إسرائيل تكثف استخدام «مسيّرات انتحارية» في غزة... و«حماس» تعود للمواجهة

طائرات «كواد كابتر» صغيرة الحجم وتحمل قنابل يتم تفجيرها عن بعد

فلسطينيون يتفقدون الأضرار جراء هجوم إسرائيلي على مدرسة لإِيواء نازحين في مخيم جباليا شمال غزة 17 أبريل 2025 (أ.ف.ب)
فلسطينيون يتفقدون الأضرار جراء هجوم إسرائيلي على مدرسة لإِيواء نازحين في مخيم جباليا شمال غزة 17 أبريل 2025 (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تكثف استخدام «مسيّرات انتحارية» في غزة... و«حماس» تعود للمواجهة

فلسطينيون يتفقدون الأضرار جراء هجوم إسرائيلي على مدرسة لإِيواء نازحين في مخيم جباليا شمال غزة 17 أبريل 2025 (أ.ف.ب)
فلسطينيون يتفقدون الأضرار جراء هجوم إسرائيلي على مدرسة لإِيواء نازحين في مخيم جباليا شمال غزة 17 أبريل 2025 (أ.ف.ب)

كثفت إسرائيل خلال الأيام الأخيرة استخدامها للطائرات المسيرة الانتحارية في عملياتها العسكرية بقطاع غزة، خصوصاً خلال استهدافها غزيين بشكل مباشر، الأمر الذي زاد من أعداد الضحايا والتسبب في حرائق غير معتادة بالأماكن المستهدفة.

وخلال 4 أيام، انفجر ما لا يقل عن 9 طائرات مسيرة في مناطق مختلفة من قطاع غزة، ضربت أهدافاً غالبيتها داخل مراكز أو مناطق الإيواء.

وبحسب مصادر ميدانية تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، فقد تم العثور على بقايا تلك الطائرات المسيرة الانتحارية في أماكن الاستهداف، ونُقل بعضها للفحص للتعرف أكثر عليها، خصوصاً أنها تختلف عن بعضها البعض، تمشياً مع نوع الحدث والهدف المقصود.

ووفقاً لتلك المصادر، ففي وقت متأخر من مساء الأربعاء وحتى ظهر الخميس، تم تفجير 4 طائرات انتحارية في 4 أهداف متفرقة، منها اثنتان انفجرتا في قاعة داخل مدرسة «الأيوبية» التي تؤوي نازحين في مخيم جباليا شمال غزة، ما أدى إلى مقتل 4 أشخاص على الأقل، وثالثة انفجرت في خيمة وقتلت 6 فلسطينيين من عائلة العطل في بلدة بيت لاهيا، بينما قتلت مسيّرة رابعة 10 فلسطينيين من عائلة أبو الروس، في منطقة مواصي خان يونس جنوبي القطاع.

وأشارت المصادر إلى أن استخدام هذه الطائرات تسبب بحرائق في الأماكن التي يتم استهدافها، الأمر الذي يزيد من عدد الضحايا، ومقتل بعضهم احتراقاً، وهو ما حدث ليلاً مع عائلة أبو الروس. وهناك العديد من الهجمات المماثلة، من بينها الصحافي أحمد منصور الذي قتل نتيجة انفجار طائرة مسيرة في خيمة للصحافيين بمجمع «ناصر» الطبي في مدينة خان يونس.

في الأثناء، أعلن مفوض عام وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) فيليب لازاريني، الخميس، مقتل 170 صحافياً منذ بدء الحرب على غزة.

مسيّرات «كواد كابتر»

مُسيَّرة إسرائيلية من نوع «كواد كابتر» (غيتي)

ولفتت المصادر إلى أن إسرائيل كانت تستخدم طائرات «كواد كابتر» صغيرة الحجم، والتي تحمل قنابل يتم تفجيرها عن بعد أو أخرى انتحارية من ذات الطراز، ويتم بشكل أساسي تفجيرها في قيادات من المقاومة الفلسطينية، أو نشطاء بارزين. وأشارت المصادر إلى أن هذا الطراز استخدم بشكل محدود منذ بداية الحرب، وفي بعض جولات التصعيد سابقاً.

