صفاقس على موعد مع سلسلة إضرابات

تضامناً مع 4 نقابيين أوقفتهم أجهزة الأمن التونسية

مدينة صفاقس على موعد مع سلسلة إضرابات (أرشيفية - رويترز)
مدينة صفاقس على موعد مع سلسلة إضرابات (أرشيفية - رويترز)
TT

صفاقس على موعد مع سلسلة إضرابات

مدينة صفاقس على موعد مع سلسلة إضرابات (أرشيفية - رويترز)
مدينة صفاقس على موعد مع سلسلة إضرابات (أرشيفية - رويترز)

إثر تجمع عمالي نُظم في مقر الاتحاد العام الجهوي للشغل (نقابة العمال) في مدينة صفاقس (وسط شرق تونس) الأربعاء، قررت القيادات النقابية في الجهة الدخول في سلسلة من الإضرابات القطاعية التضامنية على أن تتوج بإضراب جهوي عام عن العمل؛ وذلك تضامناً مع أربعة نقابيين أوقفتهم أجهزة الأمن التونسية منذ 20 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي بتهمة تعطيل العمل والاعتداء على موظف وتكوين وفاق إجرامي.

وأوكلت للمكتب التنفيذي الجهوي التابع لاتحاد الشغل مهمة تحديد روزنامة هذه التحركات وآجالها، عادّةً أن اعتقال النقابيين وتوجيه تهم فضفاضة لهم يؤكد على الصفة السياسية للقضية، خاصة بعد السبق الإعلامي في قرار الاعتقال الذي صرح به أحد الوجوه الإعلامية المحسوبة على السلطة الحاكمة بمنبر تلفزيوني قبل إعلام المعنيين بالأمر ولسان دفاعهم وباحث البداية، وهي سابقة خطيرة خلّفت المطالبة بفتح بحث تحقيقي في الغرض ومتابعة كل طرف تورط في ذلك؛ وهو ما يفضح النوايا المسبقة للسلطة المصدِرة هذا القرار، على حد قول عبد الكريم السويسي، عضو المكتب التنفيذي للاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس في تصريح إذاعي.

ويأتي هذا التهديد بالتزامن مع مثول يوسف العوادني، رئيس الاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس، مع ثلاثة قياديين نقابيين، أمام النيابة العمومية التونسية بحال احتفاظ؛ بتهمة تعطيل العمل والاعتداء على موظف وتكوين وفاق إجرامي. وتم إيقاف النقابيين المتهمين على خلفية شكوى تقدّم بها ضدهم موظف في شركة «سونتراك» للنقل البحري بجزيرة قرقنة التونسية.

رئيس الاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس يوسف العوادني (الشرق الأوسط)

وتفاعلاً مع هذه المحاكمة، دعا المكتب التنفيذي للاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس، إلى عقد هيئة إدارية جهوية عاجلة بمقر الاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس، لاتخاذ الإجراءات النضالية كافة دفاعاً عن الاتحاد العام التونسي للشغل وعن قياداته ومسؤوليه النقابيين، عادّاً أن التهم «كيدية وملفقة وتحمل في طياتها خلفيات سياسية»، على حد تعبيره.

وكان نور الدين الطبوبي، رئيس الاتحاد العام التونسي للشغل، قد طالب بإطلاق سراح الموقوفين فوراً وحفظ كلّ القضايا الكيدية الأخرى، داعياً الهيئة الإدارية الوطنية للانعقاد إلى تدارس تطوّرات الأحداث واتخاذ كل القرارات المناسبة دفاعاً عن الحقّ النقابي وعن مناضليه، وحثّ النقابيين كافة على اليقظة والتجند للدفاع عن المنظّمة واستقلاليتها، على حد قوله.

وتساءل الطبوبي خلال تجمع عمالي نظمه الاتحاد الثلاثاء، إحياءً للذكرى الـ73 لأحداث النفيضة النقابية (1950)، قائلاً: «كيف نستطيع في تونس بناء وطن في ظلّ تكريس ثقافة الانتقام والتشفّي؟». وأضاف، أن التونسيين في حاجة إلى ثقافة المصالحة، لكن على قاعدة كلّ من نهب المال العام بالإثبات وكل من تأكد تورطه في الاغتيالات السياسية والعمليات الإرهابية أن يُحاسب ويُحاكم بطريقة عادلة وشفّافة في إطار دولة القانون والمؤسسات، على حد قوله.

ورداً على سؤال حول فقدان نقابة العمال إشعاعها وزخمها خلال الأشهر الماضية مقارنة مع فترة حكم حركة النهضة، قال الطبوبي: إنّ «الاتّحاد حيّ ولن يموت بفضل قواعده ومنتسبيه المخلصين للوطن ولدماء الشهداء».

وأوضح أنّ للاتحاد ضوابط ومؤسسات تحدّد خياراته وبرامجه، وهو جزء لا يتجزأ من المشهد العام، مستدركاً القول بأنه «لا يجب أن يلقى على عاتقه كلّ الإشكاليات والتراكمات والهنات وضعف الطبقة السياسية»، على حد تعبيره في إشارة إلى خفوت دوره وتراجع انخراطه في دعم التحركات الاجتماعية وتضاؤل دوره في المشهد السياسي مقارنة مع الفترة التي سبقت يوم 25 يوليو (تموز) 2021.


