حكومة تصريف الأعمال في سوريا أمام الترهل الإداري وإنهاء الوظائف

مظاهرات قطاعي التعليم والصحة تحتج على إصلاح القطاع العام

وزارة الإعلام السورية… ترهل كبير في الكادر الوظيفي
وزارة الإعلام السورية… ترهل كبير في الكادر الوظيفي
TT

حكومة تصريف الأعمال في سوريا أمام الترهل الإداري وإنهاء الوظائف

وزارة الإعلام السورية… ترهل كبير في الكادر الوظيفي
وزارة الإعلام السورية… ترهل كبير في الكادر الوظيفي

تواجه حكومة تسيير الأعمال في سوريا معضلة الترهل الإداري والفساد التي ورثتها من حكومات النظام السابق.

وتشهد محافظة طرطوس على الساحل السوري منذ أسابيع تظاهر أعداد من العاملين في قطاع التعليم أمام مديرية التربية في مدينة طرطوس، احتجاجاً على قرار إلغاء تحديد مركز العمل الذي أصدرته حكومة تسيير الأعمال مؤخراً، والذي يقضي بإعادة كل معلم إلى الموقع الذي تم تحديده في قرار التعيين الأصلي.

وطالب المحتجون، اليوم الاثنين، وأغلبهم من المعلمات، بإلغاء القرار وإحداث شواغر لهم في مناطقهم، مراعاة للظروف المعيشية القاسية التي تعاني منها البلاد وصعوبات وتكاليف النقل.

تجدر الإشارة إلى أن حكومات النظام السابق اعتادت تعيين معلمات أو معلمين «من أصحاب الواسطات» في أماكن شاغرة أينما وجدت حتى بعيداً عن مكان الإقامة، يتم بعدها نقل المعلم أو المعلمة لمحافظته. وقد أدى هذا الالتفاف إلى اختلال في تغطية الاحتياجات للمعلمين في المناطق النائية. وأدى إلغاء هذا القرار خلق أزمة للعشرات ممن وجدوا أنفسهم أمام احتمالات تغيير إقامتهم للالتحاق بالوظيفة، أو قطع مسافات يومياً، أو الاستقالة من الوظيفة.

وقفة احتجاجية أغسطس 2023 أمام مديرية التعليم في طرطوس (مواقع)

جدير بالذكر أن الاحتجاجات بدأت في زمن حكومة النظام السابق، إذ ناشد معلمون من محافظة طرطوس، صيف 2023 وزير التربية آنذاك، دارم الطباع، إعادتهم للدوام في محافظتهم، بعد أن تم تحديد مركز عملهم في مدارس محافظات أخرى، لمدة خمس سنوات، حسب شروط المسابقة التي عُينوا بموجبها.

المعلمة رابعة (43 عاماً)، قالت إنه خلال السنوات العشر الأخيرة، دخل إلى قطاع التعليم الحكومي، أعداد كبيرة من النساء ممن لا يتجاوز تحصيلهن العلمي البكالوريا (ثانوية عامة)، على سبيل «التنفيعة»، والآن يتحول استبعادهن إلى «مشكلة إنسانية معقدة» إذ لا يجوز قطع الأرزاق، «لكن لا بد من إصلاح قطاع التعليم الحكومي الذي وصل إلى الحضيض»، بحسب رابعة.

وتواجه حكومة تسيير الأعمال في الإدارة الجديدة انتقادات واسعة تتعلق بطريقة معالجتها لـ«معضلة» الترهل الإداري في كافة مؤسسات الدولة، والبطالة المقنعة، وتركة الفساد الثقيلة التي خلفها نظام الأسد في القطاع العام. وقد قامت الإدارة الجديدة وفور تسلمها السلطة، بمنح إجازة ثلاثة أشهر مأجورة لآلاف الموظفين، ريثما يتم النظر في وضعهم، الأمر الذي جرى تفسيره بأنه إجراء فصل تعسفي لتزامنه مع تأخر في دفع الرواتب لعدم توفر الميزانية اللازمة لذلك.

