«مرشح»... تعريف ما زال رائجاً في ليبيا رغم تأجيل الانتخابات

عضو بـ«تأسيسية الدستور»: مستخدمه «لا يتمتع بأي مركز قانوني»

مشاركون في دورة سابقة للتدريب على مراقبة العملية الانتخابية بليبيا (المفوضية الوطنية العليا للانتخابات)
مشاركون في دورة سابقة للتدريب على مراقبة العملية الانتخابية بليبيا (المفوضية الوطنية العليا للانتخابات)
TT

«مرشح»... تعريف ما زال رائجاً في ليبيا رغم تأجيل الانتخابات

مشاركون في دورة سابقة للتدريب على مراقبة العملية الانتخابية بليبيا (المفوضية الوطنية العليا للانتخابات)
مشاركون في دورة سابقة للتدريب على مراقبة العملية الانتخابية بليبيا (المفوضية الوطنية العليا للانتخابات)

على الرغم من تأجيل إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في ليبيا نهاية عام 2021، لا يزال جل الذين تقدموا بأوراق ترشحهم يتمسكون بلقب «مرشح»، ويصرون عليه في التعريف بأنفسهم، وسط تساؤلات حول ماهية هذا الإصرار.

وتنوعت التفسيرات لهذا التوجه، الذي بات مرصوداً بقوة داخل الساحة السياسية منذ تأجيل الانتخابات السابقة إلى أجل غير مسمى، ما بين من يرى في ذلك سعي البعض لإثبات جديته حيال الترشح كهدف رئيسي لهم ينشدون تحقيقه بقوة، ولذلك يواصلون التذكير به، وبين من يرى أن وراء التمسك بهذا اللقب سعي المرشح لتحقيق مكانة اجتماعية.

الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة» في لقاء سابق بعماد السائح رئيس مفوضية الانتخابات الليبية (حكومة الوحدة)

ويرى عضو الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور الليبي، ضو المنصوري، أنه مع إدراك غالبية الليبيين أن ما يجرى حالياً من مفاوضات، ولقاءات بين القوى السياسية، هو «مجرد صخب إعلامي»، وأن الانتخابات ربما لن تحقق قريباً، يكون استخدام لقب المرشح عند تعريف شخصية ما «مزايدة غير مبررة»، وذلك لتناقضه مع الواقع الراهن، «أي أنه جالب للضرر لا للمنفعة».

وقال المنصوري، وهو أحد الذين أعلنوا خوض السباق الرئاسي في انتخابات 2021، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إنه ومن قدموا أوراق ترشحهم للمفوضية الوطنية العليا للانتخابات «لا يتمتعون بأي مركز قانوني جراء ذلك، رغم تسلم وقبول ملفاتهم».

عماد السائح أكد جاهزية هيئة الانتخابات لإجراء الاقتراع المرتقب (حكومة الوحدة)

وأضاف المنصوري موضحاً أن «الاعتداد بصفة المرشح يتحقق مع إصدار المفوضية القائمة النهائية بأسماء المرشحين للرئاسة، وإجراء الانتخابات فعلياً في موعدها، وهو ما لم يتحقق بعد تأجيل الاستحقاق لأجل غير معلوم»، معبراً عن أسفه «لتمسك البعض باللقب كصفة أبدية لا وضعية مؤقتة، في سعي للترويج لأنفسهم».

وذهب المنصوري إلى أنه من حق أي شخصية التطلع لأي منصب يريده، «لكن هناك كثرة في توظيف اللقب ما بين مرشحين للرئاسة أو البرلمان، وأخيراً المرشحون للحكومة الجديدة».

وتلقت مفوضية الانتخابات أوراق أكثر من 90 مرشحاً للرئاسة في انتخابات عام 2021، وقرابة 5 آلاف مرشح للانتخابات البرلمانية.

وفي رده على ما يوجه له ولغيره من أعضاء الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور، من انتقادات بسبب تمسكهم بتعريف أنفسهم كأعضاء بتلك الهيئة، رغم انتهاء عملها منذ عام 2017، قال المنصوري: «طبقاً للتعديل السابع للإعلان الدستوري فعمل الهيئة التأسيسية لا ينتهي إلا بالاستفتاء على مشروع الدستور».

