جبهة جنوب لبنان: هل يتقدم الحل العسكري على السياسي؟

حرب استنزاف مستمرة على وقع التهديدات المتصاعدة

​خلال تشييع قاسم بزي ومحمد هاشم وعباس حمود المسعفين الثلاثة الذين قُتلوا يوم السبت بقصف إسرائيلي في جنوب لبنان (رويترز)
​خلال تشييع قاسم بزي ومحمد هاشم وعباس حمود المسعفين الثلاثة الذين قُتلوا يوم السبت بقصف إسرائيلي في جنوب لبنان (رويترز)
TT

جبهة جنوب لبنان: هل يتقدم الحل العسكري على السياسي؟

​خلال تشييع قاسم بزي ومحمد هاشم وعباس حمود المسعفين الثلاثة الذين قُتلوا يوم السبت بقصف إسرائيلي في جنوب لبنان (رويترز)
​خلال تشييع قاسم بزي ومحمد هاشم وعباس حمود المسعفين الثلاثة الذين قُتلوا يوم السبت بقصف إسرائيلي في جنوب لبنان (رويترز)

عادت التهديدات الإسرائيلية للبنان لترتفع في الأيام الأخيرة مترافقة مع تصعيد عسكري متجدد مع «حزب الله»، في موازاة فشل المفاوضات المتعلقة بهدنة غزة والتي يربطها الحزب بعودة الهدوء إلى جبهة الجنوب، وهو ما لا يبدو أن تل أبيب توافق عليه، وفق ما نُقل عن مسؤوليها مرات عدة.

وإضافة إلى هذه التهديدات المتجددة كان وزير الخارجية اللبناني عبد الله بوحبيب صريحاً في كشفه رسالة إلى بيروت، عبر وسطاء مفادها أن تل أبيب غير مهتمة بوقف إطلاق النار في لبنان حتى بعد التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة، بعدما كان قد نقل الرسالة نفسها قبل أشهر المبعوث الأميركي آموس هوكستين، وهو ما يطرح سؤالاً حول مصير جبهة الجنوب، وعما إذا كان سيتقدم فيها الحل العسكري على السياسي؟

لكن، وفي حين يرى البعض أن التهدئة في غزة قد تنعكس تصعيداً في الجنوب، انطلاقاً من مواقف المسؤولين الإسرائيليين الذين يعلنون الجهوزية لمعركة الشمال بعد حرب غزة، لا يزال البعض الآخر يؤكد أن التصعيد مستبعد ومصير الجبهتين سيكون واحداً.

وفي حين يجمع كل من العميد المتقاعد، الدكتور خليل الحلو، وأستاذ العلوم السياسية في والعلاقات الدولية الدكتور عماد سلامة، على أنه لن يحصل تبدل في الواقع الحالي، مرجحَين بقاء الوضع على ما هو عليه «لا وقف لإطلاق النار ولا توسعة للحرب»، يرى رئيس مركز «الشرق الأوسط والخليج للتحليل العسكري - أنيجما» رياض قهوجي، أن احتمالات توسع الحرب عادت لترتفع في لبنان مع فشل المفاوضات المرتبطة بهدنة غزة.

ويقول قهوجي لـ«الشرق الأوسط»: «مع فشل المفاوضات في غزة تتجه الأنظار اليوم إلى جبهة جنوب لبنان الذي عاد إلى عين العاصفة ولم يخرج من دائرة الخطر». ولا يقلّل قهوجي من أهمية التهديدات الإسرائيلية، قائلاً: «عند فشل المفاوضات السياسية ترتفع احتمالات الحرب وتتجه الأمور للحل العسكري، وبالتالي من الطبيعي أن تعود التهديدات الإسرائيلية في وضع كهذا، وأن ترتفع احتمالات الحرب الموسعة».

