تواصل غربي مع «حزب الله» لا يشمل أميركا وبريطانيا

لقاء ثالث متوقع بين نائب مدير المخابرات الألمانية ونائب الأمين العام للحزب

عناصر من «حزب الله» يسيرون حاملين أعلام الحزب خلال تجمع ببيروت في 31 مايو 2019 (رويترز)
عناصر من «حزب الله» يسيرون حاملين أعلام الحزب خلال تجمع ببيروت في 31 مايو 2019 (رويترز)
TT

تواصل غربي مع «حزب الله» لا يشمل أميركا وبريطانيا

عناصر من «حزب الله» يسيرون حاملين أعلام الحزب خلال تجمع ببيروت في 31 مايو 2019 (رويترز)
عناصر من «حزب الله» يسيرون حاملين أعلام الحزب خلال تجمع ببيروت في 31 مايو 2019 (رويترز)

عكس لقاءان عقدهما نائب مدير المخابرات الألمانية، أولي ديال، مع نائب أمين عام «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم، في بيروت، تواصلاً سياسياً وأمنياً غربياً على الحزب، لا يشمل الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين تدرجان الحزب على لوائحهما للمنظمات الإرهابية.

وتفعل التواصل بين الحزب ومسؤولين دبلوماسيين غربيين، بعد اشتعال حرب غزة، ويشمل دولاً أوروبية، مثل ألمانيا وفرنسا وسويسرا والنمسا ودول أوروبية أخرى، إلى جانب «التواصل النشط» الذي لم ينقطع مع دول شرقية، مثل الصين وروسيا. وبدا التواصل بين الجسم السياسي في الحزب مع مسؤولين ألمان، حدثاً مستجداً، في ضوء التأزم بين الطرفين الذي ظهر بدءاً من أبريل (نيسان) 2020، إثر قرار اتخذته الداخلية الألمانية وقضى بحظر «حزب الله» اللبناني وتصنيفه «منظمة إرهابية»، من دون التفريق بين جناحيه العسكري والسياسي.

نائب مدير المخابرات الألمانية

غير أن اشتعال حرب غزة التي أدت إلى اشتعال «جبهة المساندة» في جنوب لبنان، بدلت في بعض الوقائع. وقالت مصادر مطلعة على موقف «حزب الله» إن نائب مدير المخابرات الألمانية، عقد اجتماعين مع نائب الأمين العام للحزب في بيروت، كان أولهما في يناير (كانون الثاني) الماضي، في حين كان اللقاء الثاني مساء السبت الماضي، إذ التقى المسؤولان في بيروت. وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن التواصل لن يقتصر على اللقاءين، مشددة على أن «التواصل قائم»، وأن هناك لقاءً ثالثاً قد يُعقد في الفترة المقبلة.

نائب الأمين العام لـ«حزب الله» اللبناني الشيخ نعيم قاسم (أرشيفية - رويترز)

وبعدما كان المسؤولون الأمنيون الألمان في وقت سابق يتواصلون مع مسؤولين أمنيين في «حزب الله»، بينهم رئيس وحدة الارتباط والتنسيق وفيق صفا، بدا لافتاً أن نائب مدير المخابرات الألمانية تواصل مع أرفع مسؤول سياسي في الحزب بعد أمينه العام. ويُنظر إلى هذا المستوى من التواصل على أنه «طبيعي»، كونه لا يتصل بترتيبات أمنية أو تفاوض على الأسرى، كما حدث في العام 2004 أو العام 2008 حينما كان الجانب الألماني وسيطاً بين الحزب وتل أبيب لتنفيذ صفقتي التبادل الشهيرتين. وتتطلب طبيعة المباحثات الآن اللقاء مع مسؤول سياسي، كونها مرتبطة بقرار الحزب في معركة كبيرة تُخاض على الحدود اللبنانية الجنوبية والحدود الشمالية لإسرائيل، علماً بأن هذا الملف يُطرح أيضاً في لقاءات تُعقد بين سفراء عرب وأجانب في بيروت، مع مسؤولين سياسيين بالحزب.

هاجس المرحلة الثالثة من حرب غزة

ويهتم الجانب الألماني بمعرفة خطة الحزب بعد انطلاق المرحلة الثالثة في الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة، والتعرّف إلى موقفه، علماً بأن هذا الجانب من النقاش، لم يكن السؤال الأجنبي الأول الذي وصل إلى لبنان، بل تولاها قبل المسؤول الألماني، المستشار الرئاسي الأميركي لشؤون الطاقة، آموس هوكستين، عندما زار بيروت، وتطرق إلى هذا الملف خلال محادثاته مع رئيس البرلمان نبيه بري، وفق ما تقول مصادر مواكبة.

