تفاؤل لبناني حذر بوقف النار في غزة بضغط أميركي

بري يرعى مهادنة بين ميقاتي وباسيل ولا استقالة لوزير المالية

بري وميقاتي خلال اجتماع في عين التينة (الوكالة الوطنية)
بري وميقاتي خلال اجتماع في عين التينة (الوكالة الوطنية)
TT

تفاؤل لبناني حذر بوقف النار في غزة بضغط أميركي

بري وميقاتي خلال اجتماع في عين التينة (الوكالة الوطنية)
بري وميقاتي خلال اجتماع في عين التينة (الوكالة الوطنية)

تفضل القوى السياسية اللبنانية، وعلى رأسها «الثنائي الشيعي» («حزب الله» و«حركة أمل») التعاطي بتفاؤل حذر حيال ما وردها من معطيات أولية تفيد بأن هناك إمكانية للتوصل إلى وقف للنار على الجبهة الغزاوية، قبل 24 من الشهر الحالي، وهو الموعد المحدد لقيام رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، بزيارة الولايات المتحدة الأميركية. وتؤكد مصادر لبنانية بارزة أنه لم يعد أمام نتنياهو من مفر للتفلُّت من الضغوط الأميركية التي تُمارس عليه، وهذا ما تبلغته من جهات عربية ودولية نافذة تواكب المفاوضات المتنقلة ما بين القاهرة والدوحة.

ولفتت المصادر اللبنانية التي تحدثت إليها «الشرق الأوسط» إلى أنه لا يمكن الركون للتفاؤل بالتوصل لوقف النار بين حركة «حماس» وإسرائيل في قطاع غزة ما لم تقترن الأقوال بالأفعال، وتؤكد أن التهدئة، في حال حصولها دون شروط مسبقة تضعها تل أبيب، ستؤدي حكماً للدخول في مرحلة سياسية جديدة يُفترض أن تنسحب على جنوب لبنان، بنزع فتيل التفجير لقطع الطريق على توسعة الحرب، تحضيراً للتوصل إلى تسوية تعيد إليه الاستقرار بتوقف «حزب الله» عن إسناده للجبهة الغزاوية.

هوكستين وبري خلال لقائهما في بيروت (أرشيفية - رئاسة البرلمان اللبناني)

زيارة نتنياهو وعودة هوكستين

تؤكد المصادر نفسها أن تفاؤل القوى السياسية الحذِر حيال وقف النار في غزة، لم يأت من فراغ، وتكشف أن قيادة «حماس» ليست بعيدة عن نفحة التفاؤل، وأن مسؤوليها على الساحة اللبنانية كانوا أسرّوا بذلك إلى حلفائهم، وأولهم «حزب الله»، بأن منسوب الضغط الدولي والعربي على نتنياهو أخذ يزداد، لكن لا شيء نهائياً قبل أن يبلغ التفاؤل خواتيمه.

وترى المصادر نفسها أن المحادثات التي سيجريها نتنياهو في واشنطن، تشكل محطة لاختبار مدى استعداده للموافقة على وقف النار في غزة؛ لأن موافقته ستسمح للوسيط الأميركي أموس هوكستين، الذي يمضي حالياً إجازته في اليونان، بمعاودة تشغيل محركاته انطلاقاً من بيروت، سعياً وراء التوصل إلى تسوية تعيد الاستقرار إلى جنوب لبنان، على أن تكون قاعدتها تطبيق القرار 1701.

وتضيف أن عودة هوكستين إلى بيروت ستؤدي حكماً إلى تراجع المبادرة، التي أطلقتها قوى المعارضة لإخراج انتخاب رئيس للجمهورية من التأزم، خصوصاً أن لقاءاتها لتسويق خريطة الطريق، التي يُفترض أن تتوّجها بلقاء كتلتي «الوفاء للمقاومة» (حزب الله) و«التنمية والتحرير» برئاسة رئيس المجلس النيابي نبيه بري، لم تلق تأييد الأكثرية النيابية، وتحديداً من النواب الذين يتموضعون في منتصف الطريق بين المعارضة ومحور الممانعة، إضافة إلى نواب «اللقاء الديمقراطي» وكتلة «لبنان القوي» برئاسة النائب جبران باسيل الذي تعامل معها بإيجابية من دون أن يقطع الطريق على دعوة بري للتشاور، بعد أن تمكن من فتح صفحة جديدة للتعاون معه ليس في وارد التفريط بها.

