«هُدن اسمية»... كم قتلت إسرائيل منذ وقف النار في غزة ولبنان؟

فلسطيني يجلس بجوار جثث ثلاثة من أقاربه قتلوا في هجمات جوية إسرائيلية في محور نتساريم الثلاثاء (أ.ب)
فلسطيني يجلس بجوار جثث ثلاثة من أقاربه قتلوا في هجمات جوية إسرائيلية في محور نتساريم الثلاثاء (أ.ب)
TT

«هُدن اسمية»... كم قتلت إسرائيل منذ وقف النار في غزة ولبنان؟

فلسطيني يجلس بجوار جثث ثلاثة من أقاربه قتلوا في هجمات جوية إسرائيلية في محور نتساريم الثلاثاء (أ.ب)
فلسطيني يجلس بجوار جثث ثلاثة من أقاربه قتلوا في هجمات جوية إسرائيلية في محور نتساريم الثلاثاء (أ.ب)

على الرغم من الإعلان عن اتفاق إسرائيل على وقف إطلاق النار في لبنان في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وكذلك هدنة في قطاع غزة في 19 يناير (كانون الثاني) الماضي؛ فإن خروقات جيشها لم تتوقف على الجبهتين إذ قتل 137 فلسطينياً بينهم 52 في رفح جنوب القطاع، ونفذ مئات الخروفات فضلاً عن 34 عملية اغتيال.

وانتهت اسمياً الهدنة بين إسرائيل و«حماس» في الأول من مارس (آذار) الحالي، غير أن الوسطاء بدعم أميركي يحافظون على تهدئة غير معلنة، بهدف الوصول إلى اتفاق دائم لوقف النار.

لكن حتى وفي إطار الهدنة المتفق عليها سابقاً، لم تتوقف عمليات القتل وتحليق الطائرات المسيّرة فوق قطاع غزة، وأفادت إحصائية صادرة عن المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، بأنه حتى في خضم المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار، لم تتوقف الخروقات الإسرائيلية للاتفاق، وقُتل منذ ذلك الحين وحتى مساء الثلاثاء 137 فلسطينياً.

وفي أكبر حصيلة يومية لرصد الضحايا منذ بدء إعلان الهدنة، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، الأربعاء، عن وصول 12 قتيلاً و 14 إصابة إلى مستشفيات قطاع غزة، خلال الـ24 ساعة الماضية.

فلسطينية بجوار أحد أقاربها الذي قُتل في غارة إسرائيلية على مستشفى ناصر بخان يونس الشهر الحالي(أ.ف.ب)

وقالت الوزارة، في بيان نشرته على صفحتها بموقع «فيسبوك»، إن «بين الشهداء خمسة جرى انتشالهم، وسبعة شهداء جدد، من جراء اعتداءات قوات الاحتلال الإسرائيلي».

وأعلنت السلطات الصحية في غزة، عن مقتل 5 أشخاص بينهم شقيقان في غارة إسرائيلية وقعت ظهر الثلاثاء قرب دوار الكويت جنوب حي الزيتون، فيما قتلت طفلة وسيدة في غارتين منفصلتين بخان يونس ورفح باليوم نفسه، وكذلك قُتل 3 أشقاء قبل موعد الإفطار الرمضاني مساء الاثنين في مخيم البريج وسط القطاع.

الأغلبية مدنيون

وتقول مصادر ميدانية، إن هؤلاء الضحايا وغيرهم ممن سقطوا هم من المدنيين الذين يتوجهون إلى مناطق لا تعدّ حدودية ولكنها بالقرب منها، إما لتفقد منازلهم أو لجمع الحطب والخشب أو لمحاولة إخراج بعض مقتنيات منازلهم المدمرة.

ووفقاً للمصادر، فإن عنصرين فقط من الفصائل الفلسطينية قُتلا في غارتين وقعتا بحي الشجاعية شرق مدينة غزة.

ولم تعلن إسرائيل أو «حماس» عن استهداف لأسماء بارزة في الخروقات التي تنفذها إسرائيل في غزة.

وتجوب مسيّرات إسرائيلية متنوعة الأحجام يطلق عليها في غزة اسم «الزنانات» سماء القطاع وتنفذ عمليات قتل، فيما تستخدم الطائرات الصغيرة منها المسماة «كواد كابتر» مهام تجسسية مختلفة، وتستخدم لإلقاء القنابل أو إطلاق النار على الغزيين، إلى جانب أن بعضها انتحارية استخدمت في عمليات تفجير ضد فلسطينيين خلال الحرب.

