السلطات الجزائرية تعلن مناطق شاسعة «بؤرة وباء»

إحصاء 50 وفاة كل يوم في مناطق جنوب البلاد بسبب تفشي الملاريا والدفتيريا

السكان المتضررون طالبوا الرئيس تبون بـ«تدخل سريع لإنقاذهم من الوباء» (د.ب.أ)
السكان المتضررون طالبوا الرئيس تبون بـ«تدخل سريع لإنقاذهم من الوباء» (د.ب.أ)
TT

السلطات الجزائرية تعلن مناطق شاسعة «بؤرة وباء»

السكان المتضررون طالبوا الرئيس تبون بـ«تدخل سريع لإنقاذهم من الوباء» (د.ب.أ)
السكان المتضررون طالبوا الرئيس تبون بـ«تدخل سريع لإنقاذهم من الوباء» (د.ب.أ)

أعلنت السلطات الجزائرية، السبت، مناطق شاسعة بأقصى الجنوب الشرقي «بؤرة وباء»، وذلك إثر تفشي الملاريا والدفتيريا وسط السكان. وفيما أكدت وزارة الصحة أن «عدوى وصلت إلينا من بلدان مجاورة»، قالت مصادر طبية محلية إن الأضرار التي لحقت بشبكة توزيع المياه الصالحة للشرب في الأيام الأخيرة، بعد الفيضانات التي اجتاحت المنطقة، كانت سبباً في انتشار أوبئة.

لم يجد سكان تيمياوين وتين زاوتين، وبرج باجي مختار، إلا حساباتهم بالإعلام الاجتماعي لإبراز مدى خطورة الوضع الوبائي في مناطقهم، وذلك بنشر صور المصابين منتشرين في الشوارع وعند مداخل المشافي. ووفق ما جاء في هذه الحسابات، فإن هذه المناطق تواجه الدفتيريا والملاريا منذ 25 من سبتمبر (أيلول) الحالي. وأبرز أصحابها أن الأمطار الغزيرة التي هطلت على هذه المناطق الصحراوية، الأسبوع الماضي، تسببت في اختلاط مياه الشرب مع مياه الصرف الصحي، ما أدى إلى مئات الإصابات، حسبهم، مبرزين أن عدداً من المصابين توفوا بسبب عدم توفر الرعاية الصحية اللازمة.

صورة لمصابين بالملاريا ضاقت بهم المصحات والمشافي (متداول)

وأطلق أحد سكان تيمياوين عبر حسابه بـ«فيسبوك»، الجمعة، نداء استغاثة إلى «جميع السلطات العليا في البلاد، من رئيسة الهلال الأحمر الجزائري، إلى وزارة الصحة ورئيس الجمهورية»، مطالباً بـ«تدخل سريع في الشريط الحدودي مع مالي، خصوصاً في تين زاوتين تيمياوين، و إن قزام، وبرج باجي مختار، لإنقاذنا من الوباء». مبرزاً أن هذه المناطق «تشهد إصابات كثيرة بحمى الملاريا والدفتيريا، وانتشاراً سريعاً للمرض». ووفق صاحب الحساب، «يتم إحصاء 50 وفاة كل يوم في مناطقنا».

وكتبت صفحة «كل شيء عن تمنغست» (أشهر مدن الصحراء)، أن الملاريا والدفتيريا والبوحمرون «تضرب بقوة... وفيات بالعشرات يومياً، وغياب تام لمخطط استعجالي من الجهات المختصة والمسؤولين لإنقاذ الأرواح، وتوفير المستلزمات الضرورية للعيادات المحلية لتقديم خدمات أفضل للمرضى».

وأرفق مسير الصفحة المنشور بعدة صور لعشرات المصابين وهم ملقون على الأرض، في محيط المشافي والمصحات، التي لم تعد قادرة على تقديم خدماتها، بسبب كثرة المرضى وزيادة أعدادهم بمرور الساعات. وحتى سيارات الإسعاف المتوفرة لم تعد كافية لنقل المصابين إلى مصحات المحافظات المجاورة، التي تبعد نحو 600 كيلومتر.

