قاضٍ كردي يحتجّ وينسحب من المحكمة الاتحادية العراقية

قال إنه «عجز عن وقف قرارات استهداف كيان كردستان ومصالح مواطنيه»

القاضي عبد الرحمن زيباري
القاضي عبد الرحمن زيباري
TT

قاضٍ كردي يحتجّ وينسحب من المحكمة الاتحادية العراقية

القاضي عبد الرحمن زيباري
القاضي عبد الرحمن زيباري

بعد ساعات من موافقة المحكمة الاتحادية في العراق على صرف رواتب موظفي إقليم كردستان لشهر فبراير (شباط) الماضي، أعلن أحد قضاتها الكرد انسحابه من المحكمة احتجاجاً على سلسلة قرارات «اتخذتها ضد إقليم كردستان».

وقالت المحكمة الاتحادية، في بيان صحافي، إنها «صرفت رواتب فبراير، لكنّ رواتب مارس (آذار) الحالي مشروطة بالتوطين في مصارف معتمدة من حكومة بغداد».

وفي وقت لاحق، أعلن القاضي الكردي في المحكمة الاتحادية، عبد الرحمن زيباري، انسحابه من أعلى سلطة قضائية في البلاد احتجاجاً على سلسلة القرارات التي اتخذتها المحكمة ضد إقليم كردستان.

وقال القاضي زيباري، في مؤتمر صحافي عقده في أربيل، الثلاثاء: «لقد وجدت نفسي في موقع أصبحت فيها جهودي، وإمكاناتي العلمية والمهنية عاجزة عن تحقيق غايتها في الدفاع عن مصالح إقليم كردستان بصفته إقليماً دستورياً معترفاً به في كثير من مواد الدستور الاتحادي».

وعزا القاضي سبب انسحابه إلى «ما لمسه من وجود نزعة في قرارات المحكمة المتتالية نحو العودة التدريجية إلى أُسس النظام المركزي للحكم، والابتعاد عن أُسس ومبادئ النظام الاتحادي من خلال توسيع نطاق الصلاحيات الحصرية للسلطات الاتحادية».

صورة نشرتها المحكمة الاتحادية لإحدى جلساتها في فبراير الماضي (إعلام القضاء)

دستور جامد

وأضاف زيباري أن «المحاكم الدستورية في جميع الأنظمة السياسية التي تتبنى النظام الفيدرالي الاتحادي هي ضمانة لحماية وترسيخ هذا النظام وحفظ التوازن بين السلطات الاتحادية وسلطات الولايات أو الأقاليم ومنع تجاوز كل مستوى من مستويات الحكم على صلاحيات المستوى الآخر».

وأوضح أن «منطق الأشياء يقتضي أن يكون حرص المحكمة الدستورية في أي بلد على حماية سلطات الأقاليم أو الولايات أكبر من حرصها على السلطات الاتحادية لأن هذه الأخيرة وبحكم طبيعتها وطبيعة صلاحياتها في موقع أقوى من سلطات الأقاليم. غير أن ما لمسته هو عكس ذلك كما أشرت إلى ذلك آنفاً».

وأكد القاضي الكردي أن «الدستور العراقي لسنة 2005 من الدساتير الجامدة التي حرص المشرع الدستوري أو الآباء المؤسسون على إخضاع تعديله لإجراءات معقَّدة حمايةً للمبادئ الدستورية المتفق عليها، ولحقوق جميع الأطراف والمكونات وجميع مستويات الحكم»، مستدركاً بالقول: «إن ما لمسته في اتجاهات وقرارات المحكمة الاتحادية وتفسيراتها لنصوص الدستور في كثير من الدعاوى هو الاتجاه نحو التفسير الواسع الخارج عن السياق والذي قد يصل إلى مستوى التعديل الدستوري».

وبيَّن زيباري أنه «بالنظر لعدم سن وتشريع قانون جديد للمحكمة وفق ما تقتضيه المادة (92) من الدستور، فإن مواد ونصوص قانون المحكمة رقم (30) لسنة 2005 المعدل الذي شُرع قبل نفاذ دستور عام 2005 والمتعلقة بتشكيلها وآلية التصويت فيها في أثناء إصدار الأحكام والقرارات التي تكون في معظمها بالأكثرية، جعلت ممثلي إقليم كردستان (وهما قاضيان ضمن العدد الإجمالي لأعضاء المحكمة التسعة) عاجزين من الناحية العددية عن تفادي صدور قرارات وأحكام تعد في نظرهما ماسَّة بحقوق الإقليم وكيانه الدستوري».

وفيما أشار إلى أنه ثبّت موقفه الدستوري والقانوني المخالف والمعارِض في كثير من الأحكام والقرارات، أكد أنه في الوضع الحالي يتعذر تحقيق الأهداف التي شغل المنصب من أجلها ومن تغيير اتجاهات المحكمة».

