إسرائيل تتجه نحو أزمة دستورية

المحكمة العليا تحذِّر وزير القضاء من المماطلة في جمع لجنة تعيين القضاة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في قاعدة رامات الجوية في حيفا يوم 21 أغسطس الحالي (مكتب الإعلام الحكومي- د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في قاعدة رامات الجوية في حيفا يوم 21 أغسطس الحالي (مكتب الإعلام الحكومي- د.ب.أ)
TT

إسرائيل تتجه نحو أزمة دستورية

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في قاعدة رامات الجوية في حيفا يوم 21 أغسطس الحالي (مكتب الإعلام الحكومي- د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في قاعدة رامات الجوية في حيفا يوم 21 أغسطس الحالي (مكتب الإعلام الحكومي- د.ب.أ)

في إطار محاولات رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، التهرب من إقامة لجنة تحقيق رسمية في الإخفاقات التي رافقت هجوم حركة «حماس» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، خوفاً من إدانته بالتقصير، ومحاولات وزير القضاء، ياريف لفين، إخضاع المحكمة العليا لإرادته وامتناعه عن تعيين رئيس لها، حذّرت شخصيات قانونية بارزة من العودة إلى خطة الحكومة لإدخال تغييرات في منظومة الحكم تؤدي إلى إضعاف القضاء، ما يعني التدهور سريعاً إلى أزمة دستورية في البلاد.

وقالت المحامية دفنا هولتس لخنر التي تمثّل كثيراً من الأطراف أمام المحكمة العليا، إن نتنياهو يتحمل شخصياً وإدارياً المسؤولية عن هذا التدهور. فهو منذ أن تم توجيه لوائح اتهام ضده بتهم فساد خطيرة، يدير حرباً ضد الجهاز القضائي، من المحكمة العليا إلى النيابة وحتى المستشارة القضائية للحكومة، حسبما قالت. وأضافت أن هذه الحرب بلغت حد الامتناع عن تطبيق قرارات المحكمة وبث حملة مسمومة ضدها، يتم فيها تحقيرها.

وأكد مراسل الشؤون القانونية في صحيفة «هآرتس»، حين معنيت، أن الحكومات الإسرائيلية احترمت قرارات المحكمة طيلة 60 سنة، باستثناء القرار الذي صدر في مطلع خمسينات القرن الماضي، والذي أمر بإعادة سكان قريتي أقرث وكفر برعم الفلسطينيين إلى بيوتهم. فحتى اليوم لم ينفذ هذا القرار، والمحكمة لا تفعل شيئاً لتنفيذه. لكن القرارات التالية كانت تنفذ، إلا في السنوات الأخيرة التي جاء فيها نتنياهو إلى الحكم، وبشكل خاص بعد توجيه لائحة الاتهام ضده.

وقد بلغت الأزمة أوجها بين الحكومة والمحكمة، في الشهور الأخيرة؛ حيث امتنع وزير القضاء، ياريف لفين، عن تعيين رئيس للمحكمة العليا. فقد جرت العادة أن يتم انتخاب القاضي الأكبر سناً رئيساً لهذه المحكمة، بشرط تأييد أغلبية 5 أعضاء في لجنة تعيين القضاة المؤلفة من 9 أعضاء، بينما يحتاج تعيين قاضٍ في المحكمة العليا إلى أغلبية من 7 أعضاء. ويريد لفين ومعه نتنياهو تغيير نظام هذا التعيين، ليصبح بمسؤولية الحكومة المطلقة أو بالتوافق معها. لكن المحكمة تعد إبقاء هذا القرار بأيديها جزءاً أساسياً من استقلالية القضاء. ولذلك، تعرقل الحكومة مسار تعيين رئيس و3 قضاة آخرين للمحكمة.

