حكومة عباس تشكل لجنة لإدارة القطاع... دون «حماس»

الخطوة تهدف لتمهيد الطريق لسيطرة السلطة على غزة في اليوم التالي... لكن المسألة معقدة

علم فلسطيني فوق أنقاض مبنى مدمر في رفح الثلاثاء (رويترز)
علم فلسطيني فوق أنقاض مبنى مدمر في رفح الثلاثاء (رويترز)
TT

حكومة عباس تشكل لجنة لإدارة القطاع... دون «حماس»

علم فلسطيني فوق أنقاض مبنى مدمر في رفح الثلاثاء (رويترز)
علم فلسطيني فوق أنقاض مبنى مدمر في رفح الثلاثاء (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد مصطفى، تشكيل لجنة عمل لإدارة شؤون قطاع غزة، في خطوة ستقطع الطريق على محاولات تشكيل لجنة مشتركة مع حركة «حماس»، وتفترض استبعاد الحركة عن حكم القطاع، وهي مسألة متعلقة باليوم التالي للحرب، وما زالت غامضة وإشكالية.

وقال مصطفى، في مستهل جلسة الحكومة الفلسطينية: «تأكيداً على وحدة أراضي الدولة الفلسطينية، وحرصاً على تعزيز الوحدة الوطنية، تقرر الحكومة الفلسطينية التي تنضوي تحت قيادة السيد الرئيس محمود عباس تشكيل لجنة عمل لإدارة شؤون قطاع غزة».

وجاءت الخطوة التي أعلن عنها مصطفى بعد إنشاء الحكومة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي الفريق الوطني للتحضير لإعادة الإعمار.

رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى في اجتماع الحكومة يوم الثلاثاء (وفا)

وبحسب مصطفى، فإن الحكومة تعمل الآن في قطاع غزة «من خلال غرفة العمليات الحكومية للتدخلات الطارئة»، وبالتنسيق مع مختلف الشركاء، لتوفير ما أمكن من الخدمات الأساسية، من مياه وكهرباء وصحة وتعليم، «انطلاقاً من مسؤوليتنا الوطنية تجاه أبناء شعبنا الذين عانوا من ويلات الحرب طوال الـ «15 شهراً الماضية»، كما تعمل «على تسريع وصول المساعدات الإنسانية، وفتح الطرق وإزالة الركام، وتوفير تجمعات مناسبة لإيواء من دُمرت بيوتهم، تمهيداً لإعادة الإعمار الشامل».

وتهدف الخطوة لتمهيد الطريق لسيطرة السلطة على غزة في اليوم التالي، لكن المسألة معقدة، إذ تحتاج إلى موافقة إسرائيلية ودولية وعربية، وكذلك إلى موافقة «حماس» التي ما زالت تتمتع بسيطرة واضحة في القطاع.

ولم يشر مصطفى إلى ما إذا كانت اللجنة المشكلة ستعمل بالتنسيق مع «حماس» التي ما زالت تسيطر على قطاع غزة، لكن مصدراً في السلطة قال لـ«الشرق الأوسط» إن «حماس» يجب أن تبتعد عن حكم غزة وعن أي لجنة متعلقة بها.

وأضاف: «بوجود (حماس) ستتعطل كل الجهود، وعليها تسليم كل شيء للسلطة إذا أرادت فعلاً إغاثة الناس، وإعادة إعمار ما دُمر في غزة».

ورفض الرئيس الفلسطيني محمود عباس في السابق ضغوطاً من أجل تشكيل لجنة إسناد مجتمعية بمشاركة «حماس» أو بالتوافق معها، على أساس أن على «حماس» تسليم القطاع للسلطة، والسماح بتوحيد المؤسسات تحت شرعية السلطة الواحدة.

ونهاية الشهر الماضي، قال مصطفى إن عملية إعادة إعمار قطاع غزة تتطلب استبعاد «حماس» من السلطة.

وفي خطوة أولى تسلمت السلطة الفلسطينية، قبل أيام، إدارة معبر رفح بالاشتراك مع بعثة الاتحاد الأوروبي، من أجل السماح بخروج مرضى ومصابين عبر المعبر إلى مصر لتلقي العلاج، من دون أي وجود لـ«حماس».

