بعد أخبار عن بناء مستوطنات... أهالي القنيطرة متخوفون من احتلال إسرائيلي دائم

قالوا لـ«الشرق الأوسط» إن ذريعة تدخلها انتفت على الأرض

من التوغل الإسرائيلي في القنيطرة بسوريا (رويترز)
من التوغل الإسرائيلي في القنيطرة بسوريا (رويترز)
TT

بعد أخبار عن بناء مستوطنات... أهالي القنيطرة متخوفون من احتلال إسرائيلي دائم

من التوغل الإسرائيلي في القنيطرة بسوريا (رويترز)
من التوغل الإسرائيلي في القنيطرة بسوريا (رويترز)

مع تعزيز الجيش الإسرائيلي وجوده في بلدات وقرى ومناطق احتلها في ريفَي محافظة القنيطرة جنوب سوريا والعاصمة دمشق، ونشر صور من الأقمار الاصطناعية فحصتها «واشنطن بوست»، تظهر أكثر من نصف دزينة من المباني والمركبات في القاعدة الإسرائيلية بجباتا الخشب، مع بناء متطابق تقريباً على بُعد 5 أميال إلى الجنوب. أكد أهالي المنطقة، وبينهم مسؤولون، أن ذريعة إسرائيل للتدخل المتمثلة في إبعاد الميليشيات الإيرانية و«حزب الله» عن الحدود، «غير موجودة»، لأن إدارة العمليات العسكرية أخرجت جميع الميليشيات من الأراضي السورية.

وبينما يبدي الأهالي تخوفهم من أن يصبح الاحتلال دائماً وليس كما تزعم إسرائيل بأنه مؤقت، دعا مختار قرية توغل فيها الجيش الإسرائيلي الدول الغربية إلى ردع إسرائيل وإرغامها على الانسحاب وتعزيز نقاط المراقبة الأممية.

توغل داخل بلدة جباتا الخشب بريف القنيطرة ديسمبر الماضي (إ.ف.ب)

وفي تعليقه على ما ذكرته صحيفة «واشنطن بوست»، أن إسرائيل تبني مواقع استيطانية في جنوب سوريا، وأن من بين البلدات والقرى التي تنشئ فيها هذه المواقع «جباثا الخشب»، أكد مختار البلدة الواقعة في القطاع الشمالي من محافظة القنيطرة، محمد مازن مريود، أن إسرائيل «أهلكت» الأهالي بتدخلها، وحذر من أنه «إذا لم تتحرك القوات الأممية فإننا سنتحرك بقوة وحزم»، من دون أن يوضح كيف ستكون طبيعة التحرك.

واستنكر مريود الاحتلال الإسرائيلي الجديد لقرى وبلدات في المحافظة، ودعا الدول الغربية لردع هذا الاحتلال وإرغامه على الانسحاب وتعزيز نقاط مراقبة الأمم المتحدة في المنطقة العازلة.

وأضاف مريود في تصريح هاتفي لـ«الشرق الأوسط»: «لم يكن هناك ردع دولي لهذا الاحتلال، فقد يصبح دائماً، وخصوصاً أن الإدارة السياسية الجديدة منشغلة جداً بترتيب الأوضاع الداخلية».

قوات إسرائيلية تنشط بمنطقة جبل الشيخ في سوريا 9 ديسمبر 2024 (رويترز)

بدوره قال محمد حسن، مختار قرية طرنجة المجاورة لـ«جباثا الخشب»، التي توغلت فيها أيضاً القوات الإسرائيلية، لـ«الشرق الأوسط»: «القاعدة التي يبنونها في جباثا قريبة من منازل المواطنين السوريين، وقد جرفوا أكثر من 10 دونمات من أجل ذلك، وعدا عن ذلك، يدخل جنود الاحتلال إلى القرى ويطلقون النار، وهذا الأمر يروع الأهالي». مضيفاً أن ما تقوم به إسرائيل من بناء للقواعد «دليل على أنها تريد تثبيت احتلالها».

