أكدت مصادر خاصة للمرصد السوري لحقوق الإنسان أن ضباطاً من قوات النظام السوري يشعرون بتخوف كبير من احتمال فتح الميليشيات الإيرانية لجبهة قتال ضد إسرائيل انطلاقاً من الأراضي السورية، خصوصاً في حال كان هناك رد إسرائيلي كبير على إيران بعد قصف الأخيرة لإسرائيل بعشرات الصواريخ.
وفقاً للمصادر، تعود هذه المخاوف لعدم قدرة دمشق على تحمُّل فتح جبهة جديدة داخل سوريا، بعد سنوات من الحرب والمعارك ضد الفصائل المسلحة: «هيئة تحرير الشام»، وتنظيم «داعش» وفصائل إسلامية ومقاتلة على امتداد الجغرافيا السورية.
وتجد قوات النظام نفسها غير مستعدة لمواجهة تصعيد جديد في ظل ما تمر به من أزمات داخلية مستمرة. فهي لا تزال منخرطة في معارك متواصلة ضد التنظيم في البادية السورية، معتمدة على الدعم الروسي، في ظل معلومات تشير إلى أن تنظيم «داعش» يخطط لتكثيف عملياته في الفترة المقبلة، مما يزيد من الأعباء العسكرية على قوات النظام التي تعاني أصلاً من نقص في الموارد والتجهيزات نتيجة الاستنزاف الطويل في الحرب.
وما يفاقم من هذه المخاوف، حسب المرصد، أن «هيئة تحرير الشام» وفصائل تعمل تحت رايتها، وهي من أبرز التشكيلات المسلحة في الشمال السوري، تتحضر لشن عملية عسكرية واسعة في أرياف حماة وإدلب واللاذقية وحلب، في حال قررت إسرائيل فتح جبهة في الجولان السوري المحتل.
وتزيد هذه التحضيرات من احتمالية انهيار قوات النظام على جبهات متعددة، في وقت تضعف فيه قدراتها العسكرية على الصمود أمام هجمات ستكون متزامنة. وتسعى دمشق إلى منع إيران من فتح صراع مع إسرائيل داخل الأراضي السورية، من منطلق أن «الأوضاع الميدانية الحالية غير مواتية»، ولا تسمح بمثل هذا التصعيد.
ويرفض الجيش بشدة، السماح للميليشيات الإيرانية والمجموعات المدعومة منها بالاقتراب من المواقع العسكرية التابعة لقواته، خصوصاً القريبة من الحدود مع الجولان المحتل، واستخدامها نقاط انطلاق لهجمات ضد إسرائيل، تؤدي إلى توسع المواجهات بشكل كبير مع إسرائيل، وهو ما لا ترغب فيه قوات النظام بهذه المرحلة.
وقصف الجيش الإسرائيلي في يوليو (تموز) الماضي، مواقع عسكرية للجيش السوري في الجزء غير المحتل من هضبة الجولان، بزعم أن دمشق خرقت اتفاق فض الاشتباك لعام 1974 في المنطقة العازلة.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه يعدّ «الجيش السوري مسؤولاً عما يحدث في أراضيه، ولن يسمح بخرق اتفاق فض الاشتباك».
وجاء القصف الإسرائيلي بعد يوم من إطلاق «حزب الله» اللبناني صاروخاً على هضبة الجولان المحتلة.
مصادر المرصد السوري لحقوق الإنسان أفادت، أيضاً، بأن هناك استياءً كبيراً بين ضباط النظام من وجود مستودعات للأسلحة والصواريخ التابعة لـ«حزب الله» والميليشيات الإيرانية داخل القطاعات العسكرية السورية؛ حيث تتعرض هذه المستودعات لهجمات إسرائيلية بشكل متكرر، كان آخرها استهداف مستودعات في ريفي حمص وحماة تستخدم لتخزين الصواريخ والأسلحة.
وقد جرى استهداف مستودع قرب مطار حميميم العسكري الروسي في ريف اللاذقية، كان يُعتقد أنه مخصص للمواد الغذائية، إلا أنه كان يحتوي على أسلحة، ولم يكن حتى ضباط النظام على علم بذلك.
ولفتت المصادر إلى أن هذا التوتر المتزايد بين قوات النظام والميليشيات الإيرانية بشكل عام، برز نتيجة القلق من توريط قوات النظام في مواجهة غير مرغوب فيها مع إسرائيل على الأراضي السورية.
ومنذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة والتصعيد الإسرائيلي الكبير على سوريا، أوعزت القيادة السورية عدة مرات لقطاعاتها العسكرية المنتشرة قرب الجولان السوري المحتل، بعدم السماح لعناصر الميليشيات الموالية لإيران باستخدام هذه الثكنات لمهاجمة إسرائيل، وذلك بهدف تجنُّب التصعيد معها على الأراضي السورية.
في الأثناء، وصلت، الإثنين، إلى مطار اللاذقية الدولي طائرة إيرانية، على متنها مساعدات إنسانية للبنانيين النازحين إلى سوريا جراء الحرب الإسرائيلية على بلادهم.
وقالت وكالة «سانا» الرسمية إن المساعدات شملت 5000 سلة غذائية ومواد إغاثية متنوعة تتضمن 2000 سجادة، و3000 غطاء و500 خيمة، ما يُسهم في تلبية بعض متطلبات العائلات اللبنانية التي اضطرت لمغادرة منازلها.
وتابعت أن الجهات المختصة بمطار اللاذقية، وبالتعاون مع القوات الروسية العاملة في مركز التنسيق الروسي بقاعدة حميميم، قامت بالإشراف على تفريغ حمولة طائرة المساعدات.
وتُعد هذه الطائرة الأولى التي تصل إلى سوريا، بعد استهداف الطيران الحربي الإسرائيلي، في الثالث من أكتوبر (تشرين الأول)، مستودعاً لـ«حزب الله» بالقرب من القاعدة الروسية «حميميم» في ريف اللاذقية، وهو مكان لتخزين الصواريخ استخدمه الحزب في الآونة الأخيرة بشكل سري، بينما كان المستودع يُستخدم في الظاهر لتخزين المواد الغذائية. ووفقاً لمصادر المرصد السوري، فإن الاستهداف أدى إلى تفجير الصواريخ المخزنة وانطلاقها بشكل عشوائي لمدة ساعة، وصل بعضها إلى أحياء في الساحل السوري.