لبنان ينتظر مسودة قرار التمديد لـ«اليونيفيل» ويطالب بعدم تعديل ولايتها

يرفض دعوات إسرائيلية متواصلة لمنحها حرية العمليات دون مرافقة الجيش

دورية لـ«اليونيفيل» في بلدة برج الملوك بجنوب لبنان (د.ب.أ)
دورية لـ«اليونيفيل» في بلدة برج الملوك بجنوب لبنان (د.ب.أ)
TT

لبنان ينتظر مسودة قرار التمديد لـ«اليونيفيل» ويطالب بعدم تعديل ولايتها

دورية لـ«اليونيفيل» في بلدة برج الملوك بجنوب لبنان (د.ب.أ)
دورية لـ«اليونيفيل» في بلدة برج الملوك بجنوب لبنان (د.ب.أ)

ينتظر لبنان مسودة قرار التمديد لقوات حفظ السلام الدولية العاملة في الجنوب (يونيفيل) الذي تحضره فرنسا، وسط محادثات مع قوى دولية فاعلة لتسويق المطلب اللبناني القائم على تمديد ولايتها في شهر أغسطس (آب) المقبل، من دون تعديلات.

ومن المزمع أن يمدد مجلس الأمن ولاية «اليونيفيل» في أواخر أغسطس المقبل، امتداداً لتعديلات سنوية تجري في هذه الفترة منذ إصدار القرار 1701 في عام 2006، بعد حرب دامت 33 يوماً. ويصر الموقف اللبناني على التمديد من دون تعديلات، خلافاً للرغبة الإسرائيلية التي تطالب بمنح القوات الدولية صلاحيات إضافية، بينها زيارة مناطق لا تدخلها في جنوب لبنان.

مسودة القرار الفرنسية

وقالت مصادر دبلوماسية لبنانية لـ«الشرق الأوسط» إن الوزير عبد الله بوحبيب الذي يزور نيويورك في هذا الوقت، «أجرى اجتماعات عديدة مع جهات معنية بالشأن اللبناني»، مشيرة إلى «أن لبنان ينتظر مسودة القرار الذي تحضره فرنسا بصفتها حاملة القلم، وستتسلمه الوزارة أوائل شهر أغسطس المقبل».

وزير الخارجية عبد الله بوحبيب يلقي في نيويورك كلمة لبنان في نقاش عن الحال في الشرق الأوسط (الوكالة الوطنية)

وعادة ما تقوم فرنسا بإعداد المسودة، وتقدمها إلى مجلس الأمن الذي يجري تعديلات أحياناً عليها، كما حصل في عام 2022، لجهة إقراره تعديلاً يتعلق بحركة قوات «اليونيفيل»، ومنحها حرية الحركة من دون تنسيق مع الجيش اللبناني، ما أثار انتقادات. وتحركت الحكومة اللبنانية في عام 2023 لإلغاء التعديل السابق، حيث رفضت الصيغة المتداولة؛ كونها «لا تشير إلى ضرورة وأهمية تنسيق (اليونيفيل) في عملياتها مع الحكومة اللبنانية ممثلة بالجيش اللبناني، كما تنصّ اتفاقية عمل (اليونيفيل) المعروفة بالـ(SOFA)».

ويضغط لبنان عبر اتصالات دبلوماسية لتمديد ولاية «اليونيفيل» من دون تعديلات، وبرز اللقاءان اللذان عقدهما رئيس البرلمان نبيه بري مع المبعوث الخاص لوزير الخارجية الروسي لشؤون الشرق الأوسط فلاديمير سافرونكوف، الجمعة، وبحثا في تطورات لبنان والمنطقة «على ضوء مواصلة إسرائيل لعدوانها على لبنان وقطاع غزة»، كما جاء في بيان عن مكتبه، علماً بأن روسيا تتولى في الوقت الحالي الرئاسة الدورية لمجلس الأمن، غداة اجتماع الخميس مع الممثلة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جينين هينيس بلاسخارت.

جنود من بعثة «اليونيفيل» على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية (د.ب.أ)

لا رسائل دولية بمطالب إسرائيلية

وفي خضم المباحثات اللبنانية مع جهات دولية قبل تمديد ولاية «اليونيفيل»، لم يتبلغ لبنان، حتى الآن، بأي رسائل دولية حول تغييرات محتملة في ولايتها، كما قالت مصادر وزارية معنية لـ«الشرق الأوسط»، رغم المعلومات التي تتحدث عن تغييرات تطالب فيها إسرائيل، ويرفضها لبنان. ويأتي التمديد لولاية «اليونيفيل» هذا العام، في ظل حرب مستعرة منذ 8 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حين انخرط «حزب الله» في معركة «دعم ومساندة» لقطاع غزة من جنوب لبنان.