من جانبه، ألقى المحلل السياسي الليبي، إسلام الحاجي، بالمسؤولية على بعض وسائل الإعلام في تنامي وتزايد «الاستخدام المفرط للقب المرشح»، وقال موضحاً: «كان معلوماً أن المعركة الحقيقة في السباق الرئاسي لعام 2021 بين عدد محدود من الشخصيات السياسية والعسكرية»، لافتاً إلى أن «حظوظ عدد كبير جداً من المرشحين كانت تبدو ضئيلة جداً، خاصة إذا ما أخضعت لتقديرات وتقييمات المراقبين ومراكز استطلاع الرأي».

وأضاف الحاجي أن أغلب هؤلاء «لم يطمحوا في استقطاب كتلة من أصوات الناخبين للبناء عليها في المستقبل، بل أعلنوا ترشحهم لكسب بعض الشعبية والشهرة، والأهم إضافة لقب مرشح رئاسي لسيرتهم الذاتية». مستدركاً: «للأسف رغم انتهاء الانتخابات سريعاً، ظلت بعض المواقع الإعلامية المحلية والإقليمية لا تعارض رغبتهم في توظيف هؤلاء المرشحين اللقب حتى يومنا هذا».

من جهته، أرجع أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة بنغازي، حسين الشارف، تمسك بعض الشخصيات بلقب المرشح «لإثبات وجودها بالساحة السياسية، وحجز مواقعها في السباق الانتخابي المنتظر، بغضّ النظر عن موعد انطلاقه، مع العمل على الاستفادة من اللقب لحين تحقيق ذلك».

ويرى الشارف في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن مناخ الفوضى والصراعات السياسية والمسلحة التي أعقبت «ثورة» 17 فبراير (شباط) «دفعت الجميع للطمع بالسلطة بعيداً عن مؤهلاتهم، وبات الجميع يبحث عن تعزيز نفوذه بأي طريقة، ومنها توظيف الألقاب، بدل تبني المواقف والقضايا الوطنية».


مقالات ذات صلة

السلطات الليبية تسارع لاحتواء تداعيات «فيضانات» غرب البلاد

شمال افريقيا جانب من السيول التي اجتاحت شوارع طرابلس نتيجة الأمطار الغزيرة (أ.ف.ب)

السلطات الليبية تسارع لاحتواء تداعيات «فيضانات» غرب البلاد

سارعت السلطات الليبية إلى احتواء تداعيات «فيضانات» بغرب البلاد، أسفرت عن سقوط قتلى ومفقودين.

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا رئيس المجلس الرئاسي في ليبيا محمد المنفي خلال لقاء سابق مع ستيفاني خوري (المجلس الرئاسي)

ليبيون ينتقدون إقصاء بلدهم من اجتماع دولي خصص لبحث أزمتهم السياسية

وجه سياسيون ليبيون انتقادات إلى اجتماع دولي استضافته لندن على مدار ثلاثة أيام استهدف بحسب القائمين عليه تقديم نهج دولي منسق لتحقيق الاستقرار طويل الأمد في ليبيا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا متطوعو الهلال الأحمر الليبي يحاولون إبعاد سيارة عالقة بالمياه في مدينة الزاوية (الهلال الأحمر)

تحذير من «فيضانات» بعد أمطار غزيرة ضربت غرب ليبيا

أغرقت مياه الأمطار شوارع عديدة في غرب ليبيا، كما طوقت محيط مستشفى ترهونة التعليمي، وعزلت عديد المنازل، وسط جريان أودية وتحذير من «فيضانات محدودة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مشارِكات من غرب وجنوب ليبيا في جلسة تشاورية رعتها البعثة الأممية (البعثة)

الأمم المتحدة تشدد على دعم مشاركة الليبيات في الحياة السياسية

قالت ستيفاني خوري، إن ولاية البعثة الأممية في ليبيا تتضمن العمل مع المؤسسات والسلطات المحلية لضمان مشاركة المرأة الكاملة والفعالة والآمنة على جميع المستويات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من التحضير لمؤتمر «لم الشمل» عقده موالون للنظام السابق (من صفحات موالية لنظام القذافي)

