«فلسطين الجديدة» في اليوم التالي للحرب

واشنطن «تحاول رسمها» على حدود 67 منزوعة السلاح تشمل غزة والضفة والقدس الشرقية

متظاهرون يلوّحون بالعَلم الفلسطيني خلال المطالبة بوقف إطلاق النار في غزة أمام البيت الأبيض بواشنطن (أ.ف.ب)
متظاهرون يلوّحون بالعَلم الفلسطيني خلال المطالبة بوقف إطلاق النار في غزة أمام البيت الأبيض بواشنطن (أ.ف.ب)
TT

«فلسطين الجديدة» في اليوم التالي للحرب

متظاهرون يلوّحون بالعَلم الفلسطيني خلال المطالبة بوقف إطلاق النار في غزة أمام البيت الأبيض بواشنطن (أ.ف.ب)
متظاهرون يلوّحون بالعَلم الفلسطيني خلال المطالبة بوقف إطلاق النار في غزة أمام البيت الأبيض بواشنطن (أ.ف.ب)

على غرار العديد من الإدارات الأميركية السابقة، يسعى الرئيس جو بايدن إلى تحقيق إنجاز تاريخي عجز عنه جميع أسلافه: تسوية النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي الذي بدأ بـ«النكبة» عام 1948 مع إعلان دولة إسرائيل.

ومع مرور 6 أشهر على الحرب في غزة، تصاعد النقاش السياسي في الأروقة الدولية عن السيناريوهات الممكنة الآن لإقامة دولة فلسطين؛ الدولة التي تضاءل احتمالها كثيراً بعد عقود من النزاع.

على رغم الوقع الزلزالي لهجوم «حماس» ضد المستوطنات والكيبوتسات الإسرائيلية المحيطة بغزة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وما تلاه من حرب إسرائيلية تدميرية لكل معالم الحياة في القطاع، لا يزال حل الدولتين هو الهدف الذي تنشده إدارة بايدن لتحقيق هذا الإنجاز التاريخي.

تدابير الأمن والحرية

تصر الإدارة الأميركية على أن «العناصر الثابتة للتوصل إلى سلام مستدام يجب أن تتضمن مساراً يتيح للإسرائيليين والفلسطينيين أن يعيشوا جنباً إلى جنب في دولتين، واحدة لكل منهما، مع التمتع بتدابير متساوية من الأمن والحرية والفرص والكرامة»، طبقاً لما يقوله وزير الخارجية أنتوني بلينكن مراراً وتكراراً، مركزاً على تطلعات الشعبين، ولكن أيضاً على رفع مستويات الضغوط على كل من حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والسلطة الفلسطينية بقيادة الرئيس محمود عباس.

ويعكف المسؤولون الأميركيون منذ أشهر على وضع تصورات وخطط لما يسمونه «بعد غزة»، أو ما يطيب لغيرهم تسميته «اليوم التالي» بعد الحرب، مركزين على عدم وجود بديل من خيار «حل الدولتين»، إسرائيل آمنة تعيش بسلام بجانب ما يمكن أن يُعدّ دولة «فلسطين الجديدة»، على أن تكون «منزوعة السلاح»، وترسم حدودها عند خطوط ما قبل «النكسة» في حرب 5 يونيو (حزيران) 1967، مع ترك هامش للتوافق على تبادل محتمل للأراضي «بالنسبة والمثل» خلال عملية تفاوضية بين الطرفين.

بنيامين نتنياهو وأنتوني بلينكن خلال لقاء سابق بينهما في 7 فبراير الماضي (مكتب الإعلام الحكومي الإسرائيلي - د.ب.أ)

غزة من فلسطين

ويشتبه كثيرون في أن إسرائيل سعت إلى استغلال هجوم «حماس» من أجل «شطب» غزة - عبر تدميرها تماماً - من أي معادلة يمكن أن تؤدي إلى إنشاء دولة فلسطينية. غير أن واشنطن رفضت مبكراً أي محاولة في هذا الاتجاه، فأعلن بلينكن أن القطاع سيكون جزءاً لا يتجزأ من الدولة المستقبلية، فحدد عبر «مبادئ طوكيو»، على هامش اجتماعات مجموعة السبع للدول الغنية في العاصمة اليابانية، في 8 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، أي بعد شهر من هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول)، أن إدارة بايدن تسعى إلى خطوات ملموسة من أجل المضي نحو إنشاء دولة فلسطينية.

