ما العوامل التي أدّت إلى سقوط الأسد؟

الرئيس السوري المعزول بشار الأسد وزوجته أسماء 20 ديسمبر 2020 (سانا - رويترز)
الرئيس السوري المعزول بشار الأسد وزوجته أسماء 20 ديسمبر 2020 (سانا - رويترز)
TT

ما العوامل التي أدّت إلى سقوط الأسد؟

الرئيس السوري المعزول بشار الأسد وزوجته أسماء 20 ديسمبر 2020 (سانا - رويترز)
الرئيس السوري المعزول بشار الأسد وزوجته أسماء 20 ديسمبر 2020 (سانا - رويترز)

أطاحت فصائل المعارضة في سوريا بالرئيس بشار الأسد بعد هجوم خاطف شهد، في أقل من أسبوعين، انتزاع مدن كبرى من أيدي الحكومة، وصولاً إلى دخولها العاصمة دمشق، الأحد.

وقال الباحث آرون لوند، من مركز «سنتشري إنترناشيونال» للبحوث، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، هذا الأسبوع، إن «العامل الرئيسي» في نجاح المقاتلين هو «ضعف النظام وانخفاض المساعدة الدولية للأسد».

وأضاف أن «عمل قائد (هيئة تحرير الشام)، أبو محمد الجولاني، على بناء مؤسسات، وتركيز جزء كبير من الحركة المعارضة تحت قيادته، لعبا دوراً كبيراً أيضاً»، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وبدأت الحرب في سوريا بحملة قمع ضد احتجاجات مناهضة للحكومة في عام 2011. وعلى مدى السنوات الأربع الماضية، بقيت الجبهات جامدة إلى حد كبير حتى شنت «هيئة تحرير الشام» وفصائل متحالفة معها هجومها في 27 نوفمبر (تشرين الثاني).

ما هي أسباب هذا السقوط السريع لبشار الأسد؟

جيش منهك

على مدى أكثر من 13 سنة من النزاع، أُنهك الجيش السوري في حرب أودت بحياة أكثر من نصف مليون شخص، ودمّرت اقتصاد البلاد والبنى التحتية والصناعة.

في السنوات الأولى للحرب، قال خبراء إن مزيجاً من الخسائر البشرية والانشقاقات والتهرّب من الخدمة العسكرية، تسبّبت في خسارة الجيش نحو نصف قوته البالغة 300 ألف جندي.

وبحسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، لم يبدِ الجيش مقاومة تذكر في وجه المقاتلين خلال الأيام الماضية. وقال المرصد وخبراء عسكريون إن الجنود أخلوا مواقعهم بشكل متكرّر في كل أنحاء البلاد غالباً قبل وصول المعارك إليهم.

ويقول دافيد ريغوليه روز، من المعهد الفرنسي للشؤون الدولية والاستراتيجية، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «منذ عام 2011، واجه الجيش السوري استنزافاً في القوى البشرية والمعدّات والمعنويات».

ويضيف أن الجنود الذين يتقاضون رواتب منخفضة كانوا يقومون بعمليات نهب من أجل تعويض ذلك. كما تهرّب العديد من الشباب من التجنيد الإجباري.

وأمر الأسد، الأربعاء، بزيادة رواتب الجنود في الخدمة بنسبة 50 في المائة، لكن مع تدهور الاقتصاد السوري، بقيت رواتب الجنود عديمة القيمة.

حلفاء تخلوا عنه

واعتمد الأسد بشكل كبير على الدعم العسكري والسياسي والدبلوماسي من حليفَيه الرئيسيَين، روسيا وإيران.

الأسد يتوسط الرئيس الإيراني الأسبق محمود أحمدي نجاد والأمين العام الراحل لـ«حزب الله» حسن نصر الله في دمشق عام 2010 (أ.ف.ب)

وتمكّن بمساعدتهما من استعادة معظم الأراضي التي خسرها بعد اندلاع النزاع عام 2011، كما أدى التدخل الروسي جواً في عام 2015 إلى تغيير مجرى الحرب لصالح الأسد.

لكن هجوم الفصائل، الشهر الماضي، أتى في وقت ما زالت فيه روسيا غارقة في حربها ضد أوكرانيا، كما أن ضرباتها الجوية فشلت هذه المرة في صدّ المقاتلين الذين اجتاحوا مساحات واسعة من الأراضي بما فيها مدن كبرى مثل حلب وحماة وحمص وفي نهاية المطاف دمشق.

أما إيران، فلطالما أرسلت مستشارين عسكريين للجيش السوري، ودعمت الجماعات المسلحة الموالية للحكومة على الأرض.

لكن إيران والمجموعات المتحالفة معها، لا سيما «حزب الله» اللبناني، تعرّضت خلال السنة الماضية لضربات كبيرة من إسرائيل على خلفية الحرب في قطاع غزة، ثم بين إسرائيل و«حزب الله» المدعوم من إيران في لبنان.

وقال المحلّل نِك هيراس، من معهد «نيو لاينز إنستيتيوت»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، قبل سيطرة الفصائل على دمشق: «في نهاية المطاف، ستعتمد قدرة حكومة الأسد على البقاء على مدى رؤية إيران وروسيا للأسد مفيداً لاستراتيجياتهما في المنطقة».

وأضاف: «إذا عدَّ أي من هذين الحليفين أو كلاهما أنهما قادران على تعزيز مصالحهما دون الأسد، فإن أيامه في السلطة ستكون قد أصبحت معدودة».

