استعداد أوروبي للاعتراف بالدولة الفلسطينية... وضغط سعودي متواصل

الشيخ لـ«الشرق الأوسط»: تحول كبير في مواقف كثير من الدول... ونسعى لتطويره عبر «السداسي العربي»

فشل مجلس الأمن (الجمعة) في منح فلسطين العضوية الكاملة بالأمم المتحدة (أ.ف.ب)
فشل مجلس الأمن (الجمعة) في منح فلسطين العضوية الكاملة بالأمم المتحدة (أ.ف.ب)
TT
20

استعداد أوروبي للاعتراف بالدولة الفلسطينية... وضغط سعودي متواصل

فشل مجلس الأمن (الجمعة) في منح فلسطين العضوية الكاملة بالأمم المتحدة (أ.ف.ب)
فشل مجلس الأمن (الجمعة) في منح فلسطين العضوية الكاملة بالأمم المتحدة (أ.ف.ب)

كشف أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك تحولاً كبيراً في مواقف كثير من دول العالم وتحديداً في أوروبا، حيث يستعد كثير من الدول للاعتراف بالدولة الفلسطينية في القريب العاجل»، مؤكداً أن هذا «الموقف يصب في خدمة حل الدولتين وفق القانون الدولي».

وكان وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، (الاثنين)، سلط الضوء على الضغوط التي مارستها الدبلوماسية السعودية ناحية تحقيق مطلب الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وتبلور توجّه أوروبي نحو ذلك، بعد أيام قليلة من إفشال الولايات المتحدة مشروع قرار في مجلس الأمن، يدعو للاعتراف بدولة فلسطين، ما أثار غضب السلطة الفلسطينية، وانتقادات دول عربية.

وفي حديث لوسائل الإعلام عقب «المنتدى رفيع المستوى للأمن والتعاون الإقليمي» بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون لدول الخليج العربي، في لوكسمبورغ (الاثنين)، كشف وزير الخارجية السعودي عن «تطوّر مهم جدّاً» تمثّل في «حديث بدأ يتبلور في أروقة الاتحاد الأوروبي، على الأقل عند بعض الدول، للاتجاه إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية»، عادّاً أن اجتماع وزراء الخارجية في الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي شكّل «فرصة للضغط في هذا الاتجاه».

وكانت السعودية أكّدت على تمسكها بأسبقية الاعتراف بالدولة الفلسطينية ووقف الحرب على قطاع غزة قبل أي اتفاق مع الولايات المتحدة يتضمّن تطبيع العلاقات مع إسرائيل، ووصل تشديد الرياض على موقفها ذروته في فبراير (شباط) الماضي، عبر بيان للخارجية السعودية «ردّاً على ما ورد على لسان المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي» بهذا الشأن.

وأشار البيان إلى أن الرياض أبلغت واشنطن بموقفها الثابت «أنه لن تكون هناك علاقات دبلوماسية مع إسرائيل ما لم يتم الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وإيقاف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وانسحاب كل أفراد قوات الاحتلال الإسرائيلي من قطاع غزة».

وكشف مصدر عربي لـ«الشرق الأوسط» أن وزراء خارجية السعودية ومصر والأردن وقطر والإمارات، بالإضافة إلى أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، سيعقدون اجتماعاً مطلع الأسبوع المقبل مع الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى اجتماع تشاوري عربي، وآخر مع وزير الخارجية الأميركي، وسيكون ملف الاعتراف بالدولة الفلسطينية على طاولة المباحثات.

القمة العربية - الإسلامية المشتركة غير العادية في السعودية نوفمبر الماضي (واس)
القمة العربية - الإسلامية المشتركة غير العادية في السعودية نوفمبر الماضي (واس)

شرط سعودي

وفي السياق ذاته، قال متحدث باسم السفارة السعودية في الولايات المتحدة لشبكة «سي إن إن» الأميركية الأربعاء، إن «موقف السعودية من إقامة علاقات مع إسرائيل مشروط بإنهاء الحرب في غزة، والاعتراف بالدولة الفلسطينية، وإنشاء مسار لا رجعة فيه نحو حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية». وفيما يتعلق بالجدول الزمني، أكّد المتحدث أن الرياض تعمل جاهدةً لتحقيق ذلك في أسرع وقت ممكن.

الثقل السعودي

من جهته، قال الشيخ إن «التحرُّك السعودي السياسي، فيما يتعلق بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي ينبع من الموقف التاريخي الثابت والراسخ والواضح للمملكة في دعمها وإسنادها للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني». وأضاف في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن الرياض «توظِّف ثقلها العربي والإسلامي والدولي عبر دبلوماسيتها الهادئة، وبالشراكة مع الأشقاء العرب والأصدقاء في العالم لتجنيد كل هذا التحرك من أجل عزلة إسرائيل، وإدانة سلوكها ومواقفها من جهة، ودعم الحق الفلسطيني من جهة أخرى».