حرق على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية أرشيفية - رويترز)

انتخاب الرئيس بعد هدنة غزة

تؤكد المصادر السياسية، من موقعها المواكب للتحركات الرامية لإخراج انتخاب الرئيس من المراوحة، أن المعنيين بانتخابه يتقاذفون المسؤولية بتحميل كل طرف للآخر مسؤولية تعطيل العملية الانتخابية، وإن كانوا يتساوون في تمديد الشغور الرئاسي، بصرف النظر عن استحضارهم للمبادرات التي تأتي من باب رفع العتب.

وبكلام آخر، فإن جميع المعنيين بانتخاب الرئيس يلتقون بطريقة أو بأخرى عند نقطة أساسية تتعلق بترحيل انتخاب الرئيس إلى ما بعد وقف النار في غزة، وانتهاء نتنياهو من زيارته لواشنطن، تقديراً منهم بأن المنطقة تقف حالياً على عتبة الانتقال بها إلى ترتيبات سياسية جديدة يمكن أن تشمل لبنان، ومن ثم لا بد من التريُّث إلى حين وضعها على نار حامية تسمح لهم بالتعاطي مع انتخاب الرئيس من خلال هذه الترتيبات.

حتى أن المصادر نفسها تستبعد أن يبادر نتنياهو، فور عودته من واشنطن إلى تل أبيب، إلى قلب الطاولة في ظل الضغوط التي تُمارس عليه من ذوي الرهائن والمؤسسات العسكرية والأمنية، وصولاً للتمادي في مواصلة حربه على غزة، وإمكانية انسحابها على جنوب لبنان؛ لأن رفضه الانصياع للضغوط الأميركية بوقف النار على جبهتي غزة والجنوب سيدخله في صدام مع الرئيس الأميركي جو بايدن الذي سيُضطر إلى استخدام نفوذه للضغط عليه، لئلا يُتهم بأنه أعطاه الضوء الأخضر ليواصل اجتياحه غزة ورفح الذي من شأنه أن يشعل المواجهة جنوباً.

من أحد اجتماعات سفراء «الخماسية» في خيمة السفير السعودي (أرشيفية - الشرق الأوسط)

تجميد مساعي «الخماسية»

إن مبادرة المعارضة لتحريك الملف الرئاسي ستنضم عاجلاً أم آجلاً لسابقاتها من المبادرات، بينما قرر سفراء اللجنة «الخماسية» تجميد مسعاهم لتسهيل انتخاب الرئيس إلى ما بعد جلاء الوضع في غزة وجنوب لبنان.

لكن، في هذه الأثناء، لا بد، كما تقول المصادر، من مراقبة ما يدور على جبهة حكومة تصريف الأعمال في ضوء الجهود التي يتولاها بري لإعادة الهدوء السياسي لعلاقة رئيسها نجيب ميقاتي برئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، وهذا ما ظهر جلياً من خلال تمكُّن وزير الثقافة القاضي محمد وسام مرتضى، بتكليف من بري، من إنهاء النزاع بين وزير الدفاع موريس سليم وقائد الجيش العماد جوزف عون حول كل ما يتعلق بملف ضباط المدرسة الحربية.

وعلمت «الشرق الأوسط» أن ميقاتي الذي يتجنّب الانجرار إلى صدامات سياسية مع معارضيه، يدخل الآن في مهادنة مع باسيل استجابة لرغبة بري، مع عدم سماحه، أي باسيل، للوزراء المحسوبين عليه بالالتحاق بجلسات الحكومة التزاماً منه بمقاطعتها لغياب رئيس الجمهورية.