مقالات ذات صلة

تونس تسعى لخفض عجز الموازنة إلى 5.5 % في 2025

الاقتصاد منظر عام لشارع الحبيب بورقيبة في وسط تونس (رويترز)

تونس تسعى لخفض عجز الموازنة إلى 5.5 % في 2025

أظهرت أحدث نسخة من مشروع قانون الموازنة التونسية، أن تونس تأمل في خفض عجز الميزانية إلى 5.5 في المائة عام 2025 من 6.3 في المائة متوقعة في 2024.

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا من التظاهرة التي نظّمها أقارب معارضين للرئيس التونسي للمطالبة بالإفراج عنهم (د.ب.أ)

عائلات معارضين تونسيين معتقلين يتظاهرون ضد «الظلم»

تظاهر نحو مائة من أقارب معارضين للرئيس التونسي، بعضهم مسجون منذ ما يقارب العام ونصف العام، لمناسبة عيد الجمهورية للمطالبة بالإفراج عنهم.

«الشرق الأوسط» (تونس)
يوميات الشرق خبير تونسي يتفقد مزرعة تين شوكي موبوءة بالحشرات القرمزية في صفاقس بتونس في 19 يوليو 2024 (رويترز)

الحشرة القرمزية تصيب محاصيل تونس من التين الشوكي (صور)

الحشرة أصبحت تشكل تهديداً كبيراً لمحصول التين الشوكي لأنها تدمر مساحات واسعة من المزارع وتثير قلقاً اقتصادياً كبيراً منذ اكتشافها في تونس لأول مرة عام 2021.

«الشرق الأوسط» (تونس)
المشرق العربي بإمكان العراقيين السفر إلى تونس من دون تأشيرة دخول (أ.ف.ب)

تونس تُعفي العراقيين والإيرانيين من تأشيرة الدخول

أعلنت تونس إعفاء الإيرانيين والعراقيين من تأشيرة الدخول إلى أراضيها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا تونسيون يعاينون الخراف في مركز بيع بمدينة القصرين حيث زادت أسعار الأضاحي بسبب ارتفاع أسعار الأعلاف (أ.و.ب)

ارتفاع أسعار أضاحي العيد يقض مضجع التونسيين

أعداد كبيرة من التونسيين عبرت عن تذمرها وشكواها من ارتفاع أسعار أضاحي العيد، وهو ارتفاع كبير وغير منتظر، وأصبح يقض مضجع جل الآباء التونسيين.

«الشرق الأوسط» (تونس)

مطالب بالتحقيق في «وقائع فساد» كشفها «المحاسبة» الليبي

الدبيبة وشكشك رئيس ديوان المحاسبة في ليبيا (ديوان المحاسبة)
الدبيبة وشكشك رئيس ديوان المحاسبة في ليبيا (ديوان المحاسبة)
TT

مطالب بالتحقيق في «وقائع فساد» كشفها «المحاسبة» الليبي

الدبيبة وشكشك رئيس ديوان المحاسبة في ليبيا (ديوان المحاسبة)
الدبيبة وشكشك رئيس ديوان المحاسبة في ليبيا (ديوان المحاسبة)

فتح تقرير ديوان المحاسبة الليبي لعام 2023، الذي تم تسريبه قبل صدوره رسمياً، باباً جديداً من الانتقادات الموجهة للسلطة التنفيذية في طرابلس والمؤسسات التابعة لها، بعدما كشف عن «وقائع فساد»، وسط مطالب سياسية ومجتمعية بفتح تحقيق فيما تضمنه من تجاوزات.

وتنوعت أشكال الإنفاق و«التجاوزات المالية»، التي أوردها تقرير الديوان، الذي يعدّ أكبر جهاز رقابي في ليبيا، بين رواتب قطاع السفارات والقنصليات والبعثات الليبية لـ3478 موظفاً، منهم 1923 دبلوماسياً، و1555 عمالة محلية، والإنفاق ببذخ على شراء سيارات فارهة للمسؤولين، واستئجار طائرات خاصة.

المنفي والدبيبة في لقاء سابق (المجلس الرئاسي الليبي)

وأفاد التقرير بأن رواتب قطاع السفارات والقنصليات والبعثات وصل إلى 1.5 مليار دينار. (الدولار يساوي 4.8 دينار في السوق الرسمية)، كما أظهر تخصيص قرابة 50 مليون دينار لبند «سيارات»، وقرابة نصف مليار دينار للتدريب ضمن نفقات المؤسسة الوطنية للنفط.

ورغم ما كشف عنه التقرير من «تجاوزات مالية» أثارت حفيظة جل الليبيين الذين يعانون في صرف رواتبهم الشهرية، فقد قال عضو مجلس النواب، جبريل أوحيدة: «ما نتوقعه من فساد وهدر للمال العام أكبر مما ورد في تقرير ديوان المحاسبة».

