رامي عياش... الموج مؤقت والفنّ ثابت

جديده «ولا شي» تأكيد لدور التوقيت المناسب في حصاد النجاح

يغنّي «ولا شي» ويعزف على الغيتار حسرةَ حُبِّ مَن يرحلون (فيسبوك رامي عياش)
يغنّي «ولا شي» ويعزف على الغيتار حسرةَ حُبِّ مَن يرحلون (فيسبوك رامي عياش)
TT
20

رامي عياش... الموج مؤقت والفنّ ثابت

يغنّي «ولا شي» ويعزف على الغيتار حسرةَ حُبِّ مَن يرحلون (فيسبوك رامي عياش)
يغنّي «ولا شي» ويعزف على الغيتار حسرةَ حُبِّ مَن يرحلون (فيسبوك رامي عياش)

لا يرى الفنان اللبناني رامي عياش أنّ مساره عكس التيار، وإنما الأصل وسط مسارات متعرِّجة. وإذ يفضّل حصر الحديث بنفسه، لتجنُّب التقليل من آخرين، حتى مَن يمارسون ما يدّعون أنه الفنّ؛ فإنّ وصف التعرُّج يصبُّ تماماً في الإشارة إلى مَن يشوّهون أيَّ جمال؛ كلمةً أو موسيقى أو حناجر. يُصدر أغنيته الجديدة «ولا شي»، فيشعر المُصغي بانسيابها ودفئها. يُخبر «الشرق الأوسط» عن ولادة أجمل أعماله بلقاء الجهد مع التوقيت المناسب.

ولا يقصد أن يُقال عنه إنه «مختلف»، وبتعبير هذه الأيام، «لا يجاري تريند» بمعنى السهولة وإهمال الذوق، فهو يمتهن الرصانة بدافع الوفاء لأصالة الفنّ. يقول: «نشأتُ على المكانة الرفيعة للأغنية؛ تلك التي لا تخدُش أذناً ولا تُخرِّب ذائقة. لا تنازُل عمّا كوَّنني».

تستوقفه مفردة «موجة» الدارجة في توصيف ما تسعى الغالبية إلى تقليده، بلا تمهُّل نقديّ. شيءٌ يجرُّ المزاج وراءه فيصبح هو الوجهة، وما سواه قد يُتَّهم بمرور الزمن عليه. رأيُ رامي عياش: «لم تتغيَّر المعايير، فالموج بطبيعته يهدُر ويخفُت. يغمُر وينكفئ. لذا يُسمَّى موجاً. لا ثبات فيه ولا ديمومة. الفنّ الحقيقي ثابت. له جمهور لا يُساوم على المستوى. والعلاقة بهذا الجمهور من طرفين: أعطيه فناً يليق، فيعطيني إشارات إلى أنه يريده. التفاعُل يؤكد والحفلات تشهد».

كتب الفنان اللبناني نبيل خوري كلمات أغنيته الجديدة ولحَّنها. حين بدأ مشواره، أتى بألحانه إلى رامي عياش وسأله رأيه. يُعرف عن «البوب ستار» أنه يُشجِّع سواه ولا يتردَّد أمام جميل الكلام عندما يتعلّق الأمر بالزمالة. ونوعه واثق بأنّ الاعتراف بنجاح الآخرين لا يُقلّل من نجاح المُعتَرِف أو يحدّ من سطوعه. يصف خوري بالمُرهَف و«صاحب الصفات الحلوة». تعاونهما الفنّي لطيف على الأذن؛ قريب من القلب. والأغنية لا تُسمَع بالإكراه وتُرغم متلقّيها على التعوُّد عليها، لعلَّه يتقبّلها. تملك حضورها الخاص.

لا يؤرقه تكرار الموضوع ما دام قالبه مبتكراً (فيسبوك رامي عياش)
لا يؤرقه تكرار الموضوع ما دام قالبه مبتكراً (فيسبوك رامي عياش)

يعود إلى التوقيت. يراه رامي عياش سرَّ الفرادة. فإنْ أصاب حقَّق للمرء مُراده، وإنْ أخفق عاقبه بالتيه والإرباك. عنه يقول: «التوقيت ليس عملية حسابية. إنه حدس. إحساس. نظرة. حين أصدرتُ (اشتقتلك قد الدني) في بداية صيف عام 1999، لامني البعض. رأوا أنها رومانسية جداً في أيام اللهب والبحر والخفَّة. رأيتُ العكس. حتى الآن، لا تزال تتصدَّر».