وتابع: «إذا نزحنا من بيوتنا فأين نسكن؟ في الخيم، في الشوارع؟ لدينا أملاك وبساتين نعيش منها»، مشدداً على ضرورة تحرك الأمم المتحدة لإرغام إسرائيل على الالتزام باتفاقية «فض الاشتباك» لعام 1974 والانسحاب من الأراضي التي احتلتها.

مقر قيادة شرطة محافظة القنيطرة في «مدينة السلام» (الشرق الأوسط)

وفي تصريح آخر قبل أيام لـ«الشرق الأوسط»، عبر تطبيق «واتساب»، قال رئيس مجلس مدينة القنيطرة، الشيخ محمد السعيد أبو حفص، الذي تم تكليفه من قِبَل الإدارة السياسية الجديدة بتسيير شؤون المحافظة: «حسب الادعاءات الإسرائيلية، فإنهم يريدون إبعاد الميليشيات الإيرانية و(حزب الله) عن الحدود، ولكن بعد سقوط النظام في 8 ديسمبر (كانون الأول) الماضي انتفت هذه الذريعة، لأن إدارة العمليات العسكرية أخرجت الميليشيات الإيرانية من كل الأراضي السورية»، مجدداً التأكيد على أنه «لا توجد أي ميليشيات لإيران و(حزب الله) في جنوب سوريا والقنيطرة نهائياً».

رئيس مجلس مدينة القنيطرة الشيخ محمد السعيد أبو حفص الذي كلف من قبل الإدارة السياسية الجديدة بتسيير شؤون المحافظة (الشرق الاوسط

وأوضح أبو حفص أن القيادة السياسية السورية تتواصل مع قنوات دبلوماسية معينة والأمم المتحدة ودول عربية وإقليمية، لإرغام الجيش الإسرائيلي على الخروج من المناطق التي توغل إليها مؤخراً في جنوب سوريا، مشيراً إلى أن هذا التواصل يأتي «بغرض تبديد مخاوف الإسرائيليين من وجود ميليشيات إيرانية و(حزب الله) في المنطقة، والوقائع على الأرض تنفي الادعاءات الإسرائيلية».

وأكد أبو حفص «عدم وجود أي محادثات أو تواصل مباشر بين القيادة السورية الجديدة وإسرائيل على أي مستوى».

الناشط والمحامي محمد الفياض، من أبناء محافظة القنيطرة ويقيم هناك، ذكر أن إسرائيل احتلت، منذ سيطرة إدارة العمليات العسكرية على البلاد، 23 بلدة وقرية ومنطقة محاذية لخط وقف إطلاق النار في القطاعين الشمالي والجنوبي من المحافظة، إضافة إلى «سد المنطرة» المزود الرئيس للمياه في القنيطرة وأريافها، في انتهاك سافر لاتفاقية «فك الاشتباك» لعام 1974.

جندي إسرائيلي يقف بجوار حاجز على جبل الشيخ 8 يناير الماضي (أ.ف.ب)

تهديد دمشق

وأضاف الفياض لـ«الشرق الأوسط»: «احتلوا أيضاً كل التلال الاستراتيجية، ومع احتلالهم (المرصد الرسمي السوري) في سفوح جبل الشيخ بريف دمشق، باتوا يكشفون ليس العاصمة دمشق فقط، بل وريفها ومحافظة السويداء أيضاً»، معرباً عن أسفه لأن كل ذلك يحصل «على مسمع المجتمع الدولي». وتابع: «الاحتلال أقام ثكنة ومطاراً لإقلاع وهبوط طائراته العسكرية، في ريف دمشق، وقد رأيت الثكنة والمطار بأم عيني، كما شاهدت قاعدة يبنونها بين قريتي الحميدية والحرية».

