البطريرك يازجي: الهجوم الإرهابي على الكنيسة اعتداء على كل سوريا

تشييع جماعي للضحايا... و«الداخلية» تؤكد انتماء المنفذ لـ«داعش»

تشييع جماعي لضحايا تفجير «كنيسة مار إلياس» في حي القصاع (سانا)
تشييع جماعي لضحايا تفجير «كنيسة مار إلياس» في حي القصاع (سانا)
TT

البطريرك يازجي: الهجوم الإرهابي على الكنيسة اعتداء على كل سوريا

تشييع جماعي لضحايا تفجير «كنيسة مار إلياس» في حي القصاع (سانا)
تشييع جماعي لضحايا تفجير «كنيسة مار إلياس» في حي القصاع (سانا)

شهد حي القصاع في العاصمة السورية دمشق الثلاثاء تشييعاً جماعياً مهيباً لضحايا الهجوم الإرهابي على «كنيسة مار إلياس» في حي الدويلعة، وقال بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس يوحنا العاشر يازجي بعد إقامة صلاة الجنازة إن الهجوم الإرهابي «ليس حادثاً فردياً أو معزولاً، بل هو اعتداء صريح على كل سوريا، واستهداف لمكوّن أساسي من نسيج هذا الوطن».

صلاة الجنازة لضحايا تفجير كنيسة الدويلعة (متداولة - فيسبوك)

وأضاف اليازجي، موجها خطابه المباشر إلى الرئيس السوري أحمد الشرع: «إن الجريمة التي وقعت داخل هذه الكنيسة، هي الأولى من نوعها منذ أكثر من مائة عام من تأسيسها، ونحن لا نريد أن تُسجَّل مثل هذه الجرائم في عهدكم»، مشيراً إلى اتصال الرئيس الشرع مع النائب البطريركي لتقديم العزاء وشكره على الاتصال.

وامتلأت جنبات الكنيسة والشوارع المحيطة بالمصلين من أهالي الأحياء المسيحية وذوي الضحايا، وصدحت حناجرهم بصيحات عبرت عن عمق الحزن الذي تسبب به الهجوم على أناس مسالمين، فيما تبنى تنظيم يسمى «سرايا أنصار السنة» التفجير الانتحاري في بيان نشر عبر قناته على تطبيق «تلغرام»، قال فيه إن الفاعل يدعى «محمد زين العابدين أبو عثمان»، وإنه نفّذ العملية رداً على ما وصفه بـ«استفزاز في حق الدعوة »، في إشارة إلى حادثة سابقة شهدها حي الدويلعة لدى دخول سيارة إلى محيط كنيسة مار إلياس بالتزامن مع إقامة صلاة جنازة في الكنيسة قبل نحو شهرين، ما أدى إلى استنفار أهل الحي من مسيحيين ومسلمين بالتعاون مع الأمن العام وطرد السيارة.

تشييع ضحايا تفجير «كنيسة مار إلياس» بدمشق (سانا)

إلا أن الناطق باسم وزارة الداخلية السورية نور الدين البابا أكد في مؤتمر صحافي أن الخلية المنفذة تتبع «داعش» ويتزعمها شخص سوري الجنسية، يدعى محمد عبد الإله الجميلي، ويكنى أبو عماد الجميلي، وهو من سكان منطقة الحجر الأسود في دمشق، وكان يعرف بـ«والي الصحراء»، وقد تعرض اعترافاته المصورة لاحقاً حال الانتهاء من التحقيق معه.

وأشار البابا إلى انتحاريين، «الأول الذي نفذ تفجير الكنيسة الغادر، والثاني الذي ألقي القبض عليه وهو في طريقه لتنفيذ تفجير انتحاري في مقام السيدة زينب في ريف دمشق، فقد قدما إلى دمشق من مخيم الهول، عبر البادية السورية، وتسللا بعد تحرير العاصمة، بمساعدة المدعو أبي عماد الجميلي، مستغلين حالة الفراغ الأمني بداية التحرير، وهما غير سوريين».

المتحدث باسم الداخلية السورية وخلفه أحد الانتحاريين (سانا)

وأعلنت السلطات السورية مساء الاثنين، توقيف عدد من المشتبه بتورطهم في الهجوم الإرهابي خلال عملية أمنية في كفر بطنا بريف دمشق، وقالت إنهم أعضاء خلية مرتبطة بتنظيم «داعش» الإرهابي، كما تم ضبط سترات ناسفة وألغام معدة للتفجير، وذلك بعد ساعات من توجيه الرئيس أحمد الشرع خطابا رسميا قدم فيه العزاء بضحايا الهجوم، وتعهد بأن «ينال المتورطون جزاءهم العادل»، ودعا السوريين إلى «التكاتف والوحدة في مواجهة كل ما يهدد أمن واستقرار سوريا».

