وزراء غزة في الحكومة الفلسطينية الجديدة يصلون إلى رام الله لأداء اليمين

ترحيب أميركي وأوروبي ودولي وتعهد بالتعاون والدعم

فلسطينية في الأقصى خلال صلاة الجمعة الثالثة من رمضان (إ.ب.أ)
فلسطينية في الأقصى خلال صلاة الجمعة الثالثة من رمضان (إ.ب.أ)
TT

وزراء غزة في الحكومة الفلسطينية الجديدة يصلون إلى رام الله لأداء اليمين

فلسطينية في الأقصى خلال صلاة الجمعة الثالثة من رمضان (إ.ب.أ)
فلسطينية في الأقصى خلال صلاة الجمعة الثالثة من رمضان (إ.ب.أ)

وصل إلى رام الله، اليوم (الجمعة)، الوزراء الثمانية الذين يمثلون قطاع غزة في الحكومة الفلسطينية الجديدة برئاسة محمد مصطفى، وذلك لغرض أداء اليمين الدستورية المتوقع أن يتم يوم الأحد في مقر الرئاسة الفلسطينية.

وقد لفت النظر أن السلطات الإسرائيلية، التي تتخذ موقفاً سلبياً من السلطة الفلسطينية، وأعلنت أن تعيين حكومة جديدة لا يغيّر شيئاً في موقفها منها، لم تعترض على دخولهم رام الله، مع أنها تتحكم في جميع الطرقات في الضفة الغربية وتسيطر على جميع مداخل المدينة. وتطالب الرئاسة الفلسطينية المجتمع الدولي الذي رحّب بهذه الحكومة، بأن يمارس ضغوطاً على الحكومة الإسرائيلية كي تمتنع عن وضع عراقيل أمام نجاح عملها.

وبحسب مصادر فلسطينية، صادق الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، على منح الثقة لحكومة مصطفى، متجاهلاً موقف كثير من الفصائل الفلسطينية التي انتقدته على التفرد بهذا القرار. وأصدر قراراً بقانون يمنح الثقة للحكومة التاسعة عشرة، وأصدر مرسوماً بشأن اعتماد تشكيلتها، كون البرلمان الفلسطيني مشلولاً. ودعا عباس الوزراء لتأدية اليمين الدستورية أمامه.

وزراء الحكومة الفلسطينية الجديدة يستعدون لأداء اليمين أمام الرئيس محمود عباس في رام الله الأحد (د.ب.أ)

وكان محمد مصطفى قد عرض على الرئيس عباس برنامج عمل الحكومة في مواجهة التحديات الجديدة التي فرضتها الحرب العدوانية على غزة والضفة الغربية. وأكد برنامج الحكومة أنّ المرجعية السياسية للحكومة هي منظمة التحرير الفلسطينية، وبرنامجها السياسي، والتزاماتها الدولية، وكتاب التكليف الموجه من عباس للحكومة. وتضمن برنامج الحكومة العمل على إيلاء الوضع الإنساني أولوية قصوى، بما يشمل وضع خطة شاملة للمساعدات الإنسانية والإغاثة الفورية للأهل في قطاع غزة، والتعافي وإعادة الإعمار في كل من القطاع والضفة وتركيز الجهود الهادفة إلى تثبيت واستقرار الوضع المالي وانعكاسه على الاستقرار الاقتصادي.

كما يشمل البرنامج خططاً للإصلاح المؤسسي، وإعادة الهيكلة وتوحيد المؤسسات، ومحاربة الفساد، ورفع مستوى الخدمات والتحول الرقمي، وتوحيد المؤسسات وإعادة هيكلة المؤسسات بين شطري الوطن. ويشمل أيضاً بنداً حول سيادة القانون، وتعزيز نزاهة القطاع المالي، بما فيه تمكين الجهاز القضائي، وتعزيز الأمن والأمان، وضمان الحريات العامة. كذلك تضمن تعزيز الصمود في القدس المحتلة والأغوار والمناطق المهمشة، ومواصلة العمل على الحفاظ على المقدسات المسيحية والإسلامية في المدينة، ووضع الخطط والبرامج لإعادة ربط المدينة بالكلّ الفلسطيني.

فلسطينيات قرب مسجد قبة الصخرة خلال صلاة الجمعة الثالثة من رمضان (أ.ف.ب)

يشار إلى أن الوجوه الجديدة من التكنوقراط طغت على تشكيلة الحكومة الجديدة، فيما غابت عن التشكيلة كل الأسماء القديمة التي سيطرت على الساحة السياسية في الضفة الغربية لسنوات طويلة، باستثناء وزير الداخلية زياد هب الريح، المحسوب على حركة «فتح»، التي يتزعمها الرئيس عباس، الذي كان الوزير القديم الوحيد الذي احتفظ بمنصبه. ونشرت وكالة الأنباء الفلسطينية «وفا» قائمة بأسماء وزراء الحكومة الـ19، ويتضح منها أنها تضم 23 وزيراً نزولاً من 26 وزيراً بالحكومة الحالية برئاسة د. محمد أشتية، ومن أهم ملامحها طابعها البعيد عن الحزبية إلى حد كبير، حيث غلب على تشكيلتها الوزراء التكنوقراط، باستثناء الوزير زياد هب الريح. وسبق أن شغل هب الريح منصب رئيس جهاز الأمن الوقائي، الذي يعد واحداً من الأجهزة الأمنية الهامة التابعة لمكتب الرئيس الفلسطيني.

أما رئيس الحكومة الجديدة محمد مصطفى، فليس عضواً في حركة «فتح»، لكنه مقرب من الرئيس عباس. وهو عضو مستقل في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، وشغل عدداً من المناصب في حكومات سابقة، إضافة إلى رئاسة صندوق الاستثمار الفلسطيني أحد مؤسسات منظمة التحرير منذ عام 2015. واحتفظ مصطفى، في هذه الحكومة أيضاً بمنصب وزير الخارجية.

فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة في باحات المسجد الإبراهيمي بالخليل اليوم (رويترز)

وتعد كل الأسماء في الحكومة جديدة باستثناء زياد هب الريح، فيما غابت عنها أسماء سيطرت على الساحة السياسية في الضفة لسنوات طويلة. ومن أبرز تلك الأسماء وزير الخارجية رياض المالكي، الذي احتفظ بهذا المنصب منذ عام 2009، قبل أن يتم استبعاده من الحكومة الجديدة. وتم استبعاد وزير المالية شكري بشارة، الذي ظل يشغل المنصب منذ 2013. وعلى صعيد استحداث أو دمج أو إلغاء وزارات، شهدت الحكومة الجديدة دمج حقيبة وزارة التربية والتعليم مع التعليم العالي لتصبح وزارة واحدة بمسمى «وزارة التربية والتعليم العالي». فيما تم إلغاء حقيبة وزارة الريادة التي استُحدثت في الحكومة السابقة، والتي كانت معنية بالمبادرات الريادية. كذلك، لم تشمل التشكيلة المعلنة حقيبة لوزارة الإعلام، ولا يُعرف بعد ما إذا كان سيتم تكليف وزير بها أم سيتم دمج مهامها في حقيبة أخرى.

وبخصوص الحقائب الجديدة، تم تعيين وزيرة دولة لشؤون وزارة الخارجية والمغتربين لأول مرة، هي فارسين أوهانس فارتان أغابكيان. كما تم استحداث منصب وزير دولة لشؤون الإغاثة، التي يبدو أنها فرضتها الأوضاع المأسوية الحالية في قطاع غزة في ظل الحرب الإسرائيلية. وجرى استحداث وزارة للصناعة، وتغيير اسم وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات إلى «وزارة الاتصالات والاقتصاد الرقمي».

أما العنصر النسائي في تلك الوزارة فحافظ على نفس نسبته التي كانت في حكومة أشتية، إذ ضمت 3 وزيرات لحقائب العمل، وشؤون المرأة، ووزارة الدولة لشؤون وزارة الخارجية والمغتربين. كذلك ضمت الحكومة الجديدة 8 وزراء من قطاع غزة.

وقد رحّبت «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأوروبي» وعدد من دول العالم، بتكليف الدكتور محمد مصطفى، بتشكيل الحكومة الفلسطينية الجديدة. فقال منسق الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط، تور وينسلاند، في منشور على منصة «إكس»: «أتطلع إلى مواصلة العمل بشكل وثيق مع الرئيس محمود عباس، ورئيس الوزراء الجديد وفريقه، لمعالجة التحديات الإنسانية والسياسية والاقتصادية في الأرض الفلسطينية المحتلة. وفي مثل هذا الوقت المضطرب الذي يمر به المشروع الوطني الفلسطيني، فإنني أشجع كل الجهود المبذولة للتغلب على التحديات الحالية، بما في ذلك الانقسامات الداخلية».

ورحب منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيف بوريل، بتشكيل الحكومة. وقال، في بيان له، اليوم (الجمعة)، إنه «في هذه اللحظة الحرجة التي يعاني فيها الشعب الفلسطيني من معاناة عظيمة. الآن أكثر من أي وقت مضى، يحتاج الشعب الفلسطيني إلى مؤسسات مُحكمة الإدارة تقدم الخدمات المطلوبة بشدة في هذه الأوقات العصيبة. نتطلع إلى مواصلة تعاوننا مع الحكومة الجديدة، بما في ذلك التعامل مع الوضع المأساوي في غزة، والعمل على إصلاحات رئيسية نحو مؤسسات ديمقراطية أقوى، وحكومة تعمل لصالح الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وغزة». وأضاف: «لقد كانت ولا تزال السلطة الفلسطينية شريكاً مهماً للاتحاد الأوروبي، أيضاً من أجل مستقبل غزة. سيستمر الاتحاد الأوروبي في كونه مانحاً رئيسياً للسلطة الفلسطينية وللشعب الفلسطيني، بهدف تعزيز بناء الدولة الفلسطينية بما يتماشى مع هدف حل الدولتين المتفاوض عليه».

فلسطينيون ينتظرون الحصول على إذن عبور لأداء صلاة الجمعة في المسجد الأقصى اليوم الجمعة (أ.ف.ب)

ورحّب مجلس الأمن القومي الأميركي بتكليف الدكتور محمد مصطفى تشكيل الحكومة الفلسطينية الجديدة. كما رحّبت روسيا، خلال اتصال هاتفي جرى بين أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ، ومبعوث الرئيس الروسي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف. وقالت وزارة الخارجية الألمانية، في بيان لها: «إن تعيين محمد مصطفى رئيساً جديداً لوزراء السلطة الفلسطينية يعد خبراً جيداً، إننا ندعم السلطة الفلسطينية ونعمل معاً بشكل وثيق»، مؤكدة أن حلّ الدولتين وحده هو الذي سيؤدي إلى السلام في الشرق الأوسط.

وفي باريس، قالت وزارة الخارجية الفرنسية إن «فرنسا تطلع للعمل مع الحكومة الفلسطينية الجديدة بشكل وثيق للاستجابة للتحديات الطارئة الكثيرة في كامل الأراضي الفلسطينية المحتلة، وبخاصة قطاع غزة». كما رحّب وزير خارجية المملكة المتحدة ديفيد كاميرون، قائلاً إن تشكيل حكومة فلسطينية جديدة للضفة الغربية وقطاع غزة، مصحوبة بحزمة دعم دولية، يشكّل أحد العناصر الحيوية لتحقيق سلام دائم.


مقالات ذات صلة

«آر بي جي» في مواجهات مخيم جنين الداخلية... تفاجئ إسرائيل و«تثير قلقها»

المشرق العربي تصاعد الدخان من احد المنازل يعد هحوم لقوات الأمن الفلسطينية ب ضد مسلحين في مخيم جنين للاجئين في الضفة الغربية المحتلة (أ.ب)

«آر بي جي» في مواجهات مخيم جنين الداخلية... تفاجئ إسرائيل و«تثير قلقها»

تؤكد السلطة أنها ستسيطر على المخيم، ويقول المسلحون إن «ما فشلت فيه إسرائيل ستفشل فيه السلطة».

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي سيارة شرطة تسير خلال مهمة لقوات الأمن الفلسطينية في مخيم جنين بالضفة الغربية... 21 ديسمبر 2024 (رويترز)

مقتل شرطي فلسطيني خلال الاشتباكات المتواصلة بين الأمن ومسلحين في جنين

قُتل شرطي فلسطيني برصاص مسلحين فلسطينيين خلال الاشتباكات المتواصلة بين أجهزة الأمن ومسلحين في مخيم جنين في شمال الضفة الغربية منذ 18 يوما.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
العالم العربي رجال أمن فلسطينيون يتخذون مواقعهم خلال مواجهات مع مسلحين في مخيم جنين بالضفة الغربية (د.ب.أ)

ضحايا بينهم قتيل في الحرس الرئاسي الفلسطيني في «مواجهات جنين»

أخذت الاشتباكات الداخلية الفلسطينية في مخيم جنين بمدينة جنين شمال الضفة الغربية، منحى خطيراً، بعدما قتل مسلحون عنصراً في الحرس الرئاسي الفلسطيني.

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي عناصر من الأجهزة الأمنية الفلسطينية في مخيم جنين (د.ب.أ)

مقتل عنصر أمن فلسطيني وإصابة اثنين آخرين في اشتباك بجنين

أعلنت قوى الأمن الفلسطيني، الأحد، مقتل أحد عناصرها وإصابة اثنين آخرين في إطلاق نار في جنين بشمال الضفة الغربية.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي الشرطة الفلسطينية تفرق متظاهرين يحتجون على الاشتباكات بين قوات الأمن والمسلحين في مدينة جنين... السبت (أ.ف.ب)

«السلطة» الفلسطينية تعمّق عمليتها في مخيم جنين: لا تراجع ولا تسويات 

بدأت السلطة الفلسطينية، قبل نحو أسبوعين، عمليةً واسعةً ضد مسلحين في مخيم جنين، في تحرك هو الأقوى منذ سنوات طويلة، في محاولة لاستعادة المبادرة وفرض السيادة.

كفاح زبون (رام الله)

قصور «قرى الأسد»... أناقة دولة الجريمة المنظمة

شعار القيادة العامة للعمليات العسكرية في صالون منزل رئيس الاستخبارات العسكرية الهارب (الشرق الأوسط)
شعار القيادة العامة للعمليات العسكرية في صالون منزل رئيس الاستخبارات العسكرية الهارب (الشرق الأوسط)
TT

قصور «قرى الأسد»... أناقة دولة الجريمة المنظمة

شعار القيادة العامة للعمليات العسكرية في صالون منزل رئيس الاستخبارات العسكرية الهارب (الشرق الأوسط)
شعار القيادة العامة للعمليات العسكرية في صالون منزل رئيس الاستخبارات العسكرية الهارب (الشرق الأوسط)

لسنوات، ظلت قصور «قرى الأسد» ومنازلها الفاخرة أشبه بـ«محمية» للحلقة الضيقة حول الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد وزوجته أسماء من رجال أعمال وقادة أمنيين وعسكريين برتب رفيعة.

لكن بعد سقوط النظام، باتت المنطقة الواقعة غرب دمشق، في عهدة السلطة الجديدة التي نشرت فصائل مسلحة لحمايتها من السرقة أو محاولات إحراق الوثائق، كما جرى في قصر يسار إبراهيم الذي يوصف بأنه الذراع المالية للسيدة الأولى السابقة.

ولا تبدو على المسلحين المكلفين حراسة القصور أي علامات اهتمام بتفاصيلها الفاخرة من مسابح وصالات رياضة حديثة وأثاث مستورد. فكل ذلك بالنسبة إليهم دليل إضافي على حياة البذخ التي عاشها رجال السلطة على حسابهم.

ويقول أحدهم لـ«الشرق الأوسط»: «عندما يدخل جيشهم إلى منزلنا ومناطقنا لا يتركون أبواباً أو بلاطاً أو حديداً أو شرائط كهربائية داخل الجدران. يقومون بـ(التعفيش) المنهجي؛ فلا يبقى من بيوتنا إلا هياكل عظمية... هل كانوا فعلاً يحتاجون إلى ذلك؟».

وخلال جولة لـ«الشرق الأوسط» في المنطقة، رصدت عدداً من علامات الهروب المرتبك لقاطني هذه القصور. ففي منزل اللواء الركن كمال علي حسن، رئيس شعبة المخابرات العسكرية، على سبيل المثال، تنتصب شجرة ميلاد نصف مزينة وسط الصالون الكبير، توحي بأن العائلة رحلت على عجل قبل الانتهاء من مهمة التزيين.