في المقابل، يقول الحلو لـ«الشرق الأوسط»: «منذ 11 شهراً وتل أبيب تهدد بالتصعيد وستبقى كذلك، لكن احتمالات الحرب تراجعت عما كانت عليه في الأشهر السابقة لأسباب سياسية داخلية وخارجية مرتبطة بإسرائيل بحيث لن يقوم رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالقيام بخطوة تضرّ بمصالح واشنطن، خصوصاً في هذه المرحلة قبيل الانتخابات الأميركية». ويلفت الحلو في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن إسرائيل مع أو من دون حرب موسّعة، تعمد إلى تدمير وتهجير ممنهج يطول مناطق وبلدات جنوبية تبعد أكثر من 5 كيلومترات عن الحدود؛ لمنع استهداف المناطق الشمالية، وهي لم تنجح بذلك مع استمرار القصف والصواريخ التي يطلقها (حزب الله) باتجاه بلدات الشمال». من هنا، يرجّح أن يبقى الوضع على ما هو عليه، «لا وقف لإطلاق النار ولا حرب موسّعة إنما حرب استنزاف مستمرة»، بانتظار ما ستؤول إليه المفاوضات المرتبطة بغزة والتي تتعثّر بدورها.

ولا يختلف رأي سلامة، الذي يصف ما يحصل بالحرب الإعلامية والنفسية التي ترتفع وتيرتها حيناً وتتراجع أحياناً. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «ما تقوم به تل أبيب اليوم من تجديد لتصعيد التهديدات يدخل في إطار هذه الحرب ولا يعني أنها باتت على أبواب اجتياح لبنان أو القيام بحرب كبيرة لا تدرك كيف ستكون تداعياتها الإقليمية والداخلية». من هنا، يتمسك سلامة برأيه لجهة استبعاد الحرب الموسعة، ويلفت إلى أنه «في حال وقف النار في غزة ستكون عندها العودة إلى تطبيق القرار 1701 الذي يلتزم به (حزب الله) أيضاً»، ويرى أن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة ليس قريباً لعدم نضوج عوامل عدة، مرجحاً أن يستمر الوضع على ما هو عليه إلى ما بعد الانتخابات الأميركية ليبنى حينها على الشيء مقتضاه. وأبرز هذه التهديدات الإسرائيلية المتصاعدة، كان إعلان وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت تحويل ثقل العمليات العسكرية شمالاً استعداداً لعملية برية شاملة، وقال، الثلاثاء، خلال جولة قام بها في المنطقة الحدودية مع لبنان: «نحول ثقل العمليات العسكرية شمالاً استعداداً لاستكمال المهام في الجنوب»، داعياً العسكريين إلى «ضرورة الاستعداد لعملية برية شاملة على جميع المستويات لتغيير الوضع الأمني وإعادة السكان إلى منازلهم».

وأتى كلام غالانت بعدما كان قد أوعز رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو للجيش الإسرائيلي بالاستعداد لـ«تغيير الوضع في الشمال».

مقاتلو «حزب الله» يؤدون اليمين خلال مراسم التأبين لإحياء ذكرى مرور 40 يوماً على مقتل القيادي فؤاد شكر (إ.ب.أ)

لكن في المقابل، يتمسك «حزب الله» على لسان مسؤوليه بربط جبهة الجنوب بجبهة غزة، رغم كل الرسائل العسكرية والسياسية والتهديدات التي يبعثون بها، وفق ما قال أخيراً النائب في الحزب حسين الحاج حسن، مؤكداً الاستمرار بمساندة غزة، في حين شدد نائب رئيس المجلس التنفيذي في «حزب الله» الشيخ علي دعموش، على «أن العدو لن يتمكن من إعادة المستوطنين إلى منازلهم إلاّ عن طريق واحدة، هي وقف العدوان على غزة».

ويحرص مسؤولو الحزب على رمي مسؤولية أي تصعيد في الملعب الإسرائيلي، وهو ما لفت إليه دعموش قائلاً: «المقاومة لن تقبل على الإطلاق بتغيير قواعد الاشتباك وكسر المعادلات القائمة، وكلما تمادى العدو في عدوانه وتوسع في اعتداءاته، زادت المقاومة من ردها وتوسعت في عملياتها... التصعيد ليس في مقابله إلا التصعيد، ونحن قوم لا نخشى التهديد ولا التهويل...».


