عبد الله الثاني لعراقجي: لن نكون ساحة للصراعات الإقليمية

الأردن يجدد موقفه من التصعيد الإيراني - الإسرائيلي بحياد سمائه وسيادته على أرضه

ملك الأردن وولي عهده خلال استقبال وزير الخارجية الإيراني اليوم الأربعاء (بترا)
ملك الأردن وولي عهده خلال استقبال وزير الخارجية الإيراني اليوم الأربعاء (بترا)
TT

عبد الله الثاني لعراقجي: لن نكون ساحة للصراعات الإقليمية

ملك الأردن وولي عهده خلال استقبال وزير الخارجية الإيراني اليوم الأربعاء (بترا)
ملك الأردن وولي عهده خلال استقبال وزير الخارجية الإيراني اليوم الأربعاء (بترا)

شدد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، خلال استقباله وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، اليوم الأربعاء، على أن بلاده «لن تكون ساحة للصراعات الإقليمية»، داعياً إلى «ضرورة خفض التصعيد في المنطقة».

وحذر الملك، بحضور الأمير الحسين بن عبد الله الثاني ولي العهد، من أن «استمرار القتل والتدمير سيبقي المنطقة رهينة العنف وتوسيع الصراع». وأكد «حرص الأردن على بذل كل الجهود مع الدول الشقيقة والصديقة من أجل استعادة الاستقرار في المنطقة، وإيجاد أفق سياسي للقضية الفلسطينية».

واعتبر أن وقف الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان خطوة أولى نحو التهدئة. وأكد أهمية تعزيز الاستجابة الإنسانية في قطاع غزة، وضمان وصول المساعدات الإغاثية للحد من الكارثة الإنسانية، مشيراً إلى حرص الأردن على إدامة تدفق مسار المساعدات الإنسانية إلى غزة منذ بدء الحرب.

الأردن سيرد على أي محاولة اختراق

ويتمسك الساسة الأردنيون بهذه المواقف عند كل تحرك دبلوماسي، وكذلك الحال في استقبال عراقجي. وحدد الأردن مواقفه من التصعيد الإسرائيلي - الإيراني بتشبثه بالحياد الكامل، ورفض استخدام «أجوائه وأراضيه»، متمسكاً بـ«حماية أمنه وسيادته»، أمام تصعيد طهران وتل أبيب. وأبلغت عمان طرفي الصراع بأنها «بالحد الذي تستطيعه ووفق قدراتها وإمكاناتها، ستتصدى لأي محاولة اختراق لأجوائها».

ولا يملك أحد تفسيراً للموقف الإيراني بين تصريحاته وجولاته الدبلوماسية من جهة، ودعمه لرفع مستويات التصعيد في المنطقة من خلال دعمه الحرب على جبهات عدة من جهة أخرى، وسط تزايد خطورة التصعيد والاندفاع نحوه.

وإن كان استقبال الوزير الإيراني الذي يزور الأردن ضمن جولة إقليمية، مهماً لعمان، فقد سبق ذلك لقاء جمع العاهل الأردني بالرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك الشهر الماضي.

وتبع تلك المباحثات بين الزعيمين لقاء مغلق لم يحضره أحد من الوفد المرافق. وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن تفاصيل اللقاء ظلت في عهدة الملك الأردني والرئيس الإيراني، ولم يتم الاطلاع على تفاصيل اللقاء الثنائي الأول من نوعه على مستوى العلاقات بين البلدين منذ عقود.

علي باقري كني وزير الخارجية الإيراني بالإنابة السابق يجري محادثات مع وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي خلال مباحثاتهما في طهران 4 أغسطس 2024 (إ.ب.أ)

عمان وطهران: علاقات جديدة

في الثامن من أبريل (نيسان) الماضي، وعلى بعد أيام فقط من اغتيال رئيس حركة «حماس» إسماعيل هنية في طهران، قام وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي بزيارة مفاجئة إلى العاصمة الإيرانية، في خطوة تعكس تحولاً في العلاقات بين البلدين.

وخلال الزيارة، صرح الصفدي بأن الملك عبد الله الثاني «كلفني لتلبية الدعوة إلى طهران، لنخوض حديثاً أخوياً واضحاً وصريحاً حول تجاوز الخلافات بين البلدين بشفافية، بما يحمي مصالح كل من بلدينا، ويضعنا على طريق بناء علاقات طيبة وأخوية قائمة على احترام الآخر وعدم التدخل في شؤونه، والإسهام في بناء منطقة يسودها الأمن والسلام».

