جنوب لبنان «الخزان البشري» لمقاتلي «حزب الله»

قتل 258 عنصراً من بلداته و50 فقط من البقاع منذ بداية الحرب

خلال تشييع عنصرين في «حزب الله» قتلا في الحرب على الجبهة الجنوبية (أ.ف.ب)
خلال تشييع عنصرين في «حزب الله» قتلا في الحرب على الجبهة الجنوبية (أ.ف.ب)
TT

جنوب لبنان «الخزان البشري» لمقاتلي «حزب الله»

خلال تشييع عنصرين في «حزب الله» قتلا في الحرب على الجبهة الجنوبية (أ.ف.ب)
خلال تشييع عنصرين في «حزب الله» قتلا في الحرب على الجبهة الجنوبية (أ.ف.ب)

يشكّل جنوب لبنان الخزان البشري لـ«حزب الله» الذي بلغ عدد قتلاه منذ بدء الحرب في شهر أكتوبر (تشرين الأول)، إلى اليوم 308 عناصر، بينهم فقط 50 من بلدات البقاع، بينما العدد الأكبر؛ أي 258 عنصراً، من بلدات الجنوب.

ويعكس هذا الرقم انخراط أهالي الجنوب وشبابه بشكل أساسي في هذه الحرب وكل الحروب التي يخوضها «حزب الله» ضد إسرائيل عند الحدود الجنوبية، لأسباب عدة أهمها أن هؤلاء يعدّون «أصحاب القضية» الذين احتلت إسرائيل قراهم، ما يجعلهم ينخرطون في الحرب بشكل أكبر مقارنة مع الشيعة الموجودين في مناطق بعيدة إلى حد ما، وإن كان معظمهم من المؤيدين لـ«حزب الله» وحليفته حركة «أمل» التي خسرت أيضاً في هذه الحرب 18 عنصراً.

وأظهرت آخر دراسة لـ«الدولية للمعلومات» أنه منذ فتح «جبهة الإسناد» في جنوب لبنان ولغاية صباح 22 مايو (أيار) الحالي قتل 305 عناصر في «حزب الله»، توزّعوا على 142 مدينة وبلدة لبنانيّة، بحيث كان العدد الأكبر من بلدة كفركلا (12 عنصراً) ثمّ من بلدتي عيتا الشعب ومركبا (9 عناصر من كل منهما)، ومن بعدهما 8 عناصر من كل من عيترون وبليدا والطيبة، وجميع هذه البلدات في جنوب لبنان، مشيرة كذلك إلى أن 52 في المائة من القتلى تتراوح أعمارهم بين 20 و35 عاماً.

ويلفت المحلل السياسي المعارض لـ«حزب الله» علي الأمين الذي ينحدر بدوره من الجنوب، إلى أن الجنوب يشكل مسقط رأس أكثرية عناصر الحزب الذين يسقطون في الحرب، ويعزو هذا الأمر إلى أسباب عدة، موضحاً لـ«الشرق الأوسط»: «أولاً أن الغالبية الشيعية في لبنان من جنوب لبنان، و(حزب الله) يركز وجوده العسكري والأمني والاجتماعي في هذه المنطقة بشكل خاص، ثانياً أن طبيعة الحرب الجارية اتسمت بطابع استهداف إسرائيل عناصر الحزب ومقاتليه من خلال عمليات أشبه بعمليات اغتيال، إضافة إلى أن هذه الحرب لا تفترض مشاركة واسعة للمقاتلين، لأنها حرب صواريخ وقصف من قبل الحزب، وعمليات اغتيال وقصف من قبل إسرائيل، وبالتالي لم يعمد (حزب الله) إلى استدعاء مقاتلين أو تجنيد مقاتلين، كما كانت الحال في الحرب السورية التي تحتاج إلى عديد تفرضه طبيعة الحرب».

ويضيف الأمين: «أما السبب الثالث فهو أنه في الحرب الجارية بالجنوب وبسبب ما سبق، يعتمد (حزب الله) على أبناء المنطقة الجنوبية والموجودين فيه بشكل أساسي. ما دام أن لا حاجة لوجود أعداد كبيرة، بل أقلية قادرة على الاحتماء والتخفي».

أطفال يشاركون في الاحتفال التكريمي للرئيس الإيراني السابق إبراهيم رئيسي ورفاقه الذي أحياه «حزب الله» في الضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)

وعن مدى قدرة تحمل الجنوبيين هذه الخسائر البشرية من أبنائهم، يقول الأمين إن «هذا أمر ملتبس وتشوبه جملة عوامل؛ أبرزها أن (حزب الله) هو القوة الحاكمة أمنياً وسياسياً واقتصادياً، وليست لدى أبناء الجنوب جهة تضمن لهم تعويض خسائرهم البشرية والمادية غيره، وإن وجدت فهي لا تصل إليهم إلا من خلاله أيضاً»، مضيفاً: «علماً بأن كل ضحية سواء كان جريحاً أو شهيداً، يحصل ذووه على تعويض مالي مباشر هو 25 ألف دولار، إضافة إلى راتب شهري دائم وضمان صحي ومساعدات أخرى»، عادّاً «الاعتراض أو الاحتجاج يعني للأهل خسارتين؛ الابن أو الزوج، وخسارة الموارد المالية التي تصل إليهم من (حزب الله) طالما لم يحتجوا أو يعترضوا».

