مزارعو لبنان أكبر الخاسرين من «تنظيم» الوجود السوري

طالبوا بإجراءات «عادلة» تسهّل عمل الطرفين

اللاجئ السوري حسن جابر السلوم يبيع الخضراوات بقرية منيارة بمنطقة عكار شمال لبنان حيث تقول البلدية إن السوريين يشكلون نحو نصف سكان البلدة البالغ عددهم 8000 نسمة ويعيش معظمهم في خيام محاذية لحقول زراعية واسعة (أ.ف.ب)
اللاجئ السوري حسن جابر السلوم يبيع الخضراوات بقرية منيارة بمنطقة عكار شمال لبنان حيث تقول البلدية إن السوريين يشكلون نحو نصف سكان البلدة البالغ عددهم 8000 نسمة ويعيش معظمهم في خيام محاذية لحقول زراعية واسعة (أ.ف.ب)
TT

مزارعو لبنان أكبر الخاسرين من «تنظيم» الوجود السوري

اللاجئ السوري حسن جابر السلوم يبيع الخضراوات بقرية منيارة بمنطقة عكار شمال لبنان حيث تقول البلدية إن السوريين يشكلون نحو نصف سكان البلدة البالغ عددهم 8000 نسمة ويعيش معظمهم في خيام محاذية لحقول زراعية واسعة (أ.ف.ب)
اللاجئ السوري حسن جابر السلوم يبيع الخضراوات بقرية منيارة بمنطقة عكار شمال لبنان حيث تقول البلدية إن السوريين يشكلون نحو نصف سكان البلدة البالغ عددهم 8000 نسمة ويعيش معظمهم في خيام محاذية لحقول زراعية واسعة (أ.ف.ب)

تنعكس حملة تنظيم الوجود السوري في لبنان سلباً على القطاع الزراعي الذي يعتمد في جزء كبير منه، منذ عشرات السنوات، على اليد العاملة السورية.

وتأتي هذه الحملة التي تقوم بها الحكومة اللبنانية سعياً لإعادة أكبر عدد ممكن من اللاجئين السوريين إلى بلدهم، خصوصاً مع بدء الموسم الزراعي في لبنان؛ إذ يواجه المزارعون صعوبة في تأمين العدد الذي يحتاجونه من العمال لأسباب مرتبطة بشروط الإقامة والإجراءات المطلوبة لها.

وسبب هذا الإرباك هو فرض شروط الإقامة على جميع السوريين بعدما كان هذا الأمر مسهّلاً على العاملين في قطاعَي الزراعي والبناء، الذين يأتون إلى لبنان للعمل الموسمي، قبل بدء الأزمة السورية، عبر إجراءات بسيطة.

أما اليوم، وبعد سنوات من الفوضى التي طبعت هذا القطاع كما غيره من قطاعات كثيرة في لبنان، فقد بدأت القوى الأمنية تلاحق كل من لا يملك إقامة؛ بغض النظر عن القطاع الذي يعمل فيه، مما أدى، من جهة، إلى نقص في عدد عمال الزراعة؛ ومن جهة أخرى إلى استغلال «الشرعيين» منهم حاجة المزارعين لهم عبر رفع بدل الأجر. مع العلم بأنه في السنوات الأخيرة كان معظم العمال يقيمون في لبنان بناء على ما تعرف بـ«بطاقة الشؤون» الصادرة عن «مفوضية شؤون اللاجئين».

وفي حين تمنع السلطة اللبنانية على الأجانب العمل في قطاعات معينة، فهي تسمح لهم بالعمل في قطاعي الزراعة والبناء، فقد كان يقدر عدد العاملين في هذين القطاعين قبل الحرب في سوريا، بما بين 400 ألف و700 ألف وفق «الدولية للمعلومات»، ويرتفع الرقم وينخفض وفق مواسم الزراعة والبناء، قبل أن يزيد عددهم مع نزوح عائلات بأكملها خلال الحرب السورية.

من هنا، يطالب المزارعون بتنظيم العمالة السورية وفق حاجة لبنان لها من الناحية الاقتصادية، وليس بشكل عشوائي كما يحصل اليوم، علماً بأن دراسة أعدها «مركز عصام فارس» في الجامعة الأميركية في بيروت عام 2020 أظهرت أن القطاع الزراعي في لبنان قادر على استيعاب اللاجئين لأسباب عدة؛ منها الطابع غير المنظم للقطاع، والتاريخ الطويل لارتباط العمال السوريين بالزراعة في لبنان، واعتماد هذا القطاع على العمالة الرخيصة، وعدم وجود يد عاملة منافسة مع اللبنانيين، و«مشروعية» عمل السوريين في الزراعة.

