منصوري لـ«الشرق الأوسط»: سعر صرف الليرة اللبنانية مستقر... ولا اقتصاد بلا مصارف

انتخاب الرئيس اللبناني ضخ 300 مليون دولار في احتياطات المصرف المركزي

حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري (الشرق الأوسط)
حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري (الشرق الأوسط)
TT

منصوري لـ«الشرق الأوسط»: سعر صرف الليرة اللبنانية مستقر... ولا اقتصاد بلا مصارف

حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري (الشرق الأوسط)
حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري (الشرق الأوسط)

شكّل قرار حاكم مصرف لبنان بالإنابة، الدكتور وسيم منصوري، إزالة العوارض الأسمنتية من أمام المقر الرئيس للبنك المركزي في أول «شارع الحمراء» الشهير في قلب بيروت، وإعادة فتح متحف العملات واللوحات أمام الجمهور، رسالة إيجابية مضافة تعكس برمزيتها استعادة هيبة الدولة وحضورها المحوري في إدارة البلد، والمترجم تباعاً بانتهاء حقبة الفراغات والشلل العام عبر استكمال انتظام السلطات الدستورية والتحولات الاستثنائية الواعدة التي يشهدها لبنان على المستويات السياسية والاقتصادية.

ولا يتردّد الحاكم «بالإنابة» في جلسات نقاش مع «الشرق الأوسط»، في إبداء استعداده وارتياحه إلى «تسليم أمانة قيادة صناعة القرار النقدي بأحوال أفضل للموقع والمؤسسة والدور والفاعلية إلى الخلف، عقب تأليف الحكومة الجديدة وافتراض إقرار التعيينات الأساسية في المراكز الحساسة، وبما يطابق المغزى المقصود لقرار (تحرير) المقر المركزي من حصاره الذاتي الذي فرضته المواجهات المتكررة والخاطئة مع المودعين وأصحاب الحقوق في البنوك، جراء انحرافات سابقة ساهمت في تعميق حدة الانهيارات المالية والنقدية».

ويصارح منصوري اللبنانيين من دون لبس: «إحدى مشاكل لبنان الكبيرة هي أنه حين يكون شخص في موقعه، يبدأ النظر إلى مواقع أخرى. وبالتالي، أؤكد أنني أتحضر فقط للقيام بواجبي في المكان الذي أشغله، وسوف أكمل هذا الأمر حتى اللحظة الأخيرة، وآمل أن يكون وجودي في منصبي مؤقتاً؛ لأن انتخاب حاكم أصيل لـ(المركزي) هو إعادة لانتظام المؤسسات في لبنان، وهذا ما طالبت به قبل تسلمي مهامي في الأول من أغسطس (آب) من عام 2023، وهو ما أؤكد عليه اليوم».

إعادة بناء الثقة

وفي الخلفية، يختصر الحاكم الهدف المنشود بعبارة: «إعادة بناء الثقة». ذلك بدءاً، وبالضرورة البديهية، من ترميم كيان الدولة وتعزيز حضورها اللازم وغير القابل للتعويض أو التغطية في الميادين السيادية، والذي يستلزم إرساء توافق وطني عريض ينشد بلوغ محطة الهيكلة السليمة والمنتظمة للمؤسسات، ويستتبع بتحسين الأداء في إدارة المسؤوليات والأدوار المناطة بسلطاتها التشريعية والتنفيذية والقضائية، وبما يكفل حتماً إنتاج بيئة مناسبة للشروع بالاحتواء المنهجي لرحلة الانهيار التي حاصرت البلد وقطاعاته لأكثر من 5 سنوات متتالية.

وبالحماس عينه، يواظب على التدقيق في كل شاردة وواردة في «جردة الحساب» لفترة السنة ونصف السنة التي مضت على قبول النائب الأول بموجبات قانون النقد والتسليف، تسلم زمام القيادة «الشاغرة» بفعل انتهاء ولاية الحاكم السابق رياض سلامة، وتعذر تعيين البديل من قبل الحكومة «المستقيلة» قانونياً، إنّما بشروط مسبقة ومعلنة ترتكز إلى مندرجات القانون عينه الذي يحمي استقلالية المؤسسة ويحدّد مهامها.

حوكمة وشفافية

وبقناعة الاعتماد على منهجية فريق العمل، يفضّل منصوري، رغم مركزية صناعة القرار النقدي وحمل مسؤولية أي إخفاق محتمل، التنويه بالجهود الجماعية وبتشاركية أي إنجاز محقّق مع نواب الحاكم والمجلس المركزي للمصرف ومديرياته، ولا سيما ما يخص «إعادة الاعتبار لأصول الحوكمة والشفافية في ممارسة مهام البنك المركزي وعزله عن التدخلات والضغوط السياسية، بموازاة مواكبة المهمات المعقّدة لإدارة السيولة والتدفقات النقدية واحتياطي العملات الأجنبية، وبما يشمل خصوصاً تمكين المصارف من الإيفاء المتدرج للحد الأقصى الممكن من حصص حقوق المودعين».

