إيران واقعة بين خيار الإذعان لمطالب الغربيين أو مواجهة التصعيد

على خلفية اجتماعات الوكالة الدولية للطاقة واحتمال صدور قرار متشدد بحقها

محسن نذیري أصل مندوب إيران الدائم لدى المنظمات الدولية يحمل لوحة باسم بلاده في الاجتماع الفصلي في فيينا اليوم (الذرية الدولية)
محسن نذیري أصل مندوب إيران الدائم لدى المنظمات الدولية يحمل لوحة باسم بلاده في الاجتماع الفصلي في فيينا اليوم (الذرية الدولية)
TT

إيران واقعة بين خيار الإذعان لمطالب الغربيين أو مواجهة التصعيد

محسن نذیري أصل مندوب إيران الدائم لدى المنظمات الدولية يحمل لوحة باسم بلاده في الاجتماع الفصلي في فيينا اليوم (الذرية الدولية)
محسن نذیري أصل مندوب إيران الدائم لدى المنظمات الدولية يحمل لوحة باسم بلاده في الاجتماع الفصلي في فيينا اليوم (الذرية الدولية)

لم تنفع الوعود التي أغدقتها السلطات الإيرانية، وعلى رأسها الرئيس مسعود بزشكيان، ووزير الخارجية عباس عراقجي، على مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافاييل غروسي، خلال زيارته لطهران، الأسبوع الماضي، في خفض التوتر الذي يحيط ببرنامج إيران النووي، ودفع الغربيين إلى الإحجام عن استصدار قرار من مجلس محافظي الوكالة يدين طهران، ويندد بعدم تعاونها.

كذلك لم ينفع الوعد «المشروط» الذي طرحته طهران؛ لطمأنة الغربيين، بـ«تجميد» تخصيب اليورانيوم بنسبة 60 في المائة، والبدء باتخاذ الإجراءات اللازمة لذلك، وهو ما جاء في أحد التقريرَين اللذين أعدتهما الوكالة بمناسبة الاجتماع المذكور، حيث ورد أن إيران «بدأت في تنفيذ التدابير التحضيرية لذلك».

ولأن الوعود لم تنفع في إقناع الدول الأوروبية الثلاث (فرنسا وبريطانيا وألمانيا) بالتخلي عن تقديم مشروع قرار متشدد يدين إيران، فقد لجأت إلى التحذير والوعيد. ونقلت وكالة «إرنا» الإيرانية، عن عباس عراقجي قوله، بمناسبة اتصاله الأربعاء بغروسي، إنه «إذا تجاهلت (الدول الغربية) حسن نية إيران... ووضعت إجراءات غير بناءة على جدول أعمال اجتماع مجلس المحافظين من خلال قرار، فإن إيران سترد وفق ما يقتضيه الوضع وعلى نحو مناسب».

غروسي متحدثاً للصحافة على هامش اجتماع مجلس محافظي الوكالة في فيينا (أ.ف.ب)

في السياق نفسه، أعلن عراقجي، بمناسبة محادثة مع نظيره الفرنسي، جان نويل بارو، أن مبادرة «الترويكا» الأوروبية «من شأنها أن تزيد من تعقيدات المسألة»، كما أنها «تعد تعارضاً واضحاً مع الأجواء الإيجابية التي نشأت في التعاملات بين إيران والوكالة، وستؤدي إلى تعقيد القضية أكثر فأكثر».

وكالعادة، هناك تعارض واضح بين ما تقوله طهران وباريس عن الاتصال؛ فبيان الخارجية الفرنسية أغفل تهديدات عراقجي، وأشار إلى أن بارو «شدد على ضرورة أن تنفذ إيران التزاماتها بموجب اتفاق الضمانات، وأن تتعاون بشكل كامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية؛ لتمكين الأخيرة من تأكيد الطبيعة السلمية الخالصة لأنشطة إيران النووية».

ورأى بارو أن «التصعيد النووي الذي انخرطت فيه إيران يبعث على القلق الشديد وينطوي على مخاطر كبيرة للانتشار النووي». لكن فرنسا «تواصل مع شركائها الألمان والبريطانيين جهودها للعودة إلى المفاوضات مع إيران بهدف التوصل إلى حل دبلوماسي».

