العرب والكرد يلجأون إلى «المداورة» لحكم كركوك

مصادر قالت إن اتفاقاً وشيكاً على تداول منصب المحافظ سنتين لكل مكون

صورة من الجو لمدينة كركوك (غيتي)
صورة من الجو لمدينة كركوك (غيتي)
TT

العرب والكرد يلجأون إلى «المداورة» لحكم كركوك

صورة من الجو لمدينة كركوك (غيتي)
صورة من الجو لمدينة كركوك (غيتي)

رغم مرور نحو 6 أشهر على الانتخابات المحلية، ونحو 5 أشهر على تصديق نتائجها النهائية، ما زالت محافظتا كركوك وديالى تراوحان في «منطقة الصراعات» الحزبية، التي تحول دون التوصل إلى صيغة تفاهم لتوزيع المناصب بين الكتل الفائزة، خاصة المنصب التنفيذي الأول الذي يمثله المحافظ.

ويحتم قانون الانتخابات على المجلس المحلي المنتخب الالتئام خلال 15 يوماً من تاريخ المصادقة على النتائج لاختيار من يشغلون منصب المحافظ ورئيس مجلس المحافظة ونوابهم.

وخلافاً للتعقيد الذي ما زال قائماً في محافظة ديالى، والذي تمسك بخيوطه قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية وقوى سنية، تفيد مصادر عليمة في كركوك بقرب التوصل إلى انتهاء أزمة التعطيل في المحافظة، من خلال اتفاق عربي - كردي على تدوير منصب المحافظ بين المكونين الرئيسيين هناك.

عناصر من البيشمركة يتموضعون تحت صورة لمسعود بارزاني في ضواحي كركوك (أرشيفية - إ.ب.أ)

اتفاق مداورة

وتحدث مصدر من داخل حزب «الاتحاد الوطني» إلى «الشرق الأوسط» عن اتفاق بين العرب والكرد على تقاسم منصب المحافظ مدة سنتين لكل مكون، رغم انتهاء نحو 6 أشهر من السنة الأولى لولاية مجلس المحافظة.

وأكد المصدر أن «نقطة الخلاف الحالية بين الجانبين تتمحور حول من يحصل على المنصب خلال السنتين الأوليين، وهذا الاتفاق حصل بعد اتفاق الحزبين الرئيسيين (الاتحاد) و(الديمقراطي) على هذه الصيغة».

وأوضح المصدر أن «القوى الكردية تسعى لاستثمار المفاوضات والصراع الحاد في بغداد على منصب رئاسة البرلمان الاتحادي، وتضع هذه القضية ضمن الأجندات الأساسية للتفاوض على منصب محافظ كركوك، الذي خسره الكرد منذ عام 2017 لصالح العرب».

وبضوء الاتفاق، رجّح المصدر «خروج المكون التركماني من حسبة المناصب، بعد أن اقترح في وقت سابق صيغة ثلاثية لتقاسم المنصب، غير أنه يملك مقعدين فقط في مجالس المحافظة، لا تؤهله لشغل منصب المحافظ، ولو لفترة محددة».

وتملك الأحزاب الكردية (الاتحاد والديمقراطي) المكون الكردي على 7 مقاعد من أصل 16 مقعداً في مجلس محافظة كركوك، إلى جانب مقعد واحد حليف لهم عن المكون المسيحي، في مقابل امتلاك المكون العربي 6 مقاعد. ولدى المكون التركماني، حليف العرب، مقعدان في المجلس.

تناقضات تمنع الحسم

في مقابل حديث مصدر حزب «الاتحاد الوطني» عن التناوب على منصب المحافظ بين العرب والكرد، لا يستبعد مصدر آخر مقرب من المكون العربي اتفاق العرب والكرد على صيغة مشاركة من هذا النوع، لكنه «لا يرجح نجاحها»، ويرى أن «التناقضات السياسية الحادة في كركوك وفي عموم العراق لا تسمح بإحراز تقدم في ملف مفاوضات حكومة كركوك خلال هذه المرحلة».

وأشار المصدر إلى أن «بافل طالباني (زعيم الاتحاد الوطني) يريد تحسين وضعه في انتخابات الإقليم المقبلة من خلال السيطرة على كركوك، ورغم أن غريمه (الحزب الديمقراطي الكردستاني) لا يريد منحه هذه الفرصة، لكنه في المقابل لا يفضل التحالف مع العرب قبل انتهاء انتخابات الإقليم، لأن هذا الموقف مكلف أيضاً بالنسبة إليهم».

في المقابل، «لا ترغب قوى الإطار التنسيقي في إسناد المنصب للكرد، رغم أنهم لا يملكون مقعداً في مجلس المحافظة، لكنهم يملكون السلاح والنفوذ الأمني. ولهذا، لن يعطوا كركوك مرة أخرى إلى الكرد، بعد أن استرجعوها منهم عام 2017»، وفقاً للمصدر.

ورأى المصدر أن «الموقف التركي الغاضب من حزب الاتحاد الوطني قد يكون عاملاً مؤثراً في المفاوضات، ولأن أنقرة تتهم هذا بإيواء عناصر حزب العمال الكردستاني في السليمانية، فإنها لا تريد رؤيتهم يحصلون على منصب المحافظ في كركوك لتدعيم نفوذه في المدينة التي تضم أبناء القومية التركمانية».

جانب من اجتماع للسوداني مع قادة الأحزاب السياسية بكركوك في فبراير الماضي (إعلام حكومي)

إلى ذلك، رأى عضو مجلس محافظة كركوك أحمد رمزي، في تصريحات صحافية، السبت، أن عدم تمكن رئيس الوزراء محمد السوداني من حسم منصب محافظ كركوك، وتشكيل مجلسها، سببه «عدم اتفاق الكتل السياسية فيما بينها على رؤية محددة متكاملة».

ويواصل رئيس الوزراء منذ أشهر عقد اجتماعات مع مكونات كركوك لحسم ملف تشكيل الحكومة، وكان آخرها لقاءه أمس، مع رئيس حزب «الاتحاد الوطني» بافل طالباني، من دون أن تسفر تلك الاجتماعات عن نتائج ملموسة.

وقال رمزي إن «عدم وجود اتفاق بين الكتل السياسية يعني استمرار تعطيل المفاوضات، وتوقف تشكيل إدارة كركوك ومجلسها».


مقالات ذات صلة

بغداد تعيد المئات من الجنود السوريين إلى بلادهم بالتنسيق مع دمشق

المشرق العربي صورة متداولة لحافلات سورية وصلت إلى الحدود العراقية لنقل الجنود

بغداد تعيد المئات من الجنود السوريين إلى بلادهم بالتنسيق مع دمشق

أعلنت السلطات العراقية، اليوم الخميس، أنها باشرت إعادة المئات من الجنود السوريين إلى بلادهم.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي اهتمام لافت باستقبال ولي العهد السعودي لرئيس الوزراء العراقي في الخيمة

بغداد تواصل مساعيها لتطويق تداعيات الأزمة السورية

يتحرك العراق داخلياً وخارجياً من أجل تطويق الأزمة السورية وتداعياتها.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي صورة أرشيفية تظهر قوات من الجيش السوري بمجمع عسكري جنوب غربي حلب في 5 سبتمبر 2016 (رويترز)

العراق يواصل إعادة الجنود السوريين الهاربين إلى بلادهم

واصل العراق، الخميس، إعادة الجنود السوريين الذين فروا إلى العراق بعد عملية الإطاحة بالرئيس السوري السابق بشار الأسد قبل نحو أسبوعين.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي كتائب «حزب الله» العراقية هدَّدت مراراً بزيادة هجماتها على الأميركيين والإسرائيليين (إكس)

مستشار السوداني: إذا لم نبادر إلى حل الفصائل فسيحلها الآخرون بالقوة

أدلى أحد مستشاري رئيس الوزراء العراقي بتصريحات مثيرة حول ضرورة أن يبادر العراق إلى هيكلة الفصائل المسلحة وحلّها قبل أن تُحلّ بالقوة من قِبل آخرين.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي سوريون يحتفلون في مدينة أربيل شمال العراق بانهيار نظام الأسد بسوريا (أ.ف.ب)

تباين المواقف العراقية بعد أسبوعين من سقوط الأسد

على الرغم من الموقف الرسمي العراقي حيال الأزمة في سوريا والمتمثل بمواقف وإجراءات رئيس الحكومة محمد شياع السوداني.

حمزة مصطفى (بغداد)

صندوق النقد: مستعدون لمساعدة سوريا في إعادة الإعمار عندما تسمح الظروف

حزم من الليرة السورية في المصرف التجاري السوري بدمشق نوفمبر 2022 (أ.ف.ب)
حزم من الليرة السورية في المصرف التجاري السوري بدمشق نوفمبر 2022 (أ.ف.ب)
TT

صندوق النقد: مستعدون لمساعدة سوريا في إعادة الإعمار عندما تسمح الظروف

حزم من الليرة السورية في المصرف التجاري السوري بدمشق نوفمبر 2022 (أ.ف.ب)
حزم من الليرة السورية في المصرف التجاري السوري بدمشق نوفمبر 2022 (أ.ف.ب)

قالت المتحدثة باسم صندوق النقد الدولي جولي كوزاك اليوم الخميس إن الصندوق مستعد لمساعدة سوريا في إعادة الإعمار مع المجتمع الدولي، لكن الوضع على الأرض لا يزال متقلباً.

الليرة السورية (رويترز)

وذكرت في مؤتمر صحافي دوري أن الصندوق لم يجرِ أي اتصال حقيقي مع السلطات السورية منذ مشاورات اقتصادية في عام 2009.

وأضافت «من السابق لأوانه إجراء تقييم اقتصادي. نراقب الوضع عن كثب، ومستعدون لدعم جهود المجتمع الدولي للمساعدة في إعادة الإعمار الجادة حسب الحاجة وعندما تسمح الظروف».

وارتفعت قيمة الليرة السورية أمام الدولار بنحو 20 في المائة على الأقل خلال اليومين الماضيين مع تدفق السوريين من لبنان والأردن وإنهاء ضوابط صارمة على تداول العملات الأجنبية بعد سقوط حكومة بشار الأسد. وفي السابق، كان استخدام العملات الأجنبية في المعاملات اليومية يمكن أن يزج بالسوريين في السجن، وكان كثيرون يخشون حتى نطق كلمة «دولار» في الأماكن العامة.