وبالمثل، فهو يعتزّ خصوصاً بحقيقة قطع أشواط مهمة وتسجيل تقدم كبير في عملية الإصلاح الإداري داخل البنك المركزي. وهذا ما أتاح إعادة هيكلة البيانات المالية للميزانية، و«هي عملية مستمرة بالتعديل والتحديث حتى بلوغ هدف الشفافية المطلقة، والتطبيق الصارم للمعايير المحاسبية الدولية، بالاستناد إلى توحيد سعر الصرف في كل البنود. وهي عملية لاقت أصداء تأييد وثناء المؤسسات المالية الدولية». لكن، رغم الإدراك المسبق بإمكانية مواجهة معوّقات مهنية وغير مهنية على مسار التقدّم المنشود، فلم يرد حكماً في ترقبات منصوري، أن تندلع حرب غزة وتتمدّد في اليوم التالي إلى حدود لبنان الجنوبية، بعد شهرين وبضعة أيام من استلام المهمة الشائكة أساساً. ثم يشهد البلد واقتصاده إرباكات أوسع في النطاق والنتائج، وتتصاعد تباعاً لتتفلّت لاحقاً من إطار المواجهات «المنضبطة» نسبياً إلى اشتعال الحرب التدميرية الواسعة بتكلفة إنسانية جسيمة للغاية، وبإنتاج خسائر هائلة تراوح أرقامها التقديرية بين 8.5 و10 مليارات دولار.

بذلك، وتحت وطأة التطورات الدراماتيكية غير المسبوقة في وقائعها وحصيلتها، وفي ظل الفراغات الدستورية وشلل الإدارات العامة، لا بد من الإشارة إلى أهمية المواكبة الاستثنائية للتطورات، والمتمثلة خصوصاً بحفظ الاستقرار النقدي أولاً، وبضخ سيولة إضافية بالدولار لصالح المودعين في زمن الحرب وبعد إبرام اتفاق وقف إطلاق النار. وهنا برز نجاح السياسات النقدية المحدثة التي اعتمدها منصوري، والتي ارتكزت إلى أساسيات التحكم الصارم بكتلة النقد بالعملة الوطنية، ومنع تمويل الاحتياجات المالية للدولة من السيولة المتوفرة لدى البنك المركزي وميزانيته.

حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري في مؤتمر صحافي سابق (أرشيفية - إ.ب.أ)

 

كبح المضاربات... وطوارئ نقدية

عبارة: «لقد نجونا»... تريح الحاكم بعد معاناة موصوفة بتعميق حال عدم اليقين. وحتى في غمرة التحولات الإيجابية الكبيرة والمتلاحقة بدءاً من انتخاب العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية وتكليف القاضي نوّاف سلام بتشكيل الحكومة الجديدة، أثبتت استراتيجيات إدارة المسؤوليات النقدية فاعليتها في كبح المضاربات العكسية في أسواق القطع، وصدّ محاولات محمومة لزعزعة الاستقرار النقدي القائم توخياً لتحقيق أرباح غير مشروعة على حساب العملة الوطنية.

تكشف «الشرق الأوسط» أن منصوري ومساعديه، إبّان يوم انتخاب الرئيس وطوال الأيام التالية، اعتمدوا قراراً ضمنياً وغير معلن يقضي بالانخراط في شبه حال «طوارئ» نقدية. وهو ما تمت ترجمته بالوجود والدوام في مقر البنك لعدد من المديريات وكبار المديرين المعنيين على مدار الساعة ولغاية الفجر، وحتى في عطلة نهاية الأسبوع، بغية مواكبة القرار الحاسم بوقف المضاربات المعزّزة بإقبال غير عادي من قبل مخزّني الدولار النقدي على احتمالات وإشاعات حصول تحسّن فوري وكبير في سعر صرف الليرة إزاء الدولار.

وفي الوقائع، اقتضت المهمة ضخ ما يزيد على 20 تريليون ليرة خلال خمسة أيام، تضاف إلى نحو 10 تريليونات ليرة لتلبية احتياجات البنوك. في الحصيلة، تمت حماية الاستقرار النقدي وجمع نحو 300 مليون دولار من وفورات الدولارات المعروضة في الأسواق، ليرتفع إجمالي الاحتياطي السائل مجدداً إلى نحو 10.35 مليار دولار، مقابل نحو 8.57 مليار دولار يوم استلام موقع الحاكم.

هذه الوقائع تم إبلاغها كاملة وبشفافية إلى رئيس الجمهورية في سياق زيارة التهنئة. بالتالي، تأكدت الأسواق أن سياسة المصرف المركزي هي الاستمرار باستقرار سعر الصرف، وكل من يعتقد أنه يمكنه من خلال بيع الليرة أو الدولار، تحقيق أرباح حالية أو مستقبلية والتأثير على سعر الصرف، فالأمر لا يحصل بهذه الطريقة.

مليارا دولار

وفي الواقع، فإن الزيادة المحققة وحدها في احتياطات المصرف، والبالغة نحو مليارَي دولار، تتكفل بحماية الاستقرار النقدي، سنداً إلى أن حجم كتلة الليرة يقل عن مليار دولار رغم التدفق الإضافي الكبير في الأيام الأخيرة. وهذا مرتكز حيوي لمهام البنك المركزي في المرحلة القادمة، والتي يؤمل أن تشهد تدفقات دولارية وازنة من خلال تنشيط قطاعات الاقتصاد، ولا سيما المورد السياحي الذي يتهيأ لانطلاقة كبيرة معززة ببشائر عودة السياحة العربية عموماً، والخليجية خصوصاً، فضلاً عن الترقبات الإيجابية الخاصة بتدفقات المغتربين واللبنانيين العاملين في الخارج.

يقول منصوري: «نأمل أن تكون الظروف المقبلة أكثر إيجابية، ويصبح الطلب على الليرة اللبنانية مرتبطاً بمؤشرات اقتصادية وليس فقط بأخبار إيجابية أتمنى أن تستمر. المؤشرات الاقتصادية حتى الآن لا تبرر لـ(المركزي) تغيير سعر الصرف الذي يحصل بالتوافق مع الحكومة على أسس اقتصادية ومالية واضحة، ومع توجهات حكومية في هذا الخصوص. وعليه، فإن الاستقرار في سعر الصرف سيستمر، ولا تغيير فيه، وأتمنى أن تبقى الثقة في الليرة اللبنانية».

الودائع العالقة

عن أكثر قضية حضوراً وثقلاً في التداول والاهتمام، والمتمثلة بقضية المودعين من مقيمين وغير مقيمين، لا يتحفظ منصوري عن موجبات الصراحة والمكاشفة: «الحقوق المشروعة يجب الإقرار بها، وبوضع برنامج واضح لإيفائها. لذا لا مفر من إقرار خطة حكومية متكاملة، وما يلزم من تشريعات لمعالجة هذه المسألة الأساسية، وبتفاعل إيجابي بين الأطراف المعنية؛ أي الدولة والبنك المركزي والمصارف وأصحاب الحقوق، مع الانطلاق من مبدأ المشروعية والعدالة في كل مقاربة وتحديثات».

ويؤكد: «هناك أمور جيدة قام بها مصرف لبنان في المرحلة الماضية تطمئن الناس، ولكن ما دمنا لم نصل بعدُ إلى آلية واضحة للقول للمودعين إنهم سيحصلون على أموالهم، أخجل منهم في الحديث عن هذا الموضوع. ولكن يمكنني القول إن العمل في المصرف المركزي مستمر منذ تسلمي مهامي وحتى اليوم، والأمور أفضل من السابق. تم وضع دراسة كاملة لمليون و260 ألف حساب موجودة في المصارف، وقيمتها 86 مليار دولار، تم تفصيلها لمعرفة كيفية تقسيمها وفق الودائع والأعمار والشركات وغيرها. هذه الدراسة المفصلة التي تم الانتهاء منها تقريباً، تسمح للحكومة، ولاحقاً للبرلمان، بوضع تصور أوضح لإعادة الأموال إلى المودعين».

في الخلاصة: «يمكن أن أقول لأول مرة، إننا اقتربنا من إيجاد حل مقبول لهذه المسألة. لطالما قلت إنه لا وجود لاقتصاد من دون قطاع مصرفي، والذي لا وجود له من دون ثقة المودعين، فهذه الأمور مترابطة ولا يمكن النهوض بالبلد ما لم يستعد المودع وديعته، ويشعر بأن هناك دولة تقف إلى جانبه وتحاول إنصافه في هذا الأمر».

حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري (رويترز)

 

القائمة الرمادية

وفي جانب لا يقل أهمية على المستوى السيادي، «ساهم الحراك الاستباقي من قبل قيادة السلطة النقدية واستثمار رصيد الثقة التاريخي لدى البنوك العالمية بكفاءة القطاع المالي المحلي وصرامته في تطبيق المعايير الدولية في منع مرور أي عمليات مشبوهة، بفاعلية في تأمين هبوط سلس لقرار مجموعة العمل الدولية بإدراج لبنان ضمن القائمة الرمادية للدول التي تعاني قصوراً في مكافحة غسل الأموال. وبالتالي باستمرار عمليات التحويلات وفتح الاعتمادات وفق نسقها وتكلفتها السارية ما قبل التصنيف المستجد».

ومن المهم الإشارة إلى أن تقرير «FATF» الصادر بنهاية شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، استثنى في مقدمته المصرف المركزي من أي مسؤولية، معتبراً أنه قام بواجبه وأصدر التعاميم اللازمة. وبناء على ذلك، فإن المصرف المركزي والقطاع المصرفي الذي يراقبه، لا يحتاجان إلى القيام بأي شيء من الموجبات العشرة المطلوبة من الدولة ومؤسساتها الأمنية والقضائية.

كذلك، فإن الاقتصاد النقدي ليس ضمن الموجبات الواردة. وبذلك يجد الحاكم أن «الرقابة على دخول وخروج الأموال نقدياً أو عبر المصارف، يتم قبولها من قبل منظمة دولية معنية بمكافحة الجرائم المالية. وهو ما يبعث على الطمأنينة، ويعني أننا نحمي قطاعنا المالي والمصرفي، ويفترض أن نستمر في هذه الحماية في المستقبل، وأي مساعدة ستأتي يجب أن تتم عبر القطاع الشرعي اللبناني ضمن آليات تضعها الحكومة اللبنانية مستقبلاً، وأعتقد أن المؤشرات الموجودة تتجه نحو هذا المجال».


مقالات ذات صلة

الانتخابات النيابية اللبنانية قائمة... وتأجيلها تقني «إن حصل»

خاص ناخبة تدلي بصوتها في منطقة الشوف في الانتخابات المحلية الأخيرة في مايو 2024 (أرشيفية - إ.ب.أ)

الانتخابات النيابية اللبنانية قائمة... وتأجيلها تقني «إن حصل»

الترويج للتمديد بدأ يأخذ طريقه إلى العلن، بتبادل الاتهامات بين بري وخصومه، مع أن مصادر محسوبة على «الثنائي الشيعي» تستغرب إلصاق تهمة التمديد برئيس البرلمان.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي الرئيس اللبناني جوزيف عون والبطريرك الماروني بشارة الراعي (الرئاسة اللبنانية)

الرئيس اللبناني: شبح الحرب ابتعد... وماضون في استكمال «حصرية السلاح»

أعلن الرئيس اللبناني جوزيف عون أن شبح الحرب ابتعد، مشيراً إلى أن «اتصالاتنا الدبلوماسية لم تتوقف لإبعاد شبح الحرب».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي نواف سلام متحدثاً عن «مشروع قانون الانتظام المالي واستعادة الودائع» بحضور وزير المالية ياسين جابر ووزير الاقتصاد عامر البساط وحاكم مصرف لبنان كريم سعيد الأسبوع الماضي (رئاسة الحكومة)

«مصرف لبنان» ينسف المشروع الحكومي لرد الودائع قبل إقراره

اختزل حاكم مصرف لبنان المركزي كريم سعيد النزاع المرافق لمناقشات مجلس الوزراء الخاصة بمشروع قانون استرداد الودائع (الفجوة المالية)

علي زين الدين (بيروت)
المشرق العربي قائد الجيش اللبناني العماد رودولف هيكل (قيادة الجيش)

قائد الجيش اللبناني: أداء المؤسسة العسكرية بات محل ثقة الدول الشقيقة والصديقة

جدد قائد الجيش اللبناني، العماد رودولف هيكل، التأكيد على أن الجيش بصدد الانتهاء من المرحلة الأولى من خطة حصر السلاح.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عناصر من الجيش اللبناني يعاينون السيارة التي تم استهدافها في بلدة عتقنيت (قضاء صيدا) وأدت إلى مقتل 3 أشخاص بينهم عنصر بالجيش اللبناني (إ.ب.أ)

نفي لبناني «قاطع» لأي صلة بين جنود الجيش و«حزب الله»

لم تكن الغارة الإسرائيلية التي استهدفت، مساء الاثنين، سيارة قرب مدينة صيدا مجرّد حادث أمني موضعي، بل حملت أبعاداً سياسية وأمنية تتجاوز مكانها وتوقيتها.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

جدل في العراق بعد كلمة لساكو تضمنت مصطلح «التطبيع»

السوداني قال خلال قداس الميلاد إن التطبيع أمر مرفوض في العراق (رويترز)
السوداني قال خلال قداس الميلاد إن التطبيع أمر مرفوض في العراق (رويترز)
TT

جدل في العراق بعد كلمة لساكو تضمنت مصطلح «التطبيع»

السوداني قال خلال قداس الميلاد إن التطبيع أمر مرفوض في العراق (رويترز)
السوداني قال خلال قداس الميلاد إن التطبيع أمر مرفوض في العراق (رويترز)

أثارت كلمة لبطريرك الكلدان الكاثوليك في العراق لويس روفائيل ساكو، خلال قداس عيد الميلاد في بغداد، جدلاً سياسياً واسعاً، بعد استخدامه مفردة «التطبيع»، في بلد يحظر قانونه أي شكل من أشكال التطبيع مع إسرائيل.

ودفعت ردود الفعل المتباينة مؤسسات دينية وسياسية إلى إصدار توضيحات متتالية، في محاولة لاحتواء الجدل الذي تصاعد على وسائل التواصل الاجتماعي ووصل إلى مطالبات بمحاسبة البطريرك، رغم أنه لم يربط مصطلح «التطبيع» مع إسرائيل أو أي دولة أخرى.

وقالت البطريركية الكلدانية، في بيان صحافي، إن تصريحات ساكو «أُخرجت من سياقها»، موضحةً أن المقصود بـ«التطبيع» هو أن «يطبِّع العالم مع العراق»، بوصفه «بلد الأنبياء ومهد الحضارات»، وليس الدعوة إلى تطبيع العراق مع أي دولة.