عودة ترمب

تقول مصادر دبلوماسية في باريس إن إيران «سعت إلى تدوير وسائل وطرق استخدمتها سابقاً، وقبيل كل اجتماع دوري للوكالة بإظهار الاستعداد للتعاون والإكثار من الوعود التي تتناساها بعد أن يمر الاجتماع على خير».

وتضيف هذه المصادر أنه في العامين الأخيرين «دفعت الولايات المتحدة، الأوروبيين لالتزام الاعتدال مخافة رمي إيران في أحضان روسيا كليةً، وتوفير الدعم الكامل لها في حربها على أوكرانيا، وحثها على الامتناع عن دفع الشرق الأوسط إلى مزيد من انعدام الاستقرار والفوضى».

وفي نظرها، فإن الأمور طرأ عليها تعديلان رئيسيان: من جهة، عودة دونالد ترمب، خصم إيران الأول، إلى البيت الأبيض في يناير(كانون الثاني) المقبل، ومن جهة ثانية، انخراط طهران تماماً في دعم موسكو، والفوضى التي أثارتها في الشرق الأوسط في حربي غزة ولبنان.

ونتيجة ذلك أن الدول الأوروبية الثلاث بصدد استخلاص النتائج من التحولات المستجدة، وعليها أن «تتأقلم» مع ترمب في ولايته الثانية، حيث إن التعيينات الرئيسية التي أعلن عنها في إدارته القادمة تتميز بأمرين: الأول، أنها داعمة لإسرائيل ولطموحاتها الإقليمية، والثاني أنها معادية لإيران، والنتيجة المشتركة للعاملين قد تكون على شاكلة إعطاء الضوء الأخضر لإسرائيل لتوجيه ضربة عسكرية لإيران تعطل أوعلى الأقل، تؤخر برنامجها النووي.

من هذه الزاوية، يمكن فهم تصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي، نتنياهو، الذي تباهى بأن سلاح الجو الإسرائيلي تتوافر له حرية أكبر في أن يسرح ويمرح في أجواء إيران بعد أن دمّر بطاريات الدفاع الجوي الأربع، روسية الصنع من طراز «إس 300» التي كانت مخصصة لحماية طهران والمواقع النووية.

سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى الوكالة الدولية لورا هولجيت خلال افتتاح الجلسة الأولى لمجلس المحافظين (رويترز)

«سناب بك»

بيد أنه، قبل الوصول الممكن إلى هذه المرحلة، فإن ما تخشاه طهران من قرار مجلس المحافظين، المرجح أن يصدر الخميس، أن يكون مقدمة لنقل الملف النووي إلى مجلس الأمن من أجل تفعيل آلية «سناب باك» التي من شأنها إعادة فرض 6 مجموعات عقابية على إيران، والأرجح استكمالها بعقوبات إضافية. من هنا، يمكن النظر إلى القرار المرتقب عن مجلس المحافظين أنه «تحذير نهائي» لإيران حتى تعمد، أخيراً، لقرن القول بالفعل، والتعاون مع الوكالة الدولية جديّاً، وذلك قبل أن يعود ترمب إلى البيت الأبيض.

ثمة من يرى في عواصم الثلاثي الأوروبي أن إيران تجتاز حالياً مرحلة «بالغة الدقة» على المستويات العسكرية والإقليمية والدولية. ولذا، يرى مصدر سياسي في باريس أن إيران التي تستشعر حالياً ضعف موقفها، «ربما سعت إلى استثمار امتناعها، حتى اليوم، عن الرد على الضربة العسكرية الإسرائيلية الأخيرة نهاية الشهر الماضي، وتوظيفها في الملف النووي»، بمعنى الحصول على تنازلات من الغربيين.

وفي السياق نفسه، يندرج عرضها «تجميد» التخصيب مقابل امتناع مجلس المحافظين وتخلي الأوروبيين عن استصدار القرار الذي تتخوف منه إيران. والواضح اليوم، أن العلاقة بين إيران والغربيين وصلت إلى حد عالٍ من تفاقم التوتر.