«حزب الله» أضعف

يدعم «حزب الله» اللبناني دمشق ميدانياً منذ عام 2013 حين أرسل آلاف المقاتلين عبر الحدود لدعم الجيش.

لكنّ فصائل المعارضة السورية شنّت هجومها، الشهر الماضي، في اليوم نفسه الذي دخل فيه وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» حيز التنفيذ، بعد أكثر من عام من التصعيد.

ونقل «حزب الله» العديد من مقاتليه من سوريا إلى جنوب لبنان لمواجهة إسرائيل، ما أضعف وجوده في البلد المجاور.

وقال مصدر مقرب من «حزب الله»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن مئات المقاتلين في الحزب قضوا في الحرب مع إسرائيل، من دون تقديم حصيلة محددة.

كذلك، قضى العديد من قادة «حزب الله» خلال الحرب مع إسرائيل بضربات جوية ضخمة، من بينهم أمينه العام حسن نصر الله، وخليفته المفترض هاشم صفي الدين.

وقال مصدر آخر مقرب من «حزب الله»، الأحد، إن الحزب كان يسحب قواته من ضواحي دمشق ومنطقة حمص القريبة من الحدود.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن إسقاط الأسد كان «نتيجة مباشرة للضربات التي وجهناها إلى إيران و(حزب الله)، الداعمين الرئيسيين للرئيس السوري».


مقالات ذات صلة

ميقاتي: لبنان سيتعاون مع الإنتربول للقبض على مسؤول سوري متهم بجرائم حرب

المشرق العربي رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي (رئاسة الحكومة)

ميقاتي: لبنان سيتعاون مع الإنتربول للقبض على مسؤول سوري متهم بجرائم حرب

قال رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، اليوم (الاثنين)، إن لبنان سيتعاون مع طلب الشرطة الدولية (الإنتربول) للقبض على مدير المخابرات الجوية السورية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي طلال مخلوف قائد الحرس الجمهوري برفقة الرئيس المخلوع بشار الأسد (أرشيفية - إكس)

تسوية أوضاع مقرَّب من نظام الأسد تثير عاصفة من الجدل

أثارت عمليات التسوية التي تجريها الإدارة الجديدة في سوريا لعناصر الأمن والعسكريين في النظام السابق، موجة من الجدل ما بين مؤيد لهذه الخطوة.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي رجل يتنفس عبر قناع أكسجين بينما يتلقى آخر العلاج بعد ما وصفه عمال إنقاذ بأنه هجوم مشتبه بالغاز في بلدة خان شيخون بمحافظة إدلب بسوريا في 4 أبريل 2017 (رويترز)

الكشف عن «ضغوط» مارسها نظام الأسد لتغيير شهادات طبيبين حول هجوم كيماوي في سوريا

روى طبيبان وممرض من مدينة دوما قرب دمشق، الضغوط التي تعرضوا لها من نظام الأسد من أجل إنكار معاينتهم أعراضاً تؤشر إلى قصف بسلاح كيماوي.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
أوروبا أسماء الأسد خلال فعالية في دمشق يوم 7 أبريل 2021 (رويترز)

الكرملين ينفي طلب أسماء الأسد مغادرة روسيا

نفى المتحدث باسم الكرملين الروسي، الاثنين، ما تردد من تقارير حول طلب أسماء الأسد، زوجة الرئيس السوري السابق بشار الأسد «إذناً خاصاً لمغادرة روسيا».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
المشرق العربي وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي والقائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع في دمشق (أ.ف.ب) play-circle 00:37

الصفدي أول وزير خارجية عربي يلتقي الشرع... وقطر «مهتمة بالاستثمار في الطاقة»

التقى القائد العام للإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع الاثنين دبلوماسيين عرب قدموا تباعاً دعماً للشعب السوري وناقش معهم الجهود المركزة في الفترة المقبلة.

«الشرق الأوسط» (عمّان)

السعودية ومصر تبحثان الوضع في سوريا

الأمير فيصل بن فرحان والوزير بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)
الأمير فيصل بن فرحان والوزير بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)
TT

السعودية ومصر تبحثان الوضع في سوريا

الأمير فيصل بن فرحان والوزير بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)
الأمير فيصل بن فرحان والوزير بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)

بحث الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي، مع نظيره المصري بدر عبد العاطي، في اتصال هاتفي، الاثنين، مستجدات الأوضاع على الساحة السورية، اتصالًا بالتطورات السياسية والميدانية الأخيرة.

وحسب بيان للخارجية المصرية، أكد الوزير عبد العاطي «أهمية دعم الدولة السورية خلال هذه المرحلة الفاصلة في تاريخ سوريا الشقيقة، وضرورة احترام سيادتها ووحدة وسلامة أراضيها، وتمكين مؤسساتها الوطنية من الاضطلاع بدورها، وتبني عملية سياسية شاملة بملكية وقيادة سورية يشارك فيها جميع مكونات الشعب السوري لاستعادة الاستقرار في أراضي سوريا كافة».

كما تناول الوزيران آخر التطورات في قطاع غزة، واستعرض عبد العاطي «جهود مصر المكثفة مع الأطراف المعنية للتوصل إلى وقف فوري ومستدام لإطلاق النار، ونفاذ المساعدات الإنسانية دون عوائق إلى القطاع».