رجل يجمع الخشب من شجرة أزالها الجيش الإسرائيلي خلال توغل بقريته الرفيد على مشارف القنيطرة في سوريا 5 يناير 2025 (أ.ب)

وتؤكد أحاديث الأهالي أن الجيش الإسرائيلي يقوم بإنشاء قواعد عسكرية في كثير من المناطق التي احتلها في المنطقة العازلة.

وخلال عمليات التوغل يعمل الجنود الإسرائيليون على تجريف الأراضي الزراعية وشق طرق ترابية وقطع الأشجار وهدم وتخريب الكثير من المنازل والبنى التحتية، عدا عن الاعتقالات والانتهاكات بحق المواطنين السوريين.

يقول شاب من القنيطرة لـ«الشرق الأوسط»، اشترط عدم ذكر اسمه: «قرانا وأراضينا مستباحة من قِبَل إسرائيل، فقد استغلت الظرف الحالي في سوريا، وصار جنودها يدخلون ويخرجون كما يحلوا لهم، ويعتقلون من يشاؤون».

وبعد أن وصف الشاب الوضع بأنه «مأساوي جداً»، أوضح أن الأهالي يرفضون بشكل قطعي استمرار الوضع على هذا الشكل.

ولا يأخذ أهالي القنيطرة بمزاعم أطلقها رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بأن هذا «الإجراء مؤقت وذو طبيعة دفاعية يهدف إلى كبح التهديدات المحتملة لبلاده من الجانب السوري»، ويبدون تخوفهم من أن يكون هذا الاحتلال دائماً.

جندي إسرائيلي بالقرب من معبر القنيطرة التابع للأمم المتحدة 5 يناير الماضي (أ.ب)

في السياق، أبدى رجل خمسيني من أهالي قرية في القطاع الجنوبي احتلتها إسرائيل، استغرابه من تصريحات نتنياهو، وتساءل: «مم يتخوفون؟ هل بقي في أراضينا ما يهددهم؟». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «نتنياهو يكذب، لأن عناصر الميليشيات الإيرانية و(حزب الله) خرجوا، وبعد سقوط نظام الأسد، دمرت طائراتهم كل مواقع وأسلحة جيشه».

هذا، ويواجه الجنود الإسرائيليون في بعض القرى بمظاهرات شعبية رافضة، كما حصل في قرية «السويسة»، حيث أطلق الجنود الرصاص الحي بشكل مباشر على المتظاهرين وأصابوا 7 مدنيين.

الجولان المحتل

يُذكر أن مساحة هضبة الجولان تبلغ 1860كم، احتل منها الجيش الإسرائيلي 1250كم في أعقاب حرب يونيو (حزيران) عام 1967.

وبعد حرب السادس من أكتوبر (تشرين الأول) عام 1973 وحرب الاستنزاف التي تلتها وتوقيع اتفاقية «فض الاشتباك» في مايو (أيار) عام 1974، استعادت سوريا 100كم، من المناطق المحتلة.

وبموجب اتفاقية «فض الاشتباك» تم إنشاء منطقة عازلة في هضبة الجولان على الحدود بين سوريا وإسرائيل، وانتشرت فيها قوات الأمم المتحدة (أندوف) لمراقبة وقف إطلاق النار.


مقالات ذات صلة

الجيش السوري يتهم «حزب الله» بقتل 3 من أفراده عبر الحدود

المشرق العربي جرافة للجيش اللبناني أثناء إغلاق معابر غير شرعية فبراير الماضي (إكس)

الجيش السوري يتهم «حزب الله» بقتل 3 من أفراده عبر الحدود

قتل 3 سوريين قرب الحدود اللبنانية في حادث إطلاق نار تضارب المعلومات حول أسبابه، فيما تتولى الأجهزة الأمنية التحقيق في الحادث.

