وفد قضائي فرنسي إلى بيروت لمواكبة التحقيق في انفجار المرفأ

البيطار يستجوب اللواءين عباس إبراهيم وطوني صليبا الجمعة

مروحية تسهم في إخماد حريق انفجار مرفأ بيروت خلال أغسطس 2020 (أرشيفية - أ.ف.ب)
مروحية تسهم في إخماد حريق انفجار مرفأ بيروت خلال أغسطس 2020 (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT
20

وفد قضائي فرنسي إلى بيروت لمواكبة التحقيق في انفجار المرفأ

مروحية تسهم في إخماد حريق انفجار مرفأ بيروت خلال أغسطس 2020 (أرشيفية - أ.ف.ب)
مروحية تسهم في إخماد حريق انفجار مرفأ بيروت خلال أغسطس 2020 (أرشيفية - أ.ف.ب)

عاد التحقيق في ملفّ انفجار مرفأ بيروت إلى دائرة الاهتمام الدولي، ومواكبة الإجراءات التي يقوم بها المحقق العدلي القاضي طارق البيطار. وكشف مصدر قضائي مطلع لـ«الشرق الأوسط» عن أن «وفداً قضائياً فرنسياً سيزور بيروت في الأسبوع الأخير من شهر أبريل (نيسان) الحالي للقاء البيطار، وتبادل المعلومات التي توصل إليها الطرفان في هذا الملفّ».

وأوضح المصدر أن «قاضيين من دائرة التحقيق في باريس سيحضران إلى بيروت، ومعهما تقرير مفصّل بالمعطيات التي توصّل إليها التحقيق الفرنسي الذي انطلق بعد أيام قليلة من وقوع الانفجار في 4 أغسطس (آب) 2020، وذلك جرّاء سقوط 3 قتلى من الجالية الفرنسية وعدد من الجرحى أيضاً، ناهيك بالأضرار المادية التي لحقت بفرنسيين مقيمين في لبنان نتيجة هذا الانفجار».

قاضي التحقيق اللبناني في ملف انفجار مرفأ بيروت طارق البيطار (الوكالة الوطنية للإعلام)
قاضي التحقيق اللبناني في ملف انفجار مرفأ بيروت طارق البيطار (الوكالة الوطنية للإعلام)

وانقطع التواصل بين لبنان والجانب الفرنسي منذ أن علّق البيطار تحقيقاته بفعل عشرات دعاوى الردّ والمخاصمة التي رُفعت ضدّه من سياسيين وأمنيين ملاحقين في الملفّ.

وأوضح المصدر القضائي، الذي رفض ذكر اسمه، أن «قضاة فرنسيين زاروا بيروت مطلع عام 2023، واجتمعوا بالمحقق العدلي وطلبوا تزويدهم بمستندات من الملفّ اللبناني، إلّا إن البيطار أبلغهم باستحالة تلبية طلبهم بسبب تجميد كلّ إجراءاته جراء دعاوى الردّ، وذلك قبل أيام من الدراسة التي أعدها البيطار، وعدّ فيها أن المحقق العدلي جزء من تركيبة المجلس العدلي ولا يجوز ردّه أو مخاصمته».

التحقيق الفرنسي

ولفت المصدر إلى أن القاضيين الفرنسيين «سيسلمان المحقق العدلي اللبناني تقريراً مفصّلاً بنتائج التحقيق الفرنسي، ونتيجة التقرير الفنّي الذي أعدّه خبراء فرنسيون في الأمن والأدلة الجنائية، بعد إجراء مسح شامل لموقع الانفجار ورفع عينات»، مشيراً إلى أن التحقيق الفرنسي «سيكون منفصلاً عن التحقيق اللبناني، رغم التعاون الذي سيفعل بين الطرفين. وأي قرار اتهامي يصدر عن أي منهما لا يلزم الآخر، بمعنى أن القضاء الفرنسي سيجري محاكمات بحقّ من تثبت مسؤوليته عن الانفجار إن كان بالإهمال والتقصير أو بالمسؤولية عن شحن نيترات الأمونيوم إلى مرفأ بيروت وتخزينها بداخله سنوات»،

ولفت إلى أن «القضاء الفرنسي سيبني على الوقائع والأدلة التي يتضمنها القرار الاتهامي للقاضي طارق البيطار، باعتبار أن التحقيق اللبناني هو الأكبر شمولية بسبب العدد الكبير للمدعى عليهم والشهود، والتقارير الفنية من الأجهزة اللبنانية والأجنبية؛ بما فيها تقرير (مكتب التحقيق الفيدرالي - إف بي آي) الأميركي، الذي تسلّمه المحقق العدلي السابق فادي صوان بعد شهرين من وقوع الانفجار».