ويتحدث الأمين عن أمر آخر، وهو أنه «خارج دائرة أهالي الضحايا، المجتمع اللبناني غير معني بمعركة (حزب الله)، والرأي العام الشيعي عموماً لا يعدّ انخراط الحزب في الحرب يمثله، بل يتجاوز الوظيفة التي طالما أخبرهم (حزب الله) بها، وهي أنها دفاعية ومنع الحرب وحماية البلدات من عدوان إسرائيل، بينما الذي يجري عكس ذلك؛ دمار قرى، وعجز عن الحماية، وانخراط في الحرب من دون الأخذ في الاعتبار رأي المواطنين ومصالحهم».

ومع استمرار المواجهات والعمليات المتبادلة بين إسرائيل و«حزب الله»، أعلن الحزب في الساعات الأخيرة مقتل عنصرين؛ هما حسين نبيل المولى من بلدة حربتا في البقاع، وجواد علي من بلدة طيرحرفا في الجنوب، بعدما كان قد نعى الخميس، محمد علي فران من بلدة النبطية في جنوب لبنان.

وأعلن الحزب عن عملية استهدف خلالها «دبابة ميركافا» خلال تحركها في موقع المرج بصاروخ موجه، ما أدى إلى تدميرها وقتل وجرح طاقمها، كما أعلن أنه «في إطار الرد على الاغتيالات التي قام بها العدو الإسرائيلي، ‏خصوصاً في المنصوري منذ أيام، شن هجوماً على أهداف في ثكنة زرعيت بالصواريخ الموجهة وقذائف المدفعية ‏وأصابها إصابة مباشرة وتم تدميرها»، وذلك، بعدما كان أعلن مساء الجمعة، عن تنفيذه «هجوماً جوياً بمسيرات انقضاضية على المقر المستحدث للفرقة 91 في إييليت استهدفت ‏‏أماكن استقرار ضباط وجنود العدو»، إضافة إلى هجوم بمسيرة انقضاضية على مقر الكتيبة الصاروخية والمدفعية في ثكنة يوآف، هذا في وقت شن فيه الطيران الإسرائيلي غارة على أحد المنازل في محيط موقع قوات «اليونيفيل» الدولية في بلدة العديسة، بحسب «الوكالة الوطنية للإعلام»، بينما سجّلت في الساعات الماضية، حملة ممنهجة استهدفت حقولاً وبساتين في بلدات جنوبية عدة، إذ وبعدما ألقيت قذائف فسفورية على الأحياء السكنية في بلدة حولا، ما تسبب باشتعال النيران بين المنازل، قصفت الجمعة، المدفعية الإسرائيلية بعدد من القذائف «حرج الصنوبر» في أطراف بلدة كفرحمام وحرش بلدة مركبا، وسقط عدد من القذائف عند أطراف بلدة رب ثلاثين لجهة بلدة الطيبة وأشعلت حريقاً في المنطقة.


مقالات ذات صلة

بايدن يأمر بـ«حماية» اللبنانيين من الإبعاد عن أميركا

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن في المكتب البيضوي في واشنطن العاصمة (أ.ف.ب)

بايدن يأمر بـ«حماية» اللبنانيين من الإبعاد عن أميركا

أمر الرئيس جو بايدن بحماية اللبنانيين الموجودين على الأراضي الأميركية من خطر الإبعاد مدة تصل إلى 18 شهراً، فيما يؤثر على زهاء 12 ألف شخص، بينهم 1700 طالب.

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي الدخان يتصاعد في جنوب لبنان إثر قصف إسرائيلي استهدف المنطقة (رويترز)

إسرائيل تتوعّد بتغيير الواقع الأمني عند الحدود... و«حزب الله» مستعد للمواجهة

يواصل المسؤولون الإسرائيليون تهديداتهم، متوعدين «بتغيير الواقع الأمني على الجبهة الشمالية»، وفق الجنرال أوري غوردين، الذي قال: «إن الهجوم سيكون حاسماً وقاطعاً».

كارولين عاكوم (بيروت)
يوميات الشرق نجوم الأغنية المصرية في التسعينات غنّوا روائع الذاكرة (الشرق الأوسط)

نجوم التسعينات في مصر أشعلوا الذاكرة وأبهجوا بيروت

نجوم الأغنية المصرية في التسعينات، حسام حسني وحميد الشاعري ومحمد فؤاد وهشام عباس وإيهاب توفيق، غنّوا روائع الذاكرة في حفل بيروتي حضره الآلاف.

فاطمة عبد الله (بيروت)
المشرق العربي قائد الجيش العماد جوزاف عون (مديرية التوجيه)

باسيل يسعى لإسناد قيادة الجيش اللبناني بالوكالة للواء صعب

يسعى رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل لإسناد قيادة الجيش اللبناني بالوكالة للواء بيار صعب مستبقاً التمديد للعماد جوزاف عون.

محمد شقير (بيروت)

ترمب يلتقي نتنياهو وينتقد تصريحات هاريس عن إسرائيل

ترمب مستقبلاً نتنياهو في «بالم بيتش» أمس (آموس بن - غيرشوم / جي بي أو / د.ب.أ)
ترمب مستقبلاً نتنياهو في «بالم بيتش» أمس (آموس بن - غيرشوم / جي بي أو / د.ب.أ)
TT

ترمب يلتقي نتنياهو وينتقد تصريحات هاريس عن إسرائيل

ترمب مستقبلاً نتنياهو في «بالم بيتش» أمس (آموس بن - غيرشوم / جي بي أو / د.ب.أ)
ترمب مستقبلاً نتنياهو في «بالم بيتش» أمس (آموس بن - غيرشوم / جي بي أو / د.ب.أ)

نفى الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب وجود أي توتر في العلاقات بينه وبين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، معرباً عن تأييده ومساندته لإسرائيل. وهاجم المرشح الجمهوري لسباق الرئاسة الأميركي منافسته المحتملة كامالا هارس، مشيراً إلى أن تصريحاتها عقب لقائها بنتنياهو، مساء الخميس، في البيت الأبيض، تنم عن عدم احترام، وطالب حركة «حماس» بإطلاق سراح الرهائن «فوراً».

وقال ترمب، في بداية الاجتماع الموسع مع نتنياهو في مقر إقامته بمنتجع مارلارغو بولاية فلوريدا، إنه لا يعرف كيف يمكن لأي أميركي يهودي أن يصوّت لكامالا هاريس، لأن تصريحاتها تنم عن عدم الاحترام لإسرائيل.

وأشار إلى علاقته الوثيقة بإسرائيل، مؤكداً أنه تمتع كرئيس للولايات المتحدة بعلاقات مع إسرائيل أفضل من أي رئيس أميركي على الإطلاق. وقال: «لقد أيّدت حق إسرائيل في مرتفعات الجولان والقدس، ونقلنا السفارة، وأوقفنا الاتفاق النووي الإيراني، وهو ربما أفضل شيء قمنا به، ولم نمنحهم أموالاً في ظل إدارة ترمب، ولم يكن أحد يشتري نفطهم، والآن أصبحوا دولة غنية، وهذا أمر مؤسف».

ووعد ترمب، إذا فاز في الانتخابات، بإنهاء كل الحروب في منطقة الشرق الأوسط، محذراً من أنه إن لم يفز، فإن الأمر سينتهي إلى حروب كبرى، وربما حرب عالمية ثالثة.

من جانبه، أشار رئيس الوزراء نتنياهو إلى صعوبة مفاوضات إطلاق سراح الرهائن، وفي إجابته عن أسئلة حول مفاوضات وقف إطلاق النار وإرسال فريق إسرائيلي إلى المفاوضات في العاصمة الإيطالية روما، أوضح أنه يتوقع بعض التحركات التي تأتي بسبب الضغوط العسكرية التي قام بها الجيش الإسرائيلي ضد «حماس».

وقال: «الموقف صعب للغاية للرهائن، وهم ليسوا في حالة جيدة، ومن الواضح أنهم لا يعاملون بشكل صحيح، ونأمل أن يكونوا بخير، لكن هناك كثيراً من الرهائن، وأنا غير متأكد من صحتهم، وهذا الوضع غير مقبول».

من جهة أخرى، استمع أعضاء مجلس الأمن في نيويورك الجمعة إلى ما سمّاه دبلوماسيون «رجع صدى تقشر له الأبدان» لنساء فلسطينيات يستغثن في غزة لإنقاذ أطفالهن الذين يتضورون جوعاً وتفتك بهم الأمراض إذا نجوا من المستويات الرهيبة من الحملة العسكرية الإسرائيلية في كل أنحاء القطاع.

وكان أعضاء مجلس الأمن يستمعون إلى مساعد الأمين العام لـ«الأمم المتحدة» مهند هادي، الذي يتولى أيضاً مهمة نائب المنسق الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، مكرراً المناشدة من أجل وقف إطلاق النار، وتمكين المنظمات الدولية من تقديم المساعدات للفلسطينيين، بما يتماشى مع المبادئ الإنسانية، والإطلاق الفوري وغير المشروط للرهائن، في مطالبات ردّدتها أيضاً نائبة المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث اللاجئين الفلسطينيين وتشغيلهم في الشرق الأدنى «الأونروا» لشؤون الدعم العملياتي، أنطونيا دي ميو.