«عدم كفاءة» وكلاء إيران يهدد الجيش الأميركي أكثر من قوتهم

عسكريون أميركيون: هجوم «البرج 22» نُفّذ بكثافة نارية عشوائية... وأوستن طمأن الجنود

وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن ورئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال سي براون خلال مراسم استقبال جثامين جنود أميركيين قُتلوا في الأردن (أ.ب)
وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن ورئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال سي براون خلال مراسم استقبال جثامين جنود أميركيين قُتلوا في الأردن (أ.ب)
TT

«عدم كفاءة» وكلاء إيران يهدد الجيش الأميركي أكثر من قوتهم

وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن ورئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال سي براون خلال مراسم استقبال جثامين جنود أميركيين قُتلوا في الأردن (أ.ب)
وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن ورئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال سي براون خلال مراسم استقبال جثامين جنود أميركيين قُتلوا في الأردن (أ.ب)

قبل أكثر من شهر على الهجوم بطائرة مُسيّرة أسفر عن مقتل ثلاثة جنود أميركيين في الأردن، سعى وزير الدفاع لويد أوستن إلى طمأنة القوات الأميركية بشأن قدرة الجيش على التصدي لهجمات مسلحين غير أكفاء، من فصائل موالية لإيران.

وقال أوستن في تصريحات لم تُنشر من قبل للبحارة على متن حاملة الطائرات «جيرالد آر. فورد» في 20 ديسمبر (كانون الأول)، إن السبب الأساسي وراء فشل مسلحي الفصائل الموالية لإيران في تحقيق ذلك يكمن في أنهم «لا يتمتعون بالكفاءة اللازمة لتنفيذ ما يقومون به».

وقال أوستن لطاقم حاملة الطائرات: «يطلق وكلاء إيران النار على قواتنا المتمركزة في العراق وسوريا كل يوم. لم ينجحوا على الإطلاق لسببين: الأول هو أنهم يفتقرون إلى الكفاءة في تنفيد ما يقومون به».

لكن السبب الآخر، الذي يراه أوستن، هو أن الجيش الأميركي «فعل الكثير لضمان حصوله على الحماية الكافية»، وقال: «في نهاية المطاف، كما نعلم جميعاً، قد يحالفهم الحظ يوماً ما ويصيبون أحد جنودنا، لكننا سنتوخى الحذر ونضمن عدم حدوث ذلك».

وفي أعقاب هجوم الطائرة المُسيّرة، تعهدت إدارة الرئيس جو بايدن بفعل كل ما يلزم لحماية القوات الأميركية من دائرة العنف المتصاعد في الشرق الأوسط، حيث يطلق مسلحون موالون لإيران النيران عليهم في العراق وسوريا والأردن وفي البحر الأحمر قبالة سواحل اليمن.

لكنّ مسؤولين أميركيين حاليين وسابقين يقولون، وفقاً لما نقلته وكالة «رويترز»، إن نجاح المسلحين من وقت لآخر في تنفيذ هجمات قد يكون أمراً حتمياً نظراً للعدد الهائل من الطائرات المُسيّرة والصواريخ والقذائف التي تطلق على القوات الأميركية، فضلاً عن أن الدفاعات لا يمكن أن تكون فعالة كلياً بنسبة مائة في المائة في كل وقت.

ويُحذر خبراء أيضاً من التقليل من شأن المسلحين المدعومين من طهران حتى وإن أخفقت معظم هجماتهم.

وأشار تشارلز ليستر، من «معهد الشرق الأوسط» ومقره واشنطن، إلى وصف الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، تنظيم «داعش» بأنه فريق مدرسي للناشئين عام 2014 بينما كان التنظيم يستجمع قوته.

وقال ليستر: «أنْ نقول على طريقة أوباما: حسناً، إنهم مجرد فريق مدرسي للناشئين، ونسخر... ونحن على يقين أنه لن يحدث شيء خطير، هو مجرد أمر شديد السذاجة».

وتابع: «هذه الجماعات نفّذت هجمات متطورة عابرة للحدود ولها تاريخ في قتل القوات الأميركية».

لكنّ القادة الأميركيين لهم تاريخ طويل في إظهار الوجه الشجاع أمام قواتهم. وأوستن هو جنرال كبير متقاعد خدم على الأرض في العراق وتعرض هو نفسه لإطلاق النار.

ونقلت «رويترز»، عن المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية، الميجر جنرال باتريك رايدر، إن أوستن يشعر بالغضب والحزن الشديد بسبب مقتل الجنود في الأردن وليست لديه «أولوية أهم من حماية قواتنا ورعاية شعبنا».