ويقول رئيس «تجمّع المزارعين والفلاحين» في لبنان، إبراهيم ترشيشي لـ«الشرق الأوسط»: «العمال السوريون موجودون منذ عشرات السنين في القطاع الزراعي، وهو يعتمد عليهم بأكثر من 90 في المائة، لكن المشكلة تكمن في الفوضى التي رافقت الوجود السوري في لبنان في السنوات الأخيرة، لتعود الدولة اليوم وتقرّر تنظيمهم عبر قرارات عشوائية دون تمييز في ما بينهم». ويوضح: «لطالما كان السوريون يأتون إلى لبنان في فصل الصيف ضمن من يعرفون بـ(العمال الموسميين)، من دون الحاجة إلى إقامة ولا إجازة عمل، ويعودون في الشتاء إلى بلدهم. أما في السنوات الأخيرة، فقد اختلط الحابل بالنابل، وبات الجميع موجودين في لبنان تحت عنوان (اللاجئ)». من هنا يطالب ترشيشي بـ«العودة إلى النظام القديم الذي كان يحكم وجود عمال الزراعة في لبنان، لتسهيل أمور اللبنانيين والسوريين الذين يريدون العمل ضمن القانون، وذلك عبر إيجاد صيغة جديدة على غرار الصيغة السابقة؛ حيث كان يقوم من يعرف بـ(الشاويش)، أو صاحب الأرض، أو المزارع، بتقديم إثبات للأمن العام حول أسماء وعدد السوريين الذين يعملون معه وتاريخ دخولهم إلى لبنان ومدة إقامتهم، مع رقم الخيمة التي يقيمون فيها على الأرض التي يملكها».

محافظ شمال لبنان وشخصيات سياسية في الكورة شمال لبنان يشرفون على تفكيك مخيم بقرية دده (الوكالة الوطنية)

ويعدّ ترشيشي أن هذه الفوضى تنعكس سلباً على المزارعين والقطاع الزراعي في لبنان، مشدداً على أنه «لا قيمة لكل الإجراءات التي تقوم بها الدولة اليوم ما دامت أبواب التهريب مفتوحة عبر الحدود حيث تدخل أعداد كبيرة من السوريين عبر الطرق غير الشرعية مقابل مبالغ تتراوح بين 100 و300 دولار».

من جهته، يتحدث بطرس خاطر؛ مزارع لبناني في منطقة البقاع، عن مشكلة يواجهها المزارعون في هذه الفترة، وهي «عدم القدرة على تأمين العدد المطلوب من العمال السوريين للعمل في الحقول والبساتين الزراعية». ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «مع الحملة التي تلاحق السوريين غير الشرعيين بدأنا نواجه مشكلة نقص في الأعداد المطلوبة؛ وإن توفّرت فتكون بأسعار مضاعفة عن العام الماضي». ويوضح: «المشكلة تكمن في عدم تسهيل إجراءات تشييد الخيام التي يقيم فيها العمال المزارعون في لبنان، والتي تسهّل عمل كل مشروع، فهذا الأمر يتطلب إجراءات بيروقراطية تنتهي دائماً بالرفض، ضمن التضييق الذي يمارس على وجود السوريين في لبنان، ويضطر حينها المزارع إلى الاستعانة بعمال سوريين من مناطق أخرى؛ وبالتالي دفع مبالغ أكبر»، مشيراً في الوقت عينه إلى «قرار جديد اتخذته بعض البلديات في البقاع، تمنع بموجبه على السوريين الانتقال من بلدة إلى بلدة للعمل».

أطفال سوريون لاجئون يساعدون في رعي الأغنام بمخيم في قرية منيارة بمنطقة عكار شمال لبنان (أ.ف.ب)

ومع الحملات التي تلاحق السوريين في بيروت وجبل لبنان، يلفت خاطر إلى انتقال عدد كبير من هؤلاء إلى البقاع، مؤكداً أنه «يمكن الاستعانة بهم في القطاع الزراعي الذي يحتاج إليهم، عبر تسهيل تشييد الخيام التي يعيش فيها نساء ورجال يعملون في الزراعة، لكن المشكلة تكمن في عدم تسهيل هذا الأمر، وفي عدم التمييز في الإجراءات»، قائلاً: «إذا أرادوا أن يطبقوا القانون فليلاحقوا المخالفين الذين ينافسون اليد العاملة اللبنانية في قطاعات أخرى، لكن في الزراعة نحن نعتمد على السوريين بنسبة كبيرة، وليست هناك يد عاملة بديلة عنهم، لذا؛ لا بدّ من إيجاد حل لهذه المشكلة في أسرع وقت ممكن».