وبيّنت المصادر أن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها تكثيف استخدام هذا الطراز من الطائرات لضرب إما مواطنين لا علاقة لهم بالمقاومة والفصائل المختلفة، وإما بعض عناصر الفصائل الذين ليس لهم نشاط كبير، وأيضاً بعض العاملين في المجال الحكومي.

وذكرت أن فصائل المقاومة تفحص هذه الطائرات لمحاولة التعرف عليها بشكل أكبر، مشيرةً إلى أنها مسيّرات مجنحة بأنواع مختلفة، وفق ما ظهر في استخداماتها خلال الأيام القليلة الماضية.

وأوضحت المصادر أنه لوحظ تحليق هذه الطائرات بشكل مكثف في سماء مناطق مختلفة من القطاع، ما يشير إلى نوايا إسرائيل تصعيد استخدامها خلال الأيام المقبلة لتصفية وقتل أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين في الأماكن التي تنفجر فيها المسيّرات.

وقتل بفعل تلك الطائرات الانتحارية خلال 4 أيام من تكثيف استهدافها، نحو 38 فلسطينياً، وفق ما أكدت مصادر ميدانية.

وبلغ عدد ضحايا الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة، منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، نحو 51.065، وأكثر من 116 ألف إصابة، من بين الضحايا 1691 قتلوا بعد استئناف الحرب في 18 مارس (آذار) الماضي، حسب آخر إحصائية لوزارة الصحة في قطاع غزة.

ويأتي ذلك في وقت تتصاعد فيه العمليات الإسرائيلية من حين إلى آخر، مع توسيع العملية البرية بشكل محدود في ظل التقدم البطيء لقواتها، خاصةً في المنطقة الشرقية لمدينة غزة، وتحديداً حيي الشجاعية والتفاح.

وكثفت تلك القوات في المناطق المذكورة من قصفها المدفعي والجوي لإتاحة الفرصة للتقدم في المناطق السكنية بشكل محدود، حيث تقوم بعمليات نسف كبيرة للمباني المتبقية سليمة في تلك المناطق التي تعرضت لعمليتين بريتين سابقتين خلال الحرب على القطاع.

قذائف «الياسين 105»

قذائف «الياسين 105» التي تستخدمها «كتائب القسام» في غزة (أ.ف.ب)

ولأول مرة أعلنت «كتائب القسام»، الجناح المسلح لحركة «حماس»، مسؤوليتها عن عملية إطلاق صواريخ مضادة للدروع بقذائف «الياسين 105» منذ استئناف الحرب على القطاع، مشيرةً إلى أن عناصرها أطلقوا عدة قذائف تجاه 3 دبابات «ميركفاه 4» كانت متوغلة قرب مستشفى «الوفاء» شرق حي التفاح.

ومنذ استئناف القتال، تبنت «كتائب القسام» إطلاق عدة صواريخ باتجاه مستوطنات إسرائيلية، إلى جانب تفجير منزل مفخخ بقوة راجلة شرق مدينة رفح، لكنها المرة الأولى التي تعود فيها للالتحام والمواجهة بشكل شبه مباشر مع القوات البرية الإسرائيلية من خلال إطلاق مثل هذه القذائف التي اعتمدت عليها كثيراً خلال الحرب، وكبدت باستخدامها تلك القوات الإسرائيلية خسائر بشرية ومادية.

ويبدو أن تقدم القوات الإسرائيلية بشكل أكبر في تلك المناطق أتاح الفرصة لحركة «حماس» لاستئناف عملياتها العسكرية، في حين أن بعض المصادر الميدانية فسرت ذلك بأن الحركة ما زالت تحافظ على قوتها في حي التفاح ومناطق مجاورة، الأمر الذي قد يكون أتاح لها الفرصة لتجديد نشاطها هناك.

وفيما لم يعلن الجيش الإسرائيلي عن أي حدث تعرضت له قواته، ذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن قواته تمكنت في تلك المنطقة من تحديد هوية 5 «مخربين» خرجوا من مبنى وهم يحملون معدات ثقيلة وتم القضاء عليهم جواً، ليتبين لاحقاً أنهم يحملون قذيفتي «هاون» كانوا يستعدون لإطلاقهما، بينما تم القضاء على عدة خلايا مسلحة كانت تحاول زرع عبوات ناسفة.

ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية عن ناطق باسم الجيش الإسرائيلي قوله إن قواته قضت على مجموعة مسلحة خرجت من أحد الأنفاق وأطلقت صاروخاً مضاداً للدروع على قوة عسكرية، وتم القضاء عليها دون وقوع إصابات في صفوف قواته.


مقالات ذات صلة

خاص الجيش الإسرائيلي يقيم بوابة حديدية على الطريق 465 قرب رام الله (أ.ف.ب) play-circle 00:39

خاص إسرائيل تقطع أوصال الضفة... والفلسطينيون عالقون بين حاجزين وبوابة

يترقب فلسطينيو الضفة الغربية حالة الطرق بشكل مستمر لمعرفة أوقات الانتظار على الحواجز في رحلة مهينة، قد تكلفهم حياتهم أو السجن أو في أحسن الأحوال ضياع يومهم.

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي تصاعد الدخان جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ب)

مقتل 19 فلسطينياً جراء القصف الإسرائيلي على غزة

أفادت مصادر طبية بمقتل 19 فلسطينياً إثر القصف الجوي الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، منذ فجر اليوم (الخميس).

«الشرق الأوسط» (غزة )
المشرق العربي فلسطينيون يصطفون لملء حاوياتهم بالمياه في حي الرمال بمدينة غزة أمس (أ.ف.ب)

نتنياهو في مهب عواصف خارجية وداخلية

حاصرت عواصف إدانات دولية واستدعاءات، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بعد إطلاق قوات جيشه النيران، أمس، على دبلوماسيين عرب وأجانب في جنين بالضفة الغربية

كفاح زبون (رام الله) نظير مجلي (تل أبيب )
العالم العربي وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو (أ.ب) play-circle

روبيو يبدي تفاؤلاً حذراً بنهاية «سريعة» للحرب في غزة

أبدى وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، اليوم الأربعاء، تفاؤلاً حذراً بإمكان التوصل «سريعاً» إلى حل يؤدي إلى إنهاء الحرب في غزة والإفراج عن جميع الرهائن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

«يأس وصدمة وانتقادات علنية»... تصاعد الغضب الداخلي في إسرائيل من حرب غزة

إسرائيليون يشعلون النار خلال احتجاج مناهض للحكومة يطالب بإنهاء الحرب في غزة (أ.ف.ب)
إسرائيليون يشعلون النار خلال احتجاج مناهض للحكومة يطالب بإنهاء الحرب في غزة (أ.ف.ب)
TT

«يأس وصدمة وانتقادات علنية»... تصاعد الغضب الداخلي في إسرائيل من حرب غزة

إسرائيليون يشعلون النار خلال احتجاج مناهض للحكومة يطالب بإنهاء الحرب في غزة (أ.ف.ب)
إسرائيليون يشعلون النار خلال احتجاج مناهض للحكومة يطالب بإنهاء الحرب في غزة (أ.ف.ب)

تواجه إسرائيل غضباً داخلياً واسعاً مع دخول حربها في غزة مرحلة جديدة من العنف.

وقد أثار يائير غولان، السياسي اليساري والنائب السابق لقائد الجيش الإسرائيلي، موجة غضب يوم الاثنين عندما قال: «إسرائيل في طريقها لأن تصبح دولة منبوذة بين الأمم على غرار جنوب أفريقيا، إذا لم تعد إلى التصرف كدولة عاقلة».

وأضاف، في تصريحات لهيئة البث الإسرائيلية، أن «الدولة العاقلة لا تشن حرباً على المدنيين، ولا تقتل الأطفال كهواية، ولا تهدف إلى تهجير السكان».

واتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو غولان بـ«التحريض» ضد الجيش وضد دولة إسرائيل، وبترديد «افتراءات».

لكن أمس (الأربعاء)، ذهب وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق موشيه يعالون إلى أبعد من ذلك، حيث كتب في منشور على موقع «إكس»: «إن قتل الفلسطينيين ليس (هواية)، بل سياسة حكومية، هدفها النهائي هو التشبث بالسلطة. وهي تقودنا إلى الدمار».