مقالات ذات صلة

مقتل 47 في غارات إسرائيلية على شرق لبنان

المشرق العربي رجال إنقاذ وسكان يتجمعون حول أنقاض مبنى دمّرته غارة إسرائيلية على قرية يونين بسهل البقاع شرق لبنان في 21 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

مقتل 47 في غارات إسرائيلية على شرق لبنان

قال مسؤول لبناني إن 47 شخصاً على الأقل، قُتلوا في غارات إسرائيلية على شرق لبنان، اليوم الخميس، لتُواصل إسرائيل بذلك حملة على جماعة «حزب الله».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي المبعوث الأميركي آموس هوكستين ملتقياً رئيس حزب «القوات» سمير جعجع (القوات اللبنانية)

لقاءات هوكستين وقيادات لبنانية... محاولة لتأمين موقف عام مؤيد لمفاوضات الحل

رأى بعض الأفرقاء في لقاءات المبعوث الأميركي آموس هوكستين مع القيادات اللبنانية أنها محاولة لتأمين موقف لبناني عام مؤيد لمفاوضات الحل.

كارولين عاكوم
المشرق العربي رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يضع إكليلاً من الزهر على نصب شهداء الجيش في وزارة الدفاع الوطني (قيادة الجيش)

ميقاتي يشدد على استعداد الجيش للانتشار على الحدود

أكد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أن اللبنانيين مصرّون رغم كل الظروف على إحياء ذكرى استقلالهم؛ لإيمانهم بما تحمل لهم من معاني الحرية والسيادة والوحدة الوطنية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يضع إكليلاً من الزهور على نصب شهداء الجيش بحضور وزير الدفاع الوطني موريس سليم وقائد الجيش العماد جوزف عون (قيادة الجيش)

خلافات أهل السلطة تحرم اللبنانيين لسنوات بهجة عيد الاستقلال

تحلّ الذكرى الـ81 لاستقلال لبنان، على وقع حربٍ إسرائيلية تدميرية أفقدت المناسبة الوطنية الجامعة رمزيتها، وغيّبت معها الاحتفال المركزي الذي تقيمه الدولة سنوياً.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري والمبعوث الأميركي آموس هوكستين خلال زيارة الأخير إلى بيروت الأربعاء (أ.ف.ب)

هوكستين يستقوي بتأييد أميركي على نتنياهو للتوصل لوقف النار

يبقى التوصل إلى وقف النار في جنوب لبنان عالقاً على قدرة الوسيط الأميركي آموس هوكستين في إقناع رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو بضرورة السير فيه.

محمد شقير (بيروت)

إسرائيل تستقبل هوكستين بغارات على ضاحية بيروت

هوكستين خلال اجتماعه مع وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس ورئيس أركان الجيش هرتسي هليفي (وزارة الدفاع)
هوكستين خلال اجتماعه مع وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس ورئيس أركان الجيش هرتسي هليفي (وزارة الدفاع)
TT

إسرائيل تستقبل هوكستين بغارات على ضاحية بيروت

هوكستين خلال اجتماعه مع وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس ورئيس أركان الجيش هرتسي هليفي (وزارة الدفاع)
هوكستين خلال اجتماعه مع وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس ورئيس أركان الجيش هرتسي هليفي (وزارة الدفاع)

استقبلت إسرائيل، المبعوث الأميركي آموس هوكستين، بغارات مكثفة على الضاحية الجنوبية لبيروت ومدينة صور في الجنوب، بعد ساعات على وصوله إلى تل أبيب قادماً من بيروت، وحاملاً تفاؤله بالتوصل إلى اتفاق لوقف النار بين لبنان وإسرائيل.

وبينما عقد هوكستين لقاءات في تل أبيب مع مسؤولين إسرائيليين، أعلن رسمياً عن لقائه بوزير الدفاع يسرائيل كاتس وقائد الجيش هرتسي هاليفي.

واستهدفت الغارات الإسرائيلية، أمس، الضاحية الجنوبية لبيروت، ومدينة صور، ومناطق في البقاع (شرق)، متسببة في سقوط 22 قتيلاً على الأقل. ويحتفل لبنان اليوم بذكرى الاستقلال، من دون مراسم، للمرة الـ13، فيما ألغى في السابق الاحتفال المركزي 8 مرات لظروف قاهرة و5 بسبب الفراغ الرئاسي.