وأوضح بلينكن حينها أن العناصر الأساسية لاستعادة السلام «يجب أن تتضمن عدم التهجير القسري للفلسطينيين من غزة - لا الآن ولا بعد الحرب، وعدم استخدام غزة منصةً للإرهاب أو غيره من الهجمات العنيفة»، مضيفاً: «لا إعادة احتلال لغزة بعد انتهاء الحرب، ولا توجد محاولة لحصار أو تطويق غزة، ولا يوجد تقليص لأراضي غزة». وقال أيضاً: «يجب علينا أيضاً أن نضمن عدم صدور أي تهديدات إرهابية من الضفة الغربية»، داعياً إلى أن «يكون قطاع غزة موحداً مع الضفة الغربية تحت قيادة السلطة الفلسطينية».

لم تبدأ «المحادثات حول المستقبل» على الفور كما كان يرغب ثالث أرفع المسؤولين الأميركيين.

إحياء المفاوضات

تسعى إدارة الرئيس جو بايدن إلى إحياء عملية التفاوض بين الفلسطينيين والإسرائيليين بعدما أثبتت حرب غزة أن العالم لا يمكنه احتمال نكبة جديدة، وأنه لا بد من عملية جديّة تقود إلى نيل الشعب الفلسطيني حقه في تقرير مصيره وتطلعاته إلى دولة مستقلة، عاصمتها القدس الشرقية، بناءً على حل الدولتين الذي يعد حجر الأساس لعملية السلام التي تدعمها الولايات المتحدة والتي بشرت بها اتفاقات أوسلو لعام 1993، والتي أدت إلى اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية بحق إسرائيل في الوجود ونبذ العنف وإنشاء السلطة الفلسطينية التي تتمتع بحكم ذاتي محدود في الضفة الغربية وقطاع غزة.

وتبني الإدارة الحالية جهودها ليس فقط على هذا الإنجاز، بل أيضاً على الإفادة من المحاولات الفاشلة، بما في ذلك تلك التي سعى إليها خصوصاً الرئيس السابق بيل كلينتون عام 2000، وبعده الرئيس جورج بوش من دون تحقيق اختراقات أساسية.

الرئيس الفلسطيني محمود عباس في الجمعية العامة للأمم المتحدة (أ.ف.ب)

دولتان منشودتان

الكلام عن إنشاء دولتين؛ إحداهما إسرائيلية والأخرى فلسطينية، بدأ في الثلاثينات من القرن الماضي، أي منذ ما قبل نهاية الاستعمار البريطاني على أرض فلسطين التاريخية.

غير أن قرار التقسيم الرقم 181 الذي اتخذته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 29 نوفمبر (تشرين الثاني) 1947، كان التعبير الأول عن إرادة المجتمع الدولي حيال القضية التي لم تفارق المنظمة الدولية منذ ذلك التاريخ.

ومع ذلك، بقيت حدود الدولة الفلسطينية غير واضحة، ولم تتبلور نهائياً إلا في القمة العربية التي استضافتها مدينة فاس المغربية في سبتمبر (أيلول) 1982، ثم أممياً في القرار 1397 لعام 2002 وفيه يؤكد مجلس الأمن «رؤية تتوخى منطقة تعيش فيها دولتان، إسرائيل وفلسطين، جنباً إلى جنب ضمن حدود آمنة ومعترف بها».

ومنذ ذلك التاريخ، صدرت عشرات القرارات، ومنها 1515 (2003) و1850 (2008) و2334 (2016)، التي تؤكد بأشكال مختلفة على اعتبار «حل الدولتين» أساسياً في تسوية النزاع بين الفلسطينيين والإسرائيليين وعملية السلام في الشرق الأوسط.

لم يأت القراران 242 و338 الشهيران اللذان أصدرهما مجلس الأمن بعد حربي 1967 و1973 على التوالي، بشكل صريح ومحدد على إنشاء دولة فلسطينية، مركزاً بدلاً من ذلك على جهود وقف القتال بين العرب والإسرائيليين، وعلى عدم قانونية الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967. وتكرر ذلك في القرارات 446 و452 (1979) و465 و476 و478 (1980).