يأس وصدمة

وبدت تصريحات كهذه ضرباً من المستحيل، قبل 19 شهراً فقط، عندما اجتاز مسلحو حركة «حماس» السياج الحدودي إلى داخل إسرائيل وقتلوا نحو 1200 شخص، بحسب بيانات الحكومة الإسرائيلية، واحتجزوا 251 رهينة آخرين في غزة.

لكن غزة الآن في حالة دمار، وأطلقت إسرائيل هجوماً عسكرياً جديداً، وعلى الرغم من إعلانها الموافقة على إنهاء حصارها الذي دام 11 أسبوعاً على القطاع، فإن المساعدات التي وصلت حتى اللحظة لا تزال ضئيلة جداً.

وأظهر استطلاع رأي أجرته القناة 12 الإسرائيلية، مؤخراً، أن 61 في المائة من الإسرائيليين يريدون إنهاء الحرب وعودة الرهائن. بينما يؤيد 25 في المائة منهم فقط توسيع نطاق القتال واحتلال غزة.

وعلى الرغم من أن نتنياهو ما زال يحافظ على قاعدةٍ من المؤيدين، فإن المزاج السائد في المجتمع الإسرائيلي «يسوده اليأس والصدمة وانعدام الشعور بالقدرة على تغيير أي شيء»، كما قال غيرشون باسكين، المفاوض الإسرائيلي السابق في شؤون الرهائن لشبكة «بي بي سي» البريطانية.

وأضاف باسكين قائلاً: «الغالبية العظمى من عائلات الرهائن تعتقد أن الحرب يجب أن تنتهي، وأن هناك حاجة إلى اتفاق. فيما تعتقد أقلية ضئيلة أن الهدف الأساسي الرئيسي يجب أن يكون القضاء على حماس أولاً، ثم تحرير الرهائن».

مظاهرات ضد الحرب

ويوم الأحد، نظم نحو 500 متظاهر، ارتدى العديد منهم قمصاناً كُتب عليها «أوقفوا الفظائع في غزة» وحملوا صور أطفال قُتلوا في الغارات الجوية الإسرائيلية، مسيرة من بلدة سديروت إلى حدود غزة، احتجاجاً على الهجوم الإسرائيلي الجديد.

وقد قادت المتظاهرين مجموعة «نقف معاً»، وهي مجموعة صغيرة لكنها متنامية من مناهضي الحرب، تضم مواطنين يهوداً وفلسطينيين في إسرائيل.

وبعد محاولتهم إغلاق إحدى الطرق، أُلقي القبض على قائد المجموعة، ألون لي غرين، مع 8 آخرين.

وقال غرين لـ«بي بي سي»: «أعتقد أنه من الواضح أن هناك صحوة في الرأي العام الإسرائيلي. يمكنك أن ترى أن المزيد والمزيد من الناس يتخذون موقفاً صريحاً».

جانب من المظاهرات الإسرائيلية المطالبة بإنهاء الحرب في غزة (أ.ف.ب)

وقال ناشط آخر في حركة «نقف معاً»، يدعى أوري فيلتمان، إنه يرى أن هناك اعتقاداً متزايداً بأن استمرار الحرب «لا يضرّ بالمدنيين الفلسطينيين فحسب، بل يُعرّض أيضاً حياة الرهائن والجنود للخطر، ويهدد حياتنا جميعاً».

وأضاف: «المزاج يتغير، بدأت الرياح تهب في الاتجاه المعاكس».

متظاهرون إسرائيليون يرفعون لافتات خلال احتجاج مناهض للحكومة يطالب بإنهاء الحرب في غزة (أ.ف.ب)

يذكر أن الشهر الماضي، وقّع آلاف جنود الاحتياط الإسرائيليين - من جميع فروع الجيش - رسائل تطالب حكومة نتنياهو بوقف القتال والتركيز بدلاً من ذلك على التوصل إلى اتفاق لإعادة الرهائن المتبقين.

ودولياً، عبّر قادة بريطانيا وفرنسا وكندا، الذين دافعوا باستمرار عن حق إسرائيل في الرد على هجوم حماس في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، عن استيائهم من ارتفاع عدد القتلى المدنيين في غزة والحصار المستمر منذ أشهر، والذي أدى إلى تحذيرات من مجاعة.