دمشق تدين قصف «مجدل شمس» والرئاسة الروحية الدرزية تلمح للجهة الفاعلة

أكثر من 80 في المائة من سكانها يحتفظون بالهوية السورية

لافتات رفعها محتجو ساحة الكرامة بالسويداء اليوم تضامناً مع مجدل شمس المجاورة التي تربطهم بها علاقة قرابة ومصاهرة (السويداء 24)
لافتات رفعها محتجو ساحة الكرامة بالسويداء اليوم تضامناً مع مجدل شمس المجاورة التي تربطهم بها علاقة قرابة ومصاهرة (السويداء 24)
TT

دمشق تدين قصف «مجدل شمس» والرئاسة الروحية الدرزية تلمح للجهة الفاعلة

لافتات رفعها محتجو ساحة الكرامة بالسويداء اليوم تضامناً مع مجدل شمس المجاورة التي تربطهم بها علاقة قرابة ومصاهرة (السويداء 24)
لافتات رفعها محتجو ساحة الكرامة بالسويداء اليوم تضامناً مع مجدل شمس المجاورة التي تربطهم بها علاقة قرابة ومصاهرة (السويداء 24)

اتهمت دمشق إسرائيل بـ«اختلاق الذرائع لتوسيع دائرة عدوانها» وحمّلتها المسؤولية «كاملة» عن تصعيد «الوضع الخطير في المنطقة».

وجاء ذلك في بيان صدر، الأحد، عن وزارة الخارجية السورية، أدانت فيه قصف بلدة مجدل شمس السورية المحتلة ذات الغالبية الدرزية، وذلك بعد ساعات من إصدار الرئاسة الروحية لطائفة المسلمين الموحدين الدروز في سوريا، بياناً حمل توقيع الشيخ حكمت الهجري - واحد من أبرز الزعامات الدينية في السويداء جنوب سوريا - المؤيدة للحراك المناهض للحكومة السورية.

الشيخ حكمت الهجري من الرئاسة الروحية لطائفة المسلمين الموحدين الدروز في سوريا (صفحة الرئاسة الروحية)

وأدان البيان قصف قرية مجدل شمس، مطالباً الأوساط الأممية والدولية، بتأكيد «ملاحقة الجهة المجرمة»، لافتاً إلى «وضوح الرؤية للجهة الفاعلة لدى الجميع»، دون أن يسميها البيان صراحة.

وطلب البيان معاقبة الجهة الفاعلة عبر القانون الدولي، و«عدم قبول أي تبرير»؛ لأن «أبناءنا ليسوا مواقع تدريب، ولا مواقع تجريب، وليست سماؤنا ساحات حرب لأحد، ولا تحقيق غايات لأحد عبر دماء أبنائنا. ولا يمكن تصور خطأ بهذه البشاعة وهذه الصفات»، وفق ما جاء في البيان.

كما رفع المحتجون في السويداء، لدى تجمعهم اليومي في ساحة الاحتجاج وسط مدينة السويداء، لافتات تضامن مع أهالي مجدل شمس وإدانة للجريمة التي ارتكبت بحقهم. في حين تابعت وسائل الإعلام الرسمية ردود الفعل الصادرة عن «حزب الله» اللبناني، نافية قيامه برمي الصاروخ على ملعب رياضي في مجدل شمس، يوم السبت، مع متابعة لتشييع الضحايا؛ إذ تأخر صدور بيان رسمي سوري يدين القصف، حتى ظهر يوم الأحد.

وجاء في البيان الرسمي، أن الجمهورية العربية السورية، تؤكد أن «شعبنا في الجولان السوري المحتل، الذي رفض على مدى عقود من الاحتلال الإسرائيلي أن يتنازل عن هويته العربية السورية، لن تنطلي عليه أكاذيب الاحتلال واتهاماته الباطلة للمقاومة الوطنية اللبنانية بأنها هي التي قصفت مجدل شمس، وذلك لأن أهلنا في الجولان السوري كانوا وما زالوا، وسيبقون جزءاً أصيلاً من مقاومة المحتل ومقاومة سياساته العدوانية التي تستبيح الأرض والهوية».

السويداء متضامنة مع مجدل شمس (الراصد)

وعدّ البيان قصف مجدل شمس واتهام «حزب الله» اللبناني «محاولات لتصعيد الأوضاع في المنطقة»، وتوسيع دائرة العدوان الإسرائيلي عليها، متهماً إسرائيل بارتكاب جريمة بشعة في المدينة التي تقع في الجولان السوري المحتل منذ عام 1967، «ثم قام بتحميل وزر جريمته للمقاومة الوطنية اللبنانية».

وأعلن الجيش الإسرائيلي، السبت، عن مقتل 12 شخصاً، وإصابة أكثر من 30 آخرين بسقوط صاروخ في ملعب رياضي في قرية مجدل شمس، التي تقع في مرتفعات الجولان المحتل. واتهمت إسرائيل «حزب الله» بإطلاق الصاروخ، واعتبرته استهدافاً خطيراً للمدنيين الإسرائيليين منذ أكتوبر (تشرين الأول)، إلا أن «حزب الله» نفى نفياً قاطعاً مسؤوليته عن إطلاق الصاروخ. وسط مخاوف دولية من أن يؤدي التصعيد الأخير بعد ضربة مجدل شمس إلى إشعال حرب في المنطقة.