قبائل غرب ليبيا تطالب بإخراج «المرتزقة» والقوات الأجنبية

صعّدت قبائل موالية لنظام الرئيس الراحل معمر القذافي ضد وجود «المرتزقة» والقوات الأجنبية في ليبيا، مطالبين بإخراج هذه العناصر، وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«هدنة غزة»: مصر تكثّف جهودها لإنجاز اتفاق

رد فعل امرأة فلسطينية على مقتل أحد أقاربها في غارة إسرائيلية على دير البلح بوسط قطاع غزة (رويترز)
رد فعل امرأة فلسطينية على مقتل أحد أقاربها في غارة إسرائيلية على دير البلح بوسط قطاع غزة (رويترز)
TT

«هدنة غزة»: مصر تكثّف جهودها لإنجاز اتفاق

رد فعل امرأة فلسطينية على مقتل أحد أقاربها في غارة إسرائيلية على دير البلح بوسط قطاع غزة (رويترز)
رد فعل امرأة فلسطينية على مقتل أحد أقاربها في غارة إسرائيلية على دير البلح بوسط قطاع غزة (رويترز)

جهود مصرية «حثيثة» نحو إبرام اتفاق هدنة في قطاع غزة، وسط أحاديث عن مفاوضات مرتقبة في القاهرة تشي باقتراب إتمام صفقة الرهائن، بالتزامن مع إعلان قطر رسمياً عودتها إلى الوساطة بعد نحو شهر من تعليقها لعدم وجود جدية لدى الأطراف.

ذلك الحراك الذي تزامن مع حديث الدوحة عن «خلافات غير جوهرية» بين «حماس» وإسرائيل، يراه خبراء، تحدثوا مع «الشرق الأوسط»، «اقتراباً أكثر من إنجاز اتفاق في ضوء الحراك المصري والأميركي المتواصل خلال الفترة الأخيرة بشأن إبرام الهدنة وترجيحات إسرائيلية بوجود فرص لإنجاز ذلك الأمر»، وتوقعوا أن تعود المفاوضات قريباً إلى التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار قبل تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، كما طلب أخيراً.

وأكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، السبت، في مؤتمر صحافي بكوبنهاغن، أن هناك «جهوداً مصرية حثيثة للوقف الفوري للحرب في قطاع غزة»، مشيراً إلى أهمية تضافر الجهود لمنع انزلاق المنطقة إلى مواجهة إقليمية واسعة النطاق.

وأفاد مصدر مصري مطلع، في تصريح مقتضب، لـ«الشرق الأوسط»، بأن «مصر تسارع جهودها لإنجاز اتفاق في وقت تبدو فيه شروط إنجازه ناضجة».

وبرأي الأكاديمي المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور أحمد فؤاد أنور، فإن الدور الذي قامت به مصر بشأن التفاهم بين حركتي «فتح» و«حماس» حول إدارة غزة بعد الحرب يؤكد إمكانية التوصل إلى صفقة، فالتقدم الحاصل بين الحركتين برعاية القاهرة يحمل إشارة على القبول بالمقترحات المصرية لوقف النار في غزة، كما أن الزيارة التي قام بها وفد مصري إلى إسرائيل أخيراً تشير إلى أن هناك شوطاً إيجابياً قد قُطع لعقد الصفقة، فهذه الزيارات تحمل نقاشاً غالباً في التفاصيل، وتأتي عندما تظهر مقدمات تفتح الباب للتقدم.

وكانت القاهرة رعت جولة محادثات ثالثة الأسبوع الماضي بين حركتي «فتح» و«حماس»، بعد جولتين أخريين في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر (تشرين الثاني) الماضيين، بشأن تشكيل «هيئة إدارية» لقطاع غزة، يُطلق عليها اسم «اللجنة المجتمعية لمساندة أهالي قطاع غزة».

وأعلنت «حماس»، وفق بيان صحافي صادر عن الحركة، الخميس، «الموافقة على المقترح المصري حول تشكيل لجنة الإسناد المجتمعي عبر آليات وطنية جامعة (لم يذكرها)». وبالتزامن، أشار وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، إلى «وجود فرصة الآن لصفقة الرهائن»، مضيفاً: «إسرائيل جادة في التوصل إلى صفقة رهائن، وآمل في أن نتمكن من القيام بهذا الشيء، والقيام به في أقرب وقت ممكن».