مُسيَّرة من نوع «كواد كابتر» (غيتي)

ولم ترد «حماس» عسكرياً على هذه الخروقات، لكنها أدانتها وطالبت الوسطاء بالتدخل لوقفها.

ولم تلتزم إسرائيل بشكل أساسي ببنود اتفاق وقف إطلاق النار في مرحلته الأولى التي انتهت بعد 42 يوماً، سواء فيما يتعلق بتنفيذ البروتوكول الإنساني المتعلق بإدخال المعدات الثقيلة والبيوت المتنقلة وغيرها.

ولم تنفذ كذلك الانسحاب من محور صلاح الدين «فيلادلفيا»، ليبقى مصير وقف إطلاق النار مجهولاً.

وبشكل إجمالي بلغت حصيلة العدوان الإسرائيلي على غزة 48 ألفاً و515 قتيلاً و111 ألفاً و941 مصاباً منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، بحسب ما أفادت، الأربعاء، وزارة الصحة الفلسطينية.

وأشارت إلى أنه «لا يزال عدد من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات لا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم».

الجبهة اللبنانية

وعلى الجبهة اللبنانية التزم «حزب الله» منذ 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بوقف إطلاق النار مع إسرائيل لكنها في المقابل نفذت مئات الخروق للسيادة اللبنانية برّاً وجوّاً وحتى بحراً، وتستمر بها بشكل يومي، مع المضي باحتلالها 5 تلال استراتيجية في الأراضي اللبنانية.

وتمثّلت الخروقات الإسرائيلية في تفجير منازل وتدميرها كلياً، وتجريف الأراضي وتغيير خرائط البلدات الجنوبية التي احتلتها أو دخلتها وخرجت منها بعد سريان قرار وقف إطلاق النار.

مسيّرة إسرائيلية تحلق فوق المشاركين خلال تشييع جماعي لمقاتلين من «حزب الله» بجنوب لبنان (إ.ب.أ)

وفيما يقدّر «حزب الله» عدد الخروق بنحو 2100، أوضح الباحث في «الدولية للمعلومات» (مؤسسة إحصائية) محمد شمس الدين، أن «الخروقات الإسرائيلية بلغت حتى الآن بـ 923 خرقاً في البرّ والجوّ والبحر، بالإضافة إلى 34 عملية اغتيال طالت كوادر وقادة ميدانيين من حزب الله»، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط»، أن «عداد الاعتداءات الإسرائيلية في ارتفاع سريع، في ظلّ المضي بالخروقات البرية والتحليق المكثّف للطائرات الحربية الإسرائيلية والمسيَّرات وتنفيذ مزيد من الاغتيالات».

تباين أرقام

وعن سبب التباين الكبير بين أرقام «الدولية للمعلومات» وأرقام «حزب الله»، أوضح شمس الدين أنه «عندما تدخل قوّة إسرائيلية إلى بلدة وتفّجر ثلاثة منازل مثلاً، يحصيها الحزب على أنها ثلاثة خروق، أما نحن فنعدّها خرقاً واحداً، وكذلك التحليق الجوي فوق مدينة نعدّه خرقاً واحداً، وربما الحزب يعتبر أنه إذا غادرت المسيَّرات سماء مدينة صور وعادت مرة ثانية يعتبره خرقين وليس واحداً».

وطالت الخروق الإسرائيلية البرية منذ 27 نوفمبر الماضي أكثر من 35 بلدة جنوبية في القطاعات الغربي والشرقي والأوسط، وبعض البلدات دمّرت بشكل كامل والبعض الآخر أزيلت أحياء وتغيّرت فيها المعالم مثل ميس الجبل، وعيتا الشعب، والضهيرة، ويارين، وكفركلا، وحولا ومركبا. كما أن جيش الاحتلال منع مواطنين من العودة إلى بلداتهم الموجود شمالي مجرى نهر الليطاني.