رسم كرتوني تضامناً مع مجدل شمس (الفنان السوري فادي الحلبي)

مجدل شمس

يقدر عدد سكان قرية مجدل شمس، الواقعة على مرتفعات الجولان السورية المحتل منذ عام 1967 جنوب غربي سوريا، بنحو 12000 نسمة، حسب إحصاءات عام 2022، ومعظمهم من الطائفة الدرزية، ويشكلون الكتلة الأكبر من الدروز الموجودين في الأراضي المحتلة، تليها قرى عين قينيا ومسعدة وبقعاثا.

وظلت قرى الجولان السورية المحتلة تدار من المحافظة العسكرية الإسرائيلية، حتى عام 1981، الذي شهد صدور قانون مرتفعات الجولان، القاضي بضم المنطقة تحت نظام المجالس المحلية الإسرائيلي، دون أن يحظى بقبول دولي رسمي.

نساء درزيات يبكين الأحد حول نعش أحد أقاربهن من ضحايا استهداف من لبنان على مجدل شمس في الجولان المحتلة من إسرائيل (إ.ف.ب)

ومع أن إسرائيل منحت لسكان تلك المناطق حق الحصول على الهوية الإسرائيلية، إلا أن الغالبية العظمى رفضتها، ولم تتجاوز نسبة المتقدمين للحصول عليها 20 في المائة حتى عام 2018.

وظلّ أكثر من 80 في المائة من السكان يحتفظون بالهوية السورية الذين تعرفهم إسرائيل رسمياً بـ«سكان مرتفعات الجولان» دون الاعتراف بهويتهم السورية، كما ظلّت الدولة السورية تعدهم مواطنين سوريين، والذين بدورهم حافظوا على علاقتهم بسوريا وأهلهم في الأراضي السورية، وتمتينها عبر علاقات المصاهرة؛ إذ تقام الأعراس رغم الأسلاك الشائكة التي تشطر العائلات إلى قسمين بين الأراضي المحتلة والأراضي غير المحتلة.


مقالات ذات صلة

زعيم الأغلبية بمجلس الشيوخ الأميركي: إسرائيل لها الحق في الدفاع عن نفسها

الولايات المتحدة​ زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ الأميركي تشاك شومر (أ.ف.ب)

زعيم الأغلبية بمجلس الشيوخ الأميركي: إسرائيل لها الحق في الدفاع عن نفسها

قال زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ الأميركي تشاك شومر، اليوم (الأحد)، إن إسرائيل لديها الحق في الدفاع عن نفسها في مواجهة «حزب الله».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية سكان من مجدل شمس بالجولان يعاينون موقع انفجار الصاروخ في ملعب لكرة القدم (أ.ف.ب)

خلافات إسرائيلية حول طبيعة الرد على حادثة الجولان

ظهرت خلافات بين القيادتين السياسية والعسكرية في تل أبيب حول كيفية الرد على هجوم الجولان ومداه، رغم الاتفاق العام على ضرورة «الرد بقسوة» على «حزب الله».

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي وزير الخارجية عبد الله بوحبيب (الوكالة الوطنية)

وزير الخارجية اللبناني: طلبنا من واشنطن حث إسرائيل على ضبط النفس

قال وزير الخارجية اللبناني عبد الله بوحبيب، الأحد، إن لبنان طلب من الولايات المتحدة حث إسرائيل على ضبط النفس في ظل التوتر، في الآونة الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية  ناصر كنعاني المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية (الخارجية الإيرانية على منصة «إكس»)

إيران تحذر إسرائيل من أي «مجازفة» في لبنان

حذَّر ناصر كنعاني المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، الأحد، إسرائيل، من أي «مجازفة» جديدة في لبنان بشأن واقعة الجولان.

المشرق العربي وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (أ.ف.ب)

لافروف: ليس واقعياً تدمير «حماس» كلية كما يريد نتنياهو

قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الأحد، إنه ليس واقعياً تدمير «حماس» كلية كما يريد رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

البرلمان العراقي يحقق في إصابة زوجة برلماني سابق بنيران أميركية

أرشيفية للسفارة الأميركية في المنطقة الخضراء ببغداد (أ.ف.ب)
أرشيفية للسفارة الأميركية في المنطقة الخضراء ببغداد (أ.ف.ب)
TT

البرلمان العراقي يحقق في إصابة زوجة برلماني سابق بنيران أميركية

أرشيفية للسفارة الأميركية في المنطقة الخضراء ببغداد (أ.ف.ب)
أرشيفية للسفارة الأميركية في المنطقة الخضراء ببغداد (أ.ف.ب)

أعلنت لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي تشكيل لجنة مشتركة للتحقيق في إصابة مواطنة عراقية في المنطقة الخضراء بنيران السفارة الأميركية. وكانت السفارة الأميركية كشفت مساء السبت عن تفاصيل إطلاق نار داخل مبنى السفارة، والتسبب بإصابة امرأة عراقية.