قافلة مساعدات للفلسطينيين في رفح الثلاثاء (رويترز)

وهذه أول مرة تعمل فيها السلطة في معبر رفح منذ 2007 بعد سيطرة «حماس» على القطاع.

لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أصر على أنه لا وجود رسمياً للسلطة في معبر رفح وإنما «لختم الجوزات».

ويرفض نتنياهو حتى الآن مشاركة السلطة الفلسطينية في حكم غزة بعد انتهاء الحرب، ويرفع شعار «لا حماسستان (حماس) ولا فتحستان (فتح)»، على الرغم من أنه لا يضع خطة واضحة لحكم غزة بعد الحرب.

وانطلقت، الثلاثاء، مفاوضات المرحلة الثانية من الهدنة في غزة، ومن شأنها إذا نجحت أن تحدد إلى حد بعيد مستقبل الحكم في القطاع.

وتدعم دول عربية تمكين السلطة في مواجهة أفكار أميركية شملت قوات متعددة فلسطينية وعربية ودولية، ودوراً محتملاً لمسؤولين فلسطينيين في الخارج ومستشارين أميركيين وشركات أمن وعائلات.

وفي اجتماع عُقد، السبت، في القاهرة على مستوى وزراء الخارجية شارك فيه الأردن، ودولة الإمارات، والمملكة العربية السعودية، ودولة قطر، ومصر، بالإضافة إلى أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية عن دولة فلسطين والأمين العام لجامعة الدول العربية، اتفق الأطراف على تمكين السلطة الفلسطينية لتولي مهامها في قطاع غزة، بوصفه جزءاً من الأرض الفلسطينية المحتلة إلى جانب الضفة الغربية والقدس الشرقية، وبما يسمح للمجتمع الدولي بمعالجة الكارثة الإنسانية التي تَعَرَّضَ لها القطاع بسبب العدوان الإسرائيلي.

ولم تعقِّب «حماس» فوراً على إعلان السلطة الجديدة، لكن مصادر في الحركة قالت لـ«الشرق الأوسط» إنها ستعلن موقفاً لاحقاً بعد المشاورات.

وقالت مصادر أخرى لمواقع تابعة لـ«حماس» إن الحركة لم تكن على علم، ولم يجر الترتيب معها حول إعلان هذه الخطوة.

وقبل أيام قليلة فقط، قال طاهر النونو، القيادي في «حماس» إن الحركة ستواصل حكم قطاع غزة حتى يتم الاستقرار على بديل فلسطيني خلال المحادثات في القاهرة. وأضاف لوكالة «أسوشييتد برس»، أن الحركة وافقت على اقتراح مصري يقضي بتسليم إدارة غزة إلى «لجنة إسناد مجتمعي» تتكون من تكنوقراط مستقلين، مشيراً إلى أن الحركة تقبل كذلك بإنشاء حكومة توافق وطني تدير الضفة الغربية وقطاع غزة.

لكن النونو قال إن حركة «فتح»، الفصيل الرئيسي في السلطة الفلسطينية التي تحكم الصفة الغربية، رفضت كلتا الفكرتين. وتابع: «حتى يتم اعتماد أحد الخيارين، لن يكون هناك فراغ. ستتحمل الإدارة الحالية (التي تقودها حماس) مسؤوليتها تجاه شعبنا. وهذا ما يحدث الآن».


مقالات ذات صلة

«حماس» تعلن أسماء 3 رهائن إسرائيليين ستطلق سراحهم غداً

المشرق العربي مقاتلون من حركة «حماس» بوسط قطاع غزة (رويترز) play-circle

«حماس» تعلن أسماء 3 رهائن إسرائيليين ستطلق سراحهم غداً

نشرت حركة «حماس» الفلسطينية، اليوم الجمعة، أسماء ثلاثة رهائن من المقرر أن تطلق سراحهم غداً بموجب اتفاق وقف إطلاق النار الذي بدأ الشهر الماضي.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي فلسطينيون يتجولون وسط الخيام في جباليا بشمال قطاع غزة (أ.ف.ب) play-circle

«حماس» تتهم إسرائيل بانتهاك وقف إطلاق النار في غزة

اتهمت حركة «حماس» إسرائيل، الجمعة، بانتهاك اتفاق وقف النار عدة مرات، قبل يوم من مبادلة 3 رهائن إسرائيليين بسجناء فلسطينيين، في أحدث مراحل الاتفاق الهش.