ولا شك أن طهران تحضر ردودها، وسبق لمسؤولين فيها أن أشاروا إلى أنها قد تغير «عقيدتها» النووية بمعنى التراجع عن امتناعها عن تطوير السلاح النووي إذا وجدت أن الضغوط الممارسة عليها تستوجب هذه الاستدارة. كذلك تستطيع إيران الانسحاب من معاهدة منع انتشار السلاح النووي.

لكنّ أمراً كهذا له تبعات خطيرة عليها، وأولها أنه سيحولها من جهة إلى «كوريا الشمالية الثانية» التي سبقتها على هذا الدرب، وسيوفر من جهة ثانية، الذرائع لإسرائيل والولايات المتحدة للتدخل عسكرياً للإجهاز على برنامجها النووي، فضلاً عن ذلك، أن قراراً كهذا سيوجد في المنطقة سباقاً للحصول على السلاح؛ ما يعني نسفاً للمعاهدة الدولية التي تحرمه. من هنا، فإن الرد الإيراني سيكون «محدوداً» بانتظار أن تبان السياسة التي سيتبعها ترمب إزاء هذا الملف المتفجر.


مقالات ذات صلة

عراقجي يحذر من «مؤامرة جديدة» تستهدف الداخل الإيراني

شؤون إقليمية صورة نشرها حساب عراقجي من وصوله إلى مقر المؤتمرات الدولية بمدينة أصفهان الخميس

عراقجي يحذر من «مؤامرة جديدة» تستهدف الداخل الإيراني

حذّر وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي من «مؤامرة جديدة» قال إن خصوم إيران يعملون على تنفيذها عبر تعقيد الأوضاع الاقتصادية وإذكاء السخط الاجتماعي

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
خاص وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي يبكي على نعش قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي خلال تشييع عسكريين كبار قتلوا في الضربات الإسرائيلية في طهران يوم 28 يونيو الماضي (أرشيفية- أ.ف.ب)

خاص «مطرقة الليل» في 2025... ترمب ينهي «أنصاف الحلول» في إيران

مع عودة دونالد ترمب إلى المكتب البيضاوي في مطلع 2025، لم تحتج استراتيجيته المحدثة لـ«الضغوط القصوى» سوى أقل من عام كي تفرض إيقاعها الكامل على إيران.

عادل السالمي (لندن)
شؤون إقليمية إيرانيون يمرون بجانب لوحة دعائية مناهِضة لإسرائيل تحمل عبارة: «نحن مستعدون. هل أنتم مستعدون؟» معلقة في ساحة فلسطين وسط طهران (إ.ب.أ)

إيران تربط التعاون النووي بإدانة قصف منشآتها

رهنت طهران أي تعاون جديد مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ولا سيما ما يتعلق بإعادة تفتيش المنشآت النووية التي تعرضت للقصف، بإدانة واضحة وصريحة من الوكالة.

«الشرق الأوسط» (لندن - نيويورك - طهران)
شؤون إقليمية بزشكيان يسلم مسودة مشروع الموازنة إلى قاليباف الثلاثاء (الرئاسة الإيرانية)

الحكومة الإيرانية تعرض موازنة تتجاوز 107 مليارات دولار

قدّمت الحكومة الإيرانية الثلاثاء مشروع موازنة العام الجديد إلى البرلمان بقيمة تتجاوز 107 مليارات دولار

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية المتحدث باسم القوات المسلحة الإيرانية أبو الفضل شكارجي خلال حوار ويبدو خلفه ملصق لأجهزة الطرد المركزي (دفاع برس)

«الأركان الإيرانية»: جاهزون لكل السيناريوهات

قال المتحدث باسم القوات المسلحة الإيرانية، أبو الفضل شكارجي، إن القدرات البحرية والبرية والصاروخية لإيران «جاهزة لمواجهة أي سيناريو يفرضه العدو».