سيارات الإسعاف المتوفرة لم تعد كافية لنقل المصابين إلى مصحات المحافظات المجاورة (الشرق الأوسط)

من جهتها، قالت وزارة الصحة في بيان إنها «تطمئن» سكان المناطق المتضررة من الوباء، بأنها «ستتكفل بكل حالات الإصابة، وفق بروتوكولات العلاج المعمول بها».

وأكدت أنها «تتابع يومياً الوضع الوبائي على المستويين المركزي و المحلي». موضحة أن ما تشهده هذه المناطق، هو «دفتيريا وملاريا وافدة»، في إشارة إلى أن المصابين بالمرضين ينحدرون من بلدان جنوب الصحراء، وهم من نقلوهما إلى مدن الصحراء الجزائرية المتاخمة لحدود هذه البلدان.

وأوضح بيان الوزارة بأن الجزائر «حصلت على شهادة منظمة الصحة العالمية للقضاء على الملاريا»، مشدداً على أن «الحالات التي تم إحصاؤها هي حالات وافدة من بلدان موبوءة»، من دون ذكر أي بلد.

كما أشار إلى أن الوزارة أوفدت، الجمعة، «لجنة طبية متكونة من 14 خبيراً للمناطق المنكوبة، إلى جانب إرسال طائرة محملة بكميات كبيرة من الأدوية، والأمصال المضادة للدفتيريا، ووسائل الحماية اللازمة إلى مناطق تمنراست و إن قزام و برج باجي مختار».

مصاب بالملاريا في مصحة طبية تواجه ضغطاً شديداً بسبب تفشي الوباء (متداول)

وأضافت الوزارة أنها «أوفدت، الخميس، بعثة خبراء إلى ولايتي تمنراست وإن قزام للوقوف على الوضع السائد، وتوفير حصة من الأدوية والأمصال المضادة للدفتيريا. ومن المقرر أيضاً إرسال مهمة ثانية، الأحد، إلى ولاية برج باجي مختار، مجهزة أيضاً بحصة من الأدوية والأمصال المضادة للدفتيريا».

وأوضح بيان الوزارة أن المنتجات والأدوية التي تحدث عنها «يجري توزيعها على مدار السنة (بالمنطقة)، في إطار تقديم الدعم للمؤسسات الصحية، وما يتم نقله خلال هذه المهمات ما هو إلا مكملات إضافية».


مقالات ذات صلة

عودة «اتفاق 1968» إلى الواجهة يضع العلاقات الجزائرية - الفرنسية أمام اختبار جديد

شمال افريقيا مصافحة بين الرئيسين الجزائري والفرنسي قبل تفاقم التوترات بين البلدين (الرئاسة الجزائرية)

عودة «اتفاق 1968» إلى الواجهة يضع العلاقات الجزائرية - الفرنسية أمام اختبار جديد

مبادرة برلمانية فرنسية تهدف إلى تقييم الإنفاق المرتبط بـ«اتفاق 1968»، الذي ينظّم الهجرة في فرنسا بالنسبة للجزائريين، ويُعدُّ من أبرز عناصر الخلاف بين البلدين.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا علي غديري قبل اعتقاله وسجنه (متداولة)

الجزائر: الجنرال علي غديري يغادر السجن وسط تكتم رسمي

استعاد اللواء الجزائري المتقاعد علي غديري حريته بعد انتهاء عقوبة 6 سنوات قضاها في السجن بسبب تصريحات صحافية، رأت فيها قيادة الجيش «تحريضاً للعسكر»

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا من اجتماع سابق لقضاء جزائريين حول تطبيق أحكام قانون مكافحة غسل الأموال (صورة أرشيفية)

رغم الإصلاحات… الجزائر ما تزال تحت مجهر أوروبا في ملف «غسل الأموال»

أعلنت مفوضية الاتحاد الأوروبي، أمس الثلاثاء، إدراج الجزائر ضمن «لائحة الدول عالية المخاطر» في مجال تبييض الأموال

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الروائي الفرنسي الجزائري كمال داود (حسابه بالإعلام الاجتماعي)

الجزائر تلاحق كاتباً بتهمة «نبش جراح المأساة الوطنية»

تُعوِّل الحكومة الجزائرية على اتفاقيات تسليم المطلوبين، التي وقّعتها مع عدة دول، من أجل تسلُّم الروائي الجزائري الشهير كمال داود، المقيم في فرنسا.