وينظر الرئيس السابق لوفد لبنان الدائم إلى اللجنة الثلاثية (لبنان وإسرائيل واليونيفيل) اللواء المتقاعد من الجيش اللبناني عبد الرحمن شحيتلي إلى القبول الدولي بتمديد ولاية «اليونيفيل»، على أنه «تطور إيجابي جداً في ظل الحرب القائمة»، موضحاً أنه «مؤشر على أنه لا حرب ستتوسع، ولا يزال الاستقرار في الجنوب على قائمة أولويات الدول المشاركة في بعثة (اليونيفيل)»، مضيفاً أن مجرد بقاء هذه القوات وعدم انسحاب أي منها «يمثل ضمانات بأنه لا حرب ستتوسع».

تعديل ولاية «اليونيفيل»

ويستبعد الدكتور شحيتلي، وهو عضو سابق بالمجلس العسكري في لبنان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أي قبول بما تطالب به إسرائيل لجهة منح «اليونيفيل» صلاحيات التحرك وإجراء تقصٍّ وتفتيش في الملكيات العامة والخاصة والمنازل من دون مرافقة الجيش اللبناني. ويقول: «هناك استحالة؛ لأن هذا الأمر يتعارض مع القانون اللبناني الذي لا يعطي حتى للجيش صلاحية مداهمة وتفتيش في الملكيات الخاصة إلا إذا كانت بالجرم المشهود، أو بقرار قضائي»، مشيراً إلى أن الدولة اللبنانية تنظر إلى توسيع صلاحية «اليونيفيل» لإجراء تلك المهام على أنه «خرق للسيادة والقانون اللبنانيين»، مذكراً بأن ولاية «اليونيفيل» تتمثل في «مساعدة الدولة اللبنانية بالانتشار واستعادة السيادة، بمعنى أن الدولة تطلب بينما (اليونيفيل) لا تبادر بمفردها، وهي قوات داعمة للجيش وسلطات إنفاذ القانون الرسمية بموجب بروتوكول تعاون موقع بين الطرفين في 1978، وبموجب بروتوكول بين قيادة الجيش و(اليونيفيل) بعد حرب 2006، حول كيفية التنسيق وقواعد التحرك والاتصال».

دورية لقوات «اليونيفيل» قرب الحدود مع إسرائيل (رويترز)

النقاط الحدودية الـ13

ولا ينفي شحيتلي في الوقت نفسه هواجس ترافق المباحثات لتمديد ولاية البعثة الدولية، ويدعو الحكومة اللبنانية للمطالبة «بوضع النقاط الحدودية البرية الـ13 المتنازع عليها، تحت سيطرة قوات مراقبة الهدنة الأممية الموجودة في الجنوب منذ عام 1949»، وهي قوات موضوعة تحت التصرف العملاني لقيادة «اليونيفيل» منذ عام 2007.

ويشرح شحيتلي: «خط مراقبة هدنة عام 1949، هو من مسؤولية تلك القوات، بينما مهمة قوات (اليونيفيل) تتمثل في مساعدة الجيش اللبناني بالانتشار حتى الحدود»، ويدعو الحكومة اللبنانية إلى «التمسك بأن تكون النقاط المتنازع عليها من مسؤولية قوات مراقبة الهدنة؛ لأن خط الهدنة يتطابق مع الحدود الدولية التي نطالب بها»، لافتاً إلى أن ذلك «سيكون مفتاحاً كبيراً لحل الأزمة الحدودية».

ولا تزال هناك 13 نقطة حدودية عالقة بين لبنان وإسرائيل، تتصدرها نقطة الـB1 التي يؤكد لبنان أنها حقه، ولن يتخلى عنها. وعُرضت النقاط الخلافية الـ13 أكثر من مرة في اجتماع اللجنة الثلاثية وذلك في مقر الأمم المتحدة في الناقورة.

وتنظم «اليونيفيل» نحو 450 دورية يومياً في مناطق عملياتها، لكن الجيش لا يستطيع مواكبتها بالكامل، بالنظر إلى أن عديده في المنطقة لا يسمح له بمواكبتها في جميع الدوريات، ويجري اختيار المواكبة في المناطق التي يُحتمل أن تشهد توترات مع السكان أو القوى المحلية، بحسب الأولويات التي تتناسب مع القدرة على الانتشار.


مقالات ذات صلة

سكان الضفة الغربية بعد العمليات الإسرائيلية: نحن غزة ثانية

المشرق العربي رجل فلسطيني يتفقد المنازل المتضررة في أعقاب عملية عسكرية إسرائيلية في مخيم نور شمس (أ.ب)

سكان الضفة الغربية بعد العمليات الإسرائيلية: نحن غزة ثانية

في اليوم الثالث من العملية العسكرية الإسرائيلية في شمال الضفة الغربية، استيقظ السكان على مشهد الشوارع المدمّرة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية طائرة إطفاء توزع مواد إطفاء حرائق للمساعدة في إطفاء النيران بعد إطلاق صواريخ عبر الحدود على إسرائيل من لبنان... 17 أغسطس 2024 (رويترز)

