شدد المبعوث الأممي لسوريا غير بيدرسن، بعد لقائه قائد «هيئة تحرير الشام» أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني)، ورئيس الحكومة الانتقالية محمد البشير على الحاجة إلى «انتقال سياسي شامل، وذي مصداقية بقيادة وملكية سوريا، ومبنيّ على المبادئ الواردة في قرار مجلس الأمن رقم 2254».
وأكد، في بيان، الاثنين، على «نية الأمم المتحدة في تقديم كل أشكال المساعدة للشعب السوري».
وكانت القيادة العامة للإدارة السياسية الجديدة في سوريا قد ذكرت، الأحد، أن الشرع ناقش مع بيدرسن، ضرورة إعادة النظر في خريطة الطريق التي حددها مجلس الأمن الدولي في عام 2015.
وجاء في بيان للإدارة السورية الجديدة على تطبيق «تلغرام»، أنه جرى خلال اللقاء «بحث ومناقشة ضرورة إعادة النظر في القرار رقم 2254، نظراً للتغيرات التي طرأت على المشهد السياسي؛ ما يجعل من الضروري تحديث القرار ليتلاءم مع الواقع الجديد»، في إشارة إلى قرار مجلس الأمن المتعلق بوقف إطلاق النار، والتوصل إلى تسوية سياسية للوضع في سوريا.
وقال بيدرسن إن إدراج مجلس الأمن الدولي «جبهة النصرة» في لائحة المنظمات الإرهابية «يشكل عامل تعقيد واضحاً» في الجهود الرامية إلى إيجاد طريق للمضي قدماً. ومع ذلك، أكد أهمية النظر لـ«هيئة تحرير الشام» التي انفصلت عن «جبهة النصرة» عام 2016، من خلال أحداث الحرب.
وذكر البيان الصادر عن الإدارة السورية الجديدة، أن الشرع شدد على «ضرورة التركيز على وحدة الأراضي السورية، وإعادة الإعمار، وتحقيق التنمية الاقتصادية». وأضاف البيان أنه أثار أيضاً «أهمية توفير بيئة آمنة لعودة اللاجئين، وتقديم الدعم الاقتصادي والسياسي لتحقيق ذلك».
أجواء إيجابية
تواصلت «الشرق الأوسط» مع جينيفر فينتوم، من المكتب الإعلامي للمبعوث الأممي، وسألتها عن نتائج الزيارة، فاكتفت بالقول: «لن نقدم أي معلومات إضافية عما جاء في البيان الرسمي» لبيدرسن، إلا أن مصادر في دمشق أوضحت لـ«الشرق الأوسط» أن أجواء الاجتماع بين الشرع والوفد الأممي كانت إيجابية، وأن الإدارة الجديدة أعطت تطمينات، لكنها تحتاج إلى رؤية تنفيذها على أرض الواقع.
وقالت المصادر إن بيدرسن ركّز على «ضرورة عدم الانفراد بالسلطة، وأن يشمل تشكيل الحكومة الانتقالية المقبلة كل فئات السوريين، وأن يكون هناك دور للمرأة، وحماية حقوقها». ورأت المصادر أن الأمم المتحدة سيكون لها دور في المرحلة المقبلة في تسيير الحوارات والنقاشات بين السوريين للتوصل إلى صيغة يتوافق عليها الجميع من جانب، ومن جانب آخر تيسير التواصل والنقاشات مع الأطراف الدولية والإقليمية الموجودة على الأرض في سوريا.
وأشارت المصادر إلى أن الإدارة الجديدة أبلغت الوفد الأممي أن قرار مجلس الأمن رقم 2254 (2015) لم يعد يُجْدي بصيغته الحالية؛ لذا طالب الشرع الوفد الأممي بـ«تحديث القرار وفق ما ينسجم مع الواقع الجديد». وينص القرار رقم 2254، على إنشاء إدارة انتقالية بعد اختتام وفدي المعارضة ونظام (بشار) الأسد المفاوضات.
وبحسب المصادر، فإن الشرع أكد «ضرورة التعاون السريع والفعال لمعالجة مشكلات السوريين»، مشدداً على «وحدة أراضي سوريا، وإعادة إعمارها وتنميتها الاقتصادية، وتوفير بيئة مناسبة لعودة آمنة للاجئين إلى سوريا، وتقديم الدعم الاقتصادي والسياسي لهذه العملية، مع الأخذ في الحسبان أن هذه الخطوات تتطلب تنفيذاً متأنياً تحت إشراف فريق من الخبراء».
غطاء الرأس
توقفت المصادر عند طلب الشرع من النساء في الوفد المرافق للمبعوث الأممي وضع غطاء الرأس عند التقاط الصور الرسمية. وبحسب المصادر، لم يتم الاعتراض على حضور النساء في الوفد الأممي الاجتماع دون تغطية رؤوسهن. وقالت المصادر إن هذا الطلب «وإن بدا تفصيلاً بسيطاً وربما هامشياً بالقياس إلى التحولات الكبرى التي تشهدها سوريا الآن إلا أنه مؤشر يجب التوقف عنده في ظل حالة الغموض والضبابية عما ستؤول إليه الأمور».
وسيطر مقاتلو المعارضة السورية بقيادة «هيئة تحرير الشام» على العاصمة دمشق في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الحالي، تحت اسم إدارة العمليات العسكرية بعد سيطرتها على كل المناطق التي كانت تحت سيطرة نظام الأسد، الذي انسحب من المؤسسات العامة والشوارع، منهياً حكم «البعث» الذي دام 61 عاماً منها 53 سنة تحت حكم عائلة الأسد.
ويعيش السوريون فترة حرجة في خضم تحولات كبرى لم تتضح تماماً مآلاتها، رغم الارتياح الشعبي السوري لخلاصه من حكم مستبد، والتطلع نحو بناء دولة جديدة.
وفدان فرنسي وأوروبي
ومن المتوقع أن يصل إلى دمشق، الثلاثاء، وفد دبلوماسي فرنسي، بينما أعلن الاتحاد الأوروبي أنه سيرسل، الاثنين، دبلوماسياً كبيراً إلى العاصمة السورية لإجراء مباحثات مكثفة مع القيادة السورية الجديدة.
وأوضحت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كاجا كالّاس أن هذه الزيارة تأتي في إطار الاتصالات الأولى بين الاتحاد والقيادة السورية الجديدة، مشيرة إلى أن وزراء خارجية الاتحاد سيناقشون قريباً كيفية التعامل مع الأوضاع المستجدة في سوريا، بما في ذلك الموقف من الحكومة الجديدة، في خطوة تحمل دلالات سياسية عميقة؛ بعد سنوات من القطيعة بين الاتحاد الأوروبي والنظام السوري السابق.