شكشك رئيس ديوان المحاسبة في ليبيا (ديوان المحاسبة)

كما رصد التقرير إنفاق نفقات بدل سكن موظفي ديوان مجلس الوزراء ما مجموعه 847 ألف دينار، وسداد الحكومة 316.44 ألف دينار مقابل حجوزات فندقية لفترات طويلة لأشخاص، دون توضيح صفاتهم أو تبعيتهم، إلى جانب صرف 717 ألف دينار لشركة (ر. ال) التموينية، مقابل خدمات إعاشة استمرت بالوتيرة نفسها حتى في شهر رمضان.

وأرجع أوحيدة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» ازدياد حجم التجاوزات المالية إلى «غياب المتابعة والمحاسبة، وشرعنة الأجسام التنفيذية من الخارج، والصرف بترتيبات مالية خارج قوانين الميزانية، وما إلى ذلك من انقسام وفوضى».

النائب العام المستشار الصديق الصور (المكتب الإعلامي للنائب العام)

ولم يستثن التقرير أي جهاز من الأجهزة الليبية، حيث رصد إنفاق 10 آلاف دولار مقابل إقامة وفود رئاسية لليلة الوحدة في جناح فندقي خلال زيارتها إلى نيويورك، رغم وجود مقر ليبي لضيافة الشخصيات المرموقة. كما تضمن التقرير صرف 720 ألف دينار، مقابل توفير طائرة لنقل نائب رئيس المجلس الرئاسي إلى دولة غينيا مؤخراً.

وأظهر التقرير أيضاً توسع حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، في الإنفاق بشكل كبير، بداية من الصرف على «رحلات الطيران» قيمتها أكثر من مليوني ونصف مليون، وصولاً إلى إنفاقها 665 ألف دينار على «إحياء ليلة القدر» خلال شهر رمضان الماضي، بالإضافة إلى تخصيص نحو نصف مليون دينار لإقامة ندوة تتعلق بالانتخابات.

وقال الباحث والمحلل السياسي الليبي، محمد إمطيريد، إن هذه المخالفات ستتطلب إجراء تحقيقات موسعة ضد حكومة الدبيبة، متوقعاً أن يبدأ خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة، في التحرك، وكذلك النائب العام المستشار الصديق الصور.

إمطيريد توقع أن يبدأ خالد المشري في التحرك للتحقيق في التجاوزات التي أبرزها التقرير (المكتب الإعلامي للمجلس)

ورأى إمطيريد، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن ظهور هذه التقارير عادة ما يستهدف إزاحة الحكومة، وهو ما يقصد به راهناً الدبيبة، وذكّر بالتقارير التي أصدرها الديوان في الأعوام السابقة ضد حكومة فائز السراج السابقة، والصديق الكبير، محافظ المصرف المركزي المقال.

ويعتقد إمطيريد أن الولايات المتحدة «تقف وراء صدور مثل هذه التقارير. وديوان المحاسبة يبدأ في الضغط عندما يأخذ الضوء الأخضر منها ومن لندن، ويعمل على تحقيق رغبات المجتمع الدولي بالضغط، الذي يكون ربما لإنهاء حالة الخمول السياسي في ليبيا، وتحقيق الاستقرار».

لكن «الديوان» استبق تلك الاتهامات، وحذر من «الانحراف بالتقرير عن مساره المهني والموضوعي، واستغلاله في الصراعات السياسية أو لتحقيق أغراض خاصة». ودافع عن نفسه قائلاً إنه يمارس مهامه، وفقاً للقانون والمعايير الدولية، وأوضح أنه يهدف إلى تعزيز الشفافية والمساءلة والنزاهة في بيئة القطاع العام، ومعالجة أوجه عدم الالتزام، أو القصور والضعف في الأنظمة والسياسات المعمول بها، بما يضمن حسن إدارة المال العام وتوجيهه بالشكل الصحيح.

يشار إلى أن تقرير 2022 تضمن أيضاً «وقائع فساد» كثيرة، بداية من «اختلاس المال العام عن طريق عقود وهمية»، «والتوسع في إبرام عقود للتوريد»، بالإضافة إلى إنفاق الملايين على شراء سيارات، فضلاً عن إقامة أشخاص لا تربطهم علاقة وظيفية بديوان الحكومة في فنادق خارج البلاد.

وإلى جانب ما رصده التقرير من «تضخم الرواتب في وزارة الداخلية، والإسراف في التكليف المباشر والتعاقدات غير الضرورية»، تحدث أيضاً عن «سوء إدارة الموارد والمخصصات المالية في وزارة الدفاع»، بالإضافة إلى «الانحراف في توجيهها عن التوجيه السليم بما يخدم بناء وتنظيم المؤسسة العسكرية».

وأمام استفحال التجاوزات ووقائع الفساد، تساءل أوحيدة: «مَن سيحاسب من في ظل هذا النهب للمال العام؟».

وللعلم، فإن مكتب النائب العام فتح تحقيقات عديدة فيما تضمنه تقرير الديوان لعام 2022.