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)

تركيا: مسيرة ضد المفاوضات مع أوجلان في إطار «عملية السلام»

مظاهرة في ديار بكر للمطالبة بالإفراج عن زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان (رويترز)
مظاهرة في ديار بكر للمطالبة بالإفراج عن زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان (رويترز)
TT

تركيا: مسيرة ضد المفاوضات مع أوجلان في إطار «عملية السلام»

مظاهرة في ديار بكر للمطالبة بالإفراج عن زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان (رويترز)
مظاهرة في ديار بكر للمطالبة بالإفراج عن زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان (رويترز)

فيما انتقد قيادي في حزب «العمال الكردستاني» خطوات الحكومة والبرلمان والأحزاب في تركيا بشأن «عملية السلام» وحل المشكلة الكردية، خرجت مسيرة حاشدة إلى ضريح مؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك في أنقرة، رفضاً للمفاوضات مع زعيم الحزب السجين عبد الله أوجلان.

وتجمّع الآلاف من ممثلي الأحزاب والأكاديميين والصحافيين والعمال والشباب وممثلي الجمعيات العمالية ومختلف شرائح المجتمع التركي أمام ضريح أتاتورك (أنيتكابر)؛ للتعبير عن رفضهم للعملية التي تطلق عليها الحكومة «عملية تركيا خالية من الإرهاب» ويسميها الجانب الكردي «عملية السلام والمجتمع الديمقراطي».

رفض الحوار مع أوجلان

أكد المشاركون في المسيرة رفضهم المفاوضات مع أوجلان؛ كونه زعيم «منظمة إرهابية»، في إشارة إلى حزب «العمال الكردستاني»، ولـ«تورط البرلمان، الذي أسسه أتاتورك، في هذه العملية وإرسال وفد للقاء أوجلان في سجن إيمرالي».

وردّد المشاركون في المسيرة، التي انطلقت من ميدان «تان دوغان» إلى ضريح أتاتورك، هتافات من مقولاته، مثل: «كم أنا سعيد لكوني تركياً»، و«الاستقلال أو الموت».

بالتوازي، تقدمت مجموعة من المحامين بطلب إلى ولاية ديار بكر، كبرى المدن ذات الغالبية الكردية في جنوب شرقي تركيا، ووزارة الداخلية، ورئاسة الجمهورية، لحظر مسيرة تعتزم منصة «المجتمع الديمقراطي» تنظيمها في المدينة في 4 يناير (كانون الثاني) المقبل، للمطالبة بإطلاق سراح أوجلان، الذي أمضى 26 عاماً في السجن من محكوميته بالسجن المؤبد المشدد.

ولفت المحامون، في بيان مشترك، السبت، إلى أنه على الرغم من وجود أوجلان في السجن، فإن «نفوذه على المنظمة الإرهابية (حزب العمال الكردستاني) لا يزال قائماً»، وأن «أي اجتماع يُعقد تحت قيادته يُعدّ (دعاية لمنظمة إرهابية) و(تمجيداً للجريمة والمجرمين)»، وأن التجمع المزمع يُشكّل «خطراً واضحاً ومباشراً على النظام العام والأمن». وذكروا أنهم إلى جانب طلب الحظر، قدّموا شكوى جنائية لدى مكتب المدعي العام في ديار بكر ضد منظمي التجمع.

انتقادات كردية

في غضون ذلك، انتقد القيادي في «العمال الكردستاني» عضو المجلس التنفيذي لاتحاد مجتمعات كردستان، مصطفى كاراصو، الحكومة التركية والبرلمان والأحزاب السياسية، قائلاً إن الخطوات التي اتخذوها حتى الآن بشأن عملية السلام ودعوة «القائد آبو» (أوجلان) لحل الحزب ونزع أسلحته وتحقيق السلام والمجتمع الديمقراطي، «لا يمكن وصفها بالإيجابية».

وقال كاراصو، في تصريحات لوسائل إعلام كردية نقلت في تركيا، السبت، إنه «إذا كانت هذه العملية بهذه الأهمية، وإذا كان عمر الجمهورية التركية هو 100 عام، وإذا كان من المقرر حلّ مسألةٍ تتعلق بـ50 عاماً، أي نصف تاريخها، وإذا كان الهدف هو ضمان الأخوة التركية - الكردية، فإن الاعتراف بـ(الزعيم آبو) بوصفه شريكاً في المفاوضات أمر ضروري».