وقد أصدرت المحكمة العليا قراراً اليوم (الثلاثاء) يحذّر وزير القضاء، ياريف لفين، من أنه في حال لم يعمل في الأيام القريبة المقبلة من أجل عقد اجتماع للجنة تعيين القضاة، بهدف تعيين القضاة الثلاثة ورئيس للمحكمة العليا، فإنها ستصدر في بداية الشهر المقبل حكماً يُلزمه بالقيام بذلك بموجب قانون المحاكم.

وأشار القضاة: ياعيل فيلنر، وعوفر غروسكوبف، وألكس شتاين، إلى أنهم أرجأوا -بناء على طلب لفين- إصدار قرار في الدعاوى المقدمة ضده، من أجل تمكينه من تطبيق «رؤيته المباركة» بشأن تعيين قضاة، بالاتفاق بين جميع أعضاء لجنة تعيين القضاة. وأضاف القضاة أنه في حال لم ينفذ لفين ذلك، فإن المحكمة ستصدر قراراً «في بداية السنة القضائية المقبلة»، أي في بداية شهر سبتمبر (أيلول) المقبل.

ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مقربين من لفين، قوله إن قرار المحكمة «متوقع في ظل تناقض المصالح بيننا»؛ لكنه عدَّه قراراً ينطوي على تجاوز الصلاحية.

ويسعى لفين إلى وضع آلية تتيح للحكومة أن تعيِّن رئيساً للمحكمة يكون مريحاً لها. والغرض من ذلك هو ضمان عدة أمور تتعلق بنتنياهو المتهم. فهو يحاول منع إقامة لجنة تحقيق رسمية في إخفاقات 7 أكتوبر. ولكن، في حال اضطراره إلى ذلك، فإن رئيس المحكمة العليا هو الذي سيعيّن رئيس لجنة التحقيق. ولأن نتنياهو يخشى تعيين قاضٍ من تيار ليبرالي معادٍ له، يريد أن يضمن من الآن تعيين قاضٍ يحقق رغباته هو ولفين، حسبما يقول منتقدون لرئيس الحكومة. وأضاف هؤلاء أن نتنياهو يتوقع أن يصدر بحقه حكم قاسٍ في قضايا فساد، ولذلك فإنه سيستأنف أمام المحكمة العليا، ولذلك يريد «قاضياً مريحاً» يهاب الحكومة.

لكن الطريقة التي يستخدمها لفين ونتنياهو تدفع بإسرائيل إلى أزمة دستورية. فإذا امتنعت الحكومة عن تنفيذ قرارات المحكمة، فسيمتنع الناس أيضاً عن ذلك. وإذا ما أُخذ في الاعتبار أن الشرطة، المخولة بتطبيق القانون، فقدت هي أيضاً استقلاليتها وأصبحت خاضعة اليوم للحكومة، فإنها ستكون انتقائية في إجراءاتها، الأمر الذي سيُحدث فوضى عارمة، ستنسحب على مرافق ودوائر أخرى. وستكون لذلك تبعات على مكانة إسرائيل الدولية؛ خصوصاً أنها تواجه قضايا أمام محكمة العدل الدولية ومحكمة الجنايات الدولية في لاهاي.


مقالات ذات صلة

مؤتمر «الانبعاث اليهودي» يعدّ عودة استيطان غزة واقعياً جداً

شؤون إقليمية ملصق مؤتمر «الانبعاث اليهودي» في أغسطس الحالي (فيسبوك)

مؤتمر «الانبعاث اليهودي» يعدّ عودة استيطان غزة واقعياً جداً

يطالب اليمين الإسرائيلي المتطرف بتغيير تركيبة الجيش وجهاز الأكاديمية ومنظومة القانون والنيابة العامة والإدارة العامة، وجعلها جميعاً في يديه.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية نازحون فلسطينيون في شارع بخان يونس المُدمَّرة الجمعة (أ.ف.ب)