من اعتصام لأهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت (أرشيفية - الشرق الأوسط)
من اعتصام لأهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت (أرشيفية - الشرق الأوسط)

ويحظى التحقيق اللبناني بمتابعة دول أخرى. وتحدث المصدر القضائي عن «مراجعات تلقاها لبنان في الأيام القليلة الماضية من ألمانيا وهولندا وأستراليا التي سقط لها ضحايا في الانفجار، وذلك لمعرفة آخر مستجدات التحقيق والمدى الزمني الذي سيستغرقه وموعد صدور القرار الاتهامي».

ولا يستبعد المصدر أن «يقود التعاون الفرنسي إلى توسيع دائرة التحقيق؛ مما يضطر البيطار إلى السفر للخارج لإجراء تحقيقات، لكن ذلك يستدعي رفع النيابة العامة التمييزية إشارة منع السفر عن البيطار التي أصدرها النائب العام التمييزي السابق القاضي غسان عويدات». وقال المصدر إن البيطار «لن يطلب من النيابة التمييزية سحب قرار منع السفر عنه، إلّا إذا قررت ذلك من تلقاء نفسها».

استجواب الجنرالَين

ويعقد البيطار جلسة تحقيق يوم الجمعة، خصصها لاستجواب المدير العام السابق للأمن العام، اللواء عباس إبراهيم، الذي أُبلغ شخصياً موعد الجلسة بواسطة النيابة العامة التمييزية التي تولّت تبليغ المدعى عليهم عبر قسم المباحث الجنائية المركزية. كما يستجوب في الجلسة عينها المدير العام السابق لأمن الدولة، اللواء طوني صليبا، الذي أُبلغ مذكرة استدعائه بواسطة زوجته؛ لأنه موجود خارج لبنان.

وبعد جلسة الجمعة ينتظر أن يحدد البيطار مواعيد لاستجواب باقي المدعى عليهم من سياسيين وقضاة. ويرجّح، وفق مصادر مواكبة للتحقيق، أن «يستغرق استجواب هؤلاء شهراً كاملاً، ليختم به مرحلة التحقيق الذي طال لـ5 سنوات، ومن ثم إصدار القرار الاتهامي».


مقالات ذات صلة

لبنان: قتيل في غارة إسرائيلية على سيارة في الجنوب

المشرق العربي أنقاض تظهر في موقع متضرر بعد الضربات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز) play-circle

لبنان: قتيل في غارة إسرائيلية على سيارة في الجنوب

قُتل شخص، الخميس، في غارة إسرائيلية استهدفت سيارة في جنوب لبنان، وفق ما أعلنت وزارة الصحة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي آليات عسكرية للجيش اللبناني في قانا بجنوب لبنان بعد دخول وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» حيز التنفيذ 27 نوفمبر 2024 (رويترز)

الجيش اللبناني فكّك ما يفوق 90 % من بنية «حزب الله» جنوب الليطاني

فكّك الجيش اللبناني «ما يفوق 90 في المائة» من البنى العسكرية العائدة لجماعة «حزب الله» في منطقة جنوب الليطاني المحاذية للحدود مع إسرائيل منذ سريان وقف النار.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي لقاء بين الرئيس اللبناني جوزيف عون ورئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في قصر الشاطئ بأبوظبي (الرئاسة اللبنانية)

قمة لبنانية إماراتية في أبوظبي لمرحلة جديدة من العلاقات المثمرة

بدأ الرئيس اللبناني جوزيف عون زيارة رسمية إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، وذلك تلبية لدعوة من رئيس الدولة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي مقر مصرف لبنان المركزي في بيروت (رويترز)