شمال افريقيا قائد الجيش الجزائري يتفقد عمل مؤسسة صيانة الأسلحة (وزارة الدفاع الجزائرية)

الجيش الجزائري يؤكد مواصلة تعزيز قدراته الدفاعية «دون هوادة»

أكدت وزارة الدفاع الجزائرية أنها تواصل «دون هوادة، تطوير وتعزيز قدراتها الدفاعية وبناء جيش قوي ومهيب الجانب».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

هل تعود انقطاعات الكهرباء بمصر بعد تعليق إمدادات الغاز الإسرائيلي؟

رئيس الوزراء المصري خلال اجتماع متابعة خطة مخزون المواد البترولية والغاز الطبيعي (مجلس الوزراء المصري)
رئيس الوزراء المصري خلال اجتماع متابعة خطة مخزون المواد البترولية والغاز الطبيعي (مجلس الوزراء المصري)
TT

هل تعود انقطاعات الكهرباء بمصر بعد تعليق إمدادات الغاز الإسرائيلي؟

رئيس الوزراء المصري خلال اجتماع متابعة خطة مخزون المواد البترولية والغاز الطبيعي (مجلس الوزراء المصري)
رئيس الوزراء المصري خلال اجتماع متابعة خطة مخزون المواد البترولية والغاز الطبيعي (مجلس الوزراء المصري)

أثار إعلان حكومي عن تعليق إمدادات الغاز من إسرائيل، في ظل تصاعد الضربات المتبادلة بين إسرائيل وإيران، تساؤلات حول احتمالية تأثر إمدادات الكهرباء في مصر، وحدوث انقطاعات محتملة كما حدث العام الماضي.

وأعرب وزير مصري سابق -في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»- عن قلقه من احتمال حدوث «تأثيرات كبيرة» على الاقتصاد والطاقة جرّاء توقف إمدادات الغاز الإسرائيلي، واستمرار التصعيد بين إسرائيل وإيران.

في حين أكّد المتحدث باسم وزارة الكهرباء المصرية، الدكتور منصور عبد الغني، لـ«الشرق الأوسط» أنه «لا خطط لتخفيف أحمال الكهرباء بمصر».

ومع بدء ضربات إسرائيل لإيران، الجمعة، أكدت وزارة الطاقة الإسرائيلية في بيان إغلاق حقل «ليفياثان» البحري، أكبر حقل غاز طبيعي في البلاد، والرافعة الرئيسية لصادرات الغاز إلى كل من مصر والأردن وأوروبا، من دون الإشارة إلى المدى الزمني لهذه التوقفات أو حجم الإنتاج الذي سيتأثر.

ونبّهت وزارة البترول المصرية، في بيان، مساء الجمعة، إلى أنه «نظراً للأعمال العسكرية التي نشبت بالمنطقة، وتوقف إمدادات الغاز من الشرق (الغاز الإسرائيلي)، قامت الوزارة بتفعيل خطة الطوارئ المعدة مسبقاً، الخاصة بأولويات الإمداد بالغاز الطبيعي».

وتشمل خطة الطوارئ، وفق وزارة البترول، «إيقاف إمدادات الغاز الطبيعي لبعض الأنشطة الصناعية، مع رفع استهلاك محطات الكهرباء للمازوت إلى أقصى كمية متاحة، والتنسيق لتشغيل بعض المحطات بالسولار، وذلك في إجراء احترازي؛ حفاظاً على استقرار شبكة الغاز الطبيعي وعدم اللجوء لتخفيف أحمال شبكة الكهرباء، ترقباً لإعادة ضخ الغاز الطبيعي من الشرق مرة أخرى».

وتزامن مع هذا الإعلان عقد رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، اجتماعاً مساء الجمعة للاطمئنان على خطة تأمين الاحتياجات من المواد البترولية والغاز الطبيعي المطلوبة في القطاعات المختلفة؛ خصوصاً قطاع الكهرباء، لا سيما مع حلول فصل الصيف، وبعد العملية العسكرية الإسرائيلية في إيران، وفق بيان للحكومة المصرية.