وهو لا يخشى ضريبة الاختلاف عما يسود ويُسيطر. برأيه: «لا يمكن للفنّ التحلّي بالقبح أو التسبُّب لروّاده بضرر. الفنّ جميل ونتائجه جميلة». ولكنه جمالٌ متفاوت أو ميَّال إلى الانتفاء عن هذه الصفة عندما يتعلّق الأمر بالتكرار والرتابة والبرودة. كأنْ تولد أغنيات عصيّة إلى التأثير، مُكتفية بأنها ابنة «التريند» فقط. موضوعها ممل ولحنها عابر. ردُّه: «الإطار هو الأهم، وأعني به الأسلوب. منذ البداية، والأغنيات تحتفي بالحبّ. كلمة (أحبك) ضمَّتها أهمُّها عبر التاريخ. في الموسيقى مثلاً، ثمة 7 نوتات فقط. الأهم كيف نوظّفها. براعة التوظيف تُميّز الفنانين وتُخرج منهم أعمالاً جديدة سمتها اتّساع الأفكار والتحليق بالحلم. لا يؤرقني تكرار الموضوع ما دام قالبه مبتكراً».

يرى في التوقيت المناسب سرَّ الفرادة (فيسبوك رامي عياش)
يرى في التوقيت المناسب سرَّ الفرادة (فيسبوك رامي عياش)

كان قد خطَّط لإصدارٍ فَرِح يُشبه فصل الصيف الآتي ويحاكي أجواءه. قال له الشريك الإعلامي لنجاح الأغنية، إيلي الحلو (Channel ME)، إنَّ نبيل خوري أتاه بما لا ينبغي تأجيله. ومع ذلك أجَّل الجواب. ولمَّا أصرَّا، استمع إليها مجدداً ولمَحَ نصيبه فيها. يقول إنّ تنفيذها كان سريعاً، فكتب نصَّ قصّتها الرابعة فجراً وصوَّرها عند الثامنة. وفي الفيديو كليب، يعجن كأنه يولد من جديد، ويرتشف كوب الشاي بجوار أغصان الشجر المتنازلة عن أوراقها. يغنّي «ولا شي بيَّن معها» ويعزف على الغيتار حسرةَ حُبِّ مَن يرحلون.

وإذا كان لحنها مما يحمل لمسة، فألحانٌ اليوم قدرُها العُمر القصير. يرى رامي عياش أنّ ألحاناً له ولآخرين تستحق بقاء أطول، ويُلمِح بعتب إلى انشغالٍ إعلامي وتسويقي وإنتاجي بما هو أقل قيمة بذريعة محاكاة الجيل الجديد: «على العكس أن يحصُل، فنقدّم للشباب المعنى. بُعدي عن منحى الفنّ التجاري يزيدني قناعة بأنّ ذلك ما سيدوم. كنتُ في سنّ الـ24 حين غنّيتُ (حبّيتك أنا). قيل لي: (لا تزال شاباً على هذا الصنف الغنائي. تفرَّغ لأغنيات السهر). قدّمتُ الاثنتين؛ كلٌّ في توقيته الصحيح. همّي أن أترك لأولادي وجيلهم فناً يُقدَّر. بماذا سيذكرونني بعد رحيلي؟ يشغلني هذا السؤال. تعبي وسهري غايتهما إيجاد جواب لائق له».

شارك ليبيا بهجة عودة ملعب بنغازي الدولي إلى الحياة (فيسبوك)
شارك ليبيا بهجة عودة ملعب بنغازي الدولي إلى الحياة (فيسبوك)

شارك ليبيا بهجة عودة ملعب بنغازي الدولي إلى الحياة بعد إغلاقه عام 2009. الحفل وُصف بالمبهر، حضره مشاهير وشخصيات سياسية ورياضية. عشرات آلاف المتفرّجين صفَّقوا له.


مقالات ذات صلة

حمادة هلال ومصطفى قمر وفرقة رضا لإحياء حفلات العيد في مصر

يوميات الشرق فرقة رضا للفنون الشعبية تشارك في احتفالات العيد (وزارة الثقافة)

حمادة هلال ومصطفى قمر وفرقة رضا لإحياء حفلات العيد في مصر

يشارك عددٌ من الفنانين وفرق الفنون الشعبية حفلات عيد الفطر في مصر، من خلال برنامج للاحتفالات في مواقع مختلفة على مستوى الجمهورية.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق الغناء علاج (غيتي)

فرقة موسيقية ألمانية أعضاؤها مصابون بأمراض الرئة

أعضاء الفرقة يعانون أمراضاً في الرئة مثل الربو، أو التليّف الرئوي، أو مرض الانسداد الرئوي المزمن...

