رفض الفلسطينيون خطة نشر قوات دولية وعربية في قطاع غزة بعد انتهاء الحرب الحالية هناك. وبينما قال الرئيس محمود عباس إن دولة فلسطين يجب أن تتسلم مهامها في غزة على غرار الضفة الغربية، وصفت فصائل فلسطينية الخطة التي يناقشها الأميركيون والإسرائيليون، بأنها وهم وسراب، وهددت بالتعامل مع أي قوة متعددة في غزة، بوصفها قوة احتلال.
وقال عباس في إشارة إلى رفضه الخطة: «إن المجتمع الدولي يجب أن يتدخل من أجل إنهاء المعاناة الإنسانية في قطاع غزة، ووقف الحرب الإسرائيلية، وسحب القوات الإسرائيلية بشكل كامل من القطاع، واستلام دولة فلسطين مهامها في غزة كما هو في الضفة».
وجاءت تصريحات عباس رداً، كما يبدو، على مساعي إسرائيل تشكيل قوة حفظ سلام دولية في قطاع غزة بعد الحرب.
وأكدت وسائل إعلام إسرائيلية أن وزير الدفاع يوآف غالانت أبلغ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأنه أحرز تقدماً في هذا الشأن خلال زيارته لواشنطن قبل أيام.
ويدور الحديث عن قوة ستتشكل من قوات 3 دول عربية مختلفة لم تجرِ تسميتها، بحيث تتولى الولايات المتحدة إدارة القوة، لكن دون وجود قوات أميركية على الأرض.
وذكرت التقارير أن الولايات المتحدة تدعم الفكرة. ومن المرجح أن تكون القوة مسلحة للحفاظ على القانون والنظام، وستعمل مع سكان غزة الذين ليس لهم صلات بـ«حماس»، وهم شخصيات مرتبطة ظاهرياً بالسلطة الفلسطينية.
وذكرت التقارير أن الدعم الأميركي مشروط ببدء إسرائيل تنفيذ خطة ما بعد الحرب لإعادة إعمار غزة.
وقال مسؤول إسرائيلي لموقع «والا» الإخباري إن «إسرائيل مهتمة بتطوير قوة عسكرية مكونة من دول عربية لحل مشكلة نهب قوافل المساعدات الإنسانية، ولمنع أي خطر مجاعة في قطاع غزة، وكذلك لتمكين بناء بديل فلسطيني لنظام (حماس) في غزة».
وأضاف أن «خطوة كهذه ستؤدي إلى إنشاء هيئة حكم في المنطقة غير (حماس)، وستحل لإسرائيل مشكلة متنامية مع الولايات المتحدة فيما يتعلق بالوضع الإنساني في غزة».
وأكد المسؤول أن «غالانت ناقش إمكانية إنشاء مثل هذه القوة المتعددة الجنسيات خلال محادثاته مع وزير الدفاع الأميركي (لويد) أوستن وفي محادثاته مع مسؤولين آخرين رفيعي المستوى كجزء من الترويج لخطة لفترة ما بعد الحرب».
وبموجب هذه الخطة، ستحتفظ إسرائيل بسيطرتها العسكرية الكاملة على غزة في الوقت الحالي، ولكن لن يكون لها وجود مدني هناك، وستجري إدارة الشؤون المدنية في القطاع من قبل فلسطينيين ليسوا معادين لإسرائيل. علاوة على ذلك، تدعو الخطة إلى تحقيق الاستقرار في القطاع بعد الحرب بمساعدة قوة متعددة الجنسيات.
وتركز الخطة على أن وجود القوة سيكون مؤقتاً، وأن المهمة الأولية للقوة الدولية هي حراسة قوافل الشاحنات التي تحتوي على المساعدات الإنسانية، وكذلك تأمين رصيف المساعدات البحري الذي من المقرر أن تبنيه الولايات المتحدة قبالة سواحل القطاع، ومن المتوقع أن يكون جاهزاً في غضون نحو شهر.
وطلب غالانت من الولايات المتحدة التعاون في الترويج لإنشاء هذه القوة المتعددة الجنسيات، وأكد للأميركيين أن ذلك يتطلب دعماً سياسياً ومادياً وليس إرسال جنود أميركيين إلى غزة.
وقال موقع «والا» إن كبار مسؤولي الجيش الإسرائيلي ووزارة الدفاع ناقشوا القضية في الأسابيع الأخيرة مع ممثلي 3 دول عربية، كما طرح الأمر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن مع وزراء خارجية دول عربية عدة في القاهرة.