مسيّرة إسرائيلية تحلق فوق المشاركين خلال تشييع جماعي لمقاتلين من «حزب الله» بجنوب لبنان (إ.ب.أ)

صحيح أن اتفاق وقف النار ركّز على البدء بتطبيق القرار 1701 بدءاً من جنوبي الليطاني، إلّا أن إسرائيل وسَّعت دائرة استهدافاتها كل المناطق اللبنانية خصوصاً الجنوب والبقاع وصولاً إلى حدود لبنان الشمالية مع سوريا، وأفاد مصدر أمني «الشرق الأوسط» أن «الاعتداءات الإسرائيلية البرّية تراجعت بعد انسحابها في 18 شباط (فبراير) الماضي، لجهة نسف المنازل والتجريف وتغيير خرائط البلدات، لكنها ما زالت تشكّل خطراً على سكان عشرات البلدات الذين لا يجرؤون على إعادة بناء منازلهم المهدمة ولا حتى ترميم البيوت المتضررة».

وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «العدو لا يزال مطلق اليدين في الاغتيالات ودائماً ما يوجد الذرائع التي يبرر لنفسه تنفيذها».

وقال: «الجيش اللبناني يسعى دائماً إلى معالجة هذه الاعتداءات بإطلاع رئيس لجنة المراقبة الجنرال الأميركي جاسبر جيفرز على هذه الاعتداءات ويطلب وقفها، لكن إسرائيل للأسف إسرائيل لا تنفذ أي التزام».


مقالات ذات صلة

مقتل 20 فلسطينياً بينهم 6 أطفال بغارتين إسرائيليتين جنوب غزة

المشرق العربي تصاعد الدخان بعد غارة إسرائيلية بالقرب من مخيم للنازحين على مشارف خان يونس (أ.ف.ب) play-circle 00:28

مقتل 20 فلسطينياً بينهم 6 أطفال بغارتين إسرائيليتين جنوب غزة

قُتل 20 فلسطينياً، على الأقل، في غارتين نفّذهما الطيران الحربي الإسرائيلي، ليل الثلاثاء-الأربعاء، في خان يونس جنوب قطاع غزة، ومخيم الشاطئ غرب مدينة غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية الرئيس الأميركي دونالد ترمب وبجانبه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في المكتب البيضاوي (د.ب.أ) play-circle

«هدنة غزة» محور ثاني لقاء بين ترمب ونتنياهو خلال 24 ساعة

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليوم الأربعاء، إن اجتماعه مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب ركز على جهود تحرير الرهائن المحتجزين في غزة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية تطالب «حماس» منذ فترة طويلة بإنهاء الحرب قبل الإفراج عن الرهائن المتبقين (أ.ف. ب)

مسؤولون إسرائيليون: وقف النار في غزة ممكن لكن قد يستغرق وقتاً

قال مسؤولون إسرائيليون اليوم الثلاثاء إن من الممكن سد الثغرات بين إسرائيل وحركة حماس في المحادثات الجارية في قطر بشأن وقف لإطلاق النار في غزة.

«الشرق الأوسط» (القدس)
المشرق العربي المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف (إ.ب.أ)

ويتكوف: اتفاق غزة يشمل الإفراج عن 10 رهائن أحياء وجثامين 9 آخرين

قال ستيف ويتكوف، مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترمب، إن الاتفاق المقترح بين إسرائيل وحركة «حماس» يشمل أيضاً الإفراج عن جثامين 9 رهائن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ب)

ماكرون: الاعتراف بدولة فلسطين هو السبيل الوحيد لإرساء السلام

دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الثلاثاء إلى «وقف إطلاق نار غير مشروط في غزة».

«الشرق الأوسط» (باريس)

اليمن يطالب الأمم المتحدة بفتح تحقيق عاجل لسيطرة الحوثيين على السفينة «نوتيكا»

اليمن يطالب الأمم المتحدة بفتح تحقيق عاجل لسيطرة الحوثيين على السفينة «نوتيكا»
TT

اليمن يطالب الأمم المتحدة بفتح تحقيق عاجل لسيطرة الحوثيين على السفينة «نوتيكا»

اليمن يطالب الأمم المتحدة بفتح تحقيق عاجل لسيطرة الحوثيين على السفينة «نوتيكا»

تعتزم الحكومة اليمنية التقدّم بطلب رسمي إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، لفتح تحقيق عاجل بشأن استيلاء جماعة الحوثي الإرهابية على ناقلة النفط البديلة «نوتيكا»، التي جرى نقل نحو 1.1 مليون برميل من الخام إليها من السفينة المتهالكة «صافر».

وكشف معمر الإرياني، وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني، في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، أن ميليشيا الحوثي تستخدم الناقلة البديلة «نوتيكا» لتخزين شحنات من النفط الإيراني، فيما وصفه بـ«استغلال فج» لمعدات ومقدرات وفّرتها الأمم المتحدة، لخدمة مصالح الجماعة الضيقة، على حد تعبيره.