كان ساكو قد قال خلال القداس الذي أُقيم في كنيسة مار يوسف للكلدان الكاثوليك في بغداد، بحضور رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، وعدد من المسؤولين: «هناك كلام عن التطبيع، وأتمنى من الحكومة الجديدة أن يكون التطبيع في العراق ومع العراق بلد الأنبياء»، مضيفاً أن «العالم يجب أن يأتي إلى العراق وليس إلى مكان آخر»، في إشارة إلى أهمية العراق الدينية والحضارية.

مسيحيون عراقيون في قداس ليلة الميلاد بكنيسة «سيدة النجاة» وسط بغداد الأربعاء (أ.ب)

رد السوداني

وردَّ السوداني في كلمة ألقاها خلال القداس نفسه قائلاً إن «كلمة التطبيع غير موجودة في قاموس العراق»، لأنها «ارتبطت بكيان محتل استباح الأرض والإنسان»، مؤكداً أن العراق «لا يحتاج إلى تطبيع بل إلى الأخوة والمحبة والتعايش»، والالتزام «بالواجب الشرعي والقانوني والدستوري».

وفي وقت لاحق، دعا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر إلى «محاسبة من يدعو إلى التطبيع كائناً من كان»، دون أن يذكر ساكو بالاسم، ما أسهم في تصاعد الجدل السياسي حول التصريحات.

من جهتها، أصدرت رئاسة التحالف المسيحي، الخميس، بياناً مطولاً أكدت فيه أن خطاب البطريرك «كان دينياً ثقافياً خالصاً» ولم يكن سياسياً، معتبرةً أن تفسيره على أنه دعوة إلى التطبيع مع إسرائيل «قراءة مسيَّسة» لا تعكس المقصود الحقيقي من الكلمة.

وأضاف البيان أن مصطلح «التطبيع» استُخدم بمعناه اللغوي والدستوري، أي «إعادة الشيء إلى طبيعته»، في إشارة إلى دعوة العالم للتعامل مع العراق بما يليق بتاريخه وعمقه الحضاري والديني، ورفض التحالف ما وصفه بـ«الاستثمار السياسي والإعلامي» للجدل أو الزج بالمكون المسيحي في صراعات سياسية.

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني خلال قداس عيد الميلاد بكنيسة «مار يوسف» للكلدان في بغداد الأربعاء (رويترز)

واصدرت البطريركية الكلدانية فجر الخميس، توضيحاً جديداً شددت فيه على أن ساكو «يرفض الصهيونية»، وأن حديثه كان عن «تطبيع علاقة العالم مع العراق»، مرفقةً مقطع فيديو سابقاً يؤكد فيه الموقف ذاته.

ويحظر القانون العراقي أي شكل من أشكال التطبيع مع إسرائيل، في قضية تحظى بحساسية سياسية وشعبية عالية، مما يجعل استخدام المصطلح مثار جدل واسع في الخطاب العام، حتى عندما يُستخدم في سياقات دينية أو ثقافية.


الانتخابات النيابية اللبنانية قائمة... وتأجيلها تقني «إن حصل»

ناخبة تدلي بصوتها في منطقة الشوف في الانتخابات المحلية الأخيرة في مايو 2024 (أرشيفية - إ.ب.أ)
ناخبة تدلي بصوتها في منطقة الشوف في الانتخابات المحلية الأخيرة في مايو 2024 (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

الانتخابات النيابية اللبنانية قائمة... وتأجيلها تقني «إن حصل»

ناخبة تدلي بصوتها في منطقة الشوف في الانتخابات المحلية الأخيرة في مايو 2024 (أرشيفية - إ.ب.أ)
ناخبة تدلي بصوتها في منطقة الشوف في الانتخابات المحلية الأخيرة في مايو 2024 (أرشيفية - إ.ب.أ)

السجال الدائر في لبنان حول مصير الانتخابات النيابية المقررة في مايو (أيار) المقبل، مع ارتفاع منسوب الترويج للتمديد للبرلمان لسنتين، يصطدم بحائط مسدود يتمثل في إصرار رؤساء الجمهورية العماد جوزيف عون، والمجلس النيابي نبيه بري، والحكومة نواف سلام على إنجازها في موعدها، احتراماً للاستحقاقات الدستورية، وتأجيل إنجازها، في حال حصوله، يعود لأسباب تقنية، وبحدود شهرين، أو ثلاثة أشهر على الأكثر، لتفادي انقضاء المهل.

رئيس البرلمان نبيه بري يترأس اجتماعاً لكتلته «التنمية والتحرير» (أرشيفية - رئاسة البرلمان)

فالترويج للتمديد بدأ يأخذ طريقه إلى العلن، بتبادل الاتهامات بين بري وخصومه، مع أن مصادر نيابية محسوبة على «الثنائي الشيعي» تستغرب إلصاق تهمة التمديد برئيس البرلمان.

وتؤكد المصادر لـ«الشرق الأوسط» أنه لا جدال في موقف بري من إجراء الانتخابات في موعدها، وأن من يريد التمديد فليتحمل مسؤوليته أمام اللبنانيين، والمجتمع الدولي.

ونقلت عن رئيس البرلمان قوله، في لقاء مسائي جمعه بعدد من النواب، إن ما يُنسب إليه أو للمنتمين إلى كتلته النيابية «ليس صحيحاً»، وأنه يسمع بالتمديد عبر بعض وسائل الإعلام وهو «يتيم الوالدين»، بالمفهوم السياسي للكلمة، و«نحن من جانبنا أوعزنا للمسؤولين عن الملف الانتخابي في حركة (أمل) بتشغيل الماكينة الانتخابية تحضيراً لخوض الانتخابات، وهذا ما حصل».

عون ليس في وارد التمديد

وفي المقابل، فإن ما يُنقل عن بري ينسحب على عون باعتباره الخاسر الأكبر من التمديد للبرلمان مع انقضاء عام ونيف على انتخابه رئيساً للجمهورية، كونه يراهن على دور الشباب لإحداث تغيير لملاقاته في منتصف الطريق لإنقاذ لبنان. وبالتالي فإن عون، كما تقول مصادر وزارية لـ«الشرق الأوسط»، ليس في وارد تمرير التمديد، وأنن لا شيء يمنع إجراء الانتخابات في موعدها، وليتحمل النواب مسؤوليتهم بالتوصل لتسوية حول قانون الانتخاب تعبّد الطريق أمام إنجازها.

سلام أيضاً

كما ينسحب موقف عون-بري على سلام الذي يراهن على توصُّل النواب لتسوية لإخراج قانون الانتخاب من السجال، مستغرباً، كما ينقل عنه زواره، اتهامه بتأييده الضمني للتمديد الذي يسمح ببقائه على رأس الحكومة بدلاً من اعتبارها مستقيلة حكماً بولادة مجلس نيابي جديد.

الرئيس اللبناني جوزيف عون ورئيس الحكومة نواف سلام خلال اجتماع ثنائي يوم الثلاثاء الماضي (الرئاسة اللبنانية)

وفي هذا السياق، يُنقل عن المصادر الوزارية قولها إنه لا عائق أمام الحكومة لإجراء الانتخابات بعد أن أشرفت في أحلك الظروف وأشدها، في ظل الاحتلال الإسرائيلي لعدد من التلال الواقعة في البلدات الحدودية، على إنجاز استحقاق الانتخابات البلدية والاختيارية بعد التمديد لأكثر من ولاية لمجالسها.

الدور الأميركي

وتؤكد المصادر أن الفترة الفاصلة عن إجراء الانتخابات في موعدها قد تكون كافية لتبدّل المشهد العسكري الذي تفرضه إسرائيل بالنار على الجنوب امتداداً إلى البقاع على نحو يعيد الاستقرار بالكامل للبنان من بوابته الجنوبية، وهذا يتوقف على مدى استعداد الولايات المتحدة الأميركية للضغط عليها لإلزامها بوقف الأعمال العدائية، مع استعداد لبنان للمضي بتطبيق حصرية السلاح بالانتقال للمرحلة الثانية من الخطة التي أعدتها قيادة الجيش وتبنّتها الحكومة، وتشمل المنطقة الممتدة من شمال نهر الليطاني حتى الأوليّ، بعد التأكد من سيطرة الوحدات العسكرية على المنطقة المحررة في جنوب الليطاني بشهادة لجنة الـ«ميكانيزم» المشرفة على تطبيق الاتفاق، ومعها قيادة قوات الطوارئ الدولية «يونيفيل».

المرحلة الثانية من حصرية السلاح

ولفتت إلى أن تأكيد سلام بالتحضير للمرحلة الثانية كان في محله، وقالت إنها تستغرب اتهامه من قبل كتلة «الوفاء للمقاومة» (حزب الله) من دون أن تسمّيه، بأنه يتبرّع مسبقاً للإسراع بتنفيذ ما يرتاح له العدو من خطوات بدلاً من قيام حكومته بإجراء حازم يدفعه لتنفيذ ما عليه، رغم أن حديثه عن التحضير لهذه المرحلة يأتي انسجاماً مع تبنيها للخطة التي أعدتها قيادة الجيش وتقوم بتطبيق حصرية السلاح على 4 مراحل، ولم يحدد موعداً لبدء تنفيذها لأن تحديده يعود لمجلس الوزراء في ضوء التقرير الذي سيطلعه عليه قائد الجيش العماد رودولف هيكل حول ما أُنجز في المرحلة الأولى الخاصة بجنوب النهر، وموقف الـ«ميكانيزم» منه.

