أنزلت محكمة الجنايات بالضاحية الشرقية للعاصمة الجزائرية، الاثنين، عقوبة السجن 15 سنة مع التنفيذ بنجل رئيس الحكومة ومرشح انتخابات الرئاسة سابقاً علي بن فليس، بتهمة «التخابر لمصلحة أجنبية ببيع أسرار لها»، و«محاولة إلحاق ضرر بالاقتصاد الوطني».
وشملت الأحكام، السجن 7 سنوات مع التنفيذ بحق عضو «لجنة الصفقات» بشركة «الخطوط الجوية الجزائرية» المملوكة للدولة، والعقوبة ذاتها لمضيفة طيران في الشركة، علماً بأن نجل بن فليس، وافق بن فليس، هو صاحب شركة نشطة في مجال الإطعام لفائدة شركة الطيران الوحيدة في البلاد، واتُّهم في هذه القضية بـ«غسل أموال واستعمالها في حملة انتخابات الرئاسة (2019) لمصلحة والده المترشح».
كانت النيابة قد التمست الإعدام ضد وافق بن فليس (45 سنة)، والسجن 20 سنة ضد المتهمين الآخرين. وحسب التحقيقات التي أجراها قسم الشرطة المختص في «الإجرام الإلكتروني»، حصل وافق، بطرق غير قانونية، على معطيات يتضمنها «دفتر أعباء» خاص بصفقة شراء 15 طائرة، بغرض تسليمها إلى شركات أجنبية نشطة في مجال الطيران المدني، مقابل الحصول على أموال. وقال ممثل النيابة في مرافعته، إنه تسلم عمولة قدرها 50 مليون دولار. مبرزاً أن «الأفعال التي تورط فيها السيد بن فليس، مصنفة من أسرار الدولة الحساسة التي تطول الاقتصاد الوطني وأمن البلاد، وعقوبتها الإعدام»، وذلك في إشارة إلى ما ينص عليه قانون الجنايات في مثل هذه الوقائع. ومما جاء في التحقيقات، أن المتهمين الآخرين، «كانا شريكين له في بيع المعلومات المتعلقة بالصفقة»، التي أُعلن عنها في مجلس للوزراء في مايو (أيار) 2022 وقُدِّرت قيمتها بـ1.5 مليار دولار.
وأفضت التحقيقات في هذه القضية إلى وجود «علاقة مفترضة لوافق بن فليس، مع حملة ترشح والده علي بن فليس لانتخابات الرئاسة التي جرت نهاية 2019»، وهو محل شبهة «استعمال عائدات غسل أموال، لإيصال والده إلى قصر المرادية».
يشار إلى أن وافق يدير مكتب محاماة ويملك جنسية ثانية، كندية. وقد نفى، في أثناء المحاكمة، كل وقائع «الفساد المالي» و«بيع أسرار إلى جهة أجنبية»، كما كذَّب أن تكون له صلة بنشاط والده السياسي بما في ذلك ترشحه للرئاسة. مؤكداً أنه «يحب بلده» وأنه «يتحدر من عائلة شاركت في ثورة التحرير ضد الاستعمار، وبالتالي لا يمكن أن أخون وطني». وأكدت مصادر مقرَّبة من العائلة أن بن فليس، «يتعاطى بحساسية شديدة مع مسألة إقحامه في قضية نجله، ويرفض الخوض في هذا الموضوع من الأساس».
والمعروف أن بن فليس (79 سنة) كان وزيراً للعدل مطلع تسعينيات القرن الماضي، وترأس الحكومة من 2000 إلى 2003، خلال الولاية الأولى للرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة. ووقع الطلاق بينهما عشية انتخابات الرئاسة 2004. بسبب رغبة بن فليس دخول المنافسة ضد الرئيس المترشح، الذي فاز في نهاية المطاف. وبعد سنوات قضاها بعيداً عن السياسة، أطلق بن فليس حزباً معارضاً، وعاود الترشح ضد بوتفليقة في 2014، وخسر المعركة من جديد.
واللافت أن القضاء لم يستدعِ علي بن فليس في أثناء التحقيق في هذه القضية، رغم ربط اتهام ابنه بتجربته في الانتخابات الرئاسية الماضية، التي عرفت وصول عبد المجيد تبون إلى السلطة. كما أنه بات نادر الحضور في الاجتماعات العامة، منذ أن أعلن في 2020 التنحي من حزبه «طلائع الحريات» (أحد كوادره وزير الخارجية الحالي أحمد عطاف)، والابتعاد عن السياسة حالياً، رافضاً طلبات الصحافة إجراء مقابلات معه.