مقالات ذات صلة

مقتل شخص في قصف إسرائيلي على سيارة في جنوب لبنان

المشرق العربي عناصر من الدفاع المدني يخمدون نيراناً اشتعلت في سيارة استهدفتها مسيرة إسرائيلية في بلدة برج الملوك بجنوب لبنان (أرشيفية - أ.ف.ب)

مقتل شخص في قصف إسرائيلي على سيارة في جنوب لبنان

ذكرت الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام أن شخصا قُتل في هجوم إسرائيلي بطائرة مُسيرة استهدف سيارة في بلدة معروب بجنوب لبنان اليوم الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي من عمليات فرز الأصوات في الانتخابات السابقة (أرشيفية - أ.ب)

هل يُحرم المغتربون اللبنانيون من مقاعدهم في برلمان 2026؟

من أبرز التعديلات المطروحة الإطاحة بما يلحظه لجهة تخصيص 6 مقاعد للمغتربين، سيشكلون دائرة انتخابية إضافية تُضاف إلى الدوائر الـ15 المعتمدة.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي آثار غارة إسرائيلية استهدفت منزلاً في بلدة تولين بجنوب لبنان (أرشيفية - د.ب.أ) play-circle

قتيل في غارة إسرائيلية على جنوب لبنان

قُتل شخص في غارة إسرائيلية بمسيّرة على بلدة في جنوب لبنان، الاثنين، وفق وكالة الأنباء اللبنانية، وذلك بعد ضربات مكثّفة شهدتها المنطقة في نهاية الأسبوع.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي زائر يتفحص وزن سبيكة ذهبية في متحف مصرف لبنان للعملات (موقع مصرف لبنان)

«المركزي» اللبناني يصدّ طروحات لاستثمار مخزون الذهب

لا يقلّل مسؤول مالي معني من الأهمية الاستثنائية لهذه الطروحات، تزامناً مع سطوع أرقام تناهز 28 مليار دولار مقابلة لقيمة احتياطي الذهب في البيانات المحدثة للبنك.

علي زين الدين (بيروت)
المشرق العربي مجلس النواب اللبناني

مجلس الشيوخ... خطوة إصلاحية يرتبط اتخاذها بـ«لا طائفية» البرلمان اللبناني

عاد مشروع إنشاء «مجلس الشيوخ» للواجهة مع بدء الاستعدادات السياسية لإنجاز الانتخابات النيابية العام المقبل في لبنان، والحديث عن إجراء تعديلات على قانون الانتخاب.

كارولين عاكوم (بيروت)

غزة... فصائل ترد على الاحتجاجات بالتهديد


الدخان يتصاعد من مخيم البريج وسط غزة أمس بعد غارة إسرائيلية (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد من مخيم البريج وسط غزة أمس بعد غارة إسرائيلية (أ.ف.ب)
TT

غزة... فصائل ترد على الاحتجاجات بالتهديد


الدخان يتصاعد من مخيم البريج وسط غزة أمس بعد غارة إسرائيلية (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد من مخيم البريج وسط غزة أمس بعد غارة إسرائيلية (أ.ف.ب)

ردت فصائل فلسطينية، أمس، على الاحتجاجات التي شهدها قطاع غزة خلال اليومين الماضيين بتهديد من وصفتهم بـ«أذناب الاحتلال» الذين يخدمون الأهداف الإسرائيلية، وذلك بعد أول احتجاجات واسعة النطاق ضد الحرب في غزة وحكم حركة «حماس».

وتوعدّ بيان صادر عن «فصائل المقاومة»، وهي مجموعات مسلحة صغيرة نسبياً لكنها تتلقى دعماً من حركة «حماس»، بمعاقبة قادة ما سمته «الحراك المشبوه».

وتظاهر مئات الفلسطينيين في الأيام القليلة الماضية في شمال ووسط غزة، وهتف بعضهم «حماس بره»، في احتجاج نادر على الحركة، التي قوبل هجومها على إسرائيل في أكتوبر (تشرين الأول) 2023 بحرب مدمرة على القطاع.

في غضون ذلك، أفادت مصادر من «حماس» تحدثت إلى «الشرق الأوسط» شريطة عدم ذكر اسمها، بأن الحركة عقدت ما وصفته بـ«محاكم ثورية» لبعض من اعتقلتهم من مناطق تعرضت فيها قيادات الحركة وفصائل أخرى للقصف والاغتيال.

وكشفت المصادر عن أنه «تم فعلياً إعدام بعض من ثبت بحقهم تهم الجاسوسية، في حين لا يزال التحقيق يجري مع آخرين».

ولم تكشف المصادر عن عدد من طالتهم عمليات الإعدام، لكنها أكدت أن «حماس» تأثرت بالاغتيالات «على مستويات سياسية وعسكرية وحكومية».