وقال المتحدث الرسمي باسم السفارة في تصريحات له إن «تقريراً تلقته السفارة من السلطات العراقية بشأن إصابة مواطنة عراقية؛ نتيجة لإطلاق نار بالقرب من مبناها في العاصمة بغداد مساء 26 يوليو (تموز)».

وأضاف المتحدث، أن «التحقيق كشف عن وجود إطلاق نار غير مقصود من قبل شخص داخل مجمع السفارة»، لافتاً إلى أن «الحادث المؤسف تأخذه السفارة بكل جدية وتواصل التحقيق بشأنه».

وأعربت السفارة الأميركية، على لسان المتحدث باسمها، عن قلقها الشديد بشأن تقرير إصابة المواطنة العراقية، متمنية لها الشفاء العاجل، بينما أكدت إبلاغ السلطات العراقية بالأمر وتواصل التنسيق الوثيق معها.

وفي هذا السياق، قال رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي كريم عليوي، في بيان له (الأحد) إن «السفارة الأميركية انتهكت حقوق الإنسان بشكل واضح بعد تعرض إحدى النساء العراقيات لإطلاق نار في أثناء تأديتها الصلاة».

وأكد عليوي أن «هذا الأمر خطير جداً ويعد انتهاكاً لحقوق المواطن»، مشيراً إلى أن «لجنة الدفاع النيابية ستتحرك لوقف مثل هذه الانتهاكات عبر تشكيل لجنة تحقيقية للتحقيق في هذا الخرق لسيادة العراق وسلامة مواطنيه».

ويأتي هذا الحادث في وقت أعلنت فيه الفصائل العراقية المسلحة انتهاء الهدنة مع الجانب الأميركي بعد نتائج المباحثات التي أجراها وفد عراقي رفيع المستوى برئاسة وزير الدفاع ثابت العباسي في واشنطن بشأن إنهاء مهمة التحالف الدولي في العراق وتنظيم العلاقة بين بغداد وواشنطن.

وبينما تعلن الحكومة العراقية أن المباحثات بين الطرفين تمحورت حول انسحاب ما تبقى من جنود أميركان في العراق، فإن الجانب الأميركي اكتفى في بيانه بعد المباحثات بالقول إن المباحثات اقتصرت على تنظيم الوجود الأميركي، وهو ما عدّته القوى المعارضة للوجود الأميركي في العراق مبرراً كافياً لإعلان عدم رغبة الأميركان في مغادرة العراق.

وكان أكثر من فصيل مسلح أعلن أخيراً انتهاء الهدنة مع الجانب الأميركي، وهو ما تجسّد في توجيه ضربات صاروخية نحو قاعدة «عين الأسد» في محافظة الأنبار غرب العراق.

وبينما يسعى رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إلى الضغط على الفصائل المسلحة للاستمرار في الهدنة لكي يتمكّن المفاوض العراقي من استكمال متطلبات الانسحاب الأميركي وإعادة تنظيم وجوده طبقاً لاتفاقية الإطار الاستراتيجي المُوقّعة بين البلدين عام 2008، فإن الفصائل المسلحة وأطرافاً أخرى في البرلمان العراقي تصرُّ على أن الأميركان لن يخرجوا إلا بالقوة.

ويرى المراقبون السياسيون في العاصمة العراقية بغداد، والمقربون من دوائر صنع القرار أن حادث إطلاق النار من داخل السفارة الأميركية، الذي أصاب زوجة عضو سابق في البرلمان العراقي داخل المنطقة الخضراء يمكن أن يكون ذريعة إضافية للمطالبة بإخراج الأميركان من العراق كونهم لا يلتزمون بالقواعد التي تحكم وجودهم في بلد ذي سيادة.

إلى ذلك، أكد رئيس الوزراء العراقي الأسبق، حيدر العبادي، أن مباحثات تخفيض الوجود الأميركي في العراق بدأت بعد تحرير الجانب الأيسر في مدينة الموصل عام 2017.

العبادي، وفي تصريحات له، أفاد بأن حكومته «طلبت إنهاء وجود التحالف في العراق، وهم طلبوا 5 سنوات، ونحن طلبنا 3 سنوات، ومن المفترض إنهاء وجود التحالف خلال عام 2022 أو 2023 حداً أقصى، ونحن نستغرب عدم المطالبة من قبل الحكومة الحالية بإنهاء وجود التحالف».

وأضاف: «حسب اطّلاعنا، هناك بحث ونقاش جدي لإنهاء عمل التحالف الدولي في العراق، والجانب الأميركي مستعد لإنهاء وجوده في العراق خلال سنة واحدة، ووضع الحكومة بشكل عام متجه نحو اتفاق وتعاون ثنائي مع دول التحالف مع إنجاز الانسحاب»، مبيناً أنه «يجب على العراق عزل مصالحه عن الفوضى الأميركية بغض النظر عمَّن سيفوز في الانتخابات أكان مرشحاً جمهورياً أم ديمقراطياً، ودولياً يجب أن نستمر بمساندة فلسطين وأهل غزة، والحق الإسلامي في الأرض، ونقف ضد الظلم».