أبو الغيط: لا توجد «إرادة دولية» لوقف عملية إسرائيل رغم الانتهاكات

«الجامعة» تدعو لاحتواء رواية تل أبيب «الزائفة» بشأن الحرب

مقر «جامعة الدول العربية» بالقاهرة (أ.ش.أ)
مقر «جامعة الدول العربية» بالقاهرة (أ.ش.أ)
TT

أبو الغيط: لا توجد «إرادة دولية» لوقف عملية إسرائيل رغم الانتهاكات

مقر «جامعة الدول العربية» بالقاهرة (أ.ش.أ)
مقر «جامعة الدول العربية» بالقاهرة (أ.ش.أ)

أعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط عن أسفه لإخفاق مجلس الأمن في التصويت لصالح قرارين حول الوضع في غزة. مؤكداً أن «هذا الإخفاق يجسد عدم وجود إرادة دولية حقيقية لوضع حد للعملية العسكرية التي يقوم بها الاحتلال الإسرائيلي في القطاع رغم انتهاكها الصارخ للقانون الدولي الإنساني عبر استهدافها للمدنيين». وقال أبو الغيط، في بيان (الخميس)، إن «الإخفاق في التوصل لقرار بمجلس الأمن يضع علامة استفهام كبيرة حول مصداقيته وقدرته على الاضطلاع بمهمته الرئيسية في حفظ الأمن والسلم الدوليين، خاصة أن الدعوة إلى وقف إطلاق فوري للنار مثّلت السبب الرئيسي وراء الفشل في تبني القرارين». كما شدد الأمين العام للجامعة على أن «هناك قوى دولية ترفض وقف إطلاق النار، وتُصر على منح إسرائيل رخصة لتدمير قطاع غزة واستهداف المدنيين تحت مُسمى حق الدفاع عن النفس»، مُضيفاً: «أن هذا الموقف، فضلاً عن عواره الأخلاقي والسياسي، يُسهم في تصعيد الصراع وربما توسيع رقعته، وأن على الأطراف التي تُصر على استمرار هذه الحرب، مع كل ما تمخضت عنه من مآسٍ وكوارث، مراجعة مواقفها والتبصر في عواقب هذه السياسة الخطيرة بمنح إسرائيل الضوء الأخضر لممارسة القتل والتدمير».

وعلى صعيد متصل، دعت «جامعة الدول العربية»، الخميس، لـ«تكثيف الجهد العربي لاحتواء الرواية الإسرائيلية الزائفة عن الحرب في غزة». وأكدت ضرورة العمل على تعزيز الحضور الإعلامي الداعم للقضية الفلسطينية، ولا سيما مع «ازدياد انتشار الخطابات العنيفة المحرِّضة على الكراهية والتطرف العقائدي».

وتحت عنوان «الإعلام العربي في مواجهة الرواية الزائفة حول العدوان الإسرائيلي على غزة»، استضافت «الجامعة العربية» بالقاهرة، الخميس، أعمال الدورة الخاصة لـ«ملتقى قادة الإعلام العربي»، بمشاركة عدد من قيادات وخبراء الإعلام العربي.

وأكد الأمين العام المساعد، رئيس قطاع الإعلام والاتصال بـ«جامعة الدول العربية»، السفير أحمد رشيد خطابي، أن «الهجمات الإسرائيلية المدمّرة على قطاع غزة أدخلت الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في مرحلة بالغة الدقة والخطورة، وأظهرت مدى الحاجة المُلحّة لإيجاد أفق سياسي لهذا الصراع المرير، بالتوصل لتسوية مُنصفة ومستدامة، في إطار قرارات الشرعية الدولية ورؤية حل الدولتين ومبادرة السلام العربية». ونبه إلى أن «كل تأخير أو تقاعس في وقف التصعيد والاحتقان ينذر بانعكاسات وخيمة على الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، كما يؤثر على السِّلم العالمي».

ويستهدف الملتقى وضع استراتيجية عربية لمواجهة الرواية الإسرائيلية للحرب، بينما يستمر القصف الإسرائيلي لقطاع غزة منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي.

وأضاف خطابي أنه «فيما وراء الصور التراجيدية لهذه الهجمات الشرسة على قطاع غزة، الذي يعاني أصلاً من حصار خانق، نشهد حرباً إعلامية، أو بالأحرى حرباً دعائية، من خلال شبكات التواصل الاجتماعي للترويج للرواية الإسرائيلية (الزائفة) بحجب صفحات وإغلاق حسابات، ومنع تدوينات».