وبحسب أنور، فإن «الجهد المصري المكثّف الذي لا يكلّ ولا يملّ، خصوصاً مع اتفاق إدارة القطاع، يقول إننا أقرب أكثر من أي وقت مضى لرؤية اتفاق هدنة»، مضيفاً: «تؤكد إيجابية تلك الجهود أحاديث إعلامية أميركية عن احتمال إرسال إسرائيل وفداً أمنياً إلى القاهرة لمزيد من التباحث حول التفاصيل، في ظل كون (حماس) اليوم أكثر استعداداً لعقد صفقة، وربما تقديم تنازلات في جزئية الوقف الفوري للحرب».

وكل هذا الحراك المصري والتلميحات الإسرائيلية، قد يؤدي إلى «هدنة قريبة» قبل وصول ترمب إلى السلطة، وفق تقدير المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، مشيراً إلى أن الأمر يتوقف على موافقة إسرائيلية صريحة قد تظهر الاثنين أو الثلاثاء، للجلوس على طاولة المفاوضات بعد مراجعة المقترح الحالي للهدنة الذي يتمثّل في تهدئة قد تصل إلى ما بين 45 و60 يوماً، وتشمل إطلاق سراح الرهائن من كبار السن والأطفال وبعض الأسرى الفلسطينيين وزيادة المساعدات الإغاثية وفتح معبر رفح.

وبعد نحو شهر من تعليق وساطتها وتأكيدها أنها ستستأنفها حين تُظهر إسرائيل و«حماس» «استعداداً وجدية»، أعلنت الدوحة، السبت، العودة إلى نشاط وساطتها، وفق ما ذكر رئيس الوزراء، وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد عبد الرحمن آل ثاني، خلال جلسة بـ«منتدى الدوحة الدولي».

وحسب المسؤول القطري، فإن «الخلافات بشأن الاتفاق بين (حماس) وإسرائيل ليست جوهرية»، مضيفاً: «عدنا إلى دورنا في المفاوضات بشأن غزة، بعد أن رأينا زخماً جديداً بعد انتخاب ترمب، ونتعاون مع إدارته بشأن المفاوضات»، وفق ما نقلته قناة «الجزيرة» القطرية.

وكان رئيس الوزراء القطري قد أفاد، في تصريحات إعلامية، الأربعاء، بأن المسؤولين في بلاده يهدفون إلى التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة قبل تولي ترمب مهام منصبه رسمياً.

وباعتقاد الرقب، فإن الدوحة سبق أن أعلنت قبل نحو شهر تعليق دورها في الوساطة؛ لعدم وجود جدية من الأطراف في التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار بالقطاع، ويعني إعلانها رسمياً العودة وجود مستجدات جديدة وجدية من الأطراف.

وبرأي الرقب، فإن الزخم الذي تقصده الدوحة قد يُراد به الجهود الكبيرة التي تبذلها القاهرة والتي أدت إلى موافقة «حماس» على تشكيل لجنة لـ«إدارة القطاع» بتشكيل مستقل لا توجد فيه، وسط حديث إسرائيل المتكرر عن وجود فرصة لإتمام اتفاق.

ويرى أنور أن ما يعزّز فرص هذه الهدنة أيضاً هذه المرة عودة قطر رسمياً إلى نشاطها، فضلاً عن التطورات الإقليمية المتسارعة خصوصاً في سوريا التي قد تؤثر سلباً في الاهتمام بغزة، وتمنح إسرائيل مساحة أكبر لتنفيذ أجندتها مع تسليط الضوء على سوريا، مضيفاً: «لذلك فالدفع نحو صفقة في غزة مسألة ضرورية الآن، قبل أن يتراجع الاهتمام الدولي بالقضية الفلسطينية».

وأوضح أن «الأيام المقبلة ستكون كاشفة عن نيات إسرائيل، بعد أن أبدت (حماس) مرونة سياسية، مع الخوف من أن يعود نتنياهو إلى اختلاق عراقيل وشروط كلما زاد الحديث عن الصفقة واقتربت الوساطة من تسوية؛ فقد يُزيد ذلك الإشكالات التي تحيط بها كما حدث في الجولات السابقة كافّة»، مضيفاً: «غير أن ما يقلّل ذلك تأكيد ترمب بأهمية إبرام صفقة قبل وصوله إلى السلطة فعلياً في 20 يناير المقبل».