أحد الإداريين في القطاع الإعلامي بدمشق ممن أوقفوا عن العمل لثلاثة أشهر، وفضل عدم ذكر اسمه، قال لـ«الشرق الأوسط» إن النظام السابق استخدم فرصة التعيين في الوظائف الحكومية على أنه تعويض لذوي قتلى قواته، بغض النظر عن الكفاءة، ولذلك تم تعيين المئات، لا سيما النساء ممن فقدن المعيل في مختلف القطاعات، ففي وزارة الإعلام هناك أكثر من عشرة آلاف موظف منهم سبعة آلاف في التلفزيون وحده، وأعداد المنتجين منهم لا تتجاوز ربع الكادر.

ولفت الإداري إلى أن التعيينات في ظل النظام السابق كانت تجري وفق فرز فئوي، فمثلاً قطاعات التمريض والتعليم ذات الدخل الأدنى تذهب للفقراء من ذوي قتلى قوات النظام، وهو ما يفسر تركز الأعداد الكبيرة منهم في محافظة طرطوس التي شهدت احتجاجات للموظفين، كونها المحافظة التي قدمت العدد الأكبر من قوات النظام السابق ومعظمهم من الفقراء.

مصادر في وزارة الإعلام أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن المشكلة الأبرز التي تواجه الوزارة هي حجم الفساد الذي خلفه النظام، وقالت إنه في الأسبوع الأول «انهمك موظفو الوزارة بتقديم وشايات عن بعضهم البعض للمديرين الجدد ما أفقدنا الثقة بالجميع». مضيفاً أن هذه الأجواء تعرقل عملية الإصلاح الإداري للتحقق من سيرة وكفاءة كل شخص بعيداً عن الوشاية. وعبرت المصادر عن الأسف لترسيخ النظام السابق ثقافة «دق التقارير» أي الوشايات الكيدية التي راح ضحيتها آلاف السوريين في العهد البائد.

التعميم الإداري الخاص بإيقاف بعض العاملين في مشفى طرطوس لحين البت بوضعهم الوظيفي (متناقلة مواقع تواصل)

يشار إلى أن الإدارة الجديدة فوجئت بوجود أكثر من سبعة آلاف موظف في مشفى طرطوس الوطني الذي يحوي 180 سريراً فقط. كما وجد في سجلات الرواتب عشرات الأسماء التي تتقاضى رواتب من دون وجودها في موقع العمل. وقد قامت وزارة الصحة بتخفيض عدد العاملين والإبقاء فقط على العدد الذي يتناسب مع احتياجات المنشآت والمراكز الصحية وعبء العمل الفعلي، وبموجب معايير قياسية بهدف تحقيق أداء أفضل، مع فتح باب الاعتراضات والتأكيد على أن الموقوفين عن العمل ليسوا مفصولين من الخدمة، وإنما هو إيقاف مؤقت لحين تأمين فرصة عمل أخرى حسب الاحتياج.

أرشيفية لمدرسة في اللاذقية على الساحل السوري (متداولة)

وفي وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، نفى مدير التنمية البشرية محمد حمرون «أي تسريح تعسفي للموظفين في وزارته»، وقال في تصريح لوكالة «سانا» الرسمية إنه «في ظل الترهل الإداري ووجود البطالة المقنعة في بعض الأقسام، منح عدد من الموظفين إجازات مدفوعة الأجر لثلاثة أشهر، وذلك لإتاحة الفرصة لدراسة وضعهم الوظيفي بشكل دقيق».

وأشار حمرون إلى أنه «ستتم بعد مرور هذه الفترة إعادة تقييم وضع الموظفين، ومراجعة إمكانية إعادة تفعيلهم في أماكن جديدة داخل الوزارة، أو تحديد مدى الحاجة لهم بناء على الاحتياجات الفعلية للأقسام».

إلا أن التصريحات الرسمية والتوضيحات حول مصير العاملين في الدولة لم تحد من مخاوف آلاف من العاملين في مؤسسات القطاع العام، وخرجت يوم الأحد مظاهرة احتجاجية للموظفين في الهيئة العامة للاستشعار عن بعد التابعة لوزارة المواصلات، وذلك بعد أنباء عن استعادة البيوت التي منحتها الحكومات السابقة لهم، وطلب إخلائها خلال ثلاثة أشهر.