«الشرق الأوسط» (غزة)
تحليل إخباري ترمب في مؤتمر صحافي مع نتنياهو بالبيت الأبيض 4 فبراير 2025 (د.ب.أ)

تحليل إخباري ترمب وفريقه والعلاقة مع إسرائيل

يستعرض «تقرير واشنطن»، وهو ثمرة تعاون بين «الشرق الأوسط» و«الشرق»، خلفية تصريحات ترمب المثيرة للجدل حول غزة ودور فريق الرئيس الأميركي في هذا الملف.

رنا أبتر (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب مستقبلاً رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض (أ.ف.ب)

ترمب يُعاقب المحكمة الجنائية الدولية بسبب اتهاماتها ضد إسرائيل

فرض الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية، عادّاً أن تحقيقاتها «تُهدد الأمن القومي» للولايات المتحدة وحلفائها، في إشارة إلى إسرائيل.

علي بردى (واشنطن)
شؤون إقليمية مبنى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بهولندا (رويترز) play-circle

بعد عقوبات أميركية عليها... إسرائيليون يواصلون العمل مع «الجنائية الدولية»

قالت محامية تمثل مصابين وعائلات قتلى إسرائيليين في هجوم حركة «حماس» الذي أشعل الحرب بقطاع غزة إن موكليها سيواصلون العمل مع المحكمة الجنائية الدولية.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

«حماس» تعلن أسماء 3 رهائن إسرائيليين ستطلق سراحهم غداً

مقاتلون من حركة «حماس» بوسط قطاع غزة (رويترز)
مقاتلون من حركة «حماس» بوسط قطاع غزة (رويترز)
TT

«حماس» تعلن أسماء 3 رهائن إسرائيليين ستطلق سراحهم غداً

مقاتلون من حركة «حماس» بوسط قطاع غزة (رويترز)
مقاتلون من حركة «حماس» بوسط قطاع غزة (رويترز)

نشرت حركة «حماس» الفلسطينية، اليوم الجمعة، أسماء ثلاثة رهائن من المقرر أن تطلق سراحهم غداً بموجب اتفاق وقف إطلاق النار الذي بدأ الشهر الماضي.

وقال أبو عبيدة، المتحدث باسم الجناح العسكري لـ«حماس»، في منشور عبر قناته على «تلغرام» إن الرهائن هم إلياهو شرابي وأوهاد بن عامي وأور ليفي، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء. وأكدت إسرائيل تلقّيها قائمة بأسماء الرهائن الذين ستفرج عنهم الحركة الفلسطينية. وأعلنت الحركة أنه من المتوقع أن تفرج إسرائيل عن 183 سجيناً فلسطينياً غداً.

وتتبادل «حماس» وإسرائيل، السبت، الدفعة الخامسة من الرهائن والمعتقلين في إطار اتفاق الهدنة في غزة، وسط غياب معلومات عن مجريات العملية التي تأتي بعد تصريحات دونالد ترمب المثيرة للجدل حول نقل الفلسطينيين من القطاع.

وبدأ تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار في 19 يناير (كانون الثاني) بعد أكثر من 15 شهراً على بدء الحرب المدمّرة. وينص على الإفراج عن رهائن محتجزين في قطاع غزة في مقابل معتقلين فلسطينيين في سجون إسرائيلية، بالتزامن مع وقف العمليات القتالية. ولم تصدر تفاصيل بعدُ عن التبادل، عن توقيته أو عدد المعتقلين والرهائن الذي سيشمله.

4 عمليات تبادل سابقة

وحضّ منتدى عائلات الرهائن في إسرائيل في بيان، أصدره الجمعة، الحكومة الإسرائيلية على إتمام اتفاق وقف إطلاق النار في غزة وتسريعه.