جنود أميركيون يحملون جثمان زميلهم الذي قُتل الشهر الماضي بهجوم على قاعدة في الأردن (أ.ف.ب)

مأساويٌّ لكن متوقَّع

حتى السابع من فبراير (شباط)، تعرضت القوات الأميركية في العراق وسوريا والأردن لأكثر من 168 هجوماً منذ تصاعد التوترات في الشرق الأوسط في أكتوبر (تشرين الأول) مع اندلاع الحرب بين إسرائيل و«حماس».

وتسببت تلك الهجمات في إصابة 143 من الجنود الأميركيين بينهم اثنان بجروح خطيرة للغاية وتسعة بجروح خطيرة.

وقع أسوأ هجوم في 28 يناير (كانون الثاني) عندما ضربت طائرة مُسيّرة قاعدة أميركية تسمى «البرج 22» على حدود الأردن مع سوريا، مما أسفر عن مقتل السرجنت ويليام جيروم ريفرز، والجندية كنيدي لادون ساندرز، والجندية بريونا أليكسوندريا موفيت.

ووصف أحد كبار المسؤولين العسكريين الأميركيين، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، هذا الهجوم بأنه «مأساوي ومؤسف، ولكنه كان متوقَّعاً»، وفقاً لـ«رويترز».

وقال المسؤول السابق: «هذه هي طبيعة القتال. إنها ليست بيئة محصنة، حيث يمكنك تحقيق الكمال في الدفاع عن نفسك».

وقال الجنرال دانييل هوكانسون، رئيس الحرس الوطني الأميركي -الذي ينشر جنوداً في «البرج 22» تعرض بعضهم لإصابات- للصحافيين إن الجيش يعمل جاهداً لضمان حصول القوات على مختلف أساليب الحماية لتقليل المخاطر. وأضاف: «للأسف، لا يوجد نظام ناجح بنسبة 100 في المائة في كل شيء».

دورية أميركية روتينية على الحدود الأردنية - السورية (أرشيفية - سينت كوم)

هجوم غير متطور

في وقت لا يزال الجيش الأميركي يُجري تحقيقاته، قال مسؤولون أميركيون إن هناك عدة عوامل ربما أسهمت في إخفاق الدفاعات الأميركية في القاعدة النائية في الأردن.

وأضافوا، في تصريحات نقلتها «رويترز»، أن أبرز هذه العوامل يتمثل في المستوى المنخفض الذي كانت تُحلّق عليه الطائرة المُسيّرة عندما اقتربت من قاعدة «البرج 22».

ويقولون أيضاً إنه لا يبدو أن المسلحين استخدموا أساليب معقدة أو متطورة في الهجوم الذي وقع صبيحة يوم أحد مثل تنسيق توقيت اقتراب الطائرة المُسيّرة مع وصول طائرة مُسيّرة أميركية لإرباك الدفاعات الأميركية.

وبدلاً من ذلك، خلص بعض المسؤولين الأميركيين إلى أن نجاح الضربة كان مجرد احتمال، إذ عندما يجري إطلاق كمية كبيرة من الذخائر على أهداف محصنة جيداً، سيتمكن بعضها في النهاية من الوصول إلى الهدف المنشود.

وأدى الهجوم المسلح، الذي تقول وزارة الدفاع الأميركية إنه يحمل «بصمات» كتائب «حزب الله» في العراق، إلى سلسلة من الهجمات الأميركية الانتقامية في العراق وسوريا استهدفت «الحرس الثوري» الإيراني والجماعات المسلحة التي يدعمها، ومنها هجوم بطائرة مُسيّرة في بغداد (الأربعاء) أسفر عن مقتل قيادي في هذا الفصيل، يدعى أبو باقر الساعدي.

وكشفت معلومات حصلت عليها «الشرق الأوسط»، عن أن الساعدي هو مسؤول العمليات الخارجية في الكتائب، ونادراً ما يوجد في العراق بسبب انشغاله بسوريا.

وقال رايدر، المتحدث باسم البنتاغون إن الجيش الأميركي يواصل «اتخاذ الخطوات اللازمة لحماية قواتنا التي تؤدي مهامها في مواقع خطيرة، وإعادة تقييم إجراءات حماية قواتنا بشكل مستمر» ولم يَخُض في تفاصيل بشأن أي تعديلات في الدفاعات الأميركية، مشيراً إلى أن ذلك لأسباب أمنية تتعلق بأمن العمليات العسكرية.

ويحذّر منتقدو نهج إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، من أن الهجمات الانتقامية ليست كافية للضغط على إيران التي تدعم تلك الجماعات المسلحة. ويعتقد بعض المسؤولين الحاليين والسابقين أن إيران بوسعها أن تأمر تلك الجماعات بالتوقف عن تنفيذ عملياتها.

ويطالب بعض الجمهوريين في الكونغرس بتوجيه ضربات أميركية إلى القوات الإيرانية حتى داخل إيران نفسها، وهو الأمر الذي تُحجم عنه إدارة بايدن خوفاً من جر إيران إلى حرب أوسع نطاقاً.