وأضاف: «يجب تهيئة الظروف التي تُمكنه من لعب دور فعّال في هذه العملية، حيث يستطيع العيش والعمل بحرية، هذه مسألة قانونية، منصوص عليها في دستورهم، تتعلق بـ(الحق في الأمل)». وعدّ كاراصو أن السياسة والأحزاب التركية تواجه «اختباراً تاريخياً»، وأن عدم معالجة مشاكل تركيا الجوهرية لا يعني سوى خداع هذه الأحزاب والسياسيين للمجتمع التركي.

وانتقد كاراصو عدم إعداد اللوائح القانونية التي تضمن الإفراج عن السجناء الذين أمضوا 30 سنة في السجن، حتى الآن، رغم إعلان حزب «العمال الكردستاني» حل نفسه وإلقاء أسلحته.

أحد اجتماعات لجنة البرلمان التركي لوضع الأساس القانوني لحل «العمال الكردستاني» (البرلمان التركي - إكس)

وأشار إلى أن البرلمان شكّل لجنة لوضع الأساس القانوني للعملية، عقدت الكثير من الاجتماعات، لكن لم يتم اتخاذ أي إجراء حتى الآن، مضيفاً: «لقد أصبح البرلمان، إلى حدٍّ ما، مجرد إجراء شكلي، تُترك القضايا الجوهرية لغيره؛ كالاقتصاد والتعليم، وحتى هذه القضايا لها حدودها».


الرئيس الإيراني: نحن في حالة «حرب شاملة» مع أميركا وإسرائيل وأوروبا

الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (رويترز)
الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (رويترز)
TT

الرئيس الإيراني: نحن في حالة «حرب شاملة» مع أميركا وإسرائيل وأوروبا

الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (رويترز)
الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (رويترز)

نقل تلفزيون «العالم» الإيراني عن الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان قوله، اليوم (السبت)، إن إيران في حالة «حرب شاملة» مع أميركا وإسرائيل وأوروبا، مشيراً إلى أن هذه البلدان لا تريد لإيران النهوض.

وأضاف بزشكيان أن إسرائيل اعتقدت أن عدوانها على إيران سيؤدي إلى انهيار النظام، لكن ذلك لم يحدث، مؤكداً قدرة بلاده على تجاوز الضغوط والعقوبات.

وأكد الرئيس الإيراني أن الجيش أكثر قوة الآن عما كان عليه قبل الحرب مع إسرائيل، وتعهد بتلقين إسرائيل والولايات المتحدة درساً «أشد قسوة» إذا تكررت الاعتداءات الإسرائيلية والأميركية.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد قال، يوم الاثنين الماضي، إن أي تحرك من جانب إيران سيُقابل برد عنيف، مؤكداً أن إسرائيل لا تسعى إلى مواجهة مع إيران، مشيراً إلى أن إسرائيل تتابع مناورات إيرانية.

وشنّت إسرائيل هجوماً على إيران في يونيو (حزيران) الماضي، وقتلت عدداً من كبار القادة العسكريين والعلماء النوويين في الساعات الأولى من الحرب التي استمرت 12 يوماً، وتدخلت الولايات المتحدة في نهايتها عندما قصفت أهم المنشآت النووية الإيرانية بقنابل خارقة للتحصينات.


عبدي يزور دمشق خلال أيام لبحث تنفيذ اتفاق الاندماج

عناصر من «قسد» أثناء تحركات في حلب (أ.ف.ب)
عناصر من «قسد» أثناء تحركات في حلب (أ.ف.ب)
TT

عبدي يزور دمشق خلال أيام لبحث تنفيذ اتفاق الاندماج

عناصر من «قسد» أثناء تحركات في حلب (أ.ف.ب)
عناصر من «قسد» أثناء تحركات في حلب (أ.ف.ب)

يتوقع أن يزور قائد «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) مظلوم عبدي دمشق خلال أيام للقاء الرئيس السوري أحمد الشرع لبحث التنفيذ العملي لاتفاق اندماجها في الجيش السوري الموقع في دمشق في 10 مارس (آذار) الماضي.

يأتي ذلك في وقت تتصاعد فيه حدة التوتر في حلب بين فصائل تابعة لوزارة الدفاع السورية و"قسد"، وسط اتهامات سورية وتركية لها بالمماطلة في تنفيذ اتفاق الاندماج.

ونقلت وسائل إعلام تركية، السبت، تصريحات أدلى بها مصدر في الإدارة الذاتية (الكردية) لشمال وشرق سوريا لوسائل إعلام كردية، أن عبدي سيزور دمشق في الأيام المقبلة للقاء الشرع.

وبحسب ما ذكرت شبكة «روداو» الإخبارية، يؤكد ممثلو الإدارة الذاتية أن المفاوضات بين الإدارة ودمشق تجاوزت مرحلة «المناقشات النظرية» ودخلت مرحلة التنفيذ العملي لاتفاق 10 مارس، وأنها تتمحور حول نقاط رئيسية تُنبئ بتغييرات جوهرية في البنية العسكرية والاقتصادية والإدارية لسوريا.

قائد «قسد» مظلوم عبدي (رويترز)

وأضافت أنه «تماشيًا مع مبدأ (لا جيشين في بلد واحد)، يُخطط لدمج (قسد) في الجيش السوري، وستُقرر لجنة عسكرية مشتركة كيفية توحيد الفصائل المسلحة المختلفة تحت مظلة واحدة».

اتهامات وتحذيرات

في الوقت ذاته، انتقدت قيادات كردية سياسة تركيا تجاه سوريا والتلويح المتكرر بالتدخل العسكري ضد «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، مؤكدة أن أكراد سوريا لا يسعون إلى تقسيم البلاد.

وقال القيادي البارز في «العمال الكردستاني» عضو المجلس التنفيذي لاتحاد مجتمعات كردستان، مصطفى كاراصو، إن «مقاربات الدولة التركية بشأن سوريا غير صحيحة، فتركيا تعارض الحرب في غزة والهجمات الإسرائيلية على لبنان وسوريا، بمعنى أنها تعارض الحرب وتريد السلام، لكنها في الوقت ذاته تقول إنها ستتدخل في سوريا إذا لم تنفذ «قسد» اتفاق الاندماج... كيف يعقل هذا المنطق؟».

وأضاف كاراصو، في تصريحات لوسائل إعلام كردية نقلتها صحف تركية، السبت، أن تركيا تقول إنها تريد السلام في كل المناطق، لكنها تريد الحرب ضد الأكراد، مؤكداً أن «بإمكان الأكراد وحكومة دمشق مناقشة وحل مشاكلهم بأنفسهم؛ لأن هذه مشكلة داخلية والأكراد لا يقولون دعونا نقسم سوريا، لا يوجد مثل هذا النهج».

القيادي في حزب «العمال الكردستاني» مصطفى كاراصو (إعلام تركي)

وشدد على أن تركيا بحاجة إلى تغيير سياستها تجاه سوريا القائمة على محاولة فرض خطواتها من خلال الضغط والتهديد، مضيفاً: «الأمر في أيدي قوى متعددة، نعم، هناك قوى مختلفة متورطة، الأمر لا يقتصر على تركيا وحدها؛ فقوى أخرى تُثير الفتن في سوريا، أفضل ما يُمكن فعله هو ضمان الاستقرار في سوريا، لكن الاستقرار لا يتحقق بإثارة الصراع وزرع الفتنة بين دمشق وإدارة شمال وشرق سوريا».

وحذّر وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، مؤخراً، من نفاد صبر تركيا والأطراف الأخرى المعنية باتفاق اندماج «قسد» في الجيش السوري، مؤكداً أنه لا يوجد أي مؤشر على أنها تتخذ خطوات لتنفيذ الاتفاق.

