بعد نحو أشهر من حضور بغداد على خط الوساطة ضمن مسار التقارب التركي - لسوري، والاستعداد لاستضافة لقاء بين مسؤولين من البلدين، نقلت صحيفة قريبة من دوائر القرار في دمشق، أن «اجتماعاً سورياً - تركياً مرتقباً ستشهده العاصمة العراقية بغداد»، هذا في حين لا يزال الإعلام الرسمي السوري يلتزم الصمت حيال التطورات الأخيرة على مسار التقارب السوري - التركي، وسط توقعات بعقد الاجتماع الأسبوع الحالي قبيل أو بالتزامن مع لقاء مرتقب بين الرئيسين التركي والروسي على هامش اجتماع منظمة شنغهاي بين 3 - 4 يوليو (تموز) المقبل.
مصادر صحيفة «الوطن» اعتبرت أن اجتماع بغداد «سيكون خطوة بداية في عملية تفاوض طويلة قد تفضي إلى تفاهمات سياسية وميدانية»، مع الإشارة إلى أن الجانب التركي كان قد طلب من موسكو وبغداد «أن يجلس على طاولة حوار ثنائية مع الجانب السوري، من دون طرف ثالث وبعيداً عن الإعلام؛ للبحث في كل التفاصيل التي من المفترض أن تعيد العلاقات بين البلدين إلى سابق عهدها».
وبينما توقعت المصادر «مزيداً من الانفراج، على صعيد انفتاح وتقارب أنقرة من دمشق برعاية من موسكو، المصرّة على الانتقال بالعلاقة ببن البلدين الجارين إلى أفق جديد من العلاقات الاقتصادية، وربما السياسية لاحقاً»، قالت مصادر متابعة لـ«الشرق الأوسط»، إن الوضع لا يزال «شائكاً ومقلقاً» رغم محاولات موسكو إزالة العوائق والضغط على دمشق لدعم الوساطة العراقية التي تمثل الجهد العربي في هذا الملف، سيما وقد فشلت في السابق الوساطة الروسية ثم الإيرانية، بتحقيق نتائج إيجابية فيه.
ولفتت المصادر، إلى أهمية انعقاد هذا الاجتماع في بغداد المرشحة للحلول مكان جنيف لاستئناف المفاوضات الخاصة بالشأن السوري، حيث «يلقى دور بغداد دعماً إيرانياً وتوافقاً روسياً وقبولاً عربياً»، ورأت في تحقق انعقاد الاجتماع السوري - التركي في بغداد «اختباراً لفاعلية دور العاصمة العراقية في الملف السوري، وخطوة باتجاه نقل مفاوضات اللجنة الدستورية إليها بدل جنيف»، والذي لم يلقَ تجاوباً من المعارضة والدول الغربية والأمم المتحدة التي ترعى الاجتماعات السورية - السورية.
وحول المعوقات الشائكة التي تثير القلق حيال إمكانية تحقيق نتائج إيجابية للاجتماع، رغم الجدية التي أظهرها الجانبان التركي والسوري في التصريحات الأخيرة للرئيسين السوري والتركي، فإن النتائج رهن التوافق حول الوضع في شمال شرق البلاد والعلاقة مع الإدارة الذاتية (الكردية) وحزب العمال الكردستاني المدعومين من قوات التحالف الدولي والموقف الأميركي من طرح توازنات جديدة.
كل ذلك بالإضافة إلى تعقد الوضع العسكري في إدلب، حيث تسيطر «هيئة تحرير الشام»، ومصير العناصر الأجنبية المسلحة المنضوية تحتها، من شيشان وأوزبكستان وطاجيكستان ومسلمي الإيغور الصينيين، وذلك بالنظر إلى الحسابات العسكرية لجميع الأطراف في إدلب. ناهيك عن وضع «الجيش الوطني السوري» المدعوم من تركيا والموجود في مناطق عدة شرق وغرب الفرات.
«المرصد السوري لحقوق الإنسان»، نشر تقريراً بمناسبة مرور 105 أشهر على التدخل الروسي العسكري في سوريا، تحدث فيه عن «تفاهمات روسية جديدة مع الأتراك»، وقال إنها تلقى «استياءً وسخطاً شعبياً».
وأفاد التقرير بأن شهر يونيو (حزيران) لم يشهد في منطقة خفض التصعيد شمال غربي سوريا «أي غارة جوية من قِبل المقاتلات الحربية الروسية على المنطقة، كما لم يرصد أي حدث يذكر يتعلق بالجانب الروسي». كما لم تسيّر القوات الروسية شمال شرقي البلاد أي دورية مشتركة مع نظيرتها التركية، خلال هذا الشهر، على غرار الأشهر الماضية.
ولفت «المرصد» إلى أنه أفاد في 12 يونيو، بأن القوات الروسية والتركية تحضّران لافتتاح معبر أبو الزندين قرب مدينة الباب بريف حلب، الذي كان يفصل قرية أبو الزندين عن مزارعها الواقعة ضمن مناطق سيطرة دمشق. وفي سياق ذلك، استقدمت القوات الروسية تعزيزات عسكرية إلى منطقة المعبر.
يذكر أن احتجاجات شعبية في مدن وبلدات ضمن مناطق عملية «درع الفرات» بريف حلب، جرت ضد محاولة القوات التركية و«الجيش الوطني السوري»، إدخال وفد روسي إلى المنطقة رفقة الأمم المتحدة. ورفع المحتجون لافتات كُتب عليها «الحكومة المؤقتة وحكومة الإنقاذ مرتزقة»، و«المحرر واحد فلن تدخلوه إلا على أجسادنا».
وبحسب تقرير «المرصد»، فقد عُقد في 20 يونيو اجتماع سري بين وفد من القوات الروسية مع ضباط من القوات التركية في مدينة تل أبيض ضمن منطقة نبع السلام الخاضعة لسيطرة القوات التركية والفصائل الموالية لها بريف الرقة. وعقب الاجتماع، شهدت المنطقة استنفاراً وحالة تخبط بين الفصائل، وسط مخاوف من تسليم المنطقة باتفاق روسي - تركي لدمشق. وقد جرى اعتقال عناصر «الجيش الوطني» المعارضين للاجتماع من قِبل الشرطة العسكرية المرتبطة بتركيا، بينما لا تزال حالة التوتر والاستنفار تسود في المنطقة.