ولم يتضح فوراً إذا ما كانت دول عربية مستعدة للمشاركة في هذه القوة، لكن تم إبلاغ الولايات المتحدة أن أي مشاركة عربية على أي صعيد لن تتم إلا في سياق سياسي يقود إلى حل الدولتين.
وقال موقع «واينت» الإخباري إن تقدماً جرى تحقيقه في المحادثات بين الولايات المتحدة والدول العربية التي لم يُذكر اسمها، نتيجة زيارات قام بها مسؤولو دفاع إسرائيليون إلى هذه الدول ومحادثات مع الحكومة الأميركية والقيادة المركزية للولايات المتحدة.
وقالت صحيفة «هآرتس»، من جهتها، إنه لم يجرِ التوصل بعد إلى اتفاق حول كيفية تسليح القوة.
وتدعم التقارير تقريراً سابقاً لصحيفة «بوليتيكو» هذا الأسبوع جاء فيه أن «البنتاغون» في مراحل أولى من محادثات بشأن خطط محتملة لتمويل قوة حفظ السلام.
وقالت «القناة 12» الإسرائيلية إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كان معارضاً للفكرة، لكن غالانت أشار إلى أنها الخيار الأفضل المتاح.
وترفض السلطة الفلسطينية وجود أي قوات أجنبية وقد أبلغت موقفها للولايات المتحدة سلفاً. وكان رئيس حكومة تسيير الأعمال الفلسطينية محمد أشتية أعلن، الأسبوع الماضي، رفض الفلسطينيين «أي وجود أجنبي على أرض غزة، مهما كانت جنسيته وأشكاله ونياته ودوافعه». كما رفضت فصائل فلسطينية بما فيها «حماس» و«الجهاد الإسلامي»، وجود أي قوات غير فلسطينية في غزة.
وقال بيان صادر عن لجنة المتابعة للقوى الوطنية والإسلامية في قطاع غزة، وزعته حركة «حماس»، إن هذه القوات غير مقبولة، وسيجري التعامل معها بوصفها قوة احتلال. وجاء في البيان: «حديث قادة الاحتلال حول تشكيل قوة دولية أو عربية لقطاع غزة هو حديث وهم وسراب، وأن أي قوة تدخل لقطاع غزة هي مرفوضة وغير مقبولة وهي قوة احتلالية، وسنتعامل معها وفق هذا التوصيف».
كما ثمّن البيان موقف الدول العربية التي رفضت المشاركة والتعاون مع «مقترح قادة الاحتلال».
وقالت الفصائل الفلسطينية إن إدارة الواقع الفلسطيني هي شأن وطني فلسطيني داخلي «لن نسمح لأحد بالتدخل فيه».
وتقسم حكومة فلسطينية جديدة، يقودها محمد مصطفى، اليمين الدستورية أمام الرئيس عباس، الأحد، بعدما صادق عليها، نهاية الأسبوع الماضي، وتضم كفاءات مهنية.
وشكَّل عباس الحكومة رداً على مطالبات بالإصلاح من أجل تمكين السلطة من تسلم قطاع غزة. وحدد عباس للحكومة مهام عدة بينها قيادة وتنسيق جهود الإغاثة في قطاع غزة، والانتقال من مرحلة الإغاثة الإنسانية إلى الانتعاش الاقتصادي، ومن ثم تنظيم ملف إعادة الإعمار، وإعادة البناء لما دمرته الحرب الإسرائيلية، وإعادة توحيد المؤسسات كوحدة جغرافية وسياسية ووطنية ومؤسساتية واحدة، والتحضير لإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية.
ورحبت وزارة الخارجية الأميركية، بتشكيل الحكومة الفلسطينية التاسعة عشرة، برئاسة محمد مصطفى.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر: «نرحب بتشكيل السلطة الفلسطينية لحكومة جديدة تخدم الشعب الفلسطيني، وتتطلع الولايات المتحدة إلى العمل معها لتعزيز السلام والأمن والازدهار». وأضاف «إن إعادة تنشيط السلطة الفلسطينية أمر ضروري لتحقيق نتائج للشعب الفلسطيني في كل من الضفة الغربية وغزة وتهيئة الظروف للاستقرار في المنطقة الأوسع».
لكن قادة «حماس» والفصائل الفلسطينية رفضوا تشكيل الحكومة دون التشاور معهم، ما يعقّد عملها في غزة.