كما شكا محتجون من فصل تعسفي للموظفين واستبعاد الكفاءات استناداً لعلاقاتهم مع رموز النظام السابق أو بسبب وشايات كيدية حول تورطهم بالفساد دون التحقق منها.


مقالات ذات صلة

سوريا: اعتقال 5 بعضهم من عناصر نظام الأسد أثناء محاولتهم دخول البلاد بطريقة غير قانونية

المشرق العربي قوات من الجيش السوري أثناء عرض عسكري بدير الزور يوم 8 ديسمبر (إكس)

سوريا: اعتقال 5 بعضهم من عناصر نظام الأسد أثناء محاولتهم دخول البلاد بطريقة غير قانونية

ألقت قوات حرس الحدود السورية القبض على 5 أشخاص في ريف طرطوس، أثناء محاولتهم الدخول إلى الأراضي السورية بطريقة غير قانونية، وفقا لوكالة الأنباء السورية (سانا).

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي آليات عسكرية إسرائيلية تتوغل في مناطق بجنوب سوريا (الجيش الإسرائيلي)

تقارير: الجيش الإسرائيلي يستهدف تل الأحمر في ريف القنيطرة بسوريا

قال تلفزيون «الإخبارية» إن القوات الإسرائيلية استهدفت، يوم السبت، بالأسلحة الرشاشة تل الأحمر الشرقي في ريف القنيطرة الجنوبي. 

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي تشييع ضحايا تفجير المسجد في حمص (سانا)

حمص تشيّع ضحايا «مسجد وادي الذهب»... و«أنصار السنة» تتوعد بتفجيرات أخرى

شُيّع بمدينة حمص السورية، السبت، جثامين ضحايا التفجير الذي وقع داخل مسجد بحي ذي غالبية علوية، بمشاركة شعبية ورسمية.

موفق محمد (دمشق)
شؤون إقليمية عناصر من «قسد» أثناء تحركات في حلب (أ.ف.ب)

تضارب أنباء عن زيارة متوقعة لعبدي إلى دمشق

انتقدت قيادات كردية سياسة تركيا تجاه سوريا والتلويح المتكرر بالتدخل العسكري ضد «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، مؤكدة أن أكراد سوريا لا يسعون إلى تقسيم البلاد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي أشخاص يسيرون على طول طريق في حلب بعد موافقة «قسد» على خفض التصعيد الأسبوع الماضي (رويترز)

مقتل عنصر من «الدفاع» السورية بإطلاق نار في حلب

أفادت قناة «الإخبارية» السورية، السبت، بمقتل عنصر من وزارة الدفاع إثر إطلاق نار من قبل مجهولين في حلب. 

«الشرق الأوسط» (دمشق)

حمص تشيّع ضحايا المسجد... و«داعش» يهدّد مجدداً

حمص تشيّع ضحايا المسجد... و«داعش» يهدّد مجدداً
TT

حمص تشيّع ضحايا المسجد... و«داعش» يهدّد مجدداً

حمص تشيّع ضحايا المسجد... و«داعش» يهدّد مجدداً

شهدت مدينة حمص، أمس، مراسمَ تشييع جثامين ضحايا التفجير الذي استهدف مسجد الإمام علي بن أبي طالب في حي وادي الذهب أثناء صلاة الجمعة، بمشاركة شعبية ورسمية واسعة، وتحت إجراءات أمنية مشددة. وأعادت جماعة «سرايا أنصار السنة» المتطرفة، المرتبطة بتنظيم «داعش»، تأكيد تبنّيها التفجير، متوعدة بتنفيذ هجمات مماثلة في الفترة المقبلة. وأسفرَ الهجوم عن مقتل 8 أشخاص وإصابة 18 آخرين، في حادثة قوبلت بإدانات عربية ودولية، وأثارت مخاوف متزايدة لدى الأقليات في البلاد.