وأردف الشيخ أن في أولويات هذا التحرك «وقف الحرب الإجرامية في قطاع غزة والضفة الغربية والانسحاب الإسرائيلي، ووجود خطة سياسية تلقى شبه إجماع دولي ترتكز على قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي تؤدي إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية».

وأكد الشيخ أنه «في ظل قيادة السعودية لهذا التحرك، نلمس إنجازات متراكمة كثيرة على كل المستويات الإقليمية والدولية».

وزير الخارجية السعودي كشف عن تبلور في مواقف عدد من الدول الأوروبية تجاه الاعتراف بالدولة الفلسطينية (واس)
وزير الخارجية السعودي كشف عن تبلور في مواقف عدد من الدول الأوروبية تجاه الاعتراف بالدولة الفلسطينية (واس)

تحوّل أوروبي

وأفصح أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أن «هناك تحولاً كبيراً في مواقف كثير من دول العالم، وتحديداً في أوروبا، حيث يستعد كثير من الدول للاعتراف بالدولة الفلسطينية في القريب العاجل، وهذا موقف يصب في خدمة حل الدولتين وفق القانون الدولي».

واستطرد: «في إطار السداسي العربي نسعى إلى تطوير مواقف البعض الآخر من دول أوروبا وغيرها لتصب في الهدف المرجو ذاته من هذا التحرك».

مساندة الحق

وفي حين شدّدت الولايات المتحدة منذ بداية الحرب على قطاع غزة في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي على دعمها لحل الدولتين، بيد أنها استخدمت «حق النقض» ضد مشروع قرار في مجلس الأمن (الجمعة)، ليفشل مجلس الأمن في منح دولة فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، الأمر الذي عده حسين الشيخ «أكبر دليل على عزلة الولايات المتحدة الأميركية في موقفها، واستخدامها حق النقض في موقف علني وصريح ضد الإرادة الدولية، ولكن العالم ينحاز شعبياً ورسميّاً للحقوق المشروعة لشعبنا الفلسطيني ونضاله من أجل الحرية والاستقلال».

وتابع أن «رد الفعل الرسمي والشعبي على استخدام الولايات المتحدة حق النقض في وجه هذا القرار أسهم إيجابياً في تعزيز قناعة كثير من دول العالم على ضرورة الإسراع في الاعتراف بالدولة الفلسطينية والعضوية الكاملة في الأمم المتحدة».

وبرّر ذلك بأن «المجتمع الدولي يدرك الظلم الواقع على الشعب الفلسطيني، والغطاء الذي تعطيه أميركا للاحتلال في ممارساته وعدوانه ضد شعبنا، وضربها للشرعية الدولية والقانون الدولي في عُرض الحائط، لترتقي مواقف كثير من الدول إلى مرحلة تساند الحق الفلسطيني في وجه الظلم والعدوان الإسرائيلي».

دخان يتصاعد بعد غارات إسرائيلية على موقع في رفح (رويترز)
دخان يتصاعد بعد غارات إسرائيلية على موقع في رفح (رويترز)

جهود سعودية للاعتراف بعيداً عن المسار الأممي

من جهته، أكّد رئيس مركز الخليج للأبحاث عبد العزيز بن صقر أن «⁠السعودية تقود جهوداً دبلوماسية حثيثة لتشجيع أكبر عدد ممكن من الدول الأوروبية للاعتراف بالدولة الفلسطينية بشكل ثنائي وعدم الانتظار لنجاح المسار الأممي»، متوقّعاً «ألّا يكون هناك اعتراف بالدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة قريباً».

وعدّد بن صقر ⁠أهمية الاعتراف بالدولة الفلسطينية في نقاط أبرزها أنه «سيمثّل إنقاذاً لحل الدولتين، ويبعث برسالة إلى إسرائيل بضرورة تغيير نهجها، كما يبعث الأمل لدى الفلسطينيين، ويسهم في إنجاح جهود السلام في المنطقة».

ولكن في السبيل إلى ذلك، قال بن صقر إن الحوار «سيستمر بين الجانب الأميركي ودول السداسي العربي حول رؤيتهم لإنهاء الحرب في غزة وإقامة الدولة الفلسطينية وأمن المنطقة واستقرارها لمحاولة تقريب وجهات النظر، واتخاذ خطوات لا رجعة فيها نحو العملية السياسية، وإنهاء الكارثة الإنسانية في غزة، ومنع تفاقم الأزمة وتحويلها لحرب إقليمية».