البرلمان اللبناني يبدأ دراسة مشروع «إعادة هيكلة المصارف»

باشرت لجنة المال والموازنة في مجلس النواب اللبناني، برئاسة النائب إبراهيم كنعان، دراسة «مشروع قانون إعادة تنظيم القطاع المصرفي» الذي أقرته الحكومة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الرئيس اللبناني جوزيف عون مجتمعاً مع الجنرال الأميركي جاسبر جيفرز والجنرال مايكل جيه ليني والسفيرة الأميركية في بيروت ليزا جونسون (رئاسة الجمهورية)

المسؤولون اللبنانيون: اعتداءات إسرائيل تعوق انتشار الجيش ومسيرة تعافي الدولة

جدد المسؤولون اللبنانيون مطالبتهم بانسحاب إسرائيل من المناطق التي تحتلها، ووقف اعتداءاتها التي تعوق انتشار الجيش اللبناني وتنعكس سلباً على مسيرة تعافي الدولة

«الشرق الأوسط» (بيروت)

الإدارة الكردية تناشد دمشق التدخل لوقف الاعتداءات التركية على سد تشرين

مسيّرة تركية تستهدف محيط سد تشرين شرق سوريا (متداولة)
مسيّرة تركية تستهدف محيط سد تشرين شرق سوريا (متداولة)
TT
20

الإدارة الكردية تناشد دمشق التدخل لوقف الاعتداءات التركية على سد تشرين

مسيّرة تركية تستهدف محيط سد تشرين شرق سوريا (متداولة)
مسيّرة تركية تستهدف محيط سد تشرين شرق سوريا (متداولة)

في الوقت الذي حذرت فيه «الإدارة الذاتية لشمال شرقي» سوريا خروج سد تشرين عن الخدمة جراء استمرار الأعمال القتالية في محيطه منذ أشهر؛ كشف مسؤول بارز في هيئة الطاقة عن أن قلة المياه الواردة من الجانب التركي والأضرار الجسيمة التي لحقت بالمحطة، تسببت في عجز ربط السد بالشبكة العامة جراء الأعطال في شبكات التوتر العالي وخروج هذه المنشأة الحيوية عن الخدمة بعدما توصلت الأطراف العسكرية إلى اتفاق يقضي بتولي الحكومة السورية إدارتها.

حكومة دمشق بدأت أعمال الصيانة لسد تشرين (أرشيفية)
حكومة دمشق بدأت أعمال الصيانة لسد تشرين (أرشيفية)

يقول زياد رستم، رئيس هيئة الطاقة بالإدارة الذاتية، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن كمية المياه المقبلة من الجانب التركي وتدخل الأراضي السورية تقدر بنحو 250 متراً مكعباً في الثانية مثل حصة لسوريا والعراق، لافتاً إلى أن «هذه النسبة تشكل ربع الكمية المخصصة لهذا السد الحيوي المتفق عليها دولياً».

وأكد رستم أن هذا الانخفاض يتزامن مع تعرض المنطقة لموسم جفاف استثنائي رافقه زيادة التبخر في البحيرات، ما عرض بحيرة الفرات المجاورة في الطبقة للضغط والاستنزاف، «فالقصف والهجمات المستمرة قد تؤدي لحدوث تصدعات واهتزازات في بنية السد، واحتمالية انهياره في المستقبل القريب وشيكة».

وناشدت الإدارة الذاتية الحكومة في دمشق للتدخل الفوري والإيجابي وعبر قنواتها الرسمية، للضغط على تركيا لوقف اعتداءاتها. وقالت في بيان، (الأربعاء)، على معرفاتها الرسمية: «نطالب دمشق بالضغط على تركيا لتمرير كمية المياه المتفق عليها عبر اتفاقيات رسمية سابقة بين كل من سوريا وتركيا والعراق، والبالغة 500 متر مكعب في الثانية»، وتأمين مصادر طاقة بديلة لتخفيض ضغط الطلب على الطاقة من سدود الفرات.

تأتي هذه التصريحات بعد مؤتمر للأحزاب الكرية السياسية بمدينة القامشلي في 26 أبريل (نيسان)، وبلور موقف كردي موحد للتفاوض مع دمشق تصدرها الدعوة لنظام لامركزي سياسي، ما أثار انتقادات وردود فعل غاضبة من دمشق وأنقرة.

وأوضح المسؤول الكردي، أن خروج سد تشرين عن الخدمة يزيد استنزاف مخزوننا الاستراتيجي، ولفت رستم إلى أن كمية مخزون البحيرة اليوم 298 متراً فوق سطح البحر، في حين كان يبلغ مستواها الطبيعي بنحو 304 أمتار». مشيراً إلى خفض توليد الكهرباء بنسبة 40 في المائة من طاقتها التوليدية: «فرضنا إجراءات صارمة لمرور المياه من السد حفاظاً على المخزون الاستراتيجي بعد أن انخفض منسوب المياه بأكثر من 5 أمتار عمودية، وفقدان 4 مليارات متر مكعب من مياه بحيرة الفرات».

اتفاقات هشة برعاية أميركية

وتوصلت الحكومة السورية والإدارة الذاتية إلى اتفاق برعاية أميركية في 11 أبريل الماضي، يقضي بتشكيل إدارة مشتركة لسد تشرين، على أن يتم تقليص الوجود العسكري وانسحاب جميع الأطراف المتحاربة من محيطه، في خطوة تندرج ضمن اتفاق ثنائي أوسع وقعه رئيس المرحلة الانتقالية أحمد الشرع، وقائد «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، مظلوم عبدي، في مارس (آذار) الماضي، يقضي بدمج مؤسسات الإدارة في هياكل ومؤسسات الدولة السورية.

من جانبها؛ نشرت وكالة «هاوار» الكردية للأنباء، المقربة من الإدارة الذاتية، صوراً ومقاطع فيديو على موقعها الرسمي (الأربعاء)، تظهر وصول قافلة مدنية جديدة من سكان المقاطعات التابعة لها للانضمام إلى حركة الاحتجاجات المستمرة منذ 5 أشهر، ضد ما وصفته بـ«هجمات الاحتلال التركي ومرتزقته وحماية السد من الانهيار».

مظاهرة أهالي الأقاليم الخاضعة لنفوذ الإدارة الذاتية شمال شرقي سوريا قرب سد تشرين (الشرق الأوسط)
مظاهرة أهالي الأقاليم الخاضعة لنفوذ الإدارة الذاتية شمال شرقي سوريا قرب سد تشرين (الشرق الأوسط)

وتزامنت هذه الاحتجاجات مع دخول القوات الحكومية محيط السد وإقامة عدة نقاط عسكرية على أطراف السد الذي يقع في ريف محافظة حلب الشرقي، بعد أن دفعت دمشق بتعزيزات عسكرية من مدينة حلب باتجاه سد تشرين، لفض الاشتباك بين الفصائل السورية المسلحة الموالية لتركيا، وقوات «قسد» التي تتمركز في قرية أبو قلقل على بُعد 7 كيلومترات من السد، بالتوازي مع توجيه أوامر لتشكيلاتها برفع الجاهزية القتالية.

وبحسب مصادر كردية ووكالة «هاوار» عاد القصف التركي بطائرات مسيرة ليزيد التوتر المتصاعد في المنطقة، حيث استهدفت أنقرة محيط السد بأربعة ضربات جوية مؤخراً، تسببت في سقوط ضحايا من الطرفين؛ الأمر الذي يهدد بانهيار الاتفاق الجزئي الذي تم التوصل إليه في وقت سابق، والذي يقضي بإدارة مشتركة للسد، وينذر بتصعيد الموقف وهشاشة الاتفاقات التي رعتها الولايات المتحدة.

ويرى مراقبون أن أهمية السد لا ترتبط بخدماته الكهرومائية بما توفر من كهرباء ومياه للشمال السوري أو تغذية السلة الغذائية، بل يشكل خط دفاع رئيسياً اتخذته قوات «قسد» لحماية مناطق نفوذها شرق الفرات، وينظر الأكراد بريبة إلى أن أي تصعيد عسكري في السد، على أنه تراجع من دمشق عن الاتفاقيات المبرمة وبمثابة مقدمة إعلان حرب ضدها.