حسين درويش (بعبلك (شرق لبنان))
المشرق العربي طفل محمول على الأكتاف يهتف بينما تتجمع الحشود لإحياء الذكرى الرابعة عشرة للانتفاضة ضد الرئيس السوري السابق بشار الأسد في حمص مساء 15 مارس (أ.ف.ب)

المؤتمر الدولي لدعم مستقبل سوريا في بروكسل يفتتح الاثنين

توقّع مطلعون على أعمال المؤتمر أن تلقى السلطات السورية الجديدة دعماً في المؤتمر بمشاركة مسؤولين رفيعي المستوى من سوريا وأوروبا، والأمم المتحدة، والدول المجاورة

«الشرق الأوسط» (لندن)
الخليج رصد 7 ملايين قرص مخدر مخبأة في شحنة ألعاب وطاولات كي (واس)

السعودية تسهم بإحباط تهريب 7 ملايين قرص مخدر في العراق

أسهمت وزارة الداخلية السعودية في إحباط نظيرتها العراقية محاولة تهريب 7 ملايين قرص من مادة الإمفيتامين مخبأة بشحنة بضائع قادمة من سوريا مروراً بتركيا

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي فرق الهندسة في وزارة الدفاع تفكك ألغاماً أرضية على أوتوستراد اللاذقية جبلة كانت مجهزة للتفجير (وكالة ثقة)

إغلاق الطرق المؤدية إلى مدن الساحل لإعادة الاستقرار وتفكيك ألغام أرضية مجهزة للتفجير

لا يزال الوضع الأمني في مناطق الساحل السوري هشاً وقد أغلقت وزارة الدفاع السورية الطرق المؤدية إلى مدن الساحل لإعادة الاستقرار

سعاد جروس (دمشق)
العالم العربي وليد جنبلاط يلقي كلمةً في الاحتفال الشعبي بمناسبة الذكرى الـ48 لاغتيال والده (الشرق الأوسط)

جنبلاط ينهي تقليد ذكرى اغتيال والده «بعدما أخذت عدالة التاريخ مجراها»

أعلن رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» السابق وليد جنبلاط انتهاء تقليد ذكرى اغتيال والده «بعدما أخذت عدالة التاريخ مجراها».

«الشرق الأوسط»

الجيش الإسرائيلي يستهدف مركز قيادة لـ«حزب الله» في جنوب لبنان

جانب من الدمار جراء الغارات الإسرائيلية على جنوب لبنان (أ.ف.ب)
جانب من الدمار جراء الغارات الإسرائيلية على جنوب لبنان (أ.ف.ب)
TT

الجيش الإسرائيلي يستهدف مركز قيادة لـ«حزب الله» في جنوب لبنان

جانب من الدمار جراء الغارات الإسرائيلية على جنوب لبنان (أ.ف.ب)
جانب من الدمار جراء الغارات الإسرائيلية على جنوب لبنان (أ.ف.ب)

قال الجيش الإسرائيلي، اليوم (الأحد)، إنه استهدف خلال الساعات الماضية مركز قيادة وسيطرة تابعاً لـ«حزب الله» في جنوب لبنان.

وأنهى اتفاق وقف إطلاق النار المبرم في نوفمبر (تشرين الثاني) المواجهة بين «حزب الله» وإسرائيل، وحدد مهلة مدتها 60 يوماً لانسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان، ولسحب «حزب الله» مقاتليه وأسلحته من المنطقة وانتشار الجيش اللبناني هناك.

وتم تمديد هذه المهلة إلى 18 فبراير (شباط)، لكن إسرائيل قالت إنها ستحتفظ بقوات في خمسة مواقع في جنوب لبنان.

وتواصل إسرائيل تنفيذ غارات جوية على مناطق في لبنان على الرغم من اتفاق وقف إطلاق النار، وتتهم «حزب الله» بانتهاك الاتفاق. ويتهم «حزب الله» إسرائيل بانتهاك اتفاق وقف إطلاق النار، لكنه لم يرد على الضربات الإسرائيلية.