منعت قوات الجيش والشرطة في إسرائيل، منذ ساعات صباح الجمعة، وصول آلاف المصلين إلى المسجد الأقصى المبارك، لأداء صلاة الجمعة الأولى من شهر رمضان، ومنعت دخول الطواقم الطبية أيضاً، وذلك بدعوى صد محاولات تفجير الوضع الأمني. واقتصر عدد المصلين على سكان القدس الشرقية ومواطني إسرائيل المسلمين (فلسطينيي 48) وعدد قليل من سكان الضفة الغربية.
وأقامت قيادة الشرطة «غرفة عمليات» في باحة حائط البراق، المحاذي للمسجد الأقصى، بحضور وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، والقائد العام للشرطة، يعقوب شبتاي، وقائد لواء المنطقة الوسطى في الجيش، يهودا فوكس، للإشراف على عمليات الوصول إلى الأقصى، بقرار حاسم ألا يتعدى عدد المصلين 100 ألف، علماً بأن عدد المصلين في أول جمعة من رمضان كان يتعدى ربع المليون، وفي بعض السنوات بلغ نصف مليون مصلٍّ. ومع أن دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس أعلنت أن عدد المصلين بلغ 80 ألفاً، واتهمت السلطات الإسرائيلية بعرقلة وصولهم من الضفة الغربية، فقد أعلن قائد الشرطة أن عددهم بلغ 40 ألفاً. وفي بيان رسمي للشرطة جاء أن عددهم بلغ 30 ألفاً. وتباهت الشرطة بأن الصلاة انتهت من دون توتر أو حوادث غير عادية.
وتبين أن الشرطة والمخابرات بدأت قبل حلول شهر رمضان عمليات الإعداد لهذا اليوم، من خلال رصد من تسميهم «محرضين» في الشبكات الاجتماعية، واعتقال عدد منهم، وحذفت من الشبكات أخباراً ملفقة، بينها خبر جاء فيه أن «سلطات الاحتلال نصبت حواجز حديدية على أبواب المسجد الأقصى المبارك، وتحديداً عند أبواب الملك فيصل، والغوانمة، والحديد، في مسعى لفرض مزيد من السيطرة على دخول المصلين، والسيطرة على الطرقات وعدم السماح لحرية العبادة بشكل طبيعي في المسجد الأقصى». ونفت الشرطة هذا النبأ.
كما استدعت الشرطة الإسرائيلية للتحقيق عشرات المرابطين، وحذرتهم، وأصدرت أوامر بإبعاد عدد من المرابطين والمرابطات عن الحرم. وفي ليلة الخميس – الجمعة، عملت على تخفيض عدد المشاركين في صلاة التراويح. واعتدت على مجموعة من الشباب الذين احتجوا على منعهم من المشاركة فيها. ومنذ ساعات الفجر من يوم الجمعة، الأولى في رمضان، نصبت السلطات الإسرائيلية عدداً من الحواجز العسكرية، بين الضفة الغربية والقدس الشرقية، إضافة للحواجز القائمة أصلاً، وفرضت قيوداً مشددة خصوصاً على سكان الضفة الغربية، وأعادت غالبيتهم، ومنعتهم من الوصول إلى المدينة. واعترفت الشرطة بأن عدد المصلين من سكان الضفة الغربية الذين حضروا إلى القدس، وشاركوا في صلاة الجمعة لم يزد على 6500 مصلٍّ، كلهم حملوا تصاريح رسمية من الجيش الإسرائيلي.
وأفاد شهود بأن قوات الجيش والشرطة والمخابرات الإسرائيلية انتشرت بشكل كبير في محيط حواجز قلنديا شمال القدس، والزيتونة شرقها، وبيت لحم جنوبها، وأعادت آلاف المصلين، ولم تسمح لهم بالوصول إلى المسجد الأقصى، بحجة عدم حصولهم على التصاريح اللازمة. كما نشرت الآلاف من عناصر الشرطة في أزقة البلدة القديمة من القدس، وفي محيط المسجد الأقصى وعند بواباته. وأكّدت «جمعية الهلال الأحمر» أن «قوات الاحتلال تمنع جميع طواقم الإسعاف بكل المؤسسات الطبية في القدس من الدخول للمسجد الأقصى» وأن عدداً من عناصر قوات الاحتلال اعتدت على طواقمها وجميع الطواقم الطبية القادمة لتقديم خدمات للمصلين داخل المسجد الأقصى.
وقالت رانية أبو صفية (48 عاماً) من مدينة رام الله، إن السلطات الإسرائيلية منعتها من دخول القدس بحجة أن عمرها يقل عن 50 عاماً، وهو الجيل المسموح له بالدخول. وأضافت: «ننتظر شهر رمضان كل عام للدخول إلى مدينة القدس والصلاة، اليوم منعنا جراء القيود المفروضة. نحن جئنا للصلاة فقط، أين حرية الحركة وحرية العبادة؟! نمنع من الوصول إلى المقدسات في شهر العبادات». وأعربت أبو صفية عن اعتقادها أن «إسرائيل تعمل على تفريغ المسجد الأقصى ومدينة القدس من المسلمين، في محاولة منها لفرض واقع جديد والسيطرة عليها».
وقال المسن صادق فيل (71 عاماً)، وهو من بلدة حوارة قرب نابلس، ومُنع من دخول القدس: «أعادوني عن الحاجز العسكري بدعوى عدم حصولي على بطاقة ممغنطة (بطاقة إلكترونية أمنية) وتصريح صلاة. بهذا العمر يطلبون مني تصريحاً. فأين التسهيلات التي تحدثوا عنها في الإعلام؟ الأقصى عقيدة وجزء من كيان كل مسلم، فكيف يحرموننا منه؟ هذه أول سنة أمنع فيها من دخول القدس في شهر رمضان، أشعر كأنني تلقيت صفعة».
وعلى حاجز عسكري قرب بيت لحم جنوب الضفة الغربية، قال أحمد محاميد (65 عاماً): «مُنعت من دخول الحاجز والوصول إلى مدينة القدس بدعوى عدم حيازة تصريح. نحن كبار السن عادة ندخل من دون تصريح، اليوم تُفرض إجراءات أمنية مشددة، ونُمنع من الوصول إلى الأقصى». وتابع: «الأمر تعجيزي وانتقام من الشعب الفلسطيني، يريدون منع الوصول إلى القدس والاستفراد فيه».
وأفادت مصادر فلسطينية بأن قوات الاحتلال الإسرائيلي، شددت من إجراءاتها العسكرية أيضاً بالقرب من الحرم الإبراهيمي في الخليل، في الجمعة الأولى من شهر رمضان الفضيل. فأقامت حواجز وسيرت دوريات في البلدة القديمة وفي الشوارع المؤدية إلى الحرم الإبراهيمي، وفتشت المواطنين، ودققت في هوياتهم عند مدخل الحرم، كما هاجم مستوطنون المواطنين المتجهين إلى الحرم لأداء الصلاة على حاجز «أبو الريش» العسكري، ومنعوهم من الوصول، فاضطروا لإيجاد طرق بديلة.