ولم يقدم «حزب الله» أي إجابة متصلة بموقفه أو خطته بعد دخول إسرائيل المرحلة الثالثة من حرب غزة. وقالت المصادر المطلعة على موقف الحزب إن طبيعة الخطة غامضة، ومن ثم فإن الجواب بقي غامضاً، وأوضحت المصادر: «أصلاً، المرحلة الثالثة لم تبدأ بعد، ولم تتضح طبيعتها، فضلاً عن أن حركة (حماس) لم تعلن موقفها بعد، ولم يتضح كيف ستتعامل مع الموضوع، ومن ثم، من الطبيعي ألا يقدم الحزب أي إجابة أو موقف»، وهو موقف أكده قاسم في تصريح لوكالة «أسوشيتد برس» الأربعاء.

الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله خلال إلقائه كلمة في الاحتفال التأبيني للقيادي طالب عبد الله (إ.ب.أ)

إيقاف الحرب ورسائل التهديد

ولا ينفصل الاهتمام الألماني بالتواصل مع «حزب الله» بعد حرب غزة، عن اهتمام سائر المبعوثين الغربيين الذين يتواصلون مع الحزب، ويكون هذا الملف على رأس قائمة المباحثات. وتقول المصادر المطلعة على موقف الحزب إن الدول الغربية «تعدّ نفسها معنية بإيقاف الحرب، وهذا دليل على أن جبهة الإسناد التي افتتحها الحزب في 8 أكتوبر (تشرين الأول)، تمثل أزمة لإسرائيل» التي تهدد بشن حرب على لبنان، وتلوح بعمل عسكري واسع، وهي رسائل متعددة يحملها المسؤولون والمبعوثون الغربيون إلى لبنان، وتُنقل مباشرة، أو عبر المسؤولين اللبنانيين إلى «حزب الله». ولا تنفي المصادر أن تلك الرسائل تصل إليه، «لكن الحزب يعرف كيف يميز بين رسائل التهديد والرسائل الجدية».

نقل الرسائل الغربية

وفي حين يتولى مسؤولون أوروبيون التواصل مباشرة مع مسؤولي «حزب الله»، يتولى المسؤولون الأميركيون والبريطانيون التواصل مع رئيس البرلمان نبيه بري، في ظل القطيعة بين الحزب والجانبين الأميركي والبريطاني، اللذين لم يطلبا أي لقاء مع مسؤولين بالحزب. ويُشار إلى أن وزيرة خارجية ألمانيا أنالينا بيربوك، لم تلتقِ رئيس البرلمان نبيه بري في زيارتها الأخيرة إلى بيروت بالأسبوع الماضي، بل اقتصرت جولتها على لقاء رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، ووزير الخارجية عبد الله بوحبيب.

رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي يستقبل وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك في بيروت (أ.ف.ب)

ويرى الباحث السياسي والعسكري، الدكتور خالد حمادة، أن عودة نائب مدير المخابرات الألمانية إلى بيروت في الوقت الراهن «يعيد الصورة التي كانت في العقد الأخير إلى الذهن»، في إشارة إلى العلاقات الأوروبية مع الحزب قبل العام 2000 وبعده، وتمتَّنت بعد العام 2006 إثر مشاركة دول أوروبية بشكل فاعل في بعثة «اليونيفيل» واهتمامها بأمن المنطقة وأمن تلك القوات. ويضيف في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «يتميز التواصل الألماني مع الحزب بالموثوقية، بالنظر إلى أن برلين كانت لها مواقف حاسمة في وساطة أدت إلى الانسحاب الإسرائيلي، وتنفيذ صفقة تبادل أسرى»، لافتاً إلى أن الدبلوماسية الألمانية «ليست دبلوماسية يومية، بل هي معنية بمفاصل وقرارات وتحولات مهمة لها علاقة بالحزب».

ويعرب حمادة عن اعتقاده أن الوسيط الألماني، و«ربما هو مكلف أميركياً أو أوروبياً»، معنيٌّ بنقل خطورة الموقف على الحدود والقلق من تحول الحرب الحالية الى حرب شاملة، إلى «حزب الله»، كما «ينقل الرسالة التي تريد أن تؤكد عبر الموثوقية التي يتمتع بها الألمان لدى (حزب الله)، أن ما يجري في الجنوب ليس مناورة، بل هو ظرف دقيق، وأن استمرار إطلاق النار العابر للحدود وعدم الذهاب إلى وقف إطلاق النار، وعدم تطبيق القرار (1701)، قد يؤدي إلى تعريض الحزب ولبنان لمخاطر كبيرة».

ويضيف حمادة: «ما رشح عن الوسيط الألماني تضمن هذه الرسالة»، لافتاً إلى أن الحضور الألماني يتضمن «قرع جرس لدى الحزب بأن المسألة لن تكون عابرة، بل ربما الولايات المتحدة عازمة على تغيير الوضع في الجنوب، وتأمين استقرار إسرائيل، ومن ثم أنه على (حزب الله) أن يأخذ الموضوع بجدية أكبر».


مقالات ذات صلة

لبنان يدعو المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل لمنع انتهاكاتها لوقف إطلاق النار

المشرق العربي دخان كثيف يتصاعد جراء غارة جوية إسرائيلية استهدفت منطقة في بلدة الخيام جنوب لبنان (د.ب.أ)

لبنان يدعو المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل لمنع انتهاكاتها لوقف إطلاق النار

دعا وزير الدفاع  اللبناني موريس سليم، اليوم (الجمعة)، المجتمع الدولي، للضغط على إسرائيل لوقف انتهاكاتها وخرقها لاتفاق وقف إطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
تحليل إخباري صورة للرئيس السوري المخلوع بشار الأسد تعرضت لضرر طفيف في دمشق (إ.ب.أ)

تحليل إخباري بعد فراره إلى روسيا وإسقاط نظامه... ما سيناريوهات محاكمة الأسد؟

يطالب الشعب بضرورة محاكمة الأسد بعد  فراره إلى روسيا، حيث لا يكتفي السوريون بطي صفحة الرئيس السابق السياسية، بل يطمحون إلى ما هو أبعد من ذلك.

تمارا جمال الدين (بيروت)
المشرق العربي سوريون ولبنانيون يحتفلون بسقوط النظام السوري في مدينة طرابلس شمال لبنان (أ.ف.ب)

لبنانيون يعدّون سقوط الأسد «عدالة سماوية» لكنهم ينتظرون دور القضاء

يرى لبنانيون فقدوا أحباء في اغتيالات أو تفجيرات منسوبة إلى سوريا التي هيمنت على الحياة السياسية في لبنان في سقوط الأسد نوعاً من «العدالة السماوية».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي صورة وزعها الجيش اللبناني لانتشار وحداته في جنوب لبنان (مديرية التوجيه)

لجنة الإشراف على تنفيذ اتفاق وقف النار في جنوب لبنان تبدأ عملها 

تؤكد مصادر عسكرية لبنانية أن لجنة الإشراف على تطبيق اتفاق وقف النار بين إسرائيل و«حزب الله» بدأت فعلياً عملها على أن تعقد أول اجتماعاتها مطلع الأسبوع المقبل.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي صورة أرشيفية لرئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في أثناء حضورهما مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ «كوب 26» في غلاسغو - أسكوتلندا 1 نوفمبر 2021 (رويترز)

ميقاتي يؤكد لماكرون ضرورة الضغط على إسرائيل لوقف انتهاكاتها لاتفاق الهدنة

قال مجلس الوزراء اللبناني إن رئيس الوزراء نجيب ميقاتي أكد لماكرون، في اتصال هاتفي، ضرورة الضغط على إسرائيل لوقف انتهاكاتها لاتفاق وقف إطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

3 لاءات أوروبية تحكم «التطبيع» مع سوريا

3 لاءات أوروبية تحكم «التطبيع» مع سوريا
TT

3 لاءات أوروبية تحكم «التطبيع» مع سوريا

3 لاءات أوروبية تحكم «التطبيع» مع سوريا

طرح وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، أمس، 3 لاءات تحكم «التطبيع» مع سوريا، وصفها الوزير الفرنسي جان نويل بارو بـ«الشروط التي يتعين استيفاؤها» من جانب السلطات السورية الجديدة. والشروط هي «حصول الانتقال السياسي الذي يسمح بتمثيل جميع الأقليات السورية، واحترام حقوق الإنسان وحقوق المرأة في سوريا، ورفض الإرهاب والتطرف».

وتسعى دول الاتحاد الأوروبي للتوافق على «خريطة طريق» لكيفية تعاملها مع السلطات التي تسلمت زمام الأمور في سوريا بعد السقوط السريع لنظام الرئيس السابق بشار الأسد؛ لذا عجّلت، جماعياً وفرادى، بإرسال مبعوثين إلى دمشق لتفحص الوضع والتعرف على السلطات الجديدة.

ونقلت صحيفة «التايمز» اللندنية أمس عن زعيم «هيئة تحرير الشام» أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني) تأكيده تمسكه باتفاق الهدنة مع إسرائيل عام 1974، مشدداً على أنه لن يسمح بأن تكون سوريا «منصة» لمهاجمتها. وقال: «لا نريد أي صراع سواء مع إسرائيل أو أي أحد آخر».

إلى ذلك، قال الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، أمس، إن تركيا سيكون معها المفتاح للأحداث في سوريا. ووصف ترمب، خلال مؤتمر صحافي بفلوريدا، إطاحة فصائل معارضة مسلحة الأسد بأنها «استيلاء غير ودي» نفذته تركيا حليفة الولايات المتحدة.

في الأثناء، تحدث الأسد، في بيان منسوب له، عن ملابسات مغادرته سوريا، نافياً أن يكون قد غادر «بشكل مخطَّط له كما أُشيع». وجاء كلامه في وقت نُقل عن مسؤولين غربيين أن روسيا بدأت انسحاباً واسع النطاق لقواتها من سوريا.