قلق أميركي من توغّل بري إسرائيلي في جنوب لبنان

خبير: التصعيد متوقّع لكن الاجتياح الواسع لن يكون سهلاً

طائرة إسرائيلية تحلّق فوق بلدات في جنوب لبنان (إ.ب.أ)
طائرة إسرائيلية تحلّق فوق بلدات في جنوب لبنان (إ.ب.أ)
TT

قلق أميركي من توغّل بري إسرائيلي في جنوب لبنان

طائرة إسرائيلية تحلّق فوق بلدات في جنوب لبنان (إ.ب.أ)
طائرة إسرائيلية تحلّق فوق بلدات في جنوب لبنان (إ.ب.أ)

على وقع التصعيد المستمر منذ أيام في جنوب لبنان، أبدى مسؤولون أميركيون خشيتهم من قيام إسرائيل بتوغل بري في لبنان خلال أشهر، في موازاة رفض المسؤولين الإسرائيليين ربط المفاوضات حول غزة بالتهدئة مع «حزب الله»، وهو ما طرح تساؤلات حول جدّية هذه التهديدات وانعكاسها على لبنان حيث ترتفع الأصوات الرافضة زجّ لبنان في الحرب.

ونقلت شبكة «سي إن إن» الخميس عن مسؤولين أميركيين كبار قولهم إن هناك قلقا داخل الإدارة الأميركية من أن تكون إسرائيل تخطط لتوغل بري في لبنان يمكن حدوثه في غضون أشهر إذا فشلت الجهود الدبلوماسية في إبعاد جماعة «حزب الله» اللبنانية عن الحدود مع إسرائيل. ولفت أحد المسؤولين إلى أن إسرائيل لم تتخذ قرارا نهائيا بعد بشأن التوغل البري، لكنه قال إن القلق داخل الإدارة الأميركية من هذا الأمر قوي بما جعل المسألة مذكورة في الإحاطات الاستخباراتية المقدمة لكبار المسؤولين.

وتأتي هذه المعلومات بعد أيام على تأكيد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أن ضربات بلاده ضد «حزب الله» لن تتوقف حتى في حال التوصل إلى اتفاق على هدنة والإفراج عن رهائن محتجزين لدى حركة «حماس» في غزة.

وفي رد على سؤال حول هذا الموضوع، حمّل وزير خارجية النمسا ألكسندر شالينبرغ الجميع مسؤولية التصعيد، وقال في المؤتمر الصحافي الذي عقده مع نظيره اللبناني عبد الله بو حبيب في بيروت: «زرت كلا من تل أبيب، ورام الله، والقدس، وعمّان، وتحدثنا عن الوضع شمال إسرائيل، لذا أقول إن الجميع مسؤول عن عدم التصعيد. وما يحصل الآن تصعيد طبيعي محدود نوعا ما، ونحرص على ألا يتخطى حدودا معينة، وألا تتسع رقعة النار والمعاناة...».

وبينما يربط الجميع مصير المواجهات بين «حزب الله» وإسرائيل بالمفاوضات الجارية حول الهدنة في غزة، يعدّ اللواء الركن المتقاعد الدكتور عبد الرحمن شحيتلي أن ما يحصل اليوم في الجنوب هو «معركة ما قبل الحرب»، رابطا قرار الحسم بشأنها بنتيجة المباحثات السياسية الجارية اليوم ومدى حصول الطرفين على ضمانات. ويوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «حزب الله يحضّر مسرح العمليات عبر قصفه المراكز العسكرية الإسرائيلية في شمال فلسطين، وإسرائيل من جهتها تقوم بالاستطلاع بالنار وضرب قدرات الحزب البشرية والبنى التحتية».

وبانتظار ما ستؤول إليه الجهود التي تبذل اليوم على خط التهدئة، يؤكد شحيتلي أن الطرفين سيخسران في الحرب الواسعة إذا وقعت، قائلا: «قد ينجحان في إحداث تدمير واسع، لكن ذلك لا يعني الفوز بالحرب، إسرائيل لن تتمكن من التقدم واحتلال بلدات في الجنوب وحزب الله كذلك، وبالتالي النتيجة ستكون خسارة للجميع، لأن الدمار ليس ربحا لأحد».

لكن ورغم إمكانية توسع الحرب، يستبعد شحيتلي التوغل البري الإسرائيلي في جنوب لبنان لأسباب عدة، ويعد أنه إذا حدث فسيكون مقتصرا على القرى الأمامية القريبة من الحدود بنحو 5 إلى 6 كيلومترات تحت دعم النيران المباشر للقوى المهاجمة ولكن ليس أبعد من ذلك.

ويعزو ذلك إلى أسباب عدّة أبرزها طبيعة الأرض في الجنوب التي تختلف عن غزة، موضحا: «البنية التحتية الدفاعية التابعة لحزب الله مختلفة عن تلك التي تملكها حماس في غزة إضافة إلى الاختلاف في طبيعة الأرض، إذ إن أرض الجنوب عبارة عن هضاب ووديان وليست سهلا كما غزة، ما يجعل التوغل البري ليس مهمة سهلة، وهو ما خبرته إسرائيل في حرب تموز 2006». من هنا يعد شحيتلي أن «إسرائيل التي تملك قدرات عسكرية كبيرة قادرة على تدمير المخازن والبنى التحتية، لكن ذلك لا يعني أن التوغل البري الواسع سهل بالنسبة إليها».