مقالات ذات صلة

السويداء: اعتقالات لإفشال تشكيل «تيار موازٍ» لزعامة الهجري

المشرق العربي 
«الهلال الأحمر السوري» يرعى تسليم موقوفين من أهالي السويداء (سانا)

السويداء: اعتقالات لإفشال تشكيل «تيار موازٍ» لزعامة الهجري

كشفت مصادر درزية مطلعة في مدينة السويداء، لـ«الشرق الأوسط»، عن أن حملة الاعتقالات التي نفذها «الحرس الوطني» بحق نحو 10 أشخاص، جاءت بتهمة محاولتهم تنفيذ «انقلاب»

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية القوات الاسرائيلية في بيت بريف دمشق الجمعة الماضية (الجيش الإسرائيلي)

واشنطن تتدخل للتهدئة بين إسرائيل وسوريا وقد ترسل مبعوثين

واشنطن تطلب من إسرائيل التهدئة مع سوريا وترسل مبعوثين قريباً. التحقيقات مع المعتقلين من سوريا تشير إلى تورطهم مع «حماس» و«حزب الله» وإيران

«الشرق الأوسط» (رام الله)
شؤون إقليمية عراقجي مصافحاً فيدان خلال استقباله في طهران (الخارجية التركية)

تركيا وإيران تؤكدان ضرورة الحفاظ على وقف إطلاق النار في غزة

أكدت تركيا وإيران ضرورة الحفاظ على وقف إطلاق النار في غزة ووقف التوسع الإسرائيلي الذي يهدف إلى زعزعة الاستقرار في كل من سوريا ولبنان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي قذيفة إسرائيلية تظهر في بلدة بيت جن بجنوب سوريا بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي في أعقاب عملية عسكرية (أ.ف.ب) play-circle

وزير الإعلام السوري: لا نستطيع مجاراة إسرائيل في استفزازاتها

قال وزير الإعلام السوري، الجمعة، إن سوريا ليست في موقع يسمح لها «بالذهاب إلى ما تريده إسرائيل من خلال استفزازاتها» مؤكدا أن الاستفزاز يتم عبر التوغلات العسكرية.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية دخان يتصاعد إثر غارة جوية إسرائيلية على منطقة الضاحية الجنوبية لبيروت، لبنان، 26 نوفمبر 2024(إ.ب.أ) play-circle

كاتس: لبنان لن ينعم بالهدوء دون ضمان أمن إسرائيل

حذّر وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الأربعاء، من أن لبنان لن ينعم بالهدوء، في حال عدم ضمان أمن إسرائيل، وذلك في وقت يشهد تصعيداً، بعد عام من وقف إطلاق الن

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

الجيش اللبناني: توقيف 6 أشخاص اعتدوا على دورية لـ «اليونيفيل» في الجنوب

قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة تُسيّر دوريةً برفقة قوات الجيش اللبناني في مركبات تابعة لقوة «اليونيفيل» في منطقة البويضة بمرجعيون (أ.ف.ب)
قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة تُسيّر دوريةً برفقة قوات الجيش اللبناني في مركبات تابعة لقوة «اليونيفيل» في منطقة البويضة بمرجعيون (أ.ف.ب)
TT

الجيش اللبناني: توقيف 6 أشخاص اعتدوا على دورية لـ «اليونيفيل» في الجنوب

قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة تُسيّر دوريةً برفقة قوات الجيش اللبناني في مركبات تابعة لقوة «اليونيفيل» في منطقة البويضة بمرجعيون (أ.ف.ب)
قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة تُسيّر دوريةً برفقة قوات الجيش اللبناني في مركبات تابعة لقوة «اليونيفيل» في منطقة البويضة بمرجعيون (أ.ف.ب)

أعلن الجيش اللبناني، اليوم (السبت)، القبض على 6 أشخاص اعتدوا على دورية تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) بطريق الطيري-بنت جبيل جنوب البلاد.

وذكر الجيش، في بيان منشور على منصة «إكس»، أن الاعتداء على قوة «اليونيفيل» تسبب في أضرار بآلية «اليونيفيل»، من دون وقوع إصابات بين أفرادها.

وشدد الجيش على خطورة أي اعتداء على «اليونيفيل»، مؤكداً عدم التهاون في ملاحقة المتورطين.

كما أكد على دور «اليونيفيل» الأساسي في منطقة جنوب الليطاني، والتنسيق الوثيق بينها وبين الجيش، ومساهمتها الفاعلة في إعادة الاستقرار.

وكانت «اليونيفيل» أعلنت أمس في بيان أن إحدى دورياتها في جنوب لبنان تعرضت لإطلاق نار، ولكن دون وقوع إصابات.

