إسرائيل تطلق أوسع محاولة توغل بالعمق اللبناني

اشتباكات على أطراف شمع... وقصف مكثف للقرى المطلة على وادي الحجير

جنود إسرائيليون يشاركون في تشييع جندي قُتل بمعارك جنوب لبنان (إ.ب.أ)
جنود إسرائيليون يشاركون في تشييع جندي قُتل بمعارك جنوب لبنان (إ.ب.أ)
TT

إسرائيل تطلق أوسع محاولة توغل بالعمق اللبناني

جنود إسرائيليون يشاركون في تشييع جندي قُتل بمعارك جنوب لبنان (إ.ب.أ)
جنود إسرائيليون يشاركون في تشييع جندي قُتل بمعارك جنوب لبنان (إ.ب.أ)

أطلق الجيش الإسرائيلي، الخميس، «أوسع محاولة توغل» في العمق اللبناني، عبر ثلاثة محاور أساسية، تمكَّن في أحدها من الوصول إلى تخوم بلدة شمع في المحور الغربي على بُعد نحو 4 كيلومترات عن الحدود، حيث اندلعت اشتباكات مع مقاتلي «حزب الله»، وذلك في اليوم الأول من عملية برية لم تتضح معالمها أو حجمها بعدُ، تزامنت مع مروحة واسعة من القصف الجوي لقرى الإسناد، الواقعة على مسافة تتراوح بين 7 و15 كيلومتراً في العمق اللبناني.

وأعلن الجيش الإسرائيلي أن قوات «الفرقة 91» تشارك في توسيع نطاق الاجتياح البري في أطراف خط القرى الثاني بجنوب لبنان، وتعمل في مناطق جديدة لم يعمل فيها الجيش الإسرائيلي من قبل. وقال إنه، خلال العملية، عثر مقاتلو وحدة الكوماندوز، التابعة للفرقة، على منصة إطلاق تحتوي على 32 قاذف صواريخ، بالإضافة إلى مستودعات أسلحة وذخائر متعددة، فضلاً عن أنفاق تحت الأرض.

وفي حين لم يحدد الجيش نطاق العملية وموقعها، قالت مصادر في الجنوب، لـ«الشرق الأوسط»، إن الجيش الإسرائيلي «أطلق أوسع محاولة توغل شملت جميع القطاعات»، مضيفة أنه «يسعى لتحقيق اختراق في أي نقطة يمكن أن يجد فيها ثغرة، وهو ما دفعه لتوسيع نطاق العملية؛ وذلك بهدف تشتيت القوة الصاروخية التي تساند المدافعين في الميدان».

ووصل الاختراق إلى أطراف بلدة شمع الاستراتيجية، التي تشرف على مدينة صور. وقال مصدر أمني لبناني، لـ«الشرق الأوسط»، إن «محاولات التوغل بدأت، منذ الفجر، على محاور الضهيرة»؛ وهي بلدة حدودية تعرضت للتدمير، خلال الأسابيع الماضية، وسلكت «الطريق باتجاه وادي حامول وشمع». وأكدت المصادر وصول الجيش الإسرائيلي إلى أطراف شمع؛ «حيث تجري اشتباكات عنيفة هناك».

مسعفون ينقلون مصابين جراء غارة إسرائيلية استهدفت بعلبك في شرق لبنان (أ.ف.ب)

ممر عسكري

والواضح من هذه المحاولات على المحور الغربي أن الجيش الإسرائيلي تجنَّب العبور من المواقع الحرجية والأودية، واتخذ مسالك مكشوفة يمكن أن تُجنبه الاستهدافات الصاروخية المباشرة بحوزة مقاتلي «حزب الله» الذين يُفترض أنهم يقيمون في تلك المناطق الحرجية والوديان. كما تُعد هذه الطريق الأقصرَ من الظهيرة عبر أطراف طيرحرفا باتجاه شمع، علماً بأن البلدة الأخيرة تقيم فيها قوات «اليونيفيل» واحدة من أكبر قواعدها العسكرية في جنوب لبنان.