أعضاء المحكمة الاتحادية في العراق (أرشيفية- إعلام القضاء)

لأ أثر قانونياً للانسحاب

وقال الخبير القانوني علي التميمي، إنه «لا أثر قانونياً لانسحاب القاضي، لأنه في النهاية لا يقدم ولا يؤخّر». وأضاف في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «وفق القانون فإن هناك ثلاثة قضاة احتياط يتم تعويض المنسحبين أو المتوفين أو الذين يتعرضون إلى حوادث أو المتغيبين حيث يحل محلهم أحد هؤلاء القضاة الثلاثة».

وأشار إلى أن «ذلك لا يؤثر لا في عمل المحكمة ولا في إدارة جلساتها، إنما المحكمة تستمر في عملها بشكل طبيعي».

لكنّ الخبير السياسي إحسان الشمري، رجَّح في منشور على منصة «إكس» أن يكون انسحاب القاضي زيباري مقدمةً لخطوات جديدة من أربيل تجاه «النظام والعملية السياسية».


مقالات ذات صلة

العراق يحقق في اختفاء 50 ألف باكستاني

المشرق العربي إسلام آباد تعتزم تنظيم الزيارات الدينية بعد اختفاء 50 ألف باكستاني في العراق (إ.ب.أ)

العراق يحقق في اختفاء 50 ألف باكستاني

أعلن العراق، أمس الجمعة، فتح تحقيق في اختفاء آلاف الباكستانيين، كانوا قد دخلوا البلاد لزيارة المراقد الدينية خلال شهر محرم.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي باكستانيون خلال مشاركتهم في طقوس «عاشوراء» بمدينة كراتشي (إ.ب.أ)

50 ألف باكستاني اختفوا في العراق

فجر وزير باكستاني مفاجأة مدوية حين أعلن اختفاء 50 ألفاً من مواطنيه في العراق، ودفع حكومة بغداد سريعاً إلى فتح تحقيق في تسربهم إلى سوق العمل.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي مسؤولون عسكريون أميركيون وعراقيون في قاعدة عين الأسد (أرشيفية - الجيش الأميركي)

فصائل مسلحة تنهي الهدنة مع الأميركيين في العراق

استأنفت فصائل موالية لإيران هجماتها ضد قواعد أميركية في العراق وسوريا، بعد أيام من اتفاق أمني شمل تعهد بغداد بحماية المستشارين والقوافل الأميركية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي 
الأحزاب العراقية فشلت مرات كثيرة في اختيار بديل لرئيس البرلمان المقال محمد الحلبوسي (إعلام حكومي)

الحلبوسي يفرض «شروطاً صعبة» على التحالف الحاكم

فرض رئيس حزب «تقدم» العراقي محمد الحلبوسي «شروطاً صعبة» على قادة «الإطار التنسيقي» مقابل حل أزمة رئيس البرلمان الشاغر منذ نحو 7 أشهر. وقالت مصادر مطلعة لـ…

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي الأحزاب العراقية فشلت مرات كثيرة في اختيار بديل لرئيس البرلمان المقال محمد الحلبوسي (رويترز)

الحلبوسي يضع «شروطاً صعبة» لحسم أزمة البرلمان في العراق

للمرة الأولى منذ إقالة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، عقدت قوى «الإطار التنسيقي» اجتماعاً حول أزمة المرشح البديل دون الإعلان عن مخرجات.

حمزة مصطفى (بغداد)

العراق يحقق في اختفاء 50 ألف باكستاني

إسلام آباد تعتزم تنظيم الزيارات الدينية بعد اختفاء 50 ألف باكستاني في العراق (إ.ب.أ)
إسلام آباد تعتزم تنظيم الزيارات الدينية بعد اختفاء 50 ألف باكستاني في العراق (إ.ب.أ)
TT

العراق يحقق في اختفاء 50 ألف باكستاني

إسلام آباد تعتزم تنظيم الزيارات الدينية بعد اختفاء 50 ألف باكستاني في العراق (إ.ب.أ)
إسلام آباد تعتزم تنظيم الزيارات الدينية بعد اختفاء 50 ألف باكستاني في العراق (إ.ب.أ)

أعلن العراق، أمس الجمعة، فتح تحقيق في اختفاء آلاف الباكستانيين، كانوا قد دخلوا البلاد لزيارة المراقد الدينية خلال شهر محرم.

ونقلت صحيفة «الأمة» الباكستانية عن وزير الشؤون الدينية، شودري حسين، أن 50 ألف مواطن باكستاني اختفوا في العراق خلال السنوات الماضية.

وأعرب وزير العمل العراقي، أحمد الأسدي، عن قلقه واستنكاره لتزايد عدد العمالة غير القانونية في البلاد، مؤكداً أن وزارته ستحقق في اختفاء آلاف الباكستانيين في العراق، وأن هذا الأمر «سيكون محل اهتمام للتحقق واتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة بحقهم».

وأعلنت الشرطة العراقية اعتقال العشرات من الباكستانيين، يبدو أنهم من الذين تسربوا خلال زيارتهم المراقد الدينية.