142 دولة اعترفت بفلسطين

وكانت وزيرة خارجية جامايكا كامينا جونسون سميث أعلنت، الأربعاء، اعتراف بلادها بدولة فلسطين، لتصبح الدولة الـ142 التي تعترف بالدولة الفلسطينية، بينما شدّد بيدرو سانشيز، رئيس الوزراء الإسباني من جانبه، الخميس، على التزام مدريد بالاعتراف بدولة فلسطين. وقال إن حل الدولتين هو السبيل الوحيد للسلام والأمن في المنطقة.

أما مايكل مارتن وزير الخارجية الآيرلندي فأعلن، الأربعاء، أن بلاده تعمل مع دول تشاركها الرأي في الاتحاد الأوروبي للاعتراف بالدولة الفلسطينية.


مقالات ذات صلة

«حماس» ونتنياهو يصعّدان الضغوط المتبادلة

المشرق العربي «حماس» ونتنياهو يصعّدان الضغوط المتبادلة

«حماس» ونتنياهو يصعّدان الضغوط المتبادلة

كثفت حركة «حماس» ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من الضغوط المتبادلة. وفي حين أعلنت الحركة فقد الاتصال بمجموعة تأسر جندياً إسرائيلياً – أميركياً.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية جنود إسرائيليين يدعون إلى إعطاء الأولوية لإطلاق سراح الرهائن على استمرار الحرب في غزة (أ.ف.ب)

مئات الجنود الإسرائيليين السابقين يطالبون بأولوية عودة الرهائن على استمرار الحرب

ذكرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية، اليوم الثلاثاء، أن المئات من الجنود الإسرائيليين السابقين دعوا إلى إعطاء الأولوية لإطلاق سراح الرهائن على استمرار الحرب في غزة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي أشخاص يسيرون وسط أنقاض المباني المنهارة في جباليا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

غزة: قتيلان في قصف إسرائيلي يستهدف خيمة نازحين بخان يونس

أفادت وكالة «شهاب» للأنباء التابعة لحركة «حماس» اليوم الثلاثاء بمقتل اثنين في قصف إسرائيلي استهدف خيمة للنازحين في منطقة مواصي خان يونس بقطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
تحليل إخباري فلسطينيون تجمعوا في موقع غارة إسرائيلية على منزل خلال وقت سابق (رويترز)

تحليل إخباري «هدنة غزة»: استئناف الاتفاق على «المحك» بعد مقترح إسرائيلي

ساعات حاسمة أمام مقترح جديد طرحته إسرائيل لاستئناف وقف إطلاق النار في قطاع غزة، انتظاراً لرد «حماس» الوشيك.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
العالم العربي أمير الكويت الشيخ مشعل الصباح والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في قصر بيان بالكويت (كونا)

توافق مصري - كويتي على دعم تنفيذ خطة إعمار غزة ورفض «التهجير»

اختتم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الثلاثاء، زيارته إلى دولة الكويت ضمن جولة خليجية استمرت 3 أيام شملت قطر، حيث أجرى مباحثات مع أمير الكويت الشيخ مشعل.

هشام المياني (القاهرة)

«حماس» ونتنياهو يصعّدان الضغوط المتبادلة

«حماس» ونتنياهو يصعّدان الضغوط المتبادلة
TT
20

«حماس» ونتنياهو يصعّدان الضغوط المتبادلة

«حماس» ونتنياهو يصعّدان الضغوط المتبادلة

كثفت حركة «حماس» ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من الضغوط المتبادلة. وفي حين أعلنت الحركة فقد الاتصال بمجموعة تأسر جندياً إسرائيلياً – أميركياً، زار رئيس نتنياهو شمال قطاع غزة بشكل نادر ومفاجئ.

وجاءت زيارة نتنياهو التي أُعلن عنها باقتضاب، أمس، وسط تحركات من جيشه لبسط مزيد من النفوذ في غزة وتضييق الخناق على «حماس» وإجبارها على تسليم 59 رهينة لديها يعتقد أن نصفهم أموات.

وقال أبو عبيدة، الناطق باسم كتائب «القسام»، الجناح العسكري لـ«حماس» إنه تم «فقدان الاتصال مع المجموعة الآسرة للجندي عيدان ألكسندر بعد قصف مباشر استهدف مكان وجودهم». وأعرب أبو عبيدة عن اعتقاده بأن الجيش الإسرائيلي «يحاول عمداً التخلص من ضغط ملف الأسرى المزدوجي الجنسية بهدف مواصلة حرب الإبادة على شعبنا».

وكانت «القسام» نشرت، يوم السبت الماضي، مقطعاً مصوراً للجندي المزدوج الجنسية يقول فيه إن الحكومة الإسرائيلية والإدارة الأميركية كذبتا عليه بشأن إطلاق سراحه. وقالت مصادر من «حماس» لـ«الشرق الأوسط»، الاثنين، إنها أبلغت الوسطاء خلال لقاءات في القاهرة أنها «لا تمانع الإفراج عن ألكسندر، كبادرة خاصة لإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب».