«حماس» تقترح «الرزمة الشاملة» في غزة... إطلاق جميع الرهائن مقابل وقف الحرب

ألمحت إلى رفضها المقترح الإسرائيلي الأخير

فلسطينيون يتفقدون موقعاً في شمال غزة قصفته إسرائيل يوم 18 أبريل 2025 (رويترز)
فلسطينيون يتفقدون موقعاً في شمال غزة قصفته إسرائيل يوم 18 أبريل 2025 (رويترز)
TT

«حماس» تقترح «الرزمة الشاملة» في غزة... إطلاق جميع الرهائن مقابل وقف الحرب

فلسطينيون يتفقدون موقعاً في شمال غزة قصفته إسرائيل يوم 18 أبريل 2025 (رويترز)
فلسطينيون يتفقدون موقعاً في شمال غزة قصفته إسرائيل يوم 18 أبريل 2025 (رويترز)

باتت حركة «حماس» تعوّل على خيار الصفقة الشاملة من خلال «رزمة واحدة» للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، بعد فشل كل الجهود في تقريب وجهات النظر، وذلك في أعقاب تسلم وفد الحركة مقترحاً إسرائيلياً، بالإضافة إلى بعض الحلول التقريبية من قبل الوسطاء.

وبعد أن تدارست قيادة «حماس» داخلياً، وكذلك مع الفصائل الفلسطينية الأخرى، ما قُدم إليها، رجحت مصادر أنه تم رفض المقترح الإسرائيلي؛ لأنه ينص على نزع سلاح الفصائل ويرفض الانسحاب الإسرائيلي الكامل من القطاع ووقف إطلاق النار بشكل نهائي.

وقال مسؤول إسرائيلي كبير لـ«القناة الـ13» العبرية، ظهر الجمعة، إن تل أبيب لم تتلق من الوسطاء أي رد رسمي من «حماس»، وبالتالي فإن المفاوضات لم تتوقف، دون أن يعقب على تصريحات رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» في غزة ورئيس وفدها المفاوض، خليل الحية.

وفي كلمة مقتضبة، مساء الخميس، أشار الحية بشكل غير مباشر إلى رفض الحركة المقترح الإسرائيلي، مؤكداً استعداداها للدخول في مفاوضات الرزمة الشاملة، بحيث يتم إطلاق سراح جميع المحتجزين الإسرائيليين، مقابل عدد متفق عليه من الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، ووقف تام للحرب، والانسحاب الكامل من القطاع، وبدء الإعمار وإنهاء الحصار.

رؤية «حماس» وتصريحات بوهلر

المبعوث الأميركي للرهائن آدم بوهلر يتحدث في واشنطن يوم 6 مارس (أ.ف.ب)

ولم يتطرق الحية في خطابه إلى مصير حكم غزة بعد انتهاء الحرب، الأمر الذي أثار تساؤلات عدة حول موقف «حماس» من ذلك.

ويبدو أن حركة «حماس» بنت موقفها الجديد، بالتشاور مع الفصائل الفلسطينية، على التصريحات التي أطلقها المبعوث الأميركي لشؤون الرهائن، آدم بوهلر، والتي قال فيها إنه سيضمن وقف الحرب بشكل كامل في حال أفرجت «حماس» عن جميع الرهائن لديها دفعةً واحدة، وهو أمر أكده الحية في كلمته التي أشار فيها إلى موقف بوهلر.

وقال بوهلر إنه من الممكن التواصل مرةً أخرى مع «حماس»، وإنه مرحّب بها إذا كانت ستقدم شيئاً يتطابق مع محدداتنا، مشيراً إلى أن الحركة تعلم موقف الإدارة الأميركية جيداً، وبإمكانها التواصل معنا في أي وقت وإنهاء كل ما يجري في غزة.

وقالت مصادر من «حماس» لـ«الشرق الأوسط»، إن التصريح الرسمي للحية جاء بعد مشاورات مكثفة جرت داخل قيادة الحركة في الأيام الماضية، وتم خلالها إعداد رؤية تقوم على عدة بنود سيتم نقلها للوسطاء، كرد على المقترح الإسرائيلي للخروج من الأزمة القائمة حالياً.

ولم تخف المصادر أن جزءاً من هذه الرؤية يقوم على ما صرح به بوهلر، وكذلك ما نقله للحركة من خلال لقاءات عقدت في الدوحة خلال الأسابيع الماضية..

وقف النار لخمس سنوات

وكشفت المصادر عن أن الرؤية داخل الحركة تقوم على استعدادها وانفتاحها لوقف إطلاق نار طويل يستمر لخمس سنوات بضمانات إقليمية ودولية. كما تشدد الرؤية على أن يتم الاتفاق على صفقة تبادل أسرى شاملة وفق آليات وتوقيتات محددة، مقابل وقف إطلاق النار الدائم، والانسحاب الإسرائيلي الكامل من قطاع غزة، إلى جانب ضمان إعادة الإعمار ورفع الحصار.

وتتضمن الرؤية أيضاً أنه فور الاتفاق على هذا الإطار تتم عودة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل 2 مارس (آذار) الماضي، بما في ذلك وقف العمليات العسكرية، والانسحاب إلى ما كانت عليه القوات الإسرائيلية قبل 17 يناير (كانون الثاني) الماضي، ودخول المساعدات الإنسانية وفق البروتوكول الإنساني المحدد في المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار السابق..

مصير «اليوم التالي»

وعلى الرغم من أن خطاب الحية لم يحمل أي إشارة لحكم غزة في اليوم التالي للحرب، فتوضح الرؤية الداخلية لـ«حماس»، بحسب المصادر، أنها تقبل بتشكيل لجنة فلسطينية من مستقلين تكنوقراط لإدارة القطاع بكامل الصلاحيات والمهام، وفق المقترح المصري للجنة الإسناد المجتمعي.

كما أبدت «حماس»، في إطار الرؤية التي ستُقدم للوسطاء، استعدادها للتوافق الوطني مع كافة الفصائل الفلسطينية، في إطار الاتفاقيات التي جرت بين جميع الفصائل، وكان آخرها اتفاق بكين في العام الماضي.

ويقدر مراقبون أن يكون قبول «حماس» بتشكيل لجنة من مستقلين بمثابة تراجع عن مقترح تشكيل لجنة الإسناد المجتمعي، في ظل رفض السلطة الفلسطينية حتى الآن التعاطي مع تشكيل هذه اللجنة، وتريد أن تكون الحكومة في رام الله هي المسؤولة عن الحكم برمته في قطاع غزة.

وقالت المصادر ذاتها إن هذا ليس تراجعاً، لكن الحركة قدمت الكثير من التسهيلات من أجل أن تتولى اللجنة التي اقترحت مصر تشكيلها لحكم القطاع، إلا أن السلطة الفلسطينية رفضت ما وافقت عليه الحركة مؤخراً بشأن أن يتولى وزير من حكومة محمد مصطفى مسؤولية اللجنة، فيما يكون نائب له من الشخصيات المستقلة في القطاع.

وأشارت المصادر إلى أن إسرائيل أيضاً ترفض خيار تولي السلطة الفلسطينية حكم غزة، مما يزيد المشهد تعقيداً. وأضافت أن قيادة «حماس»، وبحضور فصائل فلسطينية، اجتمعت مع العديد من الشخصيات المستقلة والتكنوقراط في العاصمة المصرية القاهرة خلال الفترة الماضية من أجل أن يكون لها دور في إدارة القطاع مستقبلاً. وأوضحت المصادر أنه تم تقديم أسماء من قبل وفد «حماس» إلى الجانب المصري، كمرشحين لتولي عمل أي لجنة يتم التوافق على توليها مسؤولية إدارة القطاع في مرحلة لاحقة.