وبالتوازي مع التطورات الأمنية، أعلنتِ السلطات السورية توقيف 12 شخصاً، بينهم ضباط من النظام السابق، على الحدود السورية اللبنانية أثناء محاولتهم العبور بشكل غير شرعي.

وفي سياق سياسي متصل، تضاربت أمس الأنباء عن زيارة متوقعة لقائد «قوات سوريا الديمقراطية»، مظلوم عبدي، لدمشق خلال الأيام المقبلة؛ لبحث التنفيذ العملي لاتفاق اندماج قواته في الجيش السوري، في وقت تتصاعد فيه حدة التوتر في حلب.


سوريا: اعتقال 5 بعضهم من عناصر نظام الأسد أثناء محاولتهم دخول البلاد بطريقة غير قانونية

قوات من الجيش السوري أثناء عرض عسكري بدير الزور يوم 8 ديسمبر (إكس)
قوات من الجيش السوري أثناء عرض عسكري بدير الزور يوم 8 ديسمبر (إكس)
TT

سوريا: اعتقال 5 بعضهم من عناصر نظام الأسد أثناء محاولتهم دخول البلاد بطريقة غير قانونية

قوات من الجيش السوري أثناء عرض عسكري بدير الزور يوم 8 ديسمبر (إكس)
قوات من الجيش السوري أثناء عرض عسكري بدير الزور يوم 8 ديسمبر (إكس)

ألقت قوات حرس الحدود السورية القبض على 5 أشخاص في ريف طرطوس، أثناء محاولتهم الدخول إلى الأراضي السورية بطريقة غير قانونية، وفقا لوكالة الأنباء السورية (سانا).

وأوضحت إدارة الإعلام والاتصال في وزارة الدفاع، السبت، أن "التحقيقات الأولية مع المقبوض عليهم أظهرت أن بعضهم كانوا من عناصر النظام البائد"، مشيرةً إلى أنه "سيتم تحويلهم إلى الجهات المختصة لاستكمال التحقيقات والإجراءات اللازمة".

عناصر من الجيش السوري (أ.ف.ب)

وذكرت الوكالة أن هذه العملية "تأتي في إطار الجهود المستمرة التي تبذلها قوات الجيش لحماية الحدود ومنع أي محاولات تسلل غير شرعية، بما يضمن الحفاظ على أمن الوطن وسلامة أراضيه".


تقارير: الجيش الإسرائيلي يستهدف تل الأحمر في ريف القنيطرة بسوريا

آليات عسكرية إسرائيلية تتوغل في مناطق بجنوب سوريا (الجيش الإسرائيلي)
آليات عسكرية إسرائيلية تتوغل في مناطق بجنوب سوريا (الجيش الإسرائيلي)
TT

تقارير: الجيش الإسرائيلي يستهدف تل الأحمر في ريف القنيطرة بسوريا

آليات عسكرية إسرائيلية تتوغل في مناطق بجنوب سوريا (الجيش الإسرائيلي)
آليات عسكرية إسرائيلية تتوغل في مناطق بجنوب سوريا (الجيش الإسرائيلي)

قال تلفزيون «الإخبارية» إن القوات الإسرائيلية استهدفت، يوم السبت، بالأسلحة الرشاشة تل الأحمر الشرقي في ريف القنيطرة الجنوبي.

واستولت القوات الإسرائيلية على مزيد من الأراضي في سوريا عقب سقوط نظام بشار الأسد، بالمخالفة لاتفاقية فض الاشتباك لعام 1974 كما كانت منزوعة السلاح، وتنفذ من وقتها غارات جوية وتوغلات برية في سوريا.

وسبق أن ذكرت وكالة «سانا» الرسمية أن إسرائيل «تواصل سياساتها العدوانية وخرقها اتفاق فض الاشتباك عام 1974 عبر التوغل في أرياف القنيطرة ودرعا والاعتداء على المواطنين، فيما تطالب سوريا باستمرار، بخروج الاحتلال من أراضيها، وتدعو المجتمع الدولي إلى الاضطلاع بمسؤولياته وردع هذه الممارسات غير المشروعة».