وأفادت وسائل إعلام محلية، الخميس، باشتباكات عنيفة اندلعت بالأسلحة الرشاشة، قبل أن تبدأ مدفعية إسرائيلية بقصف طيرحرفا بالقذائف الفوسفورية والمدفعية، وتحدثت عن تدمير دبابة «ميركافا» كانت تتقدم ضمن قوة إسرائيلية في وادي البطيشية، صعوداً باتجاه بلدة طيرحرفا. كما تحدثت عن مروحية إسرائيلية كانت تنقل جنوداً مصابين جراء الاشتباكات في محور التوغل. وتحدثت عن انسحابات إسرائيلية بعد الظهر من محور التوغل إلى الخلف باتجاه الحدود، في حين واصل «حزب الله» قصف التجمعات في المواقع العسكرية.

الدخان يتصاعد جراء غارات إسرائيلية استهدفت بلدات واقعة بمدينة صور جنوب لبنان (أ.ف.ب)

أوسع محاولات توغل

ولم تستقرَّ محاولات التوغل على هذا المحور، فيما بدا أن الجيش الإسرائيلي يسعى للوصول إلى المرتفعات المطلة على وادي الحجير، الذي يُعتقد أن الصواريخ باتجاه العمق الإسرائيلي تنطلق منه، وذلك تكراراً للمدى الجغرافي للوجود الإسرائيلي في جنوب لبنان قبل عام 2000. وأفادت وسائل إعلام محلية بأن إسرائيل تحاول تحقيق اختراقات على محور الضهيرة - علما الشعب - حامول في أطراف الناقورة - طير حرفا في القطاع الغربي. أما في القطاع الأوسط فتحاول التوغل عبر محور يارون - بنت جبيل، ومحور عيترون - بنت جبيل، ومحور عيترون - عيناثا في القطاع الأوسط. أما في القطاع الشرقي فتحاول عبر محور العباد - حولا، ووادي هونين - مركبا.

وأفادت معلومات ميدانية عن محاولات إسرائيلية للوصول إلى بلدة الطيبة، انطلاقاً من قرى الحافة الحدودية التي دمرت منازلها في مركبا وحولا، وهو ما يُرصد في بيانات لـ«حزب الله» تحدثت عن استهدافات لتجمعات عسكرية بين بلدتيْ حولا ومركبا، وأخرى عند الأطراف الشرقية لبلدة مركبا، في حين ظهرت محاولات للتقدم باتجاه مدينة بنت جبيل على محور عيناثا، حيث اندلعت اشتباكات أيضاً، غداة تفجير منزل على المثلث نفسه بالمنطقة، وقُتل فيه 6 جنود إسرائيليين.

جنود إسرائيليون يشيّعون جندياً قُتل في جنوب لبنان (إ.ب.أ)

وقالت المصادر الميدانية، لـ«الشرق الأوسط»، إن الغارات الجوية تجددت على بلدات الحافة، ما يعني أن مقاتلي الحزب استطاعوا الوصول مرة أخرى إلى تلك المناطق التي سبق أن دخلها الجيش الإسرائيلي، كما تحدثت عن مروحة واسعة من القصف الجوي طالت قرى الخطين الثالث والرابع؛ وذلك في مسعى لعرقلة الإسناد الصاروخي والمدفعي للقوات المدافعة، وبلغ عمق القصف المكثف، المدفعي والجوي الإسرائيلي، بين 7 و12 كيلومتراً، وطال أطراف بلدات زبقين ومجدل زون، وشيحين وشقرا وبرعشيت والطيري وقبريخا والمنصوري وغيرها من عشرات القرى التي استُهدفت بالغارات والمدفعية الثقيلة.

أفق العملية وحجمها

وتسود الضبابية أهداف العملية العسكرية وحجمها وأفقها الزمني ورقعتها الجغرافية، وتحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن أن السياق غير واضح لجهة التوغل، وتثبيت النقاط العسكرية في جنوب لبنان، أو تدمير القرى في الشريط الثاني من القرى الحدودية؛ أسوة بقرى الخط الأول، وذلك انطلاقاً من أن الانسحاب من قرى الخط الأول أتاح لـ«حزب الله» إعادة الانتشار والوصول إليها مرة أخرى، في حين لم يحسم المستوى السياسي طبيعة المعركة بعدُ.