خبراء قانون: خطة إضعاف القضاء أضعفت إسرائيل

اعترف خبراء قانون في إسرائيل بأن خطة إضعاف القضاء التي حاول بنيامين نتنياهو تمريرها انعكست سلباً على تل أبيب أمام المحاكم الدولية.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية وزير المالية بتسلئيل سموترتش يتحدث لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في الكنيست يوليو الماضي (رويترز)

عائلات المحتجزين لدى «حماس» تصعّد لأجل صفقة فورية

يشكك قادة منتدى عائلات المخطوفين الإسرائيليين لدى «حماس» في أنباء عن تجاوب نتنياهو، مع المبادرة المصرية لوقف النار، وأنه ما زال يخشى حلفاءه في اليمين المتطرف

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (يمين) ووزير المال بتسلئيل سموتريتش (حساب الأخير على إكس)

وزير المال الإسرائيلي يعرقل صفقة طائرات أميركية

كشفت مصادر سياسية وعسكرية عن أن وزير المال الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، يعرقل إقرار صفقة أسلحة مع الولايات المتحدة بحجة تبذير الأموال العامة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المستفيد الأساسي من تفكيك حزب خصمه غانتس (أ.ف.ب)

نتنياهو «المستفيد الوحيد» من تفكك حزب غانتس

مرة أخرى ينجح بنيامين نتنياهو في استغلال ضعف منافسيه ويحصل على خشبة نجاة بالذات من جدعون ساعر الذي كان سبباً في الهزة التي تعرض لها في السنوات الأخيرة

نظير مجلي (تل أبيب)

لبنان: «اليونيفيل» تكشف إطلاق صاروخ الأحد الماضي بالقرب من موقع لها

آليات تابعة لقوات «الأمم المتحدة» المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) تقوم بدورية بالقرب من الحدود اللبنانية الإسرائيلية في منطقة مرجعيون (إ.ب.أ)
آليات تابعة لقوات «الأمم المتحدة» المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) تقوم بدورية بالقرب من الحدود اللبنانية الإسرائيلية في منطقة مرجعيون (إ.ب.أ)
TT

لبنان: «اليونيفيل» تكشف إطلاق صاروخ الأحد الماضي بالقرب من موقع لها

آليات تابعة لقوات «الأمم المتحدة» المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) تقوم بدورية بالقرب من الحدود اللبنانية الإسرائيلية في منطقة مرجعيون (إ.ب.أ)
آليات تابعة لقوات «الأمم المتحدة» المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) تقوم بدورية بالقرب من الحدود اللبنانية الإسرائيلية في منطقة مرجعيون (إ.ب.أ)

كشفت قوة «الأمم المتحدة» المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) لوكالة «رويترز»، اليوم (الثلاثاء)، إن أحد الصواريخ التي أُطلقت من لبنان خلال الاشتباك العنيف بين جماعة «حزب الله» والجيش الإسرائيلي، يوم الأحد، أُطلق من مكان قريب من موقع تديره قوات حفظ السلام الدولية.

وأوضحت القوة أنها رصدت «عدداً كبيراً من الغارات الجوية وإطلاق الصواريخ في منطقة عملياتها» بداية من صباح يوم الأحد.

وقالت المتحدثة باسم اليونيفيل، كانديس أرديل: «رصدنا إطلاق صواريخ بالقرب من أحد مواقعنا في الحنيّة»، في إشارة إلى بلدة في جنوب لبنان على بعد نحو 10 كيلومترات شمال الحدود مع إسرائيل.

وأضافت المتحدثة أن انفجاراً وقع في وقت لاحق من اليوم بالقرب من موقع ليونيفيل في ميس الجبل الحدودية دون حدوث أضرار أو إصابات.

وتابعت: «نؤكد للجميع باستمرار أن استخدام المناطق القريبة من مواقعنا لشنّ هجمات عبر الخط الأزرق بما يعرض قوات حفظ السلام للخطر هو أمر غير مقبول ويشكل انتهاكاً للقرار 1701».

والخط الأزرق هو خط ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل.