قتال «وجهاً لوجه» في خان يونس... وإسرائيل تحتاج لأسابيع إضافية

«حماس» تتهم غالانت بإدارة حرب نفسية بعد زعمه أن الحركة تبحث عن بديل للسنوار

صورة التُقطت من رفح تظهر الدخان يتصاعد فوق خان يونس جنوب قطاع غزة خلال القصف الإسرائيلي الاثنين (أ.ف.ب)
صورة التُقطت من رفح تظهر الدخان يتصاعد فوق خان يونس جنوب قطاع غزة خلال القصف الإسرائيلي الاثنين (أ.ف.ب)
TT

قتال «وجهاً لوجه» في خان يونس... وإسرائيل تحتاج لأسابيع إضافية

صورة التُقطت من رفح تظهر الدخان يتصاعد فوق خان يونس جنوب قطاع غزة خلال القصف الإسرائيلي الاثنين (أ.ف.ب)
صورة التُقطت من رفح تظهر الدخان يتصاعد فوق خان يونس جنوب قطاع غزة خلال القصف الإسرائيلي الاثنين (أ.ف.ب)

تواصل القتال واحتدم في منطقتي شرق وغرب خان يونس جنوب قطاع غزة، في اليوم الـ136 للحرب، على الرغم من إعلان وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أن جيشه هزم لواء خان يونس بالكامل.

وقالت مصادر في الفصائل الفلسطينية لـ«الشرق الأوسط»، إن قتالاً ضارياً دار، يوم الاثنين، شرق خان يونس في عبسان وغرب خان يونس في حي الأمل وحول مستشفى ناصر والحي النمساوي، وتحول في مراحل منه إلى قتال وجهاً لوجه، مضيفة: «تحاول إسرائيل بسط سيطرة كاملة على خان يونس من أجل الانتقال لرفح، وهذا يجعل القتال ضارياً».

ويحاول الجيش الإسرائيلي السيطرة على خان يونس التي يعدها عاصمة «حماس»، منذ أكثر من شهرين يتطلع إلى الوصول إلى قائد «حماس» في غزة يحيى السنوار أو محتجزين هناك.

وقال ناطق باسم الجيش الإسرائيلي، الاثنين، إن جنود وحدة «إيغوز» التابعة لفرقة الكوماندوز «يستمرون في القتال المكثف في غرب خان يونس. وقاموا بعمليات تمشيط داخل مستشفى ناصر بعد أيام طويلة من القتال حاصروا خلالها المستشفى، وقضوا على عشرات المسلحين من خلال الاشتباكات من مسافات قصيرة، وكمائن القناصة، والغارات الجوية على خلايا الصواريخ المضادة للدروع ومواقع الاستطلاع التابعة للعدو». وأضاف: «القوات داهمت مبنى في المنطقة بتوجيه استخباراتي».

جنود إسرائيليون يتخذون مواقعهم أثناء القتال في موقع يقولون إنه في خان يونس بقطاع غزة في ديسمبر الماضي (رويترز)

وفي بيان ثانٍ، قال الناطق إن جنود مجموعة القتال التابعة للواء 7 «استمروا في تطهير منطقة غرب خان يونس»، وداهموا أهدافاً عُثر فيها على بنادق من طراز «كلاشنكوف»، ومسيرات، وقاذفة «آر بي جي»، وعبوات ناسفة... وغيرها من العتاد العسكري.

مقابل ذلك، أكدت «كتائب القسام» في بيان أن مقاتليها قتلوا كثيراً من الجنود في غرب خان يونس، ودمروا دبابات وآليات.

وقالت الكتائب إن مقاتليها هاجموا «قوة صهيونية راجلة مكونة من 15 ضابطاً وجندياً تحصنت داخل منزل بقذيفة (آر بي جي) مضادة للدروع، وأخرى مضادة للأفراد. وأكد مجاهدونا إيقاعهم بين قتيل وجريح وسماع أصوات صراخ جنودهم بعد اشتعال النيران بهم في منطقة الحاووز غرب مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة».