«الشرق الأوسط» (ساربروكن (ألمانيا))
يوميات الشرق ملصق حفل هيفاء في الكويت

إلغاء الحفل الغنائي لهيفاء وهبي في الكويت

أعلن زيد عبد الرضا، مدير عام شركة «مركز الفنون للإنتاج الفني والتوزيع»، إلغاء حفل الفنانة اللبنانية هيفاء وهبي في الكويت، دون إبداء أسباب.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
يوميات الشرق المغني الشهير جاستن بيبر (رويترز)

في منشور صريح... جاستن بيبر يكشف عن شعوره بأنه «محتال» و«غير مؤهل»

كشف المغني الشهير جاستن بيبر أنه يشعر باستمرار بأنه «محتال» أثناء حديثه مع متابعيه عن معاناته مع متلازمة المحتال.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق بورتريه نحتي لموسيقار الأجيال ومجموعة من مقتنياته الشخصية (الشرق الأوسط)

متحف عبد الوهاب يبرز رحلة «موسيقار الأجيال» في دنيا الفنون

بين شوارع «وسط البلد» في القاهرة، وفي مبنى تراثي يمتد تاريخ إنشائه لأكثر من 100 عام، يحكي متحف الموسيقار المصري الراحل محمد عبد الوهاب «أنشودة الفن».

نادية عبد الحليم (القاهرة )

هل أخفق أحمد مكي بابتعاده عن الكوميديا؟

أحمد مكي في لقطة من مسلسل «الغاوي» (الشركة المنتجة)
أحمد مكي في لقطة من مسلسل «الغاوي» (الشركة المنتجة)
TT
20

هل أخفق أحمد مكي بابتعاده عن الكوميديا؟

أحمد مكي في لقطة من مسلسل «الغاوي» (الشركة المنتجة)
أحمد مكي في لقطة من مسلسل «الغاوي» (الشركة المنتجة)

شارك الفنان المصري أحمد مكي في موسم دراما رمضان هذا العام بمسلسل «الغاوي»، الذي نقله من عالم الكوميديا التي قدمها عبر شخصيات «الكبير»، و«جوني»، و«حزلقوم»، في مسلسل «الكبير أوي» خلال 8 مواسم، إلى الدراما الاجتماعية الشعبية.

وتباينت التعليقات «السوشيالية»، والآراء النقدية حول تحول مكي من الكوميديا إلى الدراما الاجتماعية؛ فبينما هناك مَن يرى البعض أن خروج مكي من لون واقتحامه لآخر يُحسَب له، قال آخرون إنها «مغامرة كبيرة»، وكان لا بد من التمعُّن في اختيار عناصر العمل، خصوصاً السيناريو؛ فهل «أخفق» أحمد مكي بابتعاده عن الكوميديا وتقديمه لدور شعبي؟

الفنان المصري أحمد مكي في لقطة من مسلسل «الغاوي» (الشركة المنتجة)
الفنان المصري أحمد مكي في لقطة من مسلسل «الغاوي» (الشركة المنتجة)

الناقد المصري محمد عبد الخالق يرى أن مكي لم يخفق بابتعاده عن الكوميديا، حتى ولو رأى البعض أن مسلسله «الغاوي» لم يحقق النجاح المتوقَّع، فقراره بالتغيير والابتعاد عن اللون الذي أحبه الجمهور صائب وجريء، بل وواجب على أي فنان حقيقي أن يبحث دائماً عن تحدٍّ جديد.

ويضيف عبد الخالق لـ«الشرق الأوسط»: «الممثل الحقيقي هو الذي يستطيع أن يقنع المشاهد بأي دور»، لافتاً أن «التصنيف يكبل الفنان ويحد من إبداعه ويتركه حبيس قالب محدد، وهو ما لا يقبل به أي فنان مجتهد».

ويشير عبد الخالق إلى أن مسلسل «الغاوي» نجح وقدم حالة مختلفة عن كل ما شاهدناه في رمضان 2025؛ فنحن لا نطلب الكمال في أي عمل إبداعي، بل نطلب التجديد والتجريب والمحاولة، على حد تعبيره.