مقالات ذات صلة

حرب غزة تضغط على طرفيها... «حماس» وإسرائيل

المشرق العربي طفل فلسطيني يبكي في انتظار الحصول على معونة غذائية في مركز توزيع بمخيم النصيرات وسط قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)

حرب غزة تضغط على طرفيها... «حماس» وإسرائيل

مع اقتراب حرب غزة من دخول شهرها العشرين، تزداد الضغوط على طرفيها الأساسيين، حركة «حماس» وإسرائيل، بشأن جدواها وتكاليفها. ففيما ارتفعت أصوات داخل “الليكود”،

«الشرق الأوسط» (رام الله - غزة)
المشرق العربي جنود من الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة (أرشيفية - رويترز)

الجيش الإسرائيلي يعلن نشر جميع ألوية المشاة والمدرعات العاملة في غزة

قالت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، السبت، إن الجيش الإسرائيلي أعلن نشر جميع ألوية المشاة والمدرعات العاملة بالفعل في الخدمة في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
ثقافة وفنون شخص يجر ممتلكاته في شوارع مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة

سمر يزبك توثّق «روايات أهل غزة عن الإبادة»

قد تكون الروائية السورية سمر يزبك في كتابها الجديد الصادر عن «دار الآداب» حاملاً عنواناً واضحاً ودالاً، «ذاكرة النقصان/ روايات أهل غزة عن الإبادة» هو الكتاب...

سوسن الأبطح (بيروت)
الخليج وزير الخارجية السعودي خلال اجتماع اللجنة الوزارية مع نظيره الفرنسي في باريس الجمعة (أ.ف.ب)

وزير الخارجية السعودي في مدريد... واجتماعات مرتقبة للجنة الوزارية حول تطورات غزة

وصل الأمير فيصل بن فرحان، وزير الخارجية السعودي، إلى مدريد للمشاركة في اجتماع موسع للجنة الوزارية بشأن غزة ومجموعة مدريد وعدد من الدول الأوروبية.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
المشرق العربي صورة من المسيّرات التي خرجت في كندا دعماً لغزة (أ.ف.ب)

كيف انهارت علاقة كندا بإسرائيل بعدما كانت «أفضل صديق»؟

شهدت العلاقة بين كندا وإسرائيل تحولا مفاجئا من النقيض للنقيض، فالحكومة الكندية التي كانت تقف مع إسرائيل وتدافع عنها لسنوت أمام الانتقادات الدولية بسبب سياساتها

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)

حرب غزة تضغط على طرفيها... «حماس» وإسرائيل

طفل فلسطيني يبكي في انتظار الحصول على معونة غذائية في مركز توزيع بمخيم النصيرات وسط قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)
طفل فلسطيني يبكي في انتظار الحصول على معونة غذائية في مركز توزيع بمخيم النصيرات وسط قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)
TT

حرب غزة تضغط على طرفيها... «حماس» وإسرائيل

طفل فلسطيني يبكي في انتظار الحصول على معونة غذائية في مركز توزيع بمخيم النصيرات وسط قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)
طفل فلسطيني يبكي في انتظار الحصول على معونة غذائية في مركز توزيع بمخيم النصيرات وسط قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)

مع اقتراب حرب غزة من دخول شهرها العشرين، تزداد الضغوط على طرفيها الأساسيين، حركة «حماس» وإسرائيل، بشأن جدواها وتكاليفها. ففيما ارتفعت أصوات داخل “الليكود”، حزب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تشكك في جدوى الحرب والقدرة على حسمها، قالت مصادر في «حماس» وأخرى من خارجها إن الحركة تعيش حالياً أصعب مراحلها منذ تأسيسها عام 1987.ففي تصريح نادر، وجّه العضو المفصول من لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، عميت هليفي (من الليكود)، انتقادات لنتنياهو ووزير دفاعه يسرائيل كاتس، مؤكداً أنهما لا يملكان خطة واضحة لحسم الحرب. وقال: «هذه حرب احتيالية. لقد كذبوا علينا بشأن إنجازات الحرب. نحن في خطة قتال فاشلة منذ 20 شهراً. دولة إسرائيل غير قادرة على حسم الحرب مع (حماس)».

في المقابل، أكدت مصادر من «حماس» وأخرى من خارجها لـ«الشرق الأوسط» أن الحركة تواجه أوضاعاً لم تمر بها من قبل، سواء خلال الحرب الحالية أو في فترات سابقة. ولا تقتصر أزمات «حماس» على غزة، بل تمتد إلى الضفة الغربية والخارج، وتحديداً لبنان. وتواجه الحركة أزمات كبيرة اقتصادياً وأمنياً على هذه الجبهات الثلاث، فيما تشهد غزة خصوصاً أزمات إدارية وتراجعاً واضحاً في التأييد الشعبي لـ«حماس».