وفي تصريح آخر، قالت الكتائب: «أكد مجاهدونا قنص جنديين صهيونيين، والاشتباك مع قوة صهيونية راجلة وإيقاعها بين قتيل وجريح في منطقة حي الأمل غرب مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة».

فلسطينيون فوق دبابة سيطر عليها مقاتلو «كتائب القسام» قرب خان يونس يوم 7 أكتوبر (د.ب.أ)

الاشتباكات الضارية في خان يونس جاءت بعد ساعات من إعلان وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، أن لواء خان يونس التابع لـ«حماس» «هُزم ولا يعمل بوصفه كياناً عسكرياً بأي شكل من الأشكال».

وزعم غالانت أن «حماس» تحولت إلى قوى هامشية في المعسكرات المركزية ومع لواء رفح، وما يحول بينها وبين الانهيار الكامل بوصفها منظومة عسكرية، هو قرار الجيش الإسرائيلي.

وقال غالانت أيضاً: «لا يوجد أحد هنا لمساعدتهم. لا يوجد إيرانيون ولا مساعدات دولية»، متعهداً بأن الجيش سوف يفكك كتائب «حماس» الست المتبقية - هناك اثنتان في وسط غزة وأربع في رفح. ورأى أن مقاتلي «حماس» فقدوا الروح القتالية في غزة، وفقدوا الثقة بقيادتهم، بل زعم أن قيادة «حماس» في الخارج تتطلع إلى استبدال زعيمها في غزة يحيى السنوار، بعد تفكيك كتائب الحركة في خان يونس واقتراب هجوم وشيك في رفح.

وقال غالانت في أعقاب تقييم أجراه مع قائد القيادة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي، اللواء يارون فينكلمان: «(حماس) لا تثق بقادتها – وهذا أمر ملحوظ للغاية». وأضاف: «(حماس) غزة في عداد المفقودين، ولا يوجد أحد للتحدث معه في صفوف القيادة على الأرض. وهذا يعني أن هناك مناقصة بشأن من سيدير غزة».

ولم تتمكن القوات الإسرائيلية حتى الآن من الوصول إلى السنوار، أو إلى قائد الجناح العسكري لحركة «حماس»، محمد الضيف، أو نائبه مروان عيسى، أو محمد السنوار شقيق يحيى، وجميعهم متهمون بالتخطيط لهجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول).

ورد مصدر قيادي في «حماس» على تصريحات غالانت قائلاً إن «محاولات الاحتلال فبركة معلومات حول قيادة الحركة والقيادي يحيى السنوار سخيفة».

وأضاف: «معلومات الاحتلال المفبركة هدفها رفع معنويات جيشه وكيانه المنهارة. تصريحات غالانت عن وجود خلافات داخل قيادة الحركة والبحث عن بديل للسنوار كلام فارغ وحرب نفسية مكشوفة». وتأمل إسرائيل بالوصول إلى السنوار على أساس أن ذلك سيشكل صورة نصر مطلوبة بالنسبة لها، ثم ستتوسع نحو رفح.

وتتوقع إسرائيل أن تستمر المعارك العنيفة في قطاع غزة من 6 إلى 8 أسابيع مقبلة، بينما يستمر الإعداد لعملية التوغل البري في مدينة رفح، وفق تقديرات اثنين من المسؤولين الإسرائيليين واثنين آخرين من المنطقة تحدثوا لـ«رويترز».

فلسطينية تصرخ بعد غارة إسرائيلية على خان يونس بينما يندفع الآخرون للبحث عن الضحايا تحت أنقاض مبنى في أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)

ووفقاً لهم، فإن قادة الجيش يثقون بقدرتهم على إلحاق ضرر كبير بما تبقى من قدرات عسكرية لـ«حماس»، وبالتالي تمهيد الطريق لخفض وتيرة القتال. وقال مسؤول أمني رفيع في المنطقة، إن إسرائيل تعتقد أن قادة «حماس» والمختطفين موجودون في رفح.

وقال ممثل لحركة «حماس» في قطر لـ«رويترز»، إن «المنظمة تقدر أن 6 آلاف من مقاتليها قُتلوا، أي نحو نصف عدد القتلى الذي تدعي إسرائيل أنها قتلت». لكن «حماس» نفت ذلك لاحقاً، وقالت إنه لا صحة لهذه الأرقام.

ومع استمرار القتال والقصف في قطاع غزة، قالت وزيرة الصحة مي كيلة، إنه «بعد 136 يوماً من العدوان وحرب الإبادة ضد كل شيء في قطاع غزة، لا يوجد أي مكان آمن، حتى في المشافي والمراكز الطبية، وشبح الموت يلاحق المرضى والجرحى والنازحين إليها».

وأكدت استمرار هجمات الاحتلال الإسرائيلي المكثفة على مجمع مستشفى ناصر في خان يونس، ما أخرجه عن الخدمة وحوّله إلى ثكنة عسكرية.

وتحاصر إسرائيل مستشفى الأمل في خان يونس كذلك، وقال «الهلال الأحمر» إن الوضع هناك صعب للغاية.

أطباء ينقلون جثة شخص قضى بمستشفى ناصر في خان يونس بجنوب قطاع غزة 20 ديسمبر الماضي (أ.ف.ب)

واستعرضت كيلة أحدث الإحصاءات وهي «استشهاد أكثر من 29 ألف فلسطيني نتيجة عدوان الاحتلال الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023، وأكثر من 7850 منهم من النساء، وأكثر من 12400 من الأطفال، وإصابة 69 ألفاً آخرين، نسبة كبيرة منهم من الأطفال والنساء».

وأشارت إلى أن التقديرات تؤكد أن أكثر من 8 آلاف شخص مفقودون تحت الأنقاض، ولا يمكن الحصول على أرقام دقيقة عن المفقودين بسبب القصف والاستهداف المستمر.


مقالات ذات صلة

تقرير: ترمب قد يفرض عقوبات على مدعي «الجنائية الدولية» رداً على مذكرة اعتقال نتنياهو

المشرق العربي مقر المحكمة الجنائية في لاهاي (أ.ف.ب)

تقرير: ترمب قد يفرض عقوبات على مدعي «الجنائية الدولية» رداً على مذكرة اعتقال نتنياهو

قالت صحيفة «تليغراف» البريطانية إن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يفكر في فرض عقوبات على المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية البريطاني كريم خان

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي تساؤلات حول نوع الضغوطات التي قد يمارسها ترمب على نتنياهو (أ.ف.ب)

تقرير: ترمب سيشرف شخصياً على المفاوضات بشأن أزمة غزة

قالت كارولين ليفيت، التي أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب أنها ستكون متحدثةً باسم البيت الأبيض، لموقع «أكسيوس»، إن ترمب سيشرف شخصياً على المفاوضات

المشرق العربي مبنى مدمّر نتيجة القصف الإسرائيلي في جباليا بشمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

«القسام»: مقتل أسيرة في هجوم إسرائيلي على شمال قطاع غزة

أعلن المتحدث باسم «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» الفلسطينية، أبو عبيدة، اليوم (السبت)، مقتل أسيرة إسرائيلية في هجوم إسرائيلي على شمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أرشيفية لمُسيّرات تابعة لـ«المقاومة الإسلامية في العراق»

«جرس إنذار» في العراق من هجوم إسرائيلي واسع

ينشغل الفضاء السياسي والشعبي العراقي بصورة جدية هذه الأيام باحتمالات توسيع إسرائيل دائرة حربها؛ لتشمل أهدافاً كثيرة في عموم البلاد.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي فتاة فلسطينية نازحة تأكل كسرة خبز في مخيم برفح جنوب قطاع غزة (د.ب.أ)

مقتل 3 فلسطينيات بسبب «ربطة خبز» في غزة

تقف يومياً ولساعات طوابير طويلة من الفلسطينيين أمام المخابز للحصول على «ربطة خبز» واحدة تتكون من نحو 22 رغيفاً.