الفنان المصري أحمد مكي في لقطة من مسلسل «الغاوي» (الشركة المنتجة)
الفنان المصري أحمد مكي في لقطة من مسلسل «الغاوي» (الشركة المنتجة)

ويجسد مكي في المسلسل شخصية «شمس»، الذي ينتمي لأحد الأحياء الشعبية، ويقرر الابتعاد عن نمط حياته المعتاد ويتحول من «بلطجي» إلى شخص آخر يساعد الناس، وذلك بعد تعرضه لأزمة كبيرة في حياته تتمثل في وفاة زوجته، محاولاً تقديم نموذج جديد من خلال دوره يبرز سمات الشخصية الشعبية النبيلة.

ويشارك مكي في بطولة «الغاوي»، عائشة بن أحمد، وأحمد بدير، وولاء الشريف، ومحمد لطفي، والمسلسل من تأليف محمود زهران، وطارق الكاشف، وإخراج محمد العدل الشهير بـ«ماندو العدل».

ويرى الناقد الفني المصري طارق الشناوي أن مكي لم يخفق في الابتعاد عن الكوميديا، ولكنه أخطأ في اختياره، فالفنان بإمكانه الابتعاد عن لون بعينه وتقديم آخر بشكل أفضل، وربما يظل في لونه ويكون رديئاً، ومكي قدم الكوميديا في الجزء الثامن من «الكبير أوي» ولم ينجح، على عكس الجزء السابع، لكن مكي، في «الغاوي»، أخفق في اختيار النص والإخراج، والأداء، بجانب «الاستظراف».

ويوضح الشناوي لـ«الشرق الأوسط» أن «الغاوي» من الأعمال التي جعلتنا نتوقع في البداية أننا أمام عمل عميق وجميل، لكننا اكتشفنا أنه متعثر على كل المستويات.

مكي قدم دور البطل الشعبي في مسلسل «الغاوي» (الشركة المنتجة)
مكي قدم دور البطل الشعبي في مسلسل «الغاوي» (الشركة المنتجة)

وتصدَّر اسم مكي ومسلسل «الغاوي» الترند بمواقع التواصل، عقب طرح البرومو الترويجي للعمل قبيل عرضه في النصف الثاني من رمضان، وتوقع متابعون أن يحقق مكي حضوراً لافتاً عبر إطلالته الجديدة.

وتقول الناقدة الفنية المصرية ماجدة خير الله إن «مسلسل (الغاوي) جيد، وبه تصوير وتمثيل مختلف لمكي، حيث قدم شخصية البطل الشعبي النبيل بشكل رائع»، لكنها أوضحت أن السيناريو ينقصه بعض التفاصيل، «مثل دور الشرير النمطي».

الفنان أحمد مكي (حسابه بموقع «فيسبوك»)
الفنان أحمد مكي (حسابه بموقع «فيسبوك»)

واستنكرت خير الله استبعاد الناس للمسلسل من الأعمال الأكثر أهمية هذا الموسم، موضحة أن به جهداً كبيراً بالمشاعر الإنسانية، بجانب ابتعاد العمل عن الاصطناع والألفاظ الفجة، ومن الإجحاف وضعه في خانة واحدة مع مسلسلات أخرى لم تجد رواجاً وقبولاً.

الفنان أحمد مكي يتصدر الملصق الترويجي لمسلسل «الغاوي» (الشركة المنتجة)
الفنان أحمد مكي يتصدر الملصق الترويجي لمسلسل «الغاوي» (الشركة المنتجة)

وذكرت خير الله في حديثها لـ«الشرق الأوسط» أن جمهور مكي كان يعتقد أنه سيسير على نهج «الكبير» لسنوات أطول، لكن النقلة التي قدمها خالفت توقعاتهم، وأحدثت فجوة بينه وبينهم؛ خصوصاً أنهم كانوا ينتظرون منه تقديم دور «الكبير» مجدداً، أو عمل آخر كوميدي بشكل عام.

وكان متابعون قد قالوا إن «سقف طموحاتهم تجاه مكي كان أكبر مما قدمه في (الغاوي) من ناحية الأداء واختيار فريق العمل والنص، إلا أنهم أشادوا بصوت المبتهل التنزاني يحيى بيهقي الذي قدم شارة العمل. واعتاد مكي المنافسة في دراما رمضان منذ سنوات، إلا أنه في المقابل لم يقدم أعمالاً سينمائية منذ تقديمه لفيلم (سمير أبو النيل) قبل 12 عاماً».