الجيش الإسرائيلي يغتال مسؤولاً في «وحدة الرضوان» التابعة لـ«حزب الله»

أعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم السبت، اغتيال قائد قوة في «وحدة الرضوان» التابعة لـ«حزب الله» اللبناني، حسين إبراهيم كساب، خلال غارة استهدفت مدينة صور اللبنانية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع (الوكالة الوطنية)

وزير الخارجية المصري في بيروت بعد هوكستين وسيجورنيه

دعا سمير جعجع إلى «تطبيق القرار 1701 كاملاً بمراحل متعددة بدءاً من انسحاب (حزب الله) لمسافة 8 أو 10 كيلومترات وتسلّم الجيش اللبناني لهذه النقطة».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي تصاعد الدخان جراء القصف الإسرائيلي على منطقة نهر الوزاني في جنوب لبنان (أ.ف.ب)

خرق إسرائيلي عنيف لـ«جدار الصوت» فوق بيروت... ماذا يعني ذلك؟

يترقب اللبنانيون الأحداث وسط الأوضاع المتدهورة في المنطقة، ويعتريهم الخوف من قصف إسرائيلي يتجاوز «قواعد الاشتباك» كما يسميها البعض، ليطول العاصمة.

تمارا جمال الدين (بيروت)
المشرق العربي 
مطار بيروت الدولي يزدحم بمسافرين أُرجئت أو ألغيت رحلاتهم أمس (إ.ب.أ)

لبنان... تهافت على تخزين الغذاء والدواء

بدأ اللبنانيون يتهافتون على تموين المواد الغذائية والأدوية والمحروقات خوفاً من فقدانها أو عجزهم عن الوصول إليها إذا اندلعت معارك موسعة كما يُتوقع.

يوسف دياب (بيروت) ميشال أبونجم (باريس)

مقتل 18 شخصاً في غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين بغزة

أب فلسطيني نازح يحمل جثة ابنه الذي قتل في غارة إسرائيلية على مدرسة الجاعوني التابعة للأونروا (إ.ب.أ)
أب فلسطيني نازح يحمل جثة ابنه الذي قتل في غارة إسرائيلية على مدرسة الجاعوني التابعة للأونروا (إ.ب.أ)
TT

مقتل 18 شخصاً في غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين بغزة

أب فلسطيني نازح يحمل جثة ابنه الذي قتل في غارة إسرائيلية على مدرسة الجاعوني التابعة للأونروا (إ.ب.أ)
أب فلسطيني نازح يحمل جثة ابنه الذي قتل في غارة إسرائيلية على مدرسة الجاعوني التابعة للأونروا (إ.ب.أ)

أعلن الدفاع المدني في قطاع غزة، مقتل 18 شخصاً على الأقل في غارة جوية إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين، فيما قال الجيش الإسرائيلي إنه استهدف مسلحين كانوا هناك.

وقال المتحدث باسم الدفاع المدني محمود بصل: «للمرة الخامسة تقصف قوات الاحتلال الإسرائيلي مدرسة الجاعوني التابعة للأونروا وتقتل 18 مواطناً بينهم اثنان من موظفي وكالة الغوث وأطفال ونساء، وأكثر من 18 مصاباً بينهم حالات حرجة».

طفل فلسطيني يتفقد مأوى عائلته في مدرسة الجاعوني التابعة للأونروا بعد الغارة الإسرائيلية (إ.ب.أ)

وأعلنت «الأونروا» أنّ ستة من موظفيها قتلوا في الغارة، في «أعلى حصيلة بشرية تتكبّدها الوكالة الأممية في واقعة واحدة.

وندّد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بمقتل العاملين الستّة.

فلسطينيون يبحثون عن مفقودين تحت أنقاض مدرسة الجاعوني التابعة للأونروا بعد الغارة الإسرائيلية (إ.ب.أ)

وقال غوتيريش عبر منصة «إكس»، إنّ «ما يحدث في غزة غير مقبول على الإطلاق. لقد تعرّضت مدرسة تؤوي 12 ألف شخص لقصف جوي إسرائيلي مرة أخرى اليوم. في عداد القتلى هناك ستة من زملائنا في وكالة الأونروا. هذه الانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني الدولي يجب أن تتوقف الآن».

بدورها، قدّمت المديرة العامة لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) كاثرين راسل، تعازيها لعائلات قتلى الأونروا الستة، مشيرة إلى أنّ التقارير تفيد بأنّ «طفلين على الأقل قتلا في الغارة. هذا الرعب يجب أن يتوقف. غزة بحاجة إلى وقف لإطلاق النار».

من جانبه، قال الجيش الإسرائيلي إن طائراته الحربية «نفذت غارة دقيقة على إرهابيين كانوا يعملون داخل مركز قيادة وسيطرة تابع لحماس» في مدرسة الجاعوني وسط القطاع.