وقال المسؤول العسكري الأميركي السابق: «يمكن لإيران أن توقف هذه الهجمات إذا أرادت ذلك».


مقالات ذات صلة

تقرير: مقتل القيادي بـ«حزب الله» علي موسى دقدوق بغارة إسرائيلية في سوريا

المشرق العربي الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)

تقرير: مقتل القيادي بـ«حزب الله» علي موسى دقدوق بغارة إسرائيلية في سوريا

قال مسؤول دفاعي أميركي إن قائداً كبيراً بـ«حزب الله» اللبناني كان قد ساعد في التخطيط لإحدى أجرأ وأعقد الهجمات ضد القوات الأميركية خلال حرب العراق، قُتل بسوريا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال مشاركته بقمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل 19 نوفمبر 2024 (رويترز)

إردوغان: تركيا مستعدة إذا قررت الولايات المتحدة الانسحاب من شمال سوريا

قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، اليوم الأربعاء، إن تركيا مستعدة إذا قررت الولايات المتحدة الانسحاب من شمال سوريا.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
الولايات المتحدة​ صورة جوية للبنتاغون في واشنطن (رويترز - أرشيفية)

مصادر: فريق ترمب يُعدّ قائمة بمسؤولين في البنتاغون لفصلهم

قال مصدران إن أعضاء الفريق الانتقالي للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، يُعدون قائمة بمسؤولين عسكريين من المزمع فصلهم.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ جنود أميركيون (رويترز - أرشيفية)

ارتفاع حالات الانتحار في الجيش الأميركي عام 2023

قال مسؤولون كبار في وزارة الدفاع الأميركية، إن حالات الانتحار في الجيش الأميركي زادت عام 2023، وهو ما يمثل استمراراً لاتجاه طويل الأمد كافح البنتاغون للحد منه.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم العربي مقاتلات «إف-35» الأميركية تمتلك قدرات حربية غير مسبوقة (أ.ب)

الجيش الأميركي: مقاتلات «إف-35» شاركت في ضرب الحوثيين

كشف الجيش الأميركي عن مشاركة مقاتلات من طراز «إف-35 سي» في الضربات الأخيرة على مواقع الحوثيين، مؤكداً استهداف منشآت لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة.

علي ربيع (عدن)

إسرائيل تملأ غياب هوكستين بالغارات والتوغلات

دبابة إسرائيلية على مثلث مرجعيون - ديرميماس - القليعة قرب نهر الليطاني بجنوب لبنان (متداول)
دبابة إسرائيلية على مثلث مرجعيون - ديرميماس - القليعة قرب نهر الليطاني بجنوب لبنان (متداول)
TT

إسرائيل تملأ غياب هوكستين بالغارات والتوغلات

دبابة إسرائيلية على مثلث مرجعيون - ديرميماس - القليعة قرب نهر الليطاني بجنوب لبنان (متداول)
دبابة إسرائيلية على مثلث مرجعيون - ديرميماس - القليعة قرب نهر الليطاني بجنوب لبنان (متداول)

تملأ إسرائيل غياب الموفد الرئاسي الاميركي آموس هوكستين الذي يحمل مبادرة أميركية لوقف إطلاق النار، بالغارات العنيفة، وتوسعة رقعة التوغل البري الذي وصل إلى مشارف مجرى نهر الليطاني، في محاولة لفصل النبطية عن قضاء مرجعيون.

وفيما انتقل هوكستين إلى واشنطن من دون الإدلاء بتصريحات حول زيارته إسرائيل، أكدت مصادر لبنانية لـ«الشرق الأوسط» أنَّ الموفد الأميركي «بقيَ على تواصل مع المفاوضين اللبنانيين»، مشيرة إلى أنَّ المحادثات لوقف النار «تتقدم ببطء، لكن بثبات في اتجاه إيجابي».

ميدانياً، وصلت القوات الإسرائيلية إلى بلدة ديرميماس، انطلاقاً من بلدة كفركلا، ما يعني أنَّها سارت على طريق لنحو 5 كيلومترات في العمق اللبناني، لتصل إلى مشارف الليطاني، بعد تمهيد ناري بالمدفعية وغارات جوية نفذتها طائرات حربية ومسيّرات. وقال «حزب الله»، في المقابل، إنَّه استهدف تلك القوات في النقاط التي وصلت إليها.

بالموازاة، كثفت إسرائيل غاراتها الجوية على ضاحية بيروت الجنوبية، واستهدفت الأحياء المسيحية المقابلة للضاحية في عين الرمانة والحدت، وهي خطوط التماس السابقة في الحرب اللبنانية، وذلك عقب إنذارات وجهها الجيش للسكان بإخلاء الأبنية.