وفي حين أشار إلى «غياب المحتوى الفلسطيني في الفضاء الرقمي»، نوّه بأن ما وصفه بـ«شظايا حملات التزييف» امتدت إلى «أجهزة الإعلام الغربي المساندة لإسرائيل، والتي ذهبت إلى حد المساس بالحريات والحقوق، بما فيها قدسية حق المعتقَد وحرية التعبير، ومن ثم إنزال عقوبات أو تحذيرات في حق إعلاميين ومؤثرين ورياضيين وفنانين من الذين أرادوا إسماع الصوت الفلسطيني».

وشهدت الفترة الأخيرة انتقادات لوسائل إعلام غربية، ومواقع تواصل اجتماعي لتبنّيها الرواية الإسرائيلية، حتى إن هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» أحالت صحافيين للتحقيق؛ لـ«دعمهم فلسطين على حساباتهم الشخصية على مواقع التواصل».

خطابي دعا إلى «وضع استراتيجية موحدة للتعامل مع الشركات الإعلامية العالمية، وفي صلبها الدفاع عن المحتوى الفلسطيني على منصات التواصل الاجتماعي»، مشيراً إلى أن «مجلس وزراء الإعلام العرب استحدث أخيراً لجنة برئاسة دولة فلسطين لدعم المحتوى الفلسطيني، بما يتطلب ذلك من مصداقية وإقناع في التعامل مع الرأي العام الدولي».

وبينما ركز خطابي على انتقاد الخطاب الإعلامي الغربي، قال الإعلامي الكويتي ماضي الخميس إن «الأوضاع الراهنة تستدعي تسليط الضوء على التحدي الأكبر الذي يواجه الإعلام العربي». ووصف الخميس الخطاب العربي إعلامياً بأنه «عاطفي ومحدود، وموجه للعرب». وأضاف: «هنا تكمن الكارثة، فلا يخاطب الإعلام العربي أصحاب المشكلة، أو من يتعاطف مع القضية، ولا يجيد إيصال الصوت العربي».

في السياق نفسه دعا رئيس تحرير «وكالة أنباء الشرق الأوسط» الرسمية بمصر، الصحافي علي حسن، في كلمته، إلى «تأسيس شركة إعلامية عربية كبرى، تكون ضمن أنشطتها قنوات إخبارية موجَّهة لدول العالم بلغات متعددة؛ حتى يستمعوا إلى آراء العالم العربي بشأن قضاياه العادلة، وخصوصاً القضية الفلسطينية، والتي ينبغي ألا تُترك أسيرة للروايات الإسرائيلية»، معرباً عن اعتقاده أن «الجامعة العربية هي الأَوْلى برعاية مقترح بهذا الشأن».

من جهته، استعرض مندوب فلسطين لدى «جامعة الدول العربية»، السفير مهند العكلوك، معاناة الشعب في غزة في ظل الحصار والقصف. وقال إن «العالم يدخل عصور الجاهلية مرة أخرى، بعد أن هدم كل قوانين الشرعية الدولية، والمنظومة القائمة على القانون الدولي». وأشار إلى «استخدام الآلة الإعلامية الإسرائيلية مصطلحات غاية في الفظاعة لتجريد الشعب الفلسطيني من إنسانيته».


مقالات ذات صلة

صرخة جندي عائد من غزة: متى سيستيقظ الإسرائيليون؟

شؤون إقليمية جنود في مقبرة بالقدس خلال تشييع رقيب قُتل في غزة يوم 20 نوفمبر (أ.ب)

صرخة جندي عائد من غزة: متى سيستيقظ الإسرائيليون؟

نشرت صحيفة «هآرتس» مقالاً بقلم «مقاتل في جيش الاحتياط»، خدم في كل من لبنان وقطاع غزة. جاء المقال بمثابة صرخة مدوية تدعو إلى وقف الحرب.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شمال افريقيا جانب من محادثات وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي مع نظيره الإيراني في القاهرة الشهر الماضي (الخارجية المصرية)

مصر تطالب بخفض التوترات في المنطقة و«ضبط النفس»

أعرب وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، خلال اتصال هاتفي تلقاه من نظيره الإيراني، عباس عراقجي، مساء الخميس، عن قلق بلاده «من استمرار التصعيد في المنطقة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شؤون إقليمية وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير (رويترز)

ماذا نعرف عن «الخلية الفلسطينية» المتهمة بمحاولة اغتيال بن غفير؟

للمرة الثانية خلال ستة شهور، كشفت المخابرات الإسرائيلية عن محاولة لاغتيال وزير الأمن القومي الإسرائيلي، المتطرف إيتمار بن غفير، الذي يعيش في مستوطنة بمدينة…

نظير مجلي (تل ابيب)
تحليل إخباري فلسطينيون يبحثون عن ضحايا عقب غارة إسرائيلية وسط مدينة غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري حديث إسرائيلي عن «إدارة عسكرية» لغزة يعقّد جهود «الهدنة»

الحديث الإسرائيلي عن خطط لإدارة غزة يراه خبراء، تحدثوا مع «الشرق الأوسط»، بمثابة «تعقيد خطير لجهود التهدئة المتواصلة بالمنطقة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
المشرق العربي المندوب الأميركي البديل لدى الأمم المتحدة روبرت وود يرفع يده لنقض مشروع قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة خلال اجتماع لمجلس الأمن (أ.ف.ب)

أميركا تحبط الإجماع الدولي على المطالبة بوقف إطلاق النار فوراً في غزة

خرجت الولايات المتحدة عن إجماع بقية أعضاء مجلس الأمن لتعطيل مشروع قرار للمطالبة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة، وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين.

علي بردى (واشنطن)

​ليبيون يأملون في إخضاع المتورطين بـ«جرائم حرب» للمحاكمة

صلاة جنازة على اثنين من ضحايا المجازر الجماعية في ترهونة غرب ليبيا) (رابطة ضحايا ترهونة)
صلاة جنازة على اثنين من ضحايا المجازر الجماعية في ترهونة غرب ليبيا) (رابطة ضحايا ترهونة)
TT

​ليبيون يأملون في إخضاع المتورطين بـ«جرائم حرب» للمحاكمة

صلاة جنازة على اثنين من ضحايا المجازر الجماعية في ترهونة غرب ليبيا) (رابطة ضحايا ترهونة)
صلاة جنازة على اثنين من ضحايا المجازر الجماعية في ترهونة غرب ليبيا) (رابطة ضحايا ترهونة)

يأمل ليبيون في إخضاع متهمين بـ«ارتكاب جرائم» خلال السنوات التي تلت إسقاط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي إلى «محاكمة عادلة وسريعة».

وكان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، تحدث ضمن إحاطة أمام مجلس الأمن الأسبوع الماضي، عن «خريطة طريق» لمحاكمة المتهمين في ليبيا من بينهم المتورطون في «المقابر الجماعية» في ترهونة (غرب البلاد).

وقفة احتجاجية لعدد من أهالي ضحايا ترهونة بغرب ليبيا (رابطة ضحايا ترهونة)

ورغم تعهد خان في إحاطته، بالعمل على «قدم وساق لتنفيذ خريطة طريق لاستكمال التحقيقات في جرائم حرب حتى نهاية 2025»، فإنه لم يوضح تفاصيلها، إلا أن عضو «رابطة ضحايا ترهونة» عبد الحكيم أبو نعامة، عبّر عن تفاؤل محاط بالتساؤلات على أساس أن «4 من المطلوبين للجنائية الدولية في جرائم حرب وقعت بالمدينة منذ سنوات لا يزالون خارج قبضة العدالة».

ويقصد أبو نعامة، في تصريح إلى «الشرق الأوسط» قائد الميليشيا عبد الرحيم الشقافي المعروف بـ«الكاني»، إلى جانب فتحي زنكال، ومخلوف دومة، وناصر ضو، فيما يخضع عبد الباري الشقافي ومحمد الصالحين لتصرف النيابة، بعد القبض على الأخير السبت.

ومن بين ملفات اتهام متنوعة في ليبيا، قفزت منذ أشهر إلى مقدمة أجندة المحكمة الدولية جرائم «مقابر جماعية» ارتكبت في ترهونة (غرب ليبيا) إبان سيطرة ما تعرف بـ«ميليشيا الكانيات» بين أبريل (نيسان) 2019 ويونيو (حزيران) 2020، علماً بأن الدائرة التمهيدية لـ«الجنائية الدولية» قرّرت رفع السرية عن ستة أوامر اعتقال لمتهمين في الرابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وينتاب من يتهمون بهذا الملف وأسر ضحايا في ترهونة، القلق مما يرونه «تسييس عمل المحكمة الدولية، وغياب الآلية الفعّالة لتنفيذ مذكرات القبض ضد المتهمين، في ظل وجودهم في بعض الدول»، وفق ما أفاد علي عمر، مدير «منظمة رصد الجرائم في ليبيا» لـ«الشرق الأوسط».

يُشار إلى أن خان، أبلغ مجلس الأمن الدولي عن اتفاقه مع النائب العام الليبي المستشار الصديق الصور، على آلية جديدة للتعاون بين الطرفين، لكنه لم يكشف عن تفاصيلها.

إلى جانب مخاوف «التسييس»، يبدو أن تحديد المدعي العام للجنائية الدولية إطاراً زمنياً للانتهاء من التحقيقات نهاية العام المقبل، قد يكون مثار قلق أكبر لعائلات الضحايا.

ووفق عمر: «قد يفاقم الإفلات من العقاب ويشجع مرتكبي الجرائم الدولية على مواصلة أفعالهم»، مع إيحاء سائد لدى البعض «بعدم وجود نية لملاحقة مرتكبي الجرائم أو فتح جميع ملفات الجرائم التي تندرج تحت اختصاص المحكمة».

ومن بين الاتهامات التي تلاحق «ميليشيا الكانيات» كانت تصفية أغلب نزلاء سجن «القضائية»، و«الدعم المركزي» بترهونة، في 14 سبتمبر (أيلول) 2019، في رواية نقلتها «رابطة ضحايا ترهونة».

ويلاحظ متابعون، أن ظلال الانقسام السياسي انعكست على زيارة خان إلى طرابلس، وفق أستاذ العلوم السياسية الدكتور عبد الواحد القمودي. وعلى نحو أكثر تفصيلاً، يشير مدير «منظمة رصد الجرائم في ليبيا» علي عمر، في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن غياب التعاون من قِبل السلطات في شرق ليبيا وغربها، من بين عراقيل أخرى تقف أمام «نزاهة التحقيقات».

مقبرة جماعية مكتشفة بترهونة (غرب ليبيا) (هيئة التعرف على المفقودين في ليبيا)

في غضون ذلك، فرض الدور الروسي الزائد في ليبيا نفسه على إحاطة خان، أمام مجلس الأمن، بعدما شككت مندوبة روسيا في ولاية المحكمة على الملف الليبي، مذكرة بأن ليبيا «ليست طرفاً في نظام روما الأساسي».

وفي حين يستبعد أمين «المنظمة العربية لحقوق الإنسان» في ليبيا عبد المنعم الحر دوراً روسياً معرقلاً للمحاكمات، فإنه يتفق مع مندوبة روسيا في أن «الإحالة من جانب مجلس الأمن لم تعط المحكمة الجنائية الدولية ولاية مطلقة على ليبيا»، مشيراً إلى أنها «اقتصرت على جرائم حصلت قبل تاريخ 19 فبراير (شباط) 2011».

ويستند الحر، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى نظام روما الخاص بالمحكمة الجنائية الدولية الذي أجاز «التحقيق في جريمة أو أكثر ارتكبت»، وهو «ما يجعل القضايا التي وقعت بعد هذا التاريخ خارج ولاية المحكمة».

وقد يبدو «التفاؤل محدوداً» بمثول المطلوبين في جرائم الحرب بليبيا أمام المحكمة في لاهاي، وفق «مدير منظمة رصد الجرائم»، لكنه يشير إلى مخرج من هذا المأزق، وهو «اتخاذ خطوات أكثر جرأة، تشمل دعماً دولياً لضمان استقلالية التحقيقات، ووضع آلية فعّالة لتنفيذ مذكرات القبض».

وعلى نحو يبدو عملياً، فإن أمين المنظمة العربية لحقوق الإنسان في ليبيا يقترح «حلاً قانونياً بتشكيل محكمة خاصة مختلطة يترأسها قاض ليبي تضم في هيئتها قضاة ليبيين ودوليين، على غرار المحكمة الدولية التي تم إنشاؤها للتحقيق في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري عام 2005».