عناصر أمنية في محيط الكنيسة الدمشقية (د.ب.أ)

وكانت البطريركية الأرثوذكسية حذرت من «انتهاك حرمة الكنائس»، داعية السلطات إلى «تأمين حماية جميع المواطنين»، فيما شدد المفتي العام للجمهورية الشيخ أسامة الرفاعي على «رفضنا التام استهداف دور العبادة». وأكدت وزارة الداخلية أن «أمن دور العبادة خط أحمر»، متهمة تنظيم «داعش» بالسعي إلى «بث الفرقة الطائفية» و«تشجيع كل مكون في سوريا على حمل السلاح».

كما لاقى الهجوم إدانة دولية واسعة، ودعا المجتمع الدولي السلطات السورية إلى اتخاذ إجراءات ملموسة لحماية الأقليات وضمان مشاركتهم في إدارة المرحلة الانتقالية.


مقالات ذات صلة

اتفاق في السويداء... وقصف إسرائيلي على دمشق

المشرق العربي رجل يسير أمام مقر وزارة الدفاع في دمشق بعد تعرضه لضربات إسرائيلية أمس (أ.ف.ب)

اتفاق في السويداء... وقصف إسرائيلي على دمشق

شنت إسرائيل غارات جوية عنيفة على العاصمة السورية، أمس (الأربعاء)، طالت مبنى وزارة الدفاع ومحيط القصر الرئاسي، في دخول جديد على خط المواجهات بين الحكومة السورية.

«الشرق الأوسط» (دمشق - واشنطن)
شؤون إقليمية عراقجي خلال مشاركته في الاجتماع الوزاري لمنظمة شنغهاي بتيانجين الصينية (الخارجية الإيرانية)

إيران تندد بـ«العدوان السافر» لإسرائيل على سوريا

دان وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، الأربعاء، الضربات الإسرائيلية في سوريا.

المشرق العربي عنصر من قوات الأمن السورية يتفقد الأضرار التي لحقت بمبنى وزارة الدفاع عقب غارات إسرائيلية (أ.ب)

سوريا: العثور على عشرات الجثث بمستشفى السويداء

ذكرت وكالة الأنباء السورية «سانا» نقلاً عن وزارة الصحة، اليوم الأربعاء، أنه جرى العثور على عشرات الجثث داخل مستشفى السويداء في جنوب البلاد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم العربي سوريا تطالب مجلس الأمن الدولي بالانعقاد لبحث تداعيات العدوان الإسرائيلي على أراضيها (د.ب.أ)

مجلس الأمن الدولي يجتمع غداً لبحث الغارات الإسرائيلية على سوريا

أفاد دبلوماسيون وكالة «رويترز»، اليوم الأربعاء، بأن مجلس الأمن الدولي سيجتمع غداً لبحث الغارات الإسرائيلية على سوريا.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم العربي تصاعد دخان كثيف نتيجة قصف إسرائيلي في محيط وزارة الدفاع السورية في دمشق (أ.ف.ب)

استنكار وإدانة عربية ودولية للهجمات الإسرائيلية على سوريا

لقيت الهجمات التي شنتها إسرائيل على سوريا، الأربعاء، إدانات واستنكارات عربية ودولية عدَّتها انتهاكاً للسيادة السورية وخرقاً للقوانين والأعراف.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

من هو جورج عبد الله «المقاتل» اللبناني الذي أمضى نصف عمره في السجن

جورج إبراهيم عبد الله خلال محاكمته بتهمة التواطؤ في مقتل دبلوماسيين (أ.ف.ب)
جورج إبراهيم عبد الله خلال محاكمته بتهمة التواطؤ في مقتل دبلوماسيين (أ.ف.ب)
TT

من هو جورج عبد الله «المقاتل» اللبناني الذي أمضى نصف عمره في السجن

جورج إبراهيم عبد الله خلال محاكمته بتهمة التواطؤ في مقتل دبلوماسيين (أ.ف.ب)
جورج إبراهيم عبد الله خلال محاكمته بتهمة التواطؤ في مقتل دبلوماسيين (أ.ف.ب)

عاد اسم جورج إبراهيم عبد الله (74 عاماً) إلى الواجهة مجدداً مع إعلان القضاء الفرنسي اليوم (الخميس) الإفراج عنه أواخر الشهر الحالي، بعدما أمضى 41 عاماً في السجن جعلت منه أقدم السجناء السياسيين في أوروبا.

فمن هو جورج عبد الله؟

وُلد جورج إبراهيم عبد الله في عام 1951 ببلدة القبيات الشمالية من عائلة لبنانية مارونية متوسطة، وكان والده عنصراً بالجيش اللبناني.

وكان عبد الله شاهداً على نكسة يونيو (حزيران) 1967في مطلع شبابه، حيث أسهمت «هزيمة يونيو» في تشكيل وعي جيل بأكمله تجاه قضايا التحرر والمقاومة.