وأوضحت أن «ستة رجال على متن ثلاث دراجات نارية اقتربوا من جنود حفظ السلام أثناء دورية قرب بنت جبيل، وأطلق أحدهم نحو ثلاث طلقات نارية تجاه الجزء الخلفي من الآلية، ولم يُصب أحد بأذى».


قوة إسرائيلية تتوغل في بلدة بيت جن بريف دمشق وترهب المدنيين

رجل يقف قرب علم سوري في نقطة مراقبة مرتفعة تطل على دمشق (د.ب.أ)
رجل يقف قرب علم سوري في نقطة مراقبة مرتفعة تطل على دمشق (د.ب.أ)
TT

قوة إسرائيلية تتوغل في بلدة بيت جن بريف دمشق وترهب المدنيين

رجل يقف قرب علم سوري في نقطة مراقبة مرتفعة تطل على دمشق (د.ب.أ)
رجل يقف قرب علم سوري في نقطة مراقبة مرتفعة تطل على دمشق (د.ب.أ)

توغلت قوة إسرائيلية اليوم (السبت)، في بلدة بيت جن بريف دمشق بدبابتين و7 عربات في محيط بلدة بيت جن بريف دمشق، حسبما نقل تلفزيون سوريا.

وأضاف التلفزيون أن القوات الإسرائيلية دخلت سرايا عسكرية سابقة في محيط بيت جن، وفجرت ذخائر قديمة.

كما توغلت القوات الإسرائيلية مجدداً اليوم (السبت)، في منطقة الكروم الغربية بمحيط بلدة بيت جن بريف دمشق الغربي.

وذكرت وكالة الأنباء السورية (سانا) أن «قوة للاحتلال مؤلفة من 3 دبابات و5 آليات توغلت في التقاطع المعروف باسم مفرق باب السد وسرية الدبابات، على الطريق الواصل بين مزرعة بيت جن بريف دمشق، وكل من قرى حضر وجباثا الخشب وطرنجة بريف القنيطرة».

وأشارت إلى أن «قوات الاحتلال أطلقت النار في الهواء بشكل متقطع، بهدف ترهيب رعاة المواشي وإبعادهم عن محيط المنطقة، كما أقامت حاجزاً في الموقع ومنعت المارة من العبور».

ولفتت الوكالة إلى أن «قوات الاحتلال شنت مؤخراً عدواناً على بلدة بيت جن، ما أدى إلى استشهاد 13 مدنياً وإصابة العشرات، بينما توغلت قوات الاحتلال أمس، في بلدات صيدا الحانوت وبئر عجم وبريقة بريف القنيطرة الجنوبي».

وطبقاً للوكالة، «تواصل إسرائيل سياساتها العدوانية وخرقها لاتفاق فض الاشتباك عام 1974، عبر التوغل في أرياف دمشق والقنيطرة ودرعا والاعتداء على المواطنين»، مشيرة إلى أن «سوريا تطالب باستمرار بخروج الاحتلال الإسرائيلي من الأراضي السورية، وتدعو المجتمع الدولي إلى الاضطلاع بمسؤولياته وردع ممارسات الاحتلال العدوانية».


سلام يلتقي الشرع وتأكيد على تطوير العلاقات الثنائية

سلام ملتقياً الشرع (رئاسة الحكومة على «إكس»)
سلام ملتقياً الشرع (رئاسة الحكومة على «إكس»)
TT

سلام يلتقي الشرع وتأكيد على تطوير العلاقات الثنائية

سلام ملتقياً الشرع (رئاسة الحكومة على «إكس»)
سلام ملتقياً الشرع (رئاسة الحكومة على «إكس»)

التقى رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام، الرئيس السوري أحمد الشرع، في مستهل «منتدى الدوحة»، اليوم (السبت).

وبحسب بيان صادر عن رئاسة الحكومة، فإنه خلال اللقاء تم التركيز على سبل تعزيز التعاون وتطوير العلاقات الثنائية بين لبنان وسوريا.

ويأتي لقاء سلام مع الشرع ضمن جهود دبلوماسية متواصلة لتعزيز العلاقات الثنائية بين لبنان وسوريا.

ويُعد «منتدى الدوحة» منصة إقليمية مهمة لتبادل وجهات النظر حول القضايا الثنائية والإقليمية، حيث يشارك فيه مسؤولون كبار لمناقشة آليات التعاون المشترك وتعزيز الروابط بين الدول العربية.