ينتظر الجيش اللبناني قراراً سياسياً يفترض أن تتخذه الحكومة للانتقال مطلع العام لتنفيذ المرحلة الثانية من الخطة التي كان قد وضعها لحصرية السلاح.
وقد أتت تصريحات رئيس الحكومة نواف سلام عبر «الشرق الأوسط» ليعلن الانتقال قريباً لحصر السلاح بين نهري الليطاني والأولي، لتؤكد أن الأسابيع الأولى من العام الجديد ستكون حاسمة في هذا المجال. إلا أن تشدد «حزب الله» ورفضه رفضاً قاطعاً تسليم سلاحه شمال نهر الليطاني يطرح علامات استفهام كبيرة حول خطة الدولة للتعامل معه، علماً أن مقربين منه عدّوا موقف سلام الأخير «خطوة تنازلية جديدة يسعى إليها لبنان الرسمي من دون أي خطوة مقابلة من الطرف الإسرائيلي».
ويبدو واضحاً أن تعامل الحزب مع ما وصفها بـ«الخطوات التنازلية» التي اضطر للرضوخ إليها جنوب الليطاني، سواء من خلال استلام الجيش سلاحه ومواقعه العسكرية أو امتناعه عن الرد على الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة أو تعيين مدني في الوفد الذي يفاوض إسرائيل، لن يكون مماثلاً لتعامله مع احتمال التوسع لتطبيق خطة حصرية السلاح شمال الليطاني دون موافقته على ذلك.

ويربط الحزب أي خطوة في هذا الاتجاه، بمجموعة شروط، أبرزها انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة، وإعادة الأسرى ووقف الاعتداءات والشروع في إعادة الإعمار، علماً أنه يربط مصير سلاحه شمال النهر بـ«استراتيجية دفاعية وطنية» يتم التفاهم عليها داخلياً.
الواقع العسكري
وحسب المعلومات، فإن عناصر وضباط الجيش التزموا طوال الفترة الماضية خلال مهماتهم بحصر السلاح جنوب الليطاني بتعليمات واضحة بعدم الاقتراب من مواقع شمال الليطاني، علماً أن مصادر أمنية تؤكد أنه وبالتوازي مع المهام الميدانية التي كانت تحصل جنوب النهر كانت هناك إجراءات حاسمة تتخذ شمالاً، أي على مختلف الأراضي اللبنانية، وبالتحديد لجهة منع نقل السلاح كما التصدي لأي محاولات تهريب له على الحدود اللبنانية - السورية.
وعما إذا كان الجيش جاهزاً لاستكمال تنفيذ الخطة التي وضعتها القيادة، وبالتالي الانتقال إلى المنطقة الواقعة بين نهري الليطاني والأولي، تقول المصادر الأمنية لـ«الشرق الأوسط»: «الخطة وُضعت لتُنفَّذ، والانتقال إلى هذه المرحلة يتطلب قراراً سياسياً»، لافتة إلى أن «تشدد (حزب الله) ورفضه التسليم يعني وضع الجيش بمواجهة مع عناصره؛ ما قد يهدد السلم الأهلي، وهو ما يُعدّ خطاً أحمر بالنسبة لرئاسة الجمهورية وقيادة الجيش».
محاذير سحب السلاح بالقوة
ويستبعد أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور هلال خشان انتقال الدولة اللبنانية لتطبيق قرارها حصرية السلاح شمال الليطاني بالقوة، عادَّاً أن «لبنان دولة ناعمة، وهناك دائماً بالنسبة إليها ثغرة بين اتخاذ القرار وتنفيذه».
ويرى خشان في تصريح لـ«الشرق الأوسط» ألا خيارات أمام الدولة، «وهي تحاول أن تماطل وتطالب بتمديد المهلة المعطاة لها لحصر السلاح حتى أواخر عام 2026».

ويؤيد خشان وجهة النظر القائلة بأن محاولة سحب السلاح بالقوة «ستؤدي إلى حرب أهلية وانفراط عقد الجيش وانشقاق الضباط الشيعة»، موضحاً أن «الجيش بتركيبته وعقيدته لا يحارب طائفة أو مجموعة وازنة».
أما عن موقف «حزب الله»، فيرجّح خشان أن يتعاطى الحزب مع أي محاولات لمواجهته بالقوة وفق المنطق القائل «عليّ وعلى أعدائي»، متحدثاً عن «مزاج عام مسيطر لدى الشيعة في لبنان برفض تسليم السلاح؛ لأن ذلك يعني الإطاحة بكل الإنجازات التي تحققت للطائفة خلال أكثر من 40 عاماً». ويضيف: «كما أن الحزب غير مهتم بطروحات تقول بإعطائه امتيازات سياسية مقابل السلاح، فهو الذي بقي مسيطراً على الحياة السياسية في لبنان طوال السنوات الماضية، يُدرك أن امتيازات كهذه لا تدوم».
ويرى خشان أن الحزب وبطرحه الاستراتيجية الدفاعية، «يحاول شراء الوقت لعلمه بأن أي نقاشات داخلية لا يمكن أن تصل إلى نتائج في هذا الملف، وهو ما اختبرناه لسنوات طويلة»، مرجحاً أن «يؤدي هذا الواقع لتصعيد إسرائيلي غير واضح إذا ما كان سيرتقي لحرب».
الحزب يرفض
ويؤكد الكاتب السياسي الدكتور قاسم قصير المطلع من كثب على موقف «حزب الله» أن الحزب «يرفض مطلقاً الانتقال لحصر السلاح شمالي الليطاني ويعدّ أن المسؤولية اليوم أمام الدولة والجيش اللبناني والحكومة لوقف الاعتداءات الإسرائيلية وإنهاء الاحتلال وإطلاق الأسرى»، لافتاً إلى أنه «من غير الواضح بعد كيف ستتم ترجمة عملية الرفض، خاصة بعدما قال الشيخ نعيم قاسم بوضوح في آخر خطاب له إن السلاح مثل الروح والأرض ولن يتم التخلي عنه».
وعما إذا كان الحزب قد يقبل في مرحلة ما مبادلة سلاحه بامتيازات سياسية، يقول قصير لـ«الشرق الأوسط»: «الحزب لا يطالب بامتيازات سياسية مقابل السلاح، لكنه يطالب بوقف الاعتداءات الإسرائيلية، والاحتلال الإسرائيلي، وإطلاق الأسرى، وإعادة الإعمار، ويعلن الاستعداد للحوار حول الاستراتيجية الدفاعية أو القومية... وغير ذلك لا توجد مطالب لدى الحزب».