وقال متحدث باسم المنتدى لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «ليست لدينا معلومات عن الرهائن الذين سيفرج عنهم». وجاء في البيان الصادر عن المنتدى: «أمة كاملة تطالب برؤية الرهائن يعودون إلى وطنهم... حان الوقت لضمان تنفيذ الاتفاق حتى آخر واحد منهم».

وأعلنت إسرائيل بدورها أنها تنتظر قائمة بأسماء الرهائن الذين سيتم الإفراج عنهم السبت من حركة «حماس».

وقال المتحدّث باسم الحكومة الإسرائيلية، أومير دوستري، ردّاً على سؤال عما إذا كانت عملية التبادل ستتمّ السبت كما هو مقرّر، «هكذا هي الخطة».

ويتألف اتفاق الهدنة من ثلاث مراحل، على أن تشمل المرحلة الأولى الممتدة 6 أسابيع، الإفراج عن 33 رهينة محتجزين في قطاع غزة، معظمهم منذ الهجوم غير المسبوق الذي شنته حركة «حماس» على إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، مقابل 1900 معتقل فلسطيني.

وحصلت حتى اليوم 4 عمليات تبادل شملت الإفراج عن 18 رهينة و600 معتقل.

وبدأت في مطلع الأسبوع في الدوحة المفاوضات غير المباشرة بين «حماس» والدولة العبرية حول المرحلة الثانية من الاتفاق التي يفترض أن تؤدي إلى الإفراج عن جميع الرهائن ووضع حدّ نهائي للحرب التي اندلعت إثر هجوم «حماس». وتشارك قطر في الوساطة بين الطرفين إلى جانب الولايات المتحدة ومصر.

زيارة واشنطن

ويثير كل تأخير وكل غموض المخاوف من تعثر الاتفاق. ويأتي ذلك بعد تصريحات مدوّية أدلى بها الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال استقباله رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في واشنطن حول قطاع غزة، وقد أثارت استهجاناً عربياً وعالمياً.

وقال ترمب إنه يريد أن يصبح القطاع ملكية أميركية لتحويله إلى «ريفييرا الشرق الأوسط»، على أن ينقل سكانه إلى مصر والأردن. وكرّر ترمب، الخميس، أنّ «الولايات المتحدة ستتسلّم من إسرائيل قطاع غزة بعد انتهاء القتال».

وطلب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، من الجيش إعداد خطة لتسهيل «هجرة طوعية» لسكان قطاع غزة.

وقوبلت تصريحات ترمب برفض قاطع من الفلسطينيين على المستويين الشعبي والرسمي، وعدَّتها «حماس» بمثابة إرادة معلنة لاحتلال غزة، بينما وصفتها السلطة الفلسطينية بأنها «تطهير عرقي».

عقوبات على «الجنائية الدولية»

وفي خطوة جديدة تؤكد دعمه لإسرائيل، فرض الرئيس الأميركي عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية، متهماً إياها بـ«مباشرة إجراءات قضائية لا أساس لها ضد الولايات المتحدة وحليفتها المقرّبة إسرائيل».

وكانت المحكمة أصدرت في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 ثلاث مذكرات توقيف في حق نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف غالانت والقائد العسكري لـ«حماس» محمد ضيف، بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، في سياق حرب غزة.

وأشاد وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، بقرار ترمب، وكتب على منصة «إكس»، «أشيد بقوة بالأمر التنفيذي الصادر عن الرئيس ترمب بفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية المزعومة»، عادّاً أن قرارات الهيئة «لا أخلاقية وعارية عن أي أساس قانوني».

وحذّرت 79 دولة عضو في المحكمة، الجمعة، من أنّ هذه العقوبات «تزيد من خطر الإفلات من العقاب على أخطر الجرائم وتهدّد بتقويض سيادة القانون الدولي».

وتسبّب هجوم «حماس» في مقتل 1210 أشخاص في الجانب الإسرائيلي، معظمهم مدنيون، وفق تعداد لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» يستند إلى بيانات إسرائيلية رسمية. وأدّى الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة إلى مقتل 47 ألفاً و583 شخصاً على الأقل، معظمهم من النساء والأطفال، وفق بيانات وزارة الصحة التابعة لـ«حماس».