الحلقة الأضعف؟

وسألت المصادر «حزب الله»، هل من فارق بين ما صرّح به سلام في هذا الخصوص لـ«الشرق الأوسط»، وما قاله ويقوله عون بأن قرار حصرية السلاح اتُّخذ والتطبيق وفقاً للظروف؟ وهل يتعاطى الحزب مع سلام على أنه الحلقة الأضعف؟ وإلا لماذا يتجنّب الرد على رئيس الجمهورية بتكراره لموقفه، وآخره كان في أعقاب الخلوة التي عقدها مع البطريرك الماروني بشارة الراعي لمناسبة حلول عيد الميلاد؟

كما سألت الحزب ما إذا كان يحتفظ لنفسه بعدم الرد على عون، لئلا يرتد سلباً على حواره المتقطع معه، والذي لم يحقق التقدم المطلوب لانخراطه في تطبيق حصرية السلاح في ظل تمسكه به، مع أن ما أعلنه سلام لا ينطوي على خلاف مع رئيس الجمهورية، وأنه اختار التوقيت المناسب لتمرير رسالة للرئيس الأميركي دونالد ترمب، وهو يستعد للقاء رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو في 29 الجاري؟

رهانات على ترمب

وأكدت المصادر أنه أحسن باختياره التوقيت ليؤكد لترمب أن الحكومة ماضية بتعهّدها بتطبيق حصرية السلاح تنفيذاً للقرار 1701، وأن إسرائيل ما زالت العائق دون انتشار الجيش حتى الحدود الدولية للبنان قبالة المستوطنات.

ورأت أن الحكومة تتطلع لقيام ترمب بالضغط على نتنياهو، ليس لمنعه من توسعة الحرب، وإنما لإحداث تغيير في المشهد العسكري المفروض إسرائيلياً على لبنان، ما يسمح بعودة الاستقرار للجنوب، وهذا ما يحتّم على «حزب الله» التجاوب مع حصريته التزاماً منه بخطاب القسم، وبالبيان الوزاري للحكومة، ومشاركته فيها بوزيرين.

لذلك تراهن الحكومة على تبدُّل الظروف الأمنية على نحو يتيح إجراء الانتخابات في أجواء آمنة لا تدعو للقلق، وإنما في موعدها، آخذة بعين الاعتبار التأجيل التقني لوقف النزاع حول القانون الذي ستجرى على أساسه، ولضمان اقتراع المغتربين استناداً للتفاهم على تسوية تستبعد إحداث الدائرة الـ16 لتمثيل الاغتراب بـ6 مقاعد، في مقابل صرف النظر عن السماح لهم بالاقتراع من مقر إقامتهم لـ128 نائباً، على أن يؤدي التأجيل التقني لإنجاز الاستحقاق النيابي في الصيف للسماح لهم بالمجيء للبنان لاختيار ممثليهم إلى الندوة النيابية.

وعليه فبمجيئهم في الصيف سيسهمون بتحريك العجلة الاقتصادية. فهل ستسمح الظروف بإجراء الانتخابات مشروطة بتأجيلها تقنياً، أم أن إسرائيل ستقلب الطاولة بتوسعتها الحرب أبعد مما هي عليه الآن؟

وكيف سيرد ترمب، بإسقاط لبنان ذرائع إسرائيل لمواصلة اعتداءاتها، ومعه المجتمع الدولي الذي يتعامل حيال إنجازها على أنها محطة لإحداث تغيير في ميزان القوى للتأكيد على أن نتائجها ما هي إلا ثمرة للتحولات في المنطقة بتراجع محور الممانعة بقيادة إيران، وتقليص نفوذ «حزب الله» في المعادلة السياسية بافتقاده للعدد الأكبر من حلفائه، وبالتالي فإن عدم لجمها سيؤدي لإحراج المجتمع الدولي وعلى رأسه واشنطن بإصرار موفديها إلى لبنان على إجراء الانتخابات بلا أي تأخير؟


الرئيس اللبناني: شبح الحرب ابتعد... وماضون في استكمال «حصرية السلاح»

الرئيس اللبناني جوزيف عون والبطريرك الماروني بشارة الراعي (الرئاسة اللبنانية)
الرئيس اللبناني جوزيف عون والبطريرك الماروني بشارة الراعي (الرئاسة اللبنانية)
TT

الرئيس اللبناني: شبح الحرب ابتعد... وماضون في استكمال «حصرية السلاح»

الرئيس اللبناني جوزيف عون والبطريرك الماروني بشارة الراعي (الرئاسة اللبنانية)
الرئيس اللبناني جوزيف عون والبطريرك الماروني بشارة الراعي (الرئاسة اللبنانية)

أعلن الرئيس اللبناني جوزيف عون ابتعاد «شبح الحرب» الإسرائيلية عن لبنان نتيجة «اتصالاتنا الدبلوماسية»، مؤكداً الاستمرار في قرار «حصرية السلاح»، لكن تطبيقه يتم «وفقاً للظروف».

كلام عون جاء خلال مشاركته وزوجته السيدة الأولى نعمت عون، في قداس عيد الميلاد بمقر البطريركية المارونية في بكركي الذي ترأسه البطريرك الماروني بشارة الراعي.

وبعد خلوة جمعته بالبطريرك الراعي، توجّه عون إلى الصحافيين قائلاً: «إن زيارتي اليوم إلى بكركي طبيعية وتقليدية لتقديم التهاني بمناسبة عيد الميلاد إلى غبطة البطريرك. ومن خلالكم، أودّ أن أعايد جميع اللبنانيين، متمنياً أن نشهد في السنة المقبلة ولادة لبنان الجديد: لبنان دولة المؤسسات لا دولة الأحزاب، ولا دولة الطوائف، ولا دولة المذاهب، بل دولة الشفافية والمحاسبة».

وأكد عون أنه «في هذا العيد، هناك جرح نازف في الجنوب، ولم يعد أهلنا إليه بعد، فيما لا يزال أسرانا في السجون الإسرائيلية، ولا تزال هناك اعتداءات آخرها، الخميس، في الجنوب والبقاع. إن شاء الله نشهد ولادة لبنان الجديد، وننتهي من الحروب ونعيش السلام».

تثبيت الاستقرار

وأوضح أن اتصالات لبنان مع الدول المؤثرة لم تتوقف، خصوصاً مع الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي والدول العربية، وذلك ضمن الحراك الدبلوماسي لتثبيت الاستقرار، في ظل التوترات والانتهاكات الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار.

وعن عمل لجنة «الميكانيزم» والحديث الإسرائيلي عن تجدد الحرب بعد رأس السنة، أكّد عون أن «اتصالاتنا الدبلوماسية لم تتوقف لإبعاد شبح الحرب. وأستطيع أن أقول لكم إن شبح الحرب بَعُدَ. وبطبيعة الحال، في التفاوض، كل واحد يريد رفع سقفه لكنني متفائل، وإن شاء الله الأمور ذاهبة إلى خواتيم إيجابية».

2000 مرسوم

وتوقف عون عند ما حققه حتى اليوم في موضوعي الإصلاح وحصرية السلاح، وقال: «إذا أردنا قياس الأمور مقارنة مع السنوات السابقة، هناك إنجازات بالتأكيد. ليس هذا هدفنا فحسب، هدفنا أبعد من ذلك، لكننا وضعنا الأمور على السكة الصحيحة. وإذا نظرتم إلى ما حققته الحكومة خلال 10 أشهر من إنجازات، فلقد أحصينا بالأمس توقيع 2000 مرسوم، هناك مراسيم تقع على عاتقنا وأخرى تقع على عاتق مجلس النواب، أليس هذه إنجازات؟ انظروا إلى الأرقام الاقتصادية وإلى فترة العيد وإلى فصل الصيف الماضي، بالطبع ليس ذلك هدفنا الأساسي، لكن إن شاء الله تذهب الأمور إلى تحسن، وأنا متفائل بذلك، لكن لا تتوقعوا أن يتم الأمر خلال سنة».

وتعهّد عون بمواصلة العمل لاستكمال تنفيذ قرار حصرية السلاح على كل الأراضي اللبنانية، وقال: «القرار اتخذ، وسنكمل في الأمر»، مشيراً إلى أن «التطبيق وفقاً للظروف».

أطفال يحتفلون بالميلاد في بلدة علما الشعب الحدودية مع إسرائيل جنوب لبنان (أ.ب)

كما أكّد عون تصميمه، وتصميم رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نواف سلّام، على إجراء الانتخابات في موعدها. وقال: «إن مجلس النواب، وانطلاقاً من مبدأ احترام فصل السلطات، لديه دور يجب أن يضطلع به؛ فليتوجّهوا إلى المجلس وليناقشوا أي قانون يريدون. أما واجبنا فهو تأمين سلامة الانتخابات وشفافيتها، في حين يقرر مجلس النواب القانون الذي تُجرى على أساسه. ونحن مصممون على إجرائها في موعدها، فالانتخابات استحقاق دستوري يجب أن يُجرى في وقته».

الراعي

وكان الراعي قد قال في عظة الميلاد إن «عيد الميلاد هو يوم البداية الجديدة. يوم نقول فيه: كفى حروباً، كفى انقسامات، كفى خوفاً على المستقبل»، وتابع: «هو يوم نرفع فيه رؤوسنا ونقول: نعم، يمكن للبنان أن يقوم، يمكنه أن يشفى، ويمكنه أن يكون وطن السلام».

وأشار الراعي إلى أنه «في هذا العيد، وبحضور فخامة رئيس الجمهورية، نرفع صلاة صادقة من أجل لبنان، أن يكون هذا الميلاد بداية مرحلة جديدة، مرحلة تُرمَّم فيها الثقة، وتُستعاد فيها هيبة الدولة، وتُصان فيها المؤسسات، ويُعاد فيها الاعتبار للدستور، وللقانون، وللقيم التي قام عليها هذا الوطن».

وشدد الراعي على أن «لبنان لا يُبنى بالكلمات وحدها، بل بالأفعال الشجاعة، والقرارات الحكيمة، والإرادة الصادقة في خدمة الخير العام».

وتابع أن ميلاد المسيح «يذكّرنا بأن القوة الحقيقية ليست في الصراع، بل في المصالحة؛ ليست في الغلبة، بل في اللقاء؛ ليست في الانقسام، بل في الوحدة. هذا الوطن، بتنوّعه وغناه الإنساني، مدعوّ اليوم أكثر من أي وقت مضى ليكون وطن العيش معاً، لا العيش ضدّ بعضنا، وطن الشراكة لا الإقصاء، وطن الرجاء لا الإحباط».