات استثنائية من المصابين ومرافقيهم للعلاج في المستشفيات المصرية. وقالت عضو اتحاد المرأة الفلسطينية بالقاهرة إن «استخراج تصاريح إقامة ولو مؤقتة سوف يسهل أي تحديات أمام الغزيين»، مضيفة أن «السفير الفلسطيني طالب باستخراج تصاريح مؤقتة للغزيين، بسبب كثرة المطالب التي تتلقاها السفارة الفلسطينية بالقاهرة في هذا الصدد وللتخفيف من ظروف الحرب القاسية».
وفي فبراير (شباط) الماضي، قال محافظ شمال سيناء، محمد عبد الفضيل شوشة، إن «مصر استقبلت منذ بدء العدوان على غزة نحو 1500 من المصابين والمرضى الفلسطينيين من سكان قطاع غزة للعلاج في المستشفيات المصرية، يرافقهم نحو ألفي شخص من أقاربهم».
ورأى مساعد وزير الداخلية المصري الأسبق، محمد نجم، أن «منح تصاريح للفلسطينيين سيفتح الباب أمام باقي الغزيين لترك قطاع غزة، ويشجع على الهجرة من القطاع، وسيسهم في تنفيذ المخطط الإسرائيلي الهادف لتهجير الفلسطينيين من أرضهم»، مشيراً إلى أن «أي إجراء يشجع الفلسطينيين على الهجرة لمصر سوف يشكل أعباء سياسية وأمنية واقتصادية على المجتمع المصري».
وكان رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، قد أكد أخيراً أن «مصر تنفق نحو 10 مليارات دولار سنوياً مقابل استضافة أكثر من 9 ملايين أجنبي يقيمون على أراضيها» (الدولار الأميركي يساوي 47.94 جنيه في البنوك المصرية).
وأضاف نجم لـ«الشرق الأوسط» أن «مصر تقوم بدور محوري في دعم الفلسطينيين بغزة، حيث تتولى تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية بشكل يومي للغزيين في القطاع، وفي الوقت نفسه تتبنى الدفاع عن القضية الفلسطينية وحق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم وإعلان دولة فلسطين المستقلة، كما تقوم باستقبال الحالات الإنسانية والطبية لعلاجهم في المستشفيات المصرية». ولفت في الوقت نفسه إلى أن «الغزيين لا مبرر لانتقالهم لمصر».
وسبق للقاهرة ودول عربية وغربية عدة أن أكدت أكثر من مرة «رفضها تهجير الفلسطينيين داخل أو خارج أراضيهم». وعدّ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي «التهجير» بمثابة «تصفية للقضية».
بينما عدّ مساعد وزير الداخلية المصري الأسبق، أشرف أمين، أن «الإشكالية في منح تصاريح إقامة للغزاويين في مصر، تتمثل في منحها بشكل مطلق، ووقتها سيساعد في هجرة الفلسطينيين من قطاع غزة». لكنه أشار إلى أنه «من المهم أن يتم تقنين إقامة الفلسطينيين الموجودين في مصر، كما الحال في الإجراءات بكل دول العالم». وقال أمين لـ«الشرق الأوسط»، إن «التقنين المقصود به وضع ضوابط محددة للإقامة في مصر، وهذا من شأنه سيساعد في التصدي لمسألة الهجرة من غزة لمصر».