وفي الـ15 من عمره، انضم جورج عبد الله إلى صفوف الحزب «القومي السوري الاجتماعي»، وكان مناصراً للقضية الفلسطينية في ظل الحرب الأهلية، التي كانت دائرة في لبنان.

منذ صغره تميَّز جورج عبد الله بذكائه وسرعة بديهته وعشقه للقراءة، ما مكَّنه من التخرج في «دار المعلمين» في الأشرفية ببيروت وهو في سن الـ19 من عمره عام 1970، ثم بدأ حياته المهنية مدرساً في مدرسة بمنطقة أكروم بعكار، وبدأ آنذاك وعيه يتبلور نتيجة الأوضاع المأساوية التي تعاني منها المنطقة.

مناهض لـ«الإمبريالية» ومناصر للفلسطينيين

وفي عام 1978 انتقل إلى الجنوب ليشارك في المعارك لصد الاجتياح الإسرائيلي وقتها، حيث أُصيب هناك، وانضم بعدها إلى صفوف «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين»، التي كان يتزعمها جورج حبش، وعُرف عن عبد الله وقتها تقربه الشديد بوديع حداد مؤسس فكرة الجبهة، وتأثره بأفكاره الثورية الماركسية.

وفي عام 1979 قرر الانفصال عن الجبهة، وتأسيس تنظيمه الخاص، فأطلق تنظيم «الفصائل المسلحة الثورية اللبنانية»، وضم عدداً صغيراً من أشقائه وأقربائه وأصدقائه المقربين. وهو تنظيم ماركسي مناهض للإمبريالية.

جورج عبد الله أمضى 41 عاماً في السجن جعلت منه أقدم السجناء السياسيين في أوروبا (إكس)

ونُسبت إلى الحركة مجموعة من أعمال الاغتيال، بما في ذلك مقتل تشارلز راي، نائب الملحق العسكري في السفارة الأميركية بفرنسا، ويعقوب بارسيمانتوف المستشار الثاني في السفارة الإسرائيلية في باريس.

ووفق «وكالة الصحافة الفرنسية»، كانت لديه اتصالات مع حركات وشخصيات صُنفت «إرهابية» مثل «العمل المباشر» (فرنسا) و«الألوية الحمراء» (إيطاليا) ومع كارلوس الفنزويلي، وفصيل «الجيش الأحمر» (ألمانيا).

«أنا مقاتل ولست مجرماً»

وفي أثناء محاكمته بفرنسا، قال جورج مقولته المشهورة: «أنا مقاتل ولست مجرماً»، مؤكداً أن اختياره هذا الطريق كان «رداً على انتهاك حقوق الإنسان في فلسطين»، وأن ما فعله «مقاومة».

خلال محاكمته قال جورج عبد الله جملته الشهيرة: «أنا مقاتل ولست مجرماً» (أ.ف.ب)

الاعتقال

كان جورج عبد الله يقيم في سويسرا، قبل أن يذهب إلى فرنسا لتسليم وديعة شقة أستأجرها، ودخل في عام 1984 إلى مركز للشرطة في ليون، طالباً الحماية من قتلة «الموساد» الذين يطاردونه. واعتقلته الشرطة الفرنسية في مدينة ليون في 24 أكتوبر (تشرين الأول) 1984 بتهمة حيازة جواز جزائري مزور، وحُكم عليه بالسجن 4 سنوات في سجن لانميزان.

ورداً على اعتقاله، اختطفت مجموعته المسلحة الدبلوماسي الفرنسي سيدني جيل بيرول في 23 مارس (آذار) 1985، ووافقت فرنسا على تبادل المعتقلين عبر الجزائر، غير أنها لم تفِ بوعدها بإطلاق سراح جورج عبد الله.

توقيف جورج عبد الله في فرنسا (رويترز)

عبد الله الذي كان حينها يحمل جواز سفر جزائرياً، استخدم جوازات سفر من مالطا والمغرب واليمن لدخول يوغوسلافيا وإيطاليا وإسبانيا وسويسرا وقبرص. لكن السلطات الفرنسية سرعان ما أدركت أن الرجل الذي يجيد اللغة الفرنسية ليس سائحاً، وإنما هو «عبد القادر السعدي»، وهو اسمه الحركي.

وفي مارس 1987، حُكم على جورج عبد الله بالمؤبد بتهمة «التواطؤ في أعمال إرهابية»، والمشاركة في اغتيال الدبلوماسيَّين الأميركي والإسرائيلي.

وبحسب محاميه ومناصريه، فإن محاكمة عبد الله كانت موجهة من قبل قوة أجنبية - في إشارة إلى الولايات المتحدة الأميركية - عارضت طلبات الإفراج عنه.