لم تكن تلك الزيارة موجهة إلى طهران وحلفائها فقط، بل حملت أيضاً رسالة إلى إسرائيل مفادها بأن الأردن «يمتلك خياراته السياسية للدفاع عن سيادته على أرضه وسمائه، وأن أحد هذه الخيارات هو فتح قنوات الاتصال على وسعها مع طهران والأطراف المعنية في المنطقة»، وفقاً لمصادر تحدثت إلى «الشرق الأوسط». كما تم نقل الرسالة ذاتها التي تلقاها الإيرانيون إلى تل أبيب عبر وسطاء.

أبرز الصفدي خلال زيارته أهمية «عيش الشعب في أمن وسلام واستقرار، وإنهاء التصعيد»، مؤكداً أن الخطوة الأولى نحو ذلك هي «وقف العدوان الإسرائيلي على غزة، ووقف انتهاك حقوق الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية، وتجنب الخطوات التصعيدية التي قد تدفع المنطقة نحو مزيد من الدمار، وتلبية حقوق الشعب الفلسطيني في الحرية والدولة والعيش الكريم والسيادة في دولته المستقلة».

صواريخ طهران في أجواء المملكة

لا تملك تل أبيب عمقاً جغرافياً للرد على الصواريخ الإيرانية، لذلك مضاداتها قد تُسقط الصواريخ الإيرانية داخل الأراضي الأردنية، وهي الحدود المأهولة بالسكان، فبادر الجيش الأردني بالرد على تلك الصواريخ دفعاً لها نحو السقوط في الصحراء الشرقية بعيداً عن السكان.

في الثالث عشر من أبريل الماضي والأول من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أطلقت صواريخ إيرانية باتجاه إسرائيل، وقد صدرت عدة ردود فعل رسمية أردنية في هذا السياق، ومن بينها تصريحات الناطق باسم الحكومة الأردنية، محمد المومني، قبل نحو أسبوعين.

وأكد المومني في تلك التصريحات على أن موقف بلاده «واضح ودائم»، بأن الأردن «لن يكون ساحة للصراع لأي طرف»، مشدداً على أن «حماية (بلاده والأردنيين) تعتبر مسؤوليتنا الأولى».

وأشار إلى أن أجزاء من الصواريخ سقطت في مناطق مختلفة من المملكة، مع تسجيل ثلاث إصابات صنفت طبياً بأنها طفيفة، مبيناً أن هناك أضراراً مادية وقعت نتيجة لهذه الحادثة.


مقالات ذات صلة

تقرير: إيران تخفي برامج الصواريخ والمسيرات تحت ستار أنشطة تجارية

شؤون إقليمية مسيرات انتحارية من طراز «شاهد 136» خلال العرض العسكري السنوي للجيش الإيراني بطهران (تسنيم)

تقرير: إيران تخفي برامج الصواريخ والمسيرات تحت ستار أنشطة تجارية

قالت شبكة «فوكس نيوز» الأميركية إن إيران لجأت إلى قطاعها التجاري لإخفاء تطويرها للصواريخ الباليستية، في خطوة للالتفاف على العقوبات الدولية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي «تشاتام هاوس» البريطاني نظّم جلسات حول مصير العراق في ظل الحرب (الشرق الأوسط)

العراق بين حافتَي ترمب «المنتصر» و«إطار قوي»

في معهد «تشاتام هاوس» البريطاني، طُرحت أسئلة عن مصير العراق بعد العودة الدرامية لدونالد ترمب، في لحظة حرب متعددة الجبهات في الشرق الأوسط.

علي السراي (لندن)
المشرق العربي كتائب «حزب الله» العراقية رهنت مصير «وحدة الساحات» بما يقرره «حزب الله» اللبناني (إكس)

بغداد تحث واشنطن على منع هجمات إسرائيلية «وشيكة»

دعا العراق الدول الكبرى إلى إنهاء الحرب على لبنان وغزة، وطالب الولايات المتحدة بمنع أي هجمات إسرائيلية على البلاد.

فاضل النشمي (بغداد)
تحليل إخباري محسن نذیري أصل مندوب إيران الدائم لدى المنظمات الدولية يحمل لوحة باسم بلاده في الاجتماع الفصلي في فيينا اليوم (الذرية الدولية)

تحليل إخباري البرنامج النووي الإيراني يجتاز مرحلة حساسة

إيران واقعة بين خيار الإذعان لمطالب الغربيين أو مواجهة التصعيد، وذلك على خلفية اجتماعات الوكالة الدولية للطاقة الذرية واحتمال صدور قرار متشدد بحقها.