«الشرق الأوسط» (غزة)

وزير الدفاع الأميركي يشدد على التزام بلاده «حلاً دبلوماسياً في لبنان»

وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن خلال اجتماع سابق مع مسؤولين إسرائيليين (أ.ب)
وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن خلال اجتماع سابق مع مسؤولين إسرائيليين (أ.ب)
TT

وزير الدفاع الأميركي يشدد على التزام بلاده «حلاً دبلوماسياً في لبنان»

وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن خلال اجتماع سابق مع مسؤولين إسرائيليين (أ.ب)
وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن خلال اجتماع سابق مع مسؤولين إسرائيليين (أ.ب)

كرر وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، اليوم (السبت)، «التزام» الولايات المتحدة التوصل إلى «حل دبلوماسي في لبنان»، وذلك خلال مباحثات هاتفية مع نظيره الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، الذي أكد أن بلاده ستواصل التحرك «بحزم» ضد «حزب الله».

ويأتي هذا الإعلان فيما تتصاعد الحرب بين إسرائيل والحزب، مع تنفيذ الجيش الإسرائيلي ضربات في قلب بيروت، وكذلك في جنوب وشرق لبنان؛ ما أدى إلى مقتل العشرات، وفق السلطات اللبنانية.

وقال متحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إن أوستن «جدد التأكيد على التزام الولايات المتحدة حلاً دبلوماسياً في لبنان يمكّن المدنيين الإسرائيليين واللبنانيين من العودة الآمنة إلى ديارهم على جانبي الحدود».

من جانبه، أكد كاتس أن إسرائيل «ستواصل التحرك بحزم»، حسبما قال المتحدث باسمه في بيان، نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وكرر كاتس التزام بلاده «باستهداف البنية التحتية الإرهابية لـ(حزب الله)، والقضاء على قادة الإرهابيين»؛ للسماح لسكان شمال إسرائيل بالعودة إلى ديارهم.

وبعد عام من القصف المتبادل بين الحزب وإسرائيل عبر الحدود بالتزامن مع حرب غزة، أعلن الجيش الإسرائيلي، أواخر سبتمبر (أيلول)، نقل مركز ثقل عملياته العسكرية إلى جبهته الشمالية مع لبنان، حيث يشن مذّاك حملة غارات جوية مدمرة تتركز على معاقل «حزب الله» في ضاحية بيروت الجنوبية، وفي شرق لبنان وجنوبه، وباشر بعد ذلك عمليات برية في جنوب لبنان.

وأسفر التصعيد بين «حزب الله» وإسرائيل، منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023، عن مقتل أكثر من 3650 شخصاً على الأقل في لبنان، وفق وزارة الصحة اللبنانية.

على صعيد متصل، حضّ لويد أوستن «الحكومة الإسرائيلية على مواصلة اتخاذ إجراءات بهدف تحسين الوضع الإنساني المزري في غزة، كما جدّد التأكيد على التزام الولايات المتحدة فيما يتّصل بتأمين الإفراج عن جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

يأتي ذلك رغم إعلان واشنطن، الأسبوع الماضي، أن إسرائيل لا تنتهك القانون الأميركي فيما يتعلق بالمساعدات الإنسانية لغزة، بعد شهر من التهديد بتعليق قسم من مساعداتها العسكرية.

وتندّد الأمم المتحدة، ومنظّمات أخرى، بتدهور الأوضاع الإنسانية، خصوصاً في شمال غزة، حيث قالت إسرائيل، الجمعة، إنها قتلت قياديَّين ضالعَين في هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 الذي شنّته حركة «حماس» على إسرائيل، وأشعل فتيل الحرب الدائرة حالياً في القطاع الفلسطيني.

وفي المحادثة الهاتفية مع كاتس، جرى أيضاً التباحث في العمليات الإسرائيلية الحالية، وقد جدّد أوستن التأكيد على «الالتزام الراسخ» لواشنطن بـ«أمن إسرائيل»، وفق «البنتاغون».