واستهل رئيس الوزراء المصري الاجتماع بالإشارة إلى أن «الحكومة لديها خطة لتأمين الاحتياجات المختلفة من المواد البترولية والغاز للقطاعات المختلفة، لا سيما قطاع الكهرباء، الذي يحتاج إلى كميات أكبر من الوقود، مع بدء فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة»، لافتاً إلى أن بلاده «تستهدف هذا العام أن يكون لديها 3 سفن للتغييز، بداية من يوليو (تموز) المقبل، لتكون طاقاتها الاستيعابية 2250 قدماً مكعبة يومياً، في حين كانت هذه الطاقات العام الماضي نحو 1000 قدم مكعبة فقط، كما يتم العمل كذلك على وجود سفينة تغييز رابعة احتياطياً».

وأشار إلى وجود «تعاقدات على شحنات غاز، ولدينا احتياطي ومخزون من المازوت، ونعمل على تأمين مختلف الاحتياجات من المواد البترولية المختلفة».

الشمس تظهر خلف خطوط الكهرباء عالية الجهد وأبراج الكهرباء على طول طريق القاهرة - الغردقة الصحراوي (رويترز)

وتحدّثت تقارير صحافية قبيل الهجمات الإسرائيلية على إيران أن كميات الغاز الإسرائيلي الموردة إلى مصر وفق اتفاق في عام 2020، بدأت الانخفاض على خلفية أعمال صيانة، لتصل إلى 500 مليون قدم مكعبة من الغاز يومياً، بدلاً من مليار قدم مكعبة، ومن المتوقع أيضاً أن يتم خفض آخر خلال يوليو وأغسطس (آب) المقبلين، بسبب ارتفاع الاستهلاك المحلي في إسرائيل.

ويرى وزير البترول المصري الأسبق، أسامة كمال، في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «هذا التوقف ستكون له تأثيرات كبيرة، فبعد أن كانت مصر تستورد من الشرق نحو مليار قدم مكعبة غاز يومياً، بسعر 7.5 دولار على مليون وحدة حرارية، حالياً ستستبدل به المازوت أو السولار أو الغاز المستورد، وفي ظل الظروف الحالية بالمنطقة ستجد السعر تضاعف إلى 15 دولاراً، ومن ثم ستكون هناك تأثيرات اقتصادية على مستوى التكلفة». (الدولار يساوي 49.37 جنيه في البنوك المصرية).

وبشأن المخاوف من امتدادات التأثير لقطاع الكهرباء، أضاف كمال أن «المُعلن رسمياً حتى الآن أنه لن يكون هناك أي تأثير لتوقف الإمدادات على شبكة الكهرباء، وأن الأمر مؤقت فقط، ويخص المصانع»، مؤكداً أن المخاوف تزداد لو استمرت الحرب بين إسرائيل وإيران خاصة، وليس هناك توقع لموعد نهايتها في ظل البدائل المكلفة حالياً، التي سيكون استيرادها محل صعوبة في ظل التوترات بالمنطقة.

وفي ظل المخاوف من التأثيرات على قطاع الكهرباء بالصيف، جدّد مدبولي في تصريحات صحافية، السبت، تأكيده أن الحكومة ملتزمة بتعهداتها بأنه «لا تخفيف للأحمال في فصل الصيف»، موضحاً أن «مصر العام الماضي كانت لديها سفينة تغييز واحدة، وتم وضع خطة ليكون لدينا 3 سفن هذا العام لاستيعاب الزيادة في الكهرباء، وتحسين قدرات محطات الكهرباء».

وأكّد المتحدث باسم وزارة الكهرباء المصرية، الدكتور منصور عبد الغني، لـ«الشرق الأوسط»، أن الوزارة لا تواجه أي مشكلات في الحفاظ على معدلات التشغيل الحالية، مشدداً على ما أعلنته الحكومة بشأن «عدم وجود أي نية لتنفيذ تخفيف للأحمال».

وأشار إلى أن وزارة الكهرباء في ظل التطورات الحالية بالمنطقة رفعت درجة الاستعداد، والعمل يسير بكفاءة وانتظام وفق الخطط الموضوعة، وهناك تعظيم مستمر لمواردها من الطاقة المتجددة ودعم لترشيد الاستهلاك.