وفي هذا السياق، كان لبري دور في ثني وزير المالية يوسف الخليل عن الاستقالة من الحكومة، بعد أن أبدى رغبته بتقديمها منذ أكثر من عام، مع أن مصادر نيابية فضّلت عدم الدخول في الأسباب، مكتفية بقولها لـ«الشرق الأوسط» إنه تجاوب مع رغبته، وقرر العدول عنها.


مقالات ذات صلة

إسرائيل تبدأ في استخدام ذخائر «ثقيلة جداً» بجنوب لبنان

المشرق العربي الدخان يتصاعد في قرى حدودية بجنوب لبنان نتيجة القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)

إسرائيل تبدأ في استخدام ذخائر «ثقيلة جداً» بجنوب لبنان

سقط 17 جريحاً بقصف إسرائيلي على جنوب لبنان، في وقت تتجه فيه بعض شركات الطيران لاستئناف رحلاتها إلى بيروت.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي المبعوث الأميركي آموس هوكستين خلال لقائه نواب المعارضة ويبدو في الصورة النائب في حزب «القوات اللبنانية» جورج عدوان والنائب فؤاد مخزومي إلى جانب السفيرة الأميركية في لبنان ليزا جونسون (رويترز)

لدور الرئيس مع الحكومة في فترة الإعمار بعد الحرب

فاجأ المبعوث الأميركي آموس هوكستين وفد المعارضة اللبنانية التي التقاها على هامش زيارته إلى بيروت، الأربعاء، بطرح ملف الانتخابات الرئاسية و«ضرورة انتخاب الرئيس…

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» السابق وليد جنبلاط (الوكالة الوطنية للإعلام)

لبنان: فتور في علاقة «التقدمي» و«القوات» يسعيان لاستيعابه بوقف الحملات

حالة من الفتور بين حزبي «القوات اللبنانية» و«التقدمي الاشتراكي» أدت إلى انقطاع التواصل بينهما، واستعيض عنه باتصال بين النائبين وائل أبو فاعور وملحم رياشي

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي ميقاتي مترئساً جلسة الحكومة (حساب رئاسة الحكومة)

ميقاتي: نحن أمام فرص قلقة للدبلوماسية لمنع الحرب

أكد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي العمل المستمر لحماية لبنان، مشيراً إلى «أننا أمام فرص قلقة للدبلوماسية التي تتحرك لمنع الحرب ووقف العدوان الإسرائيلي».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي المبعوث الأميركي آموس هوكستين مجتمعاً مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي (رويترز)

هوكستين من بيروت: لم يبقَ وقت لإضاعته للتوصل إلى حل دبلوماسي

شدّد المبعوث الأميركي آموس هوكستين على أنه «لم يبقَ وقت لإضاعته» لوقف إطلاق نار في غزة، ما قد يتيح التوصل لحلّ دبلوماسي بين «حزب الله» وإسرائيل.

ثائر عباس (بيروت )

وزير الخارجية الفرنسي في بيروت الخميس ضمن جهود خفض التصعيد

وزير الخارجية الفرنسي خلال زيارته إلى لبنان في أبريل الماضي
وزير الخارجية الفرنسي خلال زيارته إلى لبنان في أبريل الماضي
TT

وزير الخارجية الفرنسي في بيروت الخميس ضمن جهود خفض التصعيد

وزير الخارجية الفرنسي خلال زيارته إلى لبنان في أبريل الماضي
وزير الخارجية الفرنسي خلال زيارته إلى لبنان في أبريل الماضي

يقوم وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه، غداً (الخميس)، بزيارة لبيروت «في إطار الجهود الدبلوماسية المستمرة من أجل خفض التصعيد في المنطقة»، بحسب ما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مصادر دبلوماسية الأربعاء.

ومن المتوقع أن يلتقي سيجورنيه رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري ورئيس الوزراء نجيب ميقاتي ونظيره عبد الله بو حبيب، بحسب المصدر.

وكان سيجورنيه قد زار لبنان خلال شهر أبريل (نيسان) الماضي، حيث التقى بري وميقاتي.