وأضاف الإرياني أن الحكومة اليمنية ستتخذ الإجراءات المناسبة على الصعيدين القانوني والدبلوماسي، بما في ذلك مخاطبة الأمين العام للأمم المتحدة، والمطالبة بإجراء تحقيق عاجل في هذا الانتهاك.

وأشار إلى أن بلاده ستعمل على تحميل ميليشيا الحوثي ومن يقف خلفها المسؤولية القانونية الكاملة، استناداً إلى أحكام القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

وشدّد الإرياني على أن «الحكومة اليمنية تأخذ هذا التصعيد الخطير بمنتهى الجدية»، مبيناً أن «الرئيس رشاد العليمي وجّه السفير عبد الله السعدي، مندوب اليمن الدائم لدى الأمم المتحدة، بتضمين هذا الموضوع ضمن كلمته اليوم أمام مجلس الأمن، وإحاطة الدول الأعضاء بخطورة ما أقدمت عليه ميليشيا الحوثي من عمل عدواني لا يهدد اليمن وحده».

ولفت الوزير إلى أنه «وفور تأكد الحكومة اليمنية من استيلاء ميليشيا الحوثي الإرهابية على السفينة (نوتيكا)، التي اشترتها الأمم المتحدة في إطار عملية إنقاذ الناقلة (صافر)، عبّرنا بشكل رسمي وعبر وسائل الإعلام عن إدانتنا واستنكارنا لهذا التصرف الخطير، الذي يمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي ولقواعد ميثاق الأمم المتحدة، واستخداماً غير مشروع لممتلكات الأمم المتحدة لأغراض تخدم مشروعاً حربياً عدوانياً».

وحذّر معمر الإرياني من أن «هذه الجريمة تمثل سابقة خطيرة تؤكد مجدداً أن ميليشيا الحوثي لا تحترم أي تعهدات أو اتفاقات، ولا تقيم وزناً للمواثيق الدولية، وهو ما يستدعي موقفاً دولياً حازماً، دفاعاً عن هيبة الأمم المتحدة وحماية لمكتسباتها ومواردها».

وبحسب الإرياني فقد أقدمت «ميليشيات الحوثي الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني، على السيطرة على الناقلة العملاقة (نوتيكا)، التي اشترتها الأمم المتحدة في عام 2023 في جزء من خطة إنقاذ الناقلة المتهالكة (صافر) الراسية قبالة ساحل الحديدة، ضمن الجهود الدولية لتجنب وقوع كارثة بيئية وإنسانية واقتصادية تهدد اليمن والمنطقة والعالم».

وكانت الأمم المتحدة قد اشترت الناقلة «نوتيكا» بمبلغ 55 مليون دولار، وأطلقت عملية تفريغ النفط من «صافر» في يوليو 2023، ولا تزال حتى اليوم تتحمل تكاليف تشغيلها وصيانتها بهدف حماية البيئة البحرية في البحر الأحمر، وضمان سلامة الملاحة الدولية.

وقال وزير الإعلام إن «ميليشيا الحوثي قامت باستخدام الناقلة كأنها خزان عائم لتخزين النفط الآتي من إيران، في استغلال فج لمعدات ومقدرات الأمم المتحدة لخدمة مصالحها الضيقة». لافتاً إلى أن «الناقلتين (نوتيكا) و(صافر)، لا تزال عائمة رغم التهالك وخطر الغرق أو الانفجار، أصبحتا تحت السيطرة الفعلية لميليشيات الحوثي، وتستخدمان لتخزين شحنات النفط الواردة إلى المواني الخاضعة لسيطرة الميليشيا بعد الأضرار التي لحقت مؤخراً بخزانات ميناء رأس عيسى النفطي، دون أي اكتراث بالمخاطر البيئية الكارثية المترتبة على أي تسرب أو انفجار أو غرق محتمل للناقلة صافر».

وذكّر الإرياني، بأن الحكومة اليمنية سبق أن حذرت في أغسطس (آب) 2023 من مخاطر معاودة ميليشيات الحوثي استخدام السفينة «نوتيكا» بعد انتهاء عملية تفريغ «صافر»، وطالبت الأمم المتحدة بمتابعة مراحل خطة الإنقاذ، واتخاذ ما يلزم لضمان عدم استخدام الميليشيا للناقلة البديلة لخدمة مصالحها.