الشرع خلال لقائه مع الوفد التركي في دمشق في 22 ديسمبر (الدفاع التركية - إكس)

كما اتهمت أنقرة ودمشق، خلال مؤتمر صحافي مشترك لوزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ونظيره التركي هاكان فيدان في دمشق، الاثنين الماضي، «قسد» بالمماطلة في تنفيذ الاتفاق الموقع بين قائدها مظلوم عبدي والرئيس أحمد الشرع، وأكدتا رفض أي محاولات للمساس بوحدة سوريا واستقرارها.

وبينما كان وفد تركي يضم فيدان ووزير الدفاع، يشار غولر، ورئيس المخابرات، إبراهيم كالين، يجري محادثات في دمشق شملت لقاء مع الشرع، أقدمت «قسد» على خرق اتفاق وقف إطلاق النار واستهدفت نقاطاً قرب دوارَي الشيحان والليرمون شمال حلب، فيما اعتبر رسالة موجهة إلى دمشق وأنقرة.

تصعيد في حلب

وتجددت الاشتباكات، ليل الجمعة - السبت، بين «قسد» وفصائل تابعة للقوات الحكومية السورية في شمال حلب.

مسلحون من «قسد» عند أحد الحواجز في حي الشيخ مقصود في حلب (إكس)

وقالت قوى الأمن الداخلي (الآشايس) التابعة لـ«قسد» إن الفصائل التابعة للحكومة بدأت هجوماً عنيفاً باستخدام الرشاشات الثقيلة والمدفعية على حيي الشيخ مقصود والأشرفية، بعدما استهدفت حاجزاً لها في محيط دوار الشيحان بحي الشيخ مقصود بقذيفتي «آر بي جي»، وإنها قامت بالرد على الهجوم.

ويشكل هذا التصعيد خطراً على مسار المفاوضات بين «قسد» ودمشق بشأن تنفيذ اتفاق 10 مارس.

وقال مصدر مسؤول في وزارة الخارجية السورية لوكالة الأنباء الرسمية (سانا)، الجمعة، إن التصريحات الصادرة عن قيادة «قسد» بشأن الاندماج ووحدة سوريا لم تترجم إلى خطوات عملية أو جداول زمنية واضحة، ما يثير تساؤلات حول جدية الالتزام بالاتفاق.

الشرع وعبدي خلال توقيع اتفاق اندماج «قسد» في الجيش السوري 10 مارس الماضي (إ.ب.أ)

وأكد المصدر أن استمرار وجود تشكيلات مسلحة خارج إطار الجيش السوري، بقيادات مستقلة وارتباطات خارجية، يمس السيادة الوطنية ويعرقل الاستقرار، وينسحب الأمر ذاته على السيطرة الأحادية على المعابر والحدود واستخدامها كورقة تفاوض.

وكان وزير الدفاع التركي يشار غولر، طالب، في تصريحات الأسبوع الماضي، «قسد» بإعلان خريطة طريق واضحة بشأن تنفيذ الاتفاق، لافتاً إلى أن تركيا جاهزة لجميع الاحتمالات.

تدخلات تركية

وصرّح عضو الهيئة الرئاسية في حزب «الاتحاد الديمقراطي» (الكردي) في سوريا، صالح مسلم، بأن الفصائل التابعة للحكومة التي تحاصر حيي الشيخ مقصود والأشرفية تتلقى الأوامر بشكل مباشر من تركيا وليس من دمشق.

صالح مسلم (حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري)

وزعم مسلم أن تركيا تهدف من وراء هذا التصعيد إلى إشعال الساحة السورية وإفشال اتفاق اندماج «قسد»، وأن السياسة التركية تسعى لكسر «الإرادة الكردية والديمقراطية في سوريا».

ولفت إلى أن اتفاق الأول من أبريل (نيسان) الماضي، بين المجلس العام لحيي الشيخ مقصود والأشرفية مع الحكومة السورية استهدف ترسيخ العيش المشترك وتعزيز السلم الأهلي في مدينة حلب، وأكد خصوصية الحيين، وأن تتولى قوى الأمن الداخلي (الآشايس) مع وزارة الداخلية في الحكومة السورية مسؤولية حماية الحيين، إلا أن المسلحين «المنفلتين» يعرضون هذه الاتفاقية للخطر.