ميشال أبونجم (باريس)
شؤون إقليمية صورة وزعتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية من مديرها العام رافائيل غروسي في مستهل اجتماعها ربع السنوي في فيينا اليوم

قرار غربي يدين تقاعس إيران في التعاون مع «الذرية الدولية»

قدمت الدول الأوروبية والولايات المتحدة نص قرار يُدين عدم تعاون إيران في الملف النووي إلى مجلس محافظي «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» وفق ما ذكرت مصادر دبلوماسية

«الشرق الأوسط» ( لندن-فيينا)

وزارة الصحة: كل مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل خلال 48 ساعة

فلسطيني يحمل طفلة صغيرة مصابة داخل مستشفى كمال عدوان في قطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطيني يحمل طفلة صغيرة مصابة داخل مستشفى كمال عدوان في قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

وزارة الصحة: كل مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل خلال 48 ساعة

فلسطيني يحمل طفلة صغيرة مصابة داخل مستشفى كمال عدوان في قطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطيني يحمل طفلة صغيرة مصابة داخل مستشفى كمال عدوان في قطاع غزة (أ.ف.ب)

حذرت وزارة الصحة في قطاع غزة من توقف جميع مستشفيات القطاع عن العمل أو تقليص خدماتها خلال 48 ساعة بسبب نقص الوقود، إذ ترفض إسرائيل دخوله للقطاع الذي تشن عليه حرباً منذ أكثر من عام.

وقال المدير العام للمستشفيات الميدانية الطبيب مروان الهمص، في مؤتمر صحافي لوزارة الصحة في مدينة خان يونس: «نوجه الإنذار العاجل ونحذر من أن مستشفيات قطاع غزة كاملة ستتوقف عن العمل أو تقلص من خدماتها خلال 48 ساعة بسبب عرقلة الاحتلال لإدخال الوقود».

وأضاف، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية: «ندعو المؤسسات الدولية لاستغلال قرار محكمة الجنائية الدولية لوقف حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة، وإدخال كل ما يحتاج إليه قطاع غزة من وقود ودواء واحتياجات أساسية، وإرسال وفود طبية لقطاع غزة عامة وشماله خاصة».

وفي وقت سابق، قالت الوزارة، في بيان: «في ساعات متأخرة من ليلة أمس، أعادت قوات الاحتلال استهداف مستشفى كمال عدوان شمال قطاع غزة، وأصابت 6 من الكوادر الطبية العاملة، بينها حالات خطيرة أدخلت إلى العناية المركزة».

وأضاف البيان: «أدى الاستهداف أيضاً إلى تدمير مولد الكهرباء الرئيسي بالمستشفى، وثقب خزانات المياه ليصبح المستشفى من غير أكسجين ولا مياه، الأمر الذي ينذر بالخطر الشديد على حياة المرضى والطواقم العاملة داخل المستشفى حيث يوجد 80 مريضاً و8 حالات في العناية المركزة».

وأدانت وزارة الصحة «هذا العمل الإجرامي المتكرر والمستمر على مستشفى كمال عدوان شمال قطاع غزة، ونكرر مناشدتنا للمؤسسات الدولية والإنسانية ضرورة توفير الحماية للمستشفيات والكوادر الصحية في قطاع غزة، بحسب ما كفلته ونصت عليه القوانين الدولية».

وباشر الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية برية كبيرة في شمال قطاع غزة في السادس من أكتوبر (تشرين الأول) لمنع مقاتلي «حماس» من إعادة تشكيل صفوفهم على ما أفاد.

وقال الدفاع المدني في قطاع غزة، الجمعة، إنه انتشل جثث 12 قتيلاً وعشرات الجرحى إثر غارتين إسرائيليتين استهدفتا منزلين أحدهما شرق مدينة غزة والآخر في جنوبها.

وأعلن الجيش الإسرائيلي، الجمعة، أنه قتل في قطاع غزة 5 من عناصر «حماس» ضالعين في هجوم السابع من أكتوبر 2023، غداة إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، وقائد «كتائب القسام» الجناح المسلح لحركة «حماس» محمد الضيف، بشبهة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في النزاع الدائر في قطاع غزة منذ شنت حركة «حماس» هجوماً غير مسبوق على إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023.

وأسفرت حملة الجيش الإسرائيلي في غزة حتى الآن عن مقتل أكثر من 44 ألف شخص على الأقل، معظمهم من المدنيين النساء والأطفال، وفقاً لبيانات وزارة الصحة التي تديرها «حماس» وتعتبرها الأمم المتحدة موثوقة.