وتتضارب المقاربات الإسرائيلية التي تبثها وسائل الإعلام، ففي حين تحدثت «يديعوت أحرونوت» عن أن الجيش الإسرائيلي «يمهد لليوم التالي للحرب على لبنان؛ أي أن يمنع الجيش اللبناني و(اليونيفيل) وجوداً مسلّحاً لـ(حزب الله) في جنوب نهر الليطاني، وبشكل خاص في خطي القرى الأول والثاني»، يقول معلّقون آخرون إن قسماً كبيراً من هذه الذخيرة، التي تستهدف العمق الإسرائيلي، يطلقها «حزب الله» من منطقة «خط القرى الثاني»، وأن في هذه القرى لا يزال يوجد مخزون كبير من الأسلحة، وهي قريبة بما يكفي من الحدود كي ينفذ منها إطلاق نار ناجع على إسرائيل.


مقالات ذات صلة

أميركا تُسلّم برّي مسودة لمقترح هدنة

المشرق العربي الدخان يتصاعد بعد غارة إسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية 14 نوفمبر 2024 (د.ب.أ)

أميركا تُسلّم برّي مسودة لمقترح هدنة

ذكر وسائل إعلام لبنانية، اليوم (الخميس)، أن السفيرة الأميركية، ليزا جونسون، سلّمت رئيس البرلمان، نبيه بري، ورقة خطية تتضمن اقتراحاً لوقف إطلاق النار في لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي لبنانيون يوثّقون الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت بجوَّالاتهم (أ.ف.ب)

واشنطن أبلغت بري استمرار وساطة هوكستين بـ«مباركة» الإدارة الجديدة

كثّف الجيش الإسرائيلي غاراته على الضاحية الجنوبية لبيروت، بموازاة الترويج لتسوية وشيكة مع لبنان، تقوم على احتفاظ إسرائيل بحرّية تنفيذ العمليات داخل لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية قصف إسرائيلي على الضاحية الجنوبية ببيروت (رويترز)

الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل جندي وإصابة آخر في معارك بجنوب لبنان

أعلن الجيش الإسرائيلي مساء الخميس، مقتل أحد جنوده وإصابة آخر بجروح خطيرة في المعارك الدائرة في جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي خلال تشييع قتلى سقطوا في قصف إسرائيلي استهدف بلدة السكسكية في جنوب لبنان الأربعاء (أ.ب)

ثقة مفقودة بين «حزب الله» والإعلام اللبناني

تتسم العلاقة بين «حزب الله» والإعلام اللبناني بـ«التوتر» وعدم الثقة في نقل مجريات الحرب الدائرة اليوم.

كارولين عاكوم (بيروت)
شمال افريقيا محادثات السيسي ورونالد لامولا في القاهرة تناولت دعم القضية الفلسطينية (الرئاسة المصرية)

تنسيق مصري - جنوب أفريقي لدعم القضية الفلسطينية

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي «استمرار التشاور والتنسيق مع جنوب أفريقيا على جميع المستويات بهدف التقدم نحو تحقيق السلم والأمن والتنمية بأفريقيا».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

سوريا: قصف إسرائيلي يستهدف أحد الجسور في القصير قرب الحدود مع لبنان

سحابة دخان تظهر بالقرب من القصير غرب سوريا (سانا)
سحابة دخان تظهر بالقرب من القصير غرب سوريا (سانا)
TT

سوريا: قصف إسرائيلي يستهدف أحد الجسور في القصير قرب الحدود مع لبنان

سحابة دخان تظهر بالقرب من القصير غرب سوريا (سانا)
سحابة دخان تظهر بالقرب من القصير غرب سوريا (سانا)

ذكرت وكالة الأنباء السورية مساء اليوم (الخميس) أن قصفاً إسرائيلياً استهدف أحد الجسور بمنطقة القصير جنوب غربي حمص، بالقرب من الحدود مع لبنان.

كانت وزارة الدفاع السورية قد أعلنت أمس (الأربعاء) أن طائرات إسرائيلية استهدفت جسوراً على نهر العاصي وطرقاً على الحدود السورية - اللبنانية في ريف حمص، في هجوم أدى إلى «إلحاق أضرار كبيرة بها وخروجها عن الخدمة».

وقال الجيش الإسرائيلي إن طائراته أغارت على محاور نقل تابعة للنظام السوري على الحدود السورية - اللبنانية، والتي قال إنه تم استخدامها لنقل «وسائل قتالية» إلى جماعة «حزب الله».