بعد مشاورات مع القيادة المركزية لحزب البعث العربي الاشتراكي، أصدر الرئيس السوري بشار الأسد، السبت، مرسوماً يقضي بتكليف الدكتور محمد غازي الجلالي بتشكيل الحكومة في سوريا.
وهذه المرة الأولى التي تعلن فيها دمشق إجراء مشاورات حول تكليف رئيس حكومة جديد، إذ درجت العادة منذ نحو 5 عقود أن تجري مشاورات تشكيل الحكومة ضمن الحلقات الأولى في السلطة، وبعيداً عن الإعلام.
ومنذ تسلم الرئيس بشار الأسد السلطة عام 2000 كان يتم اختيار رؤساء مجلس الوزراء من أعضاء الحكومات السابقين أو من المحافظين أو من السفراء السابقين ممن لديهم خبرة في العمل الإداري والوزاري، وممن تذكيهم الأجهزة الأمنية المعنية، وغالباً ما يكونون من أعضاء القيادة المركزية لـ«حزب البعث» أو اللجنة المركزية.
وقالت مصادر إعلامية سورية «مستقلة» لـ«الشرق الأوسط»، إنه ضمن هذه المعايير لا يبدو مفاجئاً تكليف محمد غازي الجلالي بتشكيل الحكومة الجديدة، كون الأسماء التي تنطبق عليها المعايير المعتادة لا يتجاوز عددها أصابع اليد الواحدة، وذلك في الوقت الذي تواصل فيه دمشق، بحسب المصادر، بث رسائل تؤكد «مضيها في عملية الإصلاح الإداري الذي بدأته مطلع العام الحالي، التي شملت الأجهزة الأمنية وحزب (البعث) الذي يشكل أعضاؤه المورد الرئيسي لإدارات مؤسسات الدولة والنقابات مقابل قلة من الأحزاب الحليفة والمستقلين».
أول رئيس حكومة من الجولان
والدكتور محمد غازي الجلالي من مواليد دمشق عام 1969، حاصل على إجازة في الهندسة المدنية من جامعة دمشق عام 1992، ودكتوراه في الاقتصاد الهندسي من جامعة عين شمس في القاهرة عام 2000، وشغل منصب وزير الاتصالات والتقانة من 2014 إلى 2016، ابتعد بعدها عن الضوء ليشغل منصب رئيس الجامعة السورية الخاصة عام 2023، وعاد اسمه للظهور مع وصوله إلى اللجنة المركزية لحزب «البعث» في الانتخابات الأخيرة.
جدير بالذكر أن الجلالي ينحدر من قرى الجولان المحتل، وهو أول شخصية من الجولان يتم تكليفها بتشكيل الحكومة في عهدي الأسد الأب والأسد الابن.
يشار إلى أن تغييرات كثيرة شهدها حزب «البعث» لجهة انتخاب أعضاء اللجنة المركزية التي تنبثق عنها القيادة المركزية للحزب من حيث آلية الانتخابات والتعيين وإدخال وجوه جديدة، وذلك بالإضافة لعملية التشاور الحزبي لاختيار مرشحي الحزب لمجلس الشعب، والذين حازوا أغلبية مقاعده.
تعيين سبقته مشاورات
وأعلنت وسائل الإعلام الرسمية، مساء السبت، إجراء الأمين العام لحزب «البعث»، الرئيس بشار الأسد، مشاورات مع القيادة المركزية للحزب حول تكليف رئيس لمجلس الوزراء من أجل تشكيل الوزارة الجديدة، لتحل مكان حكومة تسيير الأعمال التي أصبحت بحكم المستقيلة منذ إجراء انتخابات مجلس الشعب في منتصف يوليو (تموز) الماضي.
ومن المرتقب أن تقوم الحكومة الجديدة بعد تشكيلها بتقديم بيان وزاري أمام مجلس الشعب للمناقشة.
يشار إلى أن تكليف محمد غازي الجلالي بتشكيل الحكومة لم يكن مفاجئاً، إذ سبق أن توقعت مصادر حزبية وإعلامية محلية أن يتم اختياره.
انتقادات للحكومة السابقة
ويأتي التغيير الحكومي وسط انتقادات لعمل حكومتي حسين عرنوس السابقتين، اللتين تسلمتا مهامهما عامي 2020 و2024، في ظل تشديد العقوبات الاقتصادية الدولية على سوريا، وفرض قانون «قيصر» للعقوبات، وتزايد الضغوط الدولية وارتفاع وتيرة التصعيد في المنطقة، الأمر الذي أسهم في إضعاف الحكومة وجعلها عاجزة عن كبح ارتفاع الأسعار، لا سيما بعد إقرار الحكومة خطة رفع الدعم عن المحروقات والمواد الأساسية لتعويض جزء من العجز في الموازنة العامة.
وبرر حسين عرنوس ضعف أداء حكومته أمام مجلس الشعب بأنه «ناتج عن الظروف الموضوعية الخارجة عن إرادة الدولة، التي فرضتها الحرب الوجودية التي نتعرض لها، والعقوبات الخارجية الجائرة، والسيطرة على مواردها، وضعف الموارد».