وعن القول إن التوغل البري قد يحدث خلال أشهر أو في فصل الربيع المقبل، يلفت شحيتلي إلى أن ذلك لا يرتبط فقط بالعوامل الطبيعية، ويقول: «الطبيعة هي أحد العوامل لكن ليست أساسية في ظل استخدام الأسلحة الحديثة، لكن الأمر مرتبط بالتحضيرات لهذه الحرب وتداعياتها وقدرة تحمل السكان لردة الفعل المتوقعة».

مع العلم أن معظم الحروب التي شنّتها إسرائيل ضد لبنان وغزة كانت خلال فصلي الربيع والصيف. وأبرزها العملية العسكرية الواسعة التي سمّـتها «عملية سلام الجليل» وكانت تهدف إلى إخراج منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان، وقامت بها في 6 يونيو (حزيران) 1982 واحتل الإسرائيليون حينها الجنوب وبيروت وأجزاء من جبل لبنان والبقاع.

وفي 11 أبريل (نيسان) 1996 قامت إسرائيل بعملية سمتها «عناقيد الغضب» ردا على إطلاق «حزب الله» صواريخ على مستوطنتي «نهاريا» و«كريات شمونة» شمال فلسطين.

وفي يوليو (تموز) عام 2006، وقعت حرب كبيرة استمرت 33 يوما إثر خطف «حزب الله» جنديين إسرائيليين عند الخطّ الأزرق للضغط على حكومتهما ومبادلة أسرى لبنانيين في سجون إسرائيل بهما.


مقالات ذات صلة

إسرائيل تقيم ممراً جديداً يقسم مدينة خان يونس

المشرق العربي صورة نشرها الجيش الإسرائيلي للطريق الجديد

إسرائيل تقيم ممراً جديداً يقسم مدينة خان يونس

أعلن الجيش الإسرائيلي أنه أقام ممراً جديداً في جنوب قطاع غزة، يفصل شرق مدينة خان يونس عن غربها.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي المقررة الأممية لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية فرانشيسكا ألبانيزي (أ.ف.ب)

فرانشيسكا ألبانيزي تعدُّ العقوبات الأميركية «انتهاكاً» لحصانتها

قالت مقررة الأمم المتحدة للأراضي الفلسطينية، إن العقوبات التي فرضتها واشنطن عليها إثر انتقادها موقف الإدارة الأميركية من غزة، تشكل «انتهاكاً» لحصانتها.

«الشرق الأوسط» (بوغوتا)
الولايات المتحدة​ شهدت جامعات أميركية احتجاجات نادى الطلاب المشاركون فيها بوقف الدعم الأميركي لحرب إسرائيل في غزة (أرشيفية - رويترز)

الجمهوريون بمجلس النواب الأميركي يهاجمون رؤساء جامعات بشأن «معاداة السامية»

أدلى رؤساء 3 جامعات أميركية بإفادات أمام لجنة في مجلس النواب، بشأن ما فعلوه لمكافحة معاداة السامية في الحرم الجامعي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني (أرشيفية-أ.ف.ب)

تقرير: ترمب يلتقي رئيس وزراء قطر اليوم لبحث وقف إطلاق النار بغزة

الرئيس الأميركي دونالد ترمب سيجتمع مع رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، اليوم الأربعاء؛ لبحث المفاوضات حول اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية مقاتلون حوثيون يستقلون شاحنة صغيرة أثناء قيامهم بدورية وسط تصاعد التوترات مع إسرائيل... صنعاء 11 يوليو 2025 (إ.ب.أ)

الحوثيون يعلنون مهاجمة ميناء إيلات وهدف عسكري في إسرائيل

قال متحدث عسكري باسم جماعة الحوثي اليمنية، مساء الثلاثاء، إن الجماعة نفّذت هجوماً مزدوجاً ومتزامناً بـ3 طائرات مسيّرة على هدفين في جنوب إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (لندن)

إسرائيل تقيم ممراً جديداً يقسم مدينة خان يونس

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي للطريق الجديد
صورة نشرها الجيش الإسرائيلي للطريق الجديد
TT

إسرائيل تقيم ممراً جديداً يقسم مدينة خان يونس

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي للطريق الجديد
صورة نشرها الجيش الإسرائيلي للطريق الجديد

أعلن الجيش الإسرائيلي أنه أقام ممراً جديداً في جنوب قطاع غزة، يفصل شرق مدينة خان يونس عن غربها.

وأضاف الجيش أنه «أقيم الطريق الذي أطلق عليه اسم (ماجن عوز)، في الأسابيع الأخيرة من قبل الفرقة الـ36، التابعة للجيش الإسرائيلي، وسط جهود تهدف إلى إخلاء خان يونس من البنية التحتية للإرهاب والعملاء»، حسبما ذكرته صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» اليوم (الأربعاء).

وتظهر صورة نشرها الجيش الإسرائيلي أن الطريق يتصل بممر «موراغ» الذي يفصل خان يونس عن رفح.

وقال الجيش إن ممر «ماجن عوز» طوله 15 كيلومتراً، وهو «جزء رئيسي في ممارسة ضغوط على (حماس) وهزيمة لواء خان يونس».

وأضاف أنه «خلال عمليات الفرقة الـ36 في خان يونس، قتلت القوات الإسرائيلية عشرات من العملاء، ودمرت بنية تحتية لـ